منصور الهاجري
ما ان ينتهي الكويتيون من القرقيعان منتصف شهر رمضان المبارك حتى تبدأ عندهم الاستعدادات لعيد الفطر وتشرع الامهات بتجهيز وشراء الاقمشة للأولاد والبنات، خاصة اذا كان العيد يصادف موسم الصيف فالملابس الصيفية لها النصيب الاكبر والاهتمام الاوفر من الملابس الشتوية.
تبدأ الامهات بالذهاب الى الخياطات وقديما كانت بعض السيدات الكويتيات لديهن مكائن الخياطة في المنزل.
الخياطة تستقبل الاطفال من الاولاد والبنات والنساء، تخيط الدراعات للنساء الكبيرات وللبنات (النفنوف) والبخنق اما الاولاد فلهم الدشداشة والقماش للأولاد من انواع الاقمشة الصيفية: قماش المويكن والنيسو والبويلين.
الأم اما تأخذ ولدها عند الخياطة او تأخذ دشداشة للولد وتعطيها للخياطة وتقول لها هذه الدشداشة من العام الماضي زيدي اصبعين من كل كتف.
وثلاث او اربع اصابع للطول ذيل الدشداشة وسعر الخياطة يتراوح ما بين الروبية الواحدة او زيادة نصف روبية عليها.
اما البنات فالوالدة (الام تجهز الحناء) والوسمة لكي تحني البنـــات قبل العيــــد بيومين، صبغ الشعر بالحناء واليدين والقدمين وكذلك الامهات الكبيرات يضعن الحناء بشعورهن، والوسمة لليدين، البيـــوت تستعد ليوم العيد.
الــوالد رب الاسرة يشتري اللحم والعيـــش (الرز) استعدادا لصبـــاح يوم العيد او للغداء.
صباح يوم العيد
يسهر الرجال لسماع خبر يوم العيد، والناس تستبشر بالعيد بيتا بعد بيت لعدم وجود التلفونات.
وخاصة الرجال الذين يصلّون بالمساجد وكل يذهب الى بيته يبلغ عائلته ان غدا يوم العيد فتستعد الام وتجهز المواد الغذائية ليوم العيد، خاصة البيوت الكبيرة.
يغتسل الرجال استعدادا لصلاة العيد ويستيقظ الاطفال ويذهبون مع والدهم الى المسجد لأداء صلاة العيد مرتدين الملابس الجديدة وكما يقول الشاعر:
خرجت يوم العيدي
بملبس جديدي
حلويات العيد
الحلويات التي كانت يوم العيد مثل قرص العقيلي يصنع في البيت من البيض والطحين، اما الحلويات الاخرى فتشترى من سوق الحلوى، المشهور في الكويت بذلك الزمن مثل: الرهش، والحلوى والدرابيل والبقصم، هذه للبيت، اما الحلويات التي كانت تباع للاطفال يوم العيد فهي القبيـــط وكبــــدة الفرس وعصاة العمي والزلابية والغُريبة والخنفروش وحلويات لها اسماء لا تذكر.
كذلك من الحلويات التي تصنع في البيت، خاصة ايام الشتاء العصيدة والبثيث المصنوع من التمر والطحين وهذه لا تتوافر في جميع البيوت فهناك من لا يستطيع تجهيزها.
الديوانيات يوم العيد
يستعد أصحاب الديوانيات، خاصة التجار بتجهيز الأكلات ويطلق عليها «ريوق العيد» يفرشون الديوانية ويصنعون الاكل المكون من العيش ومرق اللحم والخضار ويدعون ابناء ورجال الحي (الفريج) للأكل صباح يوم العيد.
والبعض كانوا يفرشون امام المساجد ويضعون الاكل لمن يحضر ومن يريد الاكل فلا فرق عندهم بين المواطن وغيره، الجميع يأكل ريوق العيد.
اما داخل البيوت فالأم تجهز الشاي والحليب وقرص العقيلي (كعك العيد ويتكون من قطعة واحدة) مصنوعة في البيت.
بعد عودة الوالد واخوانه الى البيت يذهب الى والدته الأم العودة ويسلم عليها ويقبل رأسها بقوله عيدك مبارك وعساك من عواده، «الله يعيد علينا وعليك» بهذا ترد الأم العودة على اولادها، يبدأ الأب بتوزيع العيدية على الأولاد والبنات الصغار، فرحين مستانسين بالعيدية.
البراحة وساحة الصفاة
في كل فريج او حي توجد ساحة كبيرة يطلق عليها البراحة – تنصب فيها ألعاب العيد الدوارف القليلبة ام الحصن بائع الشريت والحلويات – والحمير المزينة بالحناء.
يبدأ الأطفال يومهم الاول باللعب بهذه الالعاب يرددون الاهازيج مثلا صاحب الديرفه يقول للاولاد:
هذي زيادة، يردون عليه: كذاب
عبد السادة، كذاب، وهكذا
بعض الاطفال يستأجرون الحمار ويركبون عليه لمسافة مائتي متر ويرجعون وكذلك ساحة الصفاة فيها الألعاب الشعبية المذكورة.
وبعد صلاة العصر تخرج الفرق الشعبية الى ساحة الصفاة لأداء العرضة، الرقصة الشعبية المفضلة عند الكويتيين، وتستمر حتى صلاة المغرب ولمدة 3 أيام.
أما الرجال الكبار فيذهبون الى المقاهي المنتشرة بساحة الصفاة وعلى ساحل البحر يمضون اليوم الأول من بعد صلاة العصر حتى صلاة المغرب، البعض يدخن القدو (الشيشة) حديثا، والبعض يكتفي بشرب الشاي ويلتقون مع بعضهم البعض للسلام والحديث عن رمضان صيفا كان أم شتاء.
تبدأ الزيارات العائلية في اليومين الثاني والثالث من ايام العيد، العيش ومرق اللحم، مكبوس لحم، مطبق سمك، تشريب مرق، وبعض الفواكه إذا وجدت مثل الرقي أو البطيخ واللبن.
البنات الصغيرات مع أمهاتهن ايضا يذهبن الى الألعاب الموجودة بالحي (الفريج).
قديما كانت عطلة العيد 7 أيام، اليوم الثالث أو الرابع يذهب الرجال كل الى عمله (البناء، البحر، التجارة، الطين) وينتهي العيد.
أبوطبيلة والخرج
أول يوم من أيام العيد يخرج أبوطبيلة يقود حماره على الخِرج كيسين على جانبي الحمار، ويدور بالحي من بيت لآخر وكل بيت يقدم له ما تيسر من التمر او العيش او القمح والبعض يعطيه نقودا، وهذا يعتبر اجرته طوال شهر رمضان عندما كان يوقظ النائمين للسحور، ويقول: عادت عليكم، عساكم من عواده، ولمدة 3 أيام أبوطبيلة يدور على البيوت.
الفرق الشعبية النسائية
قديما كانت الفرق الشعبية النسائية تذهب الى بيوت التجار تؤدي واجب التهاني بالعيد ويحصلن على ما تيسر من عيدية، لأن الفرق الشعبية كان لها دور قبل رمضان، مثل دق الهريس والجلاعات وزيارة العائلات في رمضان.
من الفرق القديمة فرقة هدية وفرقة سعادة البريكي وفرقة الجيماز وفرقة الرندي وفرق شعبية اخرى وكانت تساهم في احياء افراح العيد السعيد.
دهكذا كان العيد في الكويت القديمة، حاليا الشباب يمضون العيد في النوم والقليل منهم من يذهب لأداء واجب التهاني للكبار ثم يرجع وينام.
والبعــض يذهــب الى الشاليهات او الجواخير لتمضية الوقت مع أولادهم بعيدا عن ضجيج المدينة وازدحام السيارات والمرور.
مثلما ذكرت في البداية الخياطات في البيوت وحاليا هناك الخياطون في جميع المناطق السكنية بالاضافة الى شراء الملابس الجاهزة من المحلات الحديثــــة والذهـــاب الى المطاعم الكبيرة والصغيـــرة لتمضية الوقت من بعد الظـــهر حتـــى المساء والعيدية ارتفعـــت من روبية واحدة حتى صارت الآن 5 دنانير أو 10 دنانير للطفــــل ان قبـــل بها او زعل ويبكي، وحـــاليا كل شيء تغير مع وجود الأجهزة الحديثة والمدينة الترفيـــهية والامتداد العمراني.
انتهى دور ساحة الصفاة، انتهى دور البراحة، وانتهى دور الديوانية في تقديم ريوق العيد، الديوانية حاليا لتقديم التهاني.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )