طالب عدد من النواب الحكومة بالتدخل السريع لانقاذ التدهور الحادث في البورصة الكويتية، مشيرين الى ان هذه الازمة مفتعلة وليس لها أساس علمي أو اقتصادي اذ ان سوق الأوراق المالية يحتاج الى تصحيح، داعين الحكومة الى وقف عمليات البيع والشراء على المكشوف، ومحذرين في الوقت نفسه من تحريك المساءلة السياسية للوزير المختص في حال عدم اتخاذ الاجراء المناسب والسريع لوقف هذا التدهور.
وفي هذا الاطار، أعلن النائب ناصر الدويلة أن ازمة سوق الكويت للاوراق المالية ازمة مفتعلة ليس لها اساس علمي ولا اقتصادي وان ادارة السوق لم تستوعب هذه الازمة التي اساسها كان البيع على المكشوف.
والبيع وفق طريقة (short sell) أداة تداول مسموح بها قانونا في الاسواق المالية العالمية يقوم بموجبها المتداول ببيع كمية من الاسهم لا يملكها فيصبح حسابه مكشوفا بعدد الاسهم التي باعها على ان يقوم خلال مدة معينة بتغطية حسابه المكشوف بشرائه للأسهم من السوق، أي مدينا بأسهم وفق فائدة متفق عليها.
وتستخدم هذه الأداة في ضبط حركة الأسواق لما تحتاجه الأسواق من تصحيح من فترة الى اخرى وخصوصا الأسهم المتضخمة، فيقوم المتداول ببيع اسهم لا يملكها على رهان منه بهبوط اسعارها فيما بعد فيقوم بشرائها بسعر ارخص من السعر الذي قام بالبيع به والهامش ما بين السعرين هو الربح المحقق له.
ورغم ذلك ففي الهبوط الأخير في الأسبوع الفائت في الأسواق المالية العالمية بسبب أزمة الرهون العقارية التي تسببت في إفلاس بنوك استثمارية أشهرها «ليمان براذرز» وبيع «ميريل لينش» وتهدد مستقبل شركة «aig» للتأمين العالمية و«مورجان مستانلي» و«جولدمان اند ساكس» أي عمالقة البورصة الأميركية الأمر الذي تسبب في هلع الأسواق والذي نتج عنه هبوط كبير في الأسواق بسبب مخاوف جدية الا ان القائمين على السوق الأميركي والبريطاني ببورصات الوول ستريت والناسداك ولندن اتخذوا قرارا بوقف اداة البيع على المكشوف حتى لا تتسبب في مزيد من هبوط الأسواق والهلع بين المتداولين حتى لا يختلط الأمر عليهم من المخاوف الجدية للأسهم المتضررة من أزمة الرهون العقارية وبين هدف مستخدمي أداة البيع على المكشوف وهو الربح الذي لا يتحقق الا بهبوط الأسعار.
وعليه قام «أندرو كومو» مدعي عام نيويورك بفتح تحقيقات في عمليات البيع على المكشوف التي تمت رغم شرعيتها للتأكد من عدم الاستخدام الخاطئ لهذه الأداة لالحاق الضرر بمتداولي الأسواق المالية وللاضرار بالاقتصاد الوطني.
اذن عملية البيع على المكشوف لا يتحقق الربح بها الا بهبوط الأسعار، الا ان هذه الأداة غير مسموح بها في سوق الكويت للأوراق المالية.
ملاحظة مهمة: لا يمكن لمستخدم اداة البيع على المكشوف ان يقوم ببيع ما لا يملك من أسهم الا بوجود اموال في حسابه يحجز عليها بقدر الأسهم التي قام ببيعها حتى يقوم بشرائها لتغطية مركزه المالي المكشوف والمدين بأسهم.
ورغم ان البيع على المكشوف غير مسموح به قانونا بسوق الكويت للأوراق المالية الا انه على امتداد السنين السابقة لا يوجد ما يمنع من القيام به حيث كان الوضع منذ عام 2002 – 2008، وهي فترة صعود السوق التاريخية، ان يقوم بعض المتداولين وبالأخص الكبار والشركات الاستثمارية المتنفذة بالشراء على المكشوف.
التحرك الذي يجب ان يتبع:
وقف عمليات البيع والشراء على المكشوف بتفعيل نظام التداول الآلي لرفض أي عملية ادخال اوامر شراء دون وجود أموال تغطي الصفقة في الحساب وقت الادخال.
وكذلك لرفض اي عملية ادخال اوامر بيع دون وجود عدد اسهم بقدر امر الادخال في الحساب تغطي الصفقة وقت الادخال.
وهذا هو المعمول به في جميع اسواق العالم.
تحريك المسؤولية السياسية والمسألة الدستورية للوزير المختص في حال عدم اتخاذه هذا الاجراء وباعتقادي انه لا يعلم بهذا الأمر.
فتح تحقيق بعمليات البيع على المكشوف التي تمت بالاسبوعين الاخيرين وبعمليات التسوية التي تمت من المقاصة والتي تسببت في الآتي:
أ – ضياع مدخرات وأموال كثير من الاسر الكويتية فمنهم من هو مدين للبنوك مقابل أسهم تم رهنها ومنهم من هو مدين بفعل التداول بالآجل الذي تفسخت عقوده بسبب النزول الكبير ومنهم من باع عقاره وغيرهم الكثير الأمر الذي يتسبب في تقلص عدد الاسر المتوسطة الدخل حيث انها المعيار السليم لمدى صحة الاقتصاد وكلما قل العدد دل على مرض الاقتصاد وعلته.
ب – امكانية استخدام اداة البيع على المكشوف بالحرب الاقتصادية خاصة بعد شرحنا لنتائجها مع الاتهامات التي اطلقها كل من رئيس مجموعة الصفاة واجيليتي بقيام بنك أجنبي بمثل هذا البيع.
تحريك المساءلة القانونية بسبب الخطأ وهو القيام بعمليات البيع على المكشوف وعلاقته السيئة بينه وبين الضرر الذي لحق بالمتداولين.
الحالة الشاذة التي لا توجد إلا في سوق الكويت وهي تملك شركات استثمارية لشركة المقاصة الوحيدة في السوق حتى تقوم بتغطية ما تقوم به من تلاعبات دون حسيب او رقيب من ادارة السوق المختلفة كذلك قيام البنوك المحلية في الفترة الاخيرة بتملك مكاتب الوساطة في السوق مع الشركات الاستثمارية لتغطية هذه التلاعبات وما زاد الطين بلة تمكن بنك استثماري مصري في الاونة الاخيرة «اف جي هيرميس» من تملك اكبر شركة وساطة في السوق، حيث انه من المتعارف عليه في جميع اسواق العالم الحظر على شركات الوساطة التداول بالاسواق لصالحها فاذا ما قامت الشركات الاستثمارية بالتداول فإنه يعد مخالفة صريحة لما هو متبع بأسواق العالم.
وقد دعا النائب ناصر الدويلة الحكومة بالتحرك السريع لانقاذ ادارة سوق الكويت للاوراق المالية التي اثبتت عجزها وفشلها في استيعاب الازمة وذلك عن طريق تكوين فريق ازمة حكومي مدعوم بخبراء عالميين لوضع الحلول السريعة لمعالجة الوضع واجراء تغيرات جذرية في قيادة البورصة.
من جانبه، دعا النائب د.وليد الطبطبائي الحكومة الى اتخاذ الاجراءات المناسبة والحكيمة لمواجهة سقوط قيم الاسهم في سوق الاوراق المالية بسبب الاوضاع الاقتصادية العالمية، وما قد يتبع ذلك من مخاطر اقتصادية واضرار اجتماعية على آلاف الأسر الكويتية.
وقال ان الدولة جنت فوائض مالية كبيرة هذه السنة ومن الممكن استثمار قسم منها في اسهم بعض الشركات التشغيلية الكويتية ذات الاداء الجيد خصوصا مع انخفاض قيم اسهم هذه الشركات لا بسبب ادائها بل بسبب الجو النفسي العام والتراجعات في الاسواق العالمية، ما يجعل من المجزي استثماريا حصول الحكومة عليها انتظارا للارتفاع المتوقع لهذه الاسهم بعد انتهاء الازمة الحالية.
واوضح الطبطبائي انه ثبت في حالات كثيرة ان الشركات المحلية تمثل استثمارا افضل بكثير من شركات كبيرة في الغرب، مشيرا الى ان الخسائر الكبيرة للكويت في اسهم شركات مثل ميريل لينش وغيرها بسبب غياب التقدير الصحيح عند الهيئة العامة للاستثمار.
وقال الطبطبائي ان البورصة باتت موضع استثمار كثير من الاسر الكويتية لمدخراتها وان اي خسائر كبيرة فيها ستنعكس اجتماعيا على هذه الاسر، ودعا الى مزيد من التوعية للجمهور وللمواطنين حول مخاطر بعض الخطوات الاستثمارية غير الرشيدة التي يقدم عليها البعض ويتعرض بسببها الى مخاطر الافلاس او المشكلات القضائية.
اكد النائب محمد العبدالجادر ان ما يحدث في سوق الكويت للاوراق المالية يتطلب من الحكومة التدخل الفوري والعاجل لانقاذ السوق، مشيرا الى ان ما يحدث ليس مجرد نزول اسهم فقط بل هو انهيار اقتصادي قد يصل الى البنوك، فالوقاية خير من العلاج.
وقال العبدالجادر انه اذا كانت الحكومة غير قادرة على حل هذه الازمة فهناك استشاريون سواء في البلد او خارج البلد يستعان بهم لحل هذه المشكلة.
كما ان نزول البورصة السريع ينذر بقدوم كارثة مناخ ثانية مما يترتب عليه انهيار الاقتصاد.
وبين العبدالجادر اننا بحاجة الى وقفة جادة من الحكومة ولا نمانع ان تكون هناك جلسات خاصة في اللجنة المالية والاقتصادية لبحث الأزمة وحلها على وجه السرعة.
واكد العبدالجادر ان خطورة ما يحدث ليست على المتداولين فقط فأي اضرار تصل الى البنوك وتؤثر على المواطنين العاديين الذين ليست لهم علاقة بالبورصة في ظل وجود تضخم وغلاء معيشي.
من جانبه قال النائب عدنان عبدالصمد ان المطلوب اجراءات حكومية حاسمة قبل فوات الأوان – ان لم يكن قد فات الأوان فعلا - لوقف الكارثة في البورصة ولو عن طريق اقفال البورصة لحين معالجة التدهور المستمر، وقال عبدالصمد في تصريح صحافي يجب ان يكون التدخل الحكومي مباشرة وليس عن طريق الصناديق التي استغل بعضها - مع الاسف - الازمة للحصول على مكاسب، ووزير التجارة ووزير المالية ومدير البورصة على وجه الخصوص يتحملون المسؤولية ازاء ما يحدث من امور خطيرة في البورصة واستغلال تجارب الحروب لهذه الازمة وانعكاسها الخطير على الامن الاجتماعي خاصة فيما يتعلق بذوي الدخل المحدود.
الصفحة في ملف ( pdf )