لاتزال قضية انخفاض مؤشر البورصة تستحوذ على اهتمام النواب بشكل واسع مطالبين الحكومة باتخاذ العديد من الاجراءات لاعادة الانتعاش لمؤشر السوق.
وفي هذا الاطار اشاد رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي بالتوجهات الاميرية السامية وحرص سموه على استقرار الاوضاع الاقتصادية في البلاد ومعالجة تداعيات الاحداث التي مرت بها البورصة اخيرا، كاشفا عن اطلاق الحكومة اجراءات علاجية لتصحيح ومعالجة اوضاع البورصة في القريب العاجل.
وجدد الخرافي، في تصريح للصحافيين امس، تأكيده على متانة الاوضاع الاقتصادية في البلاد وامكانية معالجة احداث البورصة بحكمة، مشيرا الى ان طمأناته في هذا الصدد جاءت في محلها.
واثنى الخرافي على الجدية التي تبديها الحكومة في سعيها لمعالجة اوضاع البورصة، مشيدا بقطع سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد ومحافظ البنك المركزي الشيخ سالم الصباح اجازتيهما والعودة الى البلاد من اجل العمل على تصحيح وضع البورصة، وقال: ان تبدأ الحكومة اجراءات الحل ولو متأخرة خير من الا تبدأ ابدا.
واعرب الخرافي عن امله في الابتعاد عن الهلع والشائعات غير المسؤولة، ودعا الى عدم اثارة البلبلة وما يسيء الى المعالجات والاجراءات الحكومية الجديدة، وقال: نحن غير ، فأحداث البورصة ليست سوى سحابة صيف ستنقشع في القريب العاجل باذن الله.
من جانبه، قال النائب مرزوق الغانم ان حل ازمة البورصة في التركيز على حماية صغار المستثمرين، مشيرا الى ان ما حدث للبورصة يتمثل في عدة اسباب وان طمأنات الحكومة مؤقتة وستزول وينتهي مفعولها ويجب كسر الحاجز النفسي من الهلع والخوف لعودة العافية للسوق وتكون هذه الطمأنات افعالا وليست اقوالا.
واضاف الغانم، في تصريح للصحافيين: يجب اخذ آراء اهل الاختصاص ومتابعة ما يحدث للاسواق العالمية ونتخذ العبر من الازمات السابقة وكيف تتم معالجتها.
وفي رده على سؤال حول استمرار انخفاض مؤشر البورصة بشكل مستمر، اكد الغانم ان الاقتراحات تبنى على اسس سليمة وتنشئ الحكومة صندوقا بشركة حكومية حتى لا يكون هناك انحياز لشركات معينة واستفادة المستثمرين الكبار وترك الصغار، 70% للحكومة و30% يساهم فيها القطاع الخاص وتدخل السوق على اساس استثماري، فكثير من السلع باسعار مغرية لكن الانحدار مستمر.
واضاف الغانم: نحن لسنا اصحاب اختصاص، فالنائب لا يستطيع حل كل القضايا، لذا نطالب بأخذ آراء اصحاب الاختصاص، فاذا كان الأمر بحاجة إلى دعم تشريعي فيأتي دور المجلس بسن قوانين جديدة لإنقاذ الموقف، مضيفا ان التدخل العشوائي أمر مرفوض والآلية انشاء الصندوق الحكومي، وتكون مدة تحدده لأنه يخص المال العام، واذا تم الشراء على هذا الأساس فإن الصندوق سيربح، مشيرا الى انه في هذه الحالة الناس تحس ان تطمينات تم تنفيذها وعن طلب عقد جلسة خاصة عن البورصة قال الغانم ان الطلب موجود ولكنني حريص جدا على ان كل الجلسات يجب ان تنتهي بأفعال وسن قوانين ونريد انقاذ ما يمكن انقاذه من صغار المستثمرين معتقدا انه يجب ان تعالج الامور بعقل وحكمة وشكل فوري وتضع الآليات وهي أولوية حماية صغار المستثمرين والشراء على اساس استثماري، مؤكدا انه لن يخسر المال العام ولا الحكومة، اما الحديث لمجرد (فش زعل) فلن يفيد السوق ولا صغار المستثمرين.
من جانبه، توقع النائب عبدالعزيز الشايجي ان يتحسن وضع بورصة الكويت لاسيما بعد اتخاذ الحكومة لعدد من الخطوات التي ساهمت بتخفيف الضغوط عليها، مبينا ان انجاز قانون هيئة سوق المال وتدخل صناع السوق امر ضروري لحماية صغار المستثمرين.
وقال الشايجي في تصريح للصحافيين امس: ان الحركة الدستورية طالبت في بيانها السابق بضرورة انشاء هيئة خاصة لإدارة أزمة البورصة، مؤكدا ان جميع التطمينات الحكومية بهذا الصدد لم يكن لها تأثير مباشر على السوق خلال المرحلة الماضية.
واشار الشايجي الى ان الشيء الإيجابي الوحيد الذي لمسناه اليوم (أمس) هو خروج عدد من التصريحات النيابية التي تطالب بعقد جلسة طارئة لمناقشة أوضاع البورصة، اضافة الى ان هناك تحركا حكوميا لتخفيف الضغوطات على البورصة وهذا ما نلاحظه من تراجع انخفاض البورصة تدريجيا.
وتمنى الشايجي ان يتم ايقاف تدهور أوضاع البورصة والذي يعتبر هبوطا حادا بجميع المقاييس، موضحا ان خطوة البنك المركزي بتخفيض معدلات الفائدة ساهمت بتطمين المتداولين والمستثمرين بأن وضع البورصة سيتحسن خلال الأيام المقبلة.
وطالب الشايجي السلطتين بالتعاون والتفاهم بشأن إنجاز قانون هيئة سوق المال داعيا صناع السوق الى التدخل وحماية البورصة من الانخفاضات الحادة للمؤشر لحماية حقوق صغار المستثمرين.
وعما يتردد بشأن إنجاز النائب أحمد السعدون لمسودة استجواب لسمو رئيس مجلس الوزراء قال الشايجي لا نريد الدخول في التكهنات، فالاستجواب هو خيار مطروح ومتاح لجميع اعضاء مجلس الأمة.
واضاف الشايجي في حال تقديم هذا الاستجواب او غيره سنقوم بدراسة وقراءة مادة الاستجواب كما اننا سننتظر لحين الاستماع لوجهة نظر الطرفين ومن ثم نتخذ القرار، مشيرا الى ان ما تتبعه الحركة الدستورية يعتبر الاسلوب الامثل لتقييم الاستجوابات.
واكد الشايجي ان رأيه الشخصي هو عدم تأييد اي استجوابات تقدم خلال هذه المرحلة سواء لسمو رئيس مجلس الوزراء او غيره من الوزراء لافتا الى ان الكويت بحاجة الى عمل مشترك بين السلطتين والى التهدئة من اجل انجاز عدد من القوانين والمشاريع المهمة.
وابدى النائب عبدالواحد العوضي تفاؤله بتحسن اوضاع البورصة بعدما قامت الحكومة بتحركات لدعم سوق الاوراق المالية مثلما طالب النواب ملاحظا ان هناك تحسنا واضحا في مؤشر البورصة امس، مقارنة بالاسواق العالمية.
وقال العوضي في تصريح للصحافيين: نأمل ان تتخذ الحكومة المزيد من الاجراءات وان نرى مؤشر السوق يتجاوز مرحلة الخطر، لتعود الثقة مرة اخرى، وتنجلي حال الخوف اللامعقول التي سادت الاسواق المالية عموما، وبورصة الكويت تحديدا.
وبخصوص ما تواتر عن اعداد النائب احمد السعدون مسودة استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وما اذا كان يؤيد طرح الاستجواب في هذه المرحلة، رد العوضي: اتمنى ان يوجه السؤال الى النائب الفاضل السعدون، مستدركا وان كنت ارى ان المرحلة المقبلة تتطلب تعاونا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ونأمل ان تكون بداية دور الانعقاد المقبل بداية طيبة، نرى فيها التفاؤل والتعاون بين الحكومة والبرلمان.
وافاد العوضي بان الكويت بحاجة الى التعاون من اجل ان يعود بلدنا الى مصاف الدول المتقدمة في المنظومة الخليجية.
حذر النائب محمد الصقر من خطورة تسييس الازمة التي تواجهها البورصة.
جاء ذلك في بيان للصقر اصدره تعليقا على الاوضاع التي تشهدها البورصة، وهذا نصه: قبل محاولة التعبير عن وجهة نظري في الوضع الحالي لسوق الكويت للاوراق المالية (البورصة)، اجد انه من واجبي الافصاح بكل صراحة عن حقيقة ان لي مصلحة شخصية في الموضوع باعتباري احد المتداولين، لكني سأحاول ان اكون موضوعيا في اجابتي وان التزم بمقتضيات المصلحة العامة ليس الا.
يتابع الجميع وباهتمام مشوب بكثير من القلق تداعيات ازمة الرهون العقارية والقروض الثانوية في اميركا على اقتصادات العالم عموما وعلى اسواقها المالية بصفة خاصة.
واذا كانت ازمة سوق الكويت واحدة من اصداء وارتدادات الازمة المالية العالمية بالتأكيد، فمن المؤكد ايضا ان تأخر وتردد الحكومة ومجلس الامة بشأن اقرار تشريعات واجراءات وسياسات الاصلاح الاقتصادي يمثل العنصر المحلي في هذه الازمة.
وان كان لي من كلمة في هذا الشأن فهي بالتأكيد – اولا – على توافر كل مقومات القوة والنمو في الاقتصاد الكويتي، وهي – ثانيا – الثقة الكاملة بسلامة وملاءمة وكفاءة الجهاز المصرفي الكويتي، الذي يحظى بأعلى التصنيفات الدولية، وهاتان الحقيقتان مدعاة لرفض الهلع والتمسك بالثقة، لكنهما لا تنفيان ابدا وجود ازمة حقيقية تحتاج الى معالجة سريعة، واذا كانت اسعار الاسهم لم تهبط بأكثر من 3% عن مستواها في بداية العام الحالي، فإن هذه الاسعار قد هبطت بأكثر من 10% خلال الايام الثلاثة السابقة، وبأكثر من 25% على اعلى مستوياتها هذا العام، ومن هنا اؤكد انه من الخطأ ان ننظر الى النسبة الاولى فقط، او الى النسبة الاخيرة فقط، بل يجب ان نذكر كل الحقائق مجتمعة، فتضخيم المشكلة والتهويل فيها خطأ كبير كما ان التهاون في تقدير خطواتها والتأخر في معالجتها خطأ بالحجم ذاته.
وفي اعتقادي ان بنك الكويت المركزي كان حكيما – كعادته – في اجراءات ضبط السياسة الائتمانية، وسبق له بخطوات مماثلة ان جنب البلاد مشاكل صعبة، لكن هذا لا يمنعني من الدعوة الى اعادة دراسة هذه الضوابط في ضوء المستجدات الدولية والاقليمية والمحلية، اذ لا ينكر احد أن الاحكام تتغير بتغير الظروف، وفي ازمات من هذا الحجم قد يكون من المطلوب تجاوز بعض قواعد اقتصاد السوق لانقاذ هذا الاقتصاد، لاسيما ان لبنك الكويت المركزي من الخبرة والحكمة والآليات ما يمكنه من تطوير الضوابط على الائتمان دون النيل من سلامة هذا الائتمان وضماناته، والتخفيف ما امكن من الآثار الاجتماعية للازمة المتمثلة في معاناة صغار المتداولين.
واود ان تشير الى امرين اثنين، اولهما خطورة تسييس الازمة والابتعاد بها عن المعالجة الفنية والاقتصادية من قبل اصحاب الاختصاص لتدخل دهاليز السياسة وتسويات السياسيين، وثانيهما التذكر ان كفاءة الادارة السياسية والاقتصادية تقاس بقدرتها على التعامل السريع والكفء مع الازمات.
واخيرا، غني عن التذكير ان المريض لا يعالجه السياسي بل الطبيب، وان الجسور لا يبنيها السياسيون بل المهندسون، هكذا الاقتصاد، فليترك لاهله.
الصفحة في ملف ( pdf )