رأى استاذ الاعلام بكلية الاعلام بجامعة الكويت د.خالد القحص ان الوكالات العربية وخصوصا النشطة منها تأقلمت بشكل معقول ومقبول مع ثورة المعلومات والانترنت والفضائيات ولكن نطاق عملها يبقى ضيقا ومحدودا وروتينيا لأنها وكالات حكومية تفتقر لمنافسين محليين.
وفي مقابلة خاصة مع «كونا» حول دور الوكالات العربية حاليا ومدى قدرتها على منافسة نظيراتها الأجنبية في ظل ثورة المعلومات والفضائيات قال القحص ان وكالات الأنباء تختلف عن الفضائيات والانترنت والصحف لأن جمهور وسائل الاعلام يتكون من أفراد الناس والمجتمع بينما جمهور وكالات الأنباء هو وسائل الاعلام وبالتالي فالتطور التكنولوجي للثورة المعلوماتية أفاد الجميع من وكالات انباء ووسائل اعلام وجماهير.
واضاف انه من الضروري توضيح ماهية ودور وكالات الأنباء فهناك الوكالات العالمية التي تخدم مشتركين في جميع أنحاء العالم وهناك وكالات اقليمية تخدم منطقة جغرافية معينة وأخيرا هناك الوكالات المحلية وبالطبع فالوكالات العربية تأتي ضمن الوكالات المحلية التي تخدم الجمهور المحلي في بلدانها كما تمثل الدولة بالنسبة للجمهور الخارجي.
وقال «يجب ألا نضع جميع وكالات الأنباء العربية في سلة واحدة لأنها تتباين من ناحية الامكانيات التكنولوجية ومن ناحية مدى تأهيل العناصر البشرية التي تعمل فيها كما تتباين في اختلاف الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعمل فيها ولا ننسى هامش الحرية المتاح أمامها وكل هذه المعطيات تجعل من الصعب علينا أن نتحدث عن وكالات الأنباء العربية ككتلة واحدة».
وعن مدى انحياز وكالات الانباء العربية لحكومات الدول التي تعمل فيها قال القحص ان «الوكالات الحكومية هي أصلا منحازة من البداية وليس الآن فقط وهذا بالمناسبة أمر طبيعي لأن وكالات الأنباء العربية تخضع لسلطة الدولة ومن المنطقي أن تكون منحازة وتعبر عن موقف الدولة الرسمي ويمكننا أن نلاحظ هذا الانحياز ونقيسه من خلال طبيعة تعامل تلك الوكالات مع بعض الأخبار الحساسة التي تمس الحكومات فنشاهد أنها ستخفي بعض المعلومات وتقوم بالتعتيم عليها أو تبرز الجانب الايجابي وتستبعد السلبي منها كما نلاحظ الانحياز من خلال التغطية الشاملة للأداء الحكومي بطريقة ايجابية من دون التعرض بالنقد للوزراء أو للحكومة بشكل عام».
وعن الابداع المهني في الصحافة والصحف ومقارنته بطبيعة عمل وكالات الانباء قال القحص «عندما نقارن الصحف والانترنت بوكالات الأنباء فاننا كمن يقوم بمقارنة البرتقال بالتفاح لأن طبيعة عمل الصحف وطبيعة جمهورها تختلف عن طبيعة عمل الوكالات وطبيعة جمهورها بل ان وكالات الأنباء تخدم الصحف لأنها توفر لها الأخبار وجميع المواد الصحافية والصور الفوتوغرافية التي تمكنها من أداء مهمتها».
وأضاف ان الابداع يطال الصحف والانترنت ويطال كذلك وكالات الأنباء الحكومية لكن الابداع يحتاج الى بيئة تنافسية وتشجيعية تحفز عناصر الابداع لدى العاملين في المؤسسة الاعلامية وهذا ما تفتقر وكالات الأنباء الحكومية اليه.
وعن نظرته حول مستقبل الوكالات الحكومية ومدى قدرتها على منافسة الوكالات الأجنبية قال القحص ان التنافس بين الوكالات الحكومية وبين الوكالات الأجنبية ليس متعلقا بالجانب التقني أو التكنولوجي لأن بامكان كل وكالة أن تحصل عليه متى ما توافر التمويل اللازم مضيفا ان «التحدي في نظري يكمن في السياسة الاعلامية التي تتبعها وكالة الأنباء ويكمن كذلك في طبيعة أهداف الوكالة وطبيعة جمهورها والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعمل فيها».
واضاف استاذ الاعلام بكلية الاعلام بجامعة الكويت د.القحص «بقولنا هذا فان طبيعة وأهداف السياسة الاعلامية التي تتبعها الوكالات الحكومية تختلف بشكل كبير عن طبيعة وأهداف السياسة الاعلامية التي تتبعها الوكالات الأجنبية واذا أردنا أن نجيب عن السؤال فيمكننا القول انه لا توجد منافسة حقيقية بين الوكالات الحكومية والأجنبية فصحيح أن عملها متشابه في تجميع وتحرير الاخبار والمواد الصحافية الأخرى وتوزيعها ولكن السياسة الاعلامية التي يتبعها كل نوع وهامش الحرية الذي تتحرك من خلاله الوكالات الحكومية وتلك الأجنبية يؤثر على المواد الصحافية التي تنتجها كل وكالة».
واشار الى ان بعض الدول قد تفكر في تحجيم أو تقليص دور الوكالة الحكومية ليصبح متخصصا في أغلبه في الأخبار المحلية وهنا قد تصبح الوكالة الحكومية مصدرا مهما في حين نستقي الاخبار العالمية من الوكالات الأجنبية لخبرتها ولضخامة مؤسساتها واحترافية العنصر البشري فيها مؤكدا خطأ المقارنة بين اداء الوكالة الحكومية والوكالات الأجنبية «لأن المقارنة حينها ستكون ظالمة للطرفين».
وبسؤاله عن رأيه في الغاء او ابقاء الرقابة الحكومية المسبقة على أخبار الوكالات قال القحص «من الناحية النظرية والمنطقية أنا أؤيد الغاء الرقابة المسبقة لكن اذا كنت تتحدث عن الوكالة الحكومية فابقاء الرقابة المسبقة أو الغاؤها لن يغير من الأمر كثيرا على اعتبار أن الوكالة تخضع للسيطرة الحكومية وبالتالي فالموظفون فيها يدركون أن هامش الحرية ضيق لذا تراهم ينطلقون من رقابة ذاتية، خشية العقاب، قد تكون أحيانا أقسى من الرقابة المسبقة لأن كل موظف لا يريد أن يوقع نفسه في مشكلات هو في غنى عنها لذا تراه حساسا جدا من أي خبر حتى وان كانت السياسة الاعلامية الحكومية تسمح به».