انتقل الى رحمة الله تعالى صباح امس رئيس ديوان المحاسبة براك خالد الداود المرزوق عن عمر يناهز التاسعة والستين قضى منها ما يقرب من نصف قرن في خدمة الكويت.
وقد عرفت الكويت منذ نشأتها الكثير من رجالها المخلصين اصحاب الضمائر الحية، الذين احبوها واخلصوا لها وبذلوا كل رخيص وغال من اجلها، وكانوا نبراسا اضاء لما بعدهم الطريق، فالرجال الذين تكبر بهم المناصب قليلون، والذين يحملون اصعب الامانات ويظلون صادقين في ارتباطهم بالقيم التي جاءت بهم الى المواقع التي يشغلونها ايضا قليلون.
«براك خالد الداود المرزوق» من هؤلاء الذين أثّروا في المراكز التي شغلوها ودفع بها نحو الافضل دون ان تغيره تلك المراكز نحو التكبر أو التعالي على الآخرين فكان مثالا رائعا للتواضع الجم واحترام الآخرين ايا كانت مستوياتهم وتقدير جهدهم وعملهم، فكان اخا للكبير وابا للصغير.
كان الرئيس السادس لديوان المحاسبة وقد خدم الكويت قرابة 43 عاما باخلاص عميق وضمير يقظ، حصيلة الديوان منها 13 عاما تولى خلالها رئاسته، وكان حكما صادقا وقاضيا نزيها يعلو فوق الشبهات، متسما بالاخلاق الحميدة والتواضع الجم، التف حول موظفيه فالتفوا حوله، وأحبهم فأحبوه.
تولى براك المرزوق رئاسة الديوان في مرحلة بالغة الحساسية والدقة ونجح في الاحتفاظ بمصداقية الديوان وحياديته واستقلاليته مع الاحتفاظ بعلاقة متوازنة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية أساسها الاحترام المتبادل.
كانت لنظرته الاستراتيجية بالانفتاح على العالم الرقابي الاثر الكبير في نقل التراكم المعرفي في فترة وجيزة، مما انعكس اثره الايجابي على مخرجات الديوان الرقابية، وتفاعله مع العديد من قضايا المال العام، الأمر الذي عزز من دور الديوان الرقابي بقوة لدى كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية والمجتمع بصفة عامة.
لقد اكتسب ثقة الجميع وقاد الديوان الى بر الامان وسط امواج متلاطمة من التضارب والاختلاف في الرؤى حتى حصد الثقة لتعزيز مكانة الديوان في القيام بهمام الرقابة المالية على المال العام.
توج المرزوق نتائج جهده وعمله بتحقيق انجاز طالما حلم به الجميع وهو بناء المقر الدائم للديوان، فكان صرحا معماريا وظفت خلاله احدث التقنيات والاساليب الهندسية المتطورة بنظام «المبنى الذكي» وعكست «واجهته الزجاجية العريضة» الشفافية العالية التي ينتهجها الديوان في مخرجاته الرقابية.
لقد كان المرزوق قبطانا ماهرا ونوخذة مخضرما أرسى دعائم سفينة الديوان على ضفاف شاطئ العلاقات المتميزة بين الاجهزة الرقابية الصديقة والشقيقة وساهم في وضع الاسس والمفاهيم القوية الثابتة لعمل الديوان حتى تكللت مجهوداته بالوسام الذي وضع على صدر جميع العاملين بحصول الديوان على جائزة «يورغ كاندوتش» التي تمنحها المنظمة الدولية لهيئات الرقابة المالية العليا (الانتوساي) تقديرا لمكانة الديوان الدولية وانجازاته على جميع المستويات واتباعه للاساليب والمناهج العلمية خلال عمله الرقابي.
لقد كان الفقيد من الوجوه الكويتية المعروفة بعفويتها وطيبتها ونقائها، فقد كان يعمل بصمت ويدع اعماله وانجازاته تتحدث عنه، حظي باحترام كبير لشخصه كما حظي ديوان المحاسبة بنفس الدرجة من الاحترام خلال توليه لرئاسته، وتوالت انجازات الديوان في عهده، ومما تحقق الآتي:
-
وضع الخطة الاستراتيجية الاولى للديوان (1995 – 2005) والتي كانت تمثل نقطة تحول مسيرة الديوان الرقابية، حيث اعاد هيكلة النظم الادارية والرقابية والمالية واساليب العمل المنظم بمفاهيم حديثة، وتعامل مع الموارد البشرية بفلسفة جديدة، وذلك في اكبر عملية تغير مر بها الديوان منذ انشائه في عام 1964.
-
اتخاذ التخطيط منهجا وأسلوب عمل لتجميع قطاعات الديوان، حيث تم وضع الخطة الاستراتيجية الثانية للديوان للسنوات 2006 – 2010 والتي تحمل شعار «تحسين كفاءة الاداء المؤسسي بديوان المحاسبة».
-
الحرص على دعم هيكل الديوان الرقابي وتحديثه بما يتلاءم مع التطورات الرقابية.
-
الحرص على توفير الكوادر الوطنية القادرة على اداء المهام الرقابية للديوان.
-
اتباع الاساليب الرقابية الحديثة واستحداث رقابات جديدة مثل الرقابة البيئية ورقابة الاداء.
-
توفير فرص التدريب والتأهيل والتطوير لجميع الكوادر بما يسهم في تطوير ادائها.
-
أوجد مجموعة متميزة من قوة العمل لديها القدرة على المحافظة على اداء الديوان والتطوير والابداع المستمر من خلال منهج استراتيجي متكامل والمحافظة على القيم التي ارتضاها الديوان في شأن دعم المساءلة والاستقلالية والتحسين المستمر والاداء بمهنية عالية.
-
حصول الديوان على جائزة «يورغ كاندوتش» العالمية.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )