بغداد ـ منى ششتر
قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي خالد العطية ان سيادة الكويت وحرمتها «مسألة محسومة وهي من الحقائق المسلمة ولا يمكن فتح باب الادعاءات التاريخية للتأثير على الحقائق الجغرافية القائمة بأي شكل من الأشكال».
واوضح في لقاء مع وفد جمعية الصحافيين الكويتية الذي زار بغداد اخيرا ان الحديث في هذا الموضع «يعني فتح ابواب جهنم على شعوب المنطقة وادخالهم في حروب وصراعات لا اول لها ولا آخر».
واشار الى ما خلفه العدوان الصدامي على الكويت في النفوس من رواسب تركت ظلالا كئيبة وذكريات مؤلمة «لذلك نحن معنيون بإزالة كل هذه الرواسب من خلال التواصل على جميع المستويات واولها الشعبي».
واشاد بالدعم الذي قدمته القيادة الكويتية والحكومة للنظام السياسي الجديد في العراق «لكن لم نر تواصلا شعبيا او بين منظمات المجتمع المدني».
واوضح ان اللقاءات البرلمانية بين البلدين «اقتصرت على لقاءات على هامش مؤتمرات برلمانية عربية او اسلامية او دولية وفي اجتماع الاتحاد البرلماني العربي الذي عقد في مدينة اربيل اخيرا.. ولم يحصل تبادل للزيارات بين الطرفين ولا اجتماعات منظمة لها هدف وجدول اعمال».
المرحلة المقبلة
واكد العطية ضرورة التركيز «في هذه المرحلة»، على تبادل الزيارات «مع اعتقادنا الراسخ بأن ما حصل لا يمثل الشعب العراقي بل هو بريء منه» في اشارة الى الممارسات الصدامية بحق الكويت وشعبها.
ودعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي الى الاستفادة من الفرص الاستثمارية في مختلف مناطق العراق، لاسيما البصرة التي وصفها بالارض البكر بالنسبة إلى المستثمر لحاجتها الشديدة إلى اعادة الاعمار بدءا من الصفر «ومجالات الاستثمار واسعة فيها ومتنوعة».
وشدد على اهمية فتح باب العلاقات الاجتماعية بين البلدين من خلال توظيف الاعلام والاعلاميين والمفكرين واشراكهم في حوار بين الشعبين وفتح آفاق التعاون والتفكير بعمق الروابط والعلاقات فضلا عن مصالح المال والاقتصاد وعلاقات الجوار والمصاهرة والكثير من التداخل الذي من الممكن ان يوظف لبدء مرحلة جديدة من العلاقات.
واشاد بالإعلام الكويتي واصفا اياه بـ «القوي والصادق» مشيرا إلى ما لدى الاعلام الكويتي المقروء والمسموع من قدرات ممتازة ومتميزة وقادر على لعب دور قوي وحقيقي في تصحيح الصورة المشوهة في العالم العربي عن العراق.
وقال العطية: للأسف فإن الاعلام العربي بمجمله متحيز ضد العراق ولا ينقل الصورة الحقيقية والواقعية لما يحصل هنا بل ان هناك اقلاما مسمومة وفاسدة تشوه الصورة نحن لا نريد مدحا وثناء لكن على الأقل نريد تصوير الواقع كما هو ونقله للآخرين بجميع سلبياته وايجابياته.
واضاف: كل ما ينقل عن العراق هو الصورة البغيضة بل مبالغ فيها وهذا ظلم يقع علينا وامر لا يخدم الدول العربية على الاطلاق.
وذكر ان: لا احد يزايد على عروبة العراق وتضامنه مع اخوانه العرب وتبنيه لقضاياهم، لكننا نشعر بالظلم لاسيما ان لبعض الدول العربية مواقف سلبية تجاه الشعب العراقي وبعضها الآخر وقف موقف المتفرج حين كان النظام الصدامي يقتل شعبه.
وقال العطية: نريد للعراق ان يعود الى حضن الأسرة العربية ويأخذ وضعه الطبيعي بين العرب.
وجدد التأكيد على استعداد بلاده حل جميع المشكلات العالقة مع الكويت ورغبته تجاوز اي عقبات تعوق تطبيع العلاقات الطيبة والأخوية معها ومع الشعب الكويتي، ونريد ان تكون علاقاتنا استثنائية في كل المجالات.
واعرب عن استعداد البرلمانيين العراقيين لتبادل الزيارات مع نظرائهم الكويتيين وفتح حوار اوسع بين الشعبين وهذا هو السبيل الوحيد الذي من الممكن ان يخدم البلدين.
وفي لقاء آخر مع وفد جمعية الصحافيين الكويتية اكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي د.همام حمودي ان الهم الأول للبرلمانيين هو رأب الصدع بين الجارتين الشقيقتين وهنا لابد من الفصل بين الشعب والنظام الصدامي فممارسات صدام لا ذنب للشعب العراقي فيها.
وقال ان مسعى صدام في المنطقة كان ليس تخريب البلدان والأنظمة، بل تخريب علاقات تاريخية بين الشعوب وهي مسألة حساسة جدا، مستشهدا في ذلك بمشكلة الشيعة والسنة التي خلقها صدام وحاول ان يقنع بها الرأي العام العربي في حربه على إيران بالقول انه بمواجهة امتداد فارسي وشيعي وبعد ذلك استخدم التفرقة المذهبية والطائفية للمحافظة على كرسيه.
واوضح ان العراق الآن يعيش مرحلة يعالج بها سيئات الماضي التي خلقها النظام الصدامي على كل الأصعدة السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية وغيرها.
واستذكر كيف استغل المقبور صدام حسين اموال الدولة في الحروب وشراء الذمم وحوّل المجتمع العراقي الى مجتمع ضعيف مستعبد لا يمكن ان يفكر او يتحدث فيه الفرد حتى مع نفسه، فالجميع خائفون ويبحثون عن الامان وليسوا على استعداد للتعاون مع الآخرين.
واستغرب د.حمودي كيف يطالب البعض النظام العراقي الحالي «الذي لا يزيد عمره على سنوات» بمعالجة كل الاوضاع التي خلفها حكم استمر 35 عاما وكيف يمكن المطالبة بتغيير مفاهيم الشعب بسرعة كبيرة.
وقال «يعيش العراق حاليا ولادة جديدة نريد من الجميع مساندتها ودعمها وان تعرض الجوانب الايجابية فيها وإلا يتم تصوير العراق (فقط) على اساس انه بلد يعيش صراعا سنيا – شيعيا – كرديا – مسيحيا، نريد ان يعرف الجميع ان العراق يعيش مرحلة من الحرية المفتوحة والحوار المتبادل».
واكد ضرورة ان يتيقن العالم بأسره ان في العراق «نظاما منتخبا وطنيا يستند الى اسس ولديه دستور» مبينا ان مصيبة العراق في كون هذه الديموقراطية والحرية قد وُلدت من رحم احتلال، ما اعطى صورة سيئة وكأن تلك الديموقراطية صناعة اجنبية خارجية.
واستذكر د.حمودي مشروع حاكم بغداد بول بريمر في كتابة «دستور للعراق من خلال مجموعة منتخبة بشكل مصطنع» وكيف اصر المرجع الديني الاعلى سيد علي السيستاني على الا تتم كتابة الدستور الا من خلال جمعية تأسيسية لأناس منتخبين ومن ثم عرضه على الشعب «وهذا ما كان».
وقال «كانت العملية حقيقية في الانتخابات والتصويت على الدستور، لكن لأننا تحت احتلال لم تكن النظرة الى الدستور وما صاحبه من احداث واضحة للآخرين».
واوضح ان الرغبة في حصول الشعب العراقي على كرامته واستعادة انسانيته والمشاركة السياسية كان مشروعا شعبيا وليس فكرة نخبة والدليل على ذلك هو «الإصرار العجيب» للشعب في عدم مساندة المقبور صدام حين بدأت حرب حرية العراق «لأنه كان تواقا لامتلاك ارادته بنفسه، ولايزال كذلك لرغبته في السير الى الامام والتمسك بالتغيير».
وعن الصلاحيات التي منحها الدستور العراقي للبرلمان قال د.حمودي وهو عضو لجنة اعادة صياغة الدستور ان قرار حل البرلمان ليس بيد احد الا البرلمان نفسه وان كان من حق رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة التقدم باقتراح بذلك.
صلاحيات
واشار الى ان الهدف من اعطاء البرلمان تلك الصلاحيات وجعله قوة لا يستهان بها هو «افهام الشعب انه لا شيء يخيفه، فهو صاحب القرار الاول والاخير في تعيين قادة الفرق العسكرية ورئيس المخابرات والسفراء ووكلاء الوزارات من خلال الاحزاب التي تمثله في البرلمان».
وقال د.حمودي «على الرغم من وجود مشكلات لتمركز السلطة والقرار بيد البرلمان نتيجة تعدد الاحزاب الممثلة فيه الا اننا نريد ولو للسنوات العشر المقبلة ان يعيش هذه التجربة ويشعر بأنه صاحب القرار وعليه ان ينظم نفسه».
واضاف «هناك من يتساءل هل سينجح العراق؟ ونحن نقول انه بغير الديموقراطية والشفافية وتحمل الشعب المسؤولية سيرجع العراق خطوة الى الوراء والى ما كان عليه في السابق».
وافاد بأن لجنة مراجعة الدستور اختارت للحكم في العراق النموذج البريطاني القائم على النظام البرلماني «حتى وان كانت هناك خسارة محتملة، لكنه نظام مفيد لتأكيد مفهوم ان الشعب هو صاحب القرار والقدرة على صنع الحدث».
واختتم د.حمودي قوله بالاشارة الى ان العراق بتنوع طوائفه ومذاهبه وحضاراته اختار الديموقراطية وان كانت تصاحبها بعض المشكلات لانه يريد التحكم بثرواته واستغلالها وتنوع العراق لا يحكم الا بالحرية والمشاركة الكاملة والعدالة.
يذكر ان وفد جمعية الصحافيين الكويتية ضم المدير المالي ومدير الجمعية عدنان الراشد رئيسا وعضوية فاطمة حسين ود.عايد المناع ود.عبدالواحد الخلفان وخالد بورسلي وعدنان المضاحكة ومنى ششتر وخديجة عبدالله وعماد مرتضى.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )