أحمد الفضلي
في الوقت الذي اعتبر فيه النائب صالح الملا ان تأجيل استجواب رئيس الحكومة والخروج من الوضع المزري الذي يعيشه البلد حاليا أفضل الحلول.
وقال النائب فيصل المسلم «انه أمر مؤلم جدا وغير مقبول ان يكون سمو رئيس الوزراء خطا أحمر لا تجوز محاسبته».
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها مظلة العمل الوطني «معك» مساء أول من امس، حيث اتفق النائبان على ان الاستجواب حق دستوري أصيل لا ينازع أحد فيه وأداة دستورية نفخر - نحن الكويتيين - بها.
وقال النائب الملا ان عنوان «الاستجواب بين الحق الدستوري والمواءمة الدستورية» اختصر رأيين مطروحين على الساحة.
فالأول يرى أن الاستجواب حق دستوري لا يفترض ان يناقش توقيته والآخر يتحدث عن المواءمة الدستورية دون ان ينفي حق النائب، وهو الرأي الذي أؤيده أنا وبعض النواب».
وأكد الملا ان الاستجواب حق دستوري يمكن استخدامه ضد اي وزير او حتى رئيس الوزراء نفسه شريطة ان يراعي مقدم الاستجواب المعطيات السياسية والظروف المواتية اثناء تقديم استجوابه.
أجواء متوترة
واشار «إذا كان الاستجواب سيشكل حائلا دون وقوع ضرر متوقع فنحن معه اليوم قبل الغد.
اما إذا كان الضرر قد وقع فما العجلة من تقديمه الآن في ظل الاجواء المتوترة حاليا؟ مضيفا «لماذا نعطي الفرصة للبعض لكي يقنع الشارع بأن هذا المجلس لن يقدم جديدا وسيكون اسوأ من سابقه، حيث بدأ بالفعل هذا الكلام يتداول في الدواوين، وللاسف الشديد انا اقولها ان هذا الكلام صحيح رغم كوني جزءاً من البرلمان، لكن المزاج العام مع انهيار البورصة والتضارب مع قرارات الفيفا وانهيار احد البنوك الرئيسية في الكويت، كلها عوامل سببت رعبا في نفس المواطن، خصوصا المواطن البسيط، مشيرا الى عنصر المفاجأة في التهديد بتقديم الاستجواب في ظل التوتر السائد، وقال: البعض يتساءل: لماذا المفاجأة؟ ويقولون ان النائب المليفي اثار هذه القضايا بالوثائق والمستندات اثناء حملته الانتخابية وتحدث في بداية دور الانعقاد عن هذه التجاوزات، وانا اقول ان «هذا الكلام صحيح، لكن اتذكر ان النائب المليفي تقدم بطلب احالة الموضوع (التجاوزات) لديوان المحاسبة لاستجلاء الحقيقة ان كانت هناك شبهة تجاوز على المال العام»، لافتا الى ان طلب النائب المليفي لاقى في البداية تأييدا نيابيا ومعارضة حكومية، الى ان جاءت الحكومة في الجلسة التي تلت جلسة تقديم الطلب بقيادة سمو رئيس مجلس الوزراء وطلبت إحالة التجاوزات المزعومة لديوان المحاسبة، وتم دمج الطلبين وتمت احالتهما الى الديوان الى ان جاءنا تقرير الديوان الذي اطلع بعضنا فيه على الخطوط العامة التي تضمنها، حيث وجد بعضنا العديد من الملاحظات المهمة التي يحق للنائب المليفي تقديم الاستجواب على ضوئها.
وتابع ان السؤال المهم هنا هو: هل سيمنع الاستجواب وقوع ضرر وقع؟ فنحن الآن نتحدث عن ضرر وقع او متوقع وقوعه، فما حدث من تجاوزات من مصروفات ديوان سمو رئيس الوزراء امر يستوجب المحاسبة، ولكننا نحن بعض الاعضاء طلبنا من النائب المليفي التروي وتأجيل الاستجواب، لأنه كما قلت ان الضرر المزعوم قد وقع.
وتابع: منطقيا وبديهيا سواء قدم الاستجواب الآن أو بعد شهر فرئيس مجلس الوزراء مستمر في منصبه، لكن السؤال المهم: هل البلد في ظل الظروف الراهنة تتحمل هذا الاستجواب؟ فنحن عندما كان يقدم استجواب لوزير عادي في الحكومات السابقة او الحالية كان يشل اداء الحكومة الى ان تعقد جلسة الاستجواب، فما بالنا الآن ونحن سنقدم استجوابا لرئيس مجلس الوزراء؟!
وأردف: انا أعتقد ان هذه الحكومة ليست لديها القدرة لتحمل هذه الربكة، ونحن هنا لا ندافع عن الرئيس ولا حكومته ولا ندافع عن وجهة نظرها التي تقول ان المواءمة السياسية غير متوافرة، لكننا ندافع عن الجهود المخلصة لبعض اعضاء البرلمان وبعض اعضاء الحكومة الذين يحاولون انتشال البلد من الوضع المزري الذي تعيشه، فالمهم الخروج من هذا الوضع وعدم اعطاء الحكومة فرصة خلق عذر بأنها لا تستطيع العمل بسبب هذا الاستجواب ونفى المليفي صحة بعض الادعاءات التي تقول ان الاستجواب لابد ان يقدم خلال مدة قانونية محددة، قائلا ان الاستجواب يمكن تقديمه بعد شهر بعد ستة اشهر او حتى بعد سنة.
محاولات لإفزاع الدستور
وحذر الملا من الاشخاص الذين يحاولون افراغ الدستور من خلال بدعة ايقاف العمل به لسنتين لتتأمل «الوضع خطير جدا واذا كنا نتكلم عن تجاوزات 19 مليونا عليها علامات استفهام فيجب ان نلتفت جيدا الى ما هو اعظم من ذلك وهو الموازنة العامة للدولة والتي تبلغ 19 مليار دينار ماذا سيكون مصيرها في ظل تغييب الرقابة الشعبية؟».
وقال: اعتقد ان النائب المليفي بدأ يلين في هذا الموضوع، وعلينا ان نعرف ماذا نريد من الاستجواب؟ هل نريد العنب ام الناطور؟
واشار الملا الى ان البعض بدأ يتساءل: هل سيظل الخوف من الحل الدستوري او غير الدستوري سيفا مسلطا على رقابنا؟ مشيرا الى ان الخوف ليس من الحل انما مما سيحدث بعد الحل، لذلك يجب ان نتعامل بعقلانية واحترافية مع المعطيات التي امامنا، وكما ذكرت سالفا لا نخسر ملياراتنا في المشاريع الهلامية التي تنوي الحكومة تنفيذها كمشروع المصفاة الرابعة عديم الجدوى الاقتصادية.
من جانبه، قال النائب فيصل المسلم انه امر مؤلم جدا وغير مقبول القول بأن رئيس الوزراء خط احمر ولا تجوز محاسبته، مستعرضا ردود ديوان المحاسبة التي وصفها بـ «المبهمة»، واضاف المسلم: في ظل تشتت القوى السياسية وضعفها وغياب الرموز، نعيش مفترق طرق، ونعيش مأساة، فإما ان نكون دولة مؤسسات ونظم وقوانين تحكم المسار واما دولة افراد تستغل صلاحياتها في التعسف والتجاوز.
واعطى المسلم اضاءات تاريخية على بدايات تأسيس الدولة التي غلب عليها طابع المشاركة والاتفاق على ادارة شؤون البلاد من خلال اختيار آل الصباح حكاما لها.
وقال المسلم: اليوم (امس) اوجه رسالة الى رئيس مجلس الوزراء واقول ان الرئيس على المحك ان كان يدري فهي مشكلة وان كان لا يدري فهي مصيبة، مستغربا من خروج نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية فيصل الحجي بتصريح يشكر فيه الديوان على تقريره وقوله اننا سنوصي لجاننا المالية والقانونية بتبني ملاحظات الديوان وكأن الأمر انتهى، مؤكدا ان المطلوب ان تكون الاجراءات أشد في تحديد مسؤوليات المسؤولين.
وتابع المسلم: اعتقد ان النائب المليفي ايضا على المحك، فحقيقة انا ارى انه يجب الا يتم اطلاق كلمة استجواب الا بعد استنفاد العضو كل الوسائل المتاحة امامه حتى لو لزم الأمر طرق باب صاحب السمو الأمير، لذلك اقول ان المليفي على المحك لان الاستجواب الذي لوح وهدد فيه إذا كان مبنيا على اسس ومبادئ فهد لا يخضع لقضية هنا أو هناك وانما يخضع لقناعة رسخت، خصوصا عندما نتكلم عن سمو رئيس مجلس الوزراء فنحن نتكلم عن اداة وكفاءة لا أملك ان اتهم الرجل بشيء لان الديوان في تقريره لم يثبت شيئا ضده، الا انه في الاخير هو يتحمل المسؤولية السياسية..