محمد الحسيني
مسقط
بحـضـور حشـد كبير من ممثلي الصحافة العربية والعالمية، افتتح السلطان قابوس بن سعيد امس دور الانعقاد السنوي لمجلس الدولة في قاعة المجلس بمنطقة الخوير في العاصمة.
والقى السلطان خطابه السنوي في هذه المناسبة المهمة بالنسبة الى الشعب العماني، وجاء الخطاب الذي عادة ما يرسم اطارا توجيهيا الى كل مؤسسات ومسؤولي الدولة حافلا بالكثير من الرسائل.
واحتل الشق الاقتصادي جزءا مهما منه، خصوصا ما يتصل بالازمة الاقتصادية العالمية وقضية الامن الغذائي، فقد اكد السلطان ان السياسات التي انتهجتها حكومة السلطنة خلال السنوات الماضية قد اسهمت في تجنيب اقتصادها الى حد كبير تأثيرات الازمة.
وشدد السلطان قابوس على استمرار سياسات التنمية والبناء وفقا للخطط المعتمدة وعلى ضرورة تنويع مصادر الدخل وبذل المزيد من الجهد في هذا المضمار، وكذلك النظر في كيفية الاستفادة من البدائل المولدة للطاقة والسعي لتحقيق الامن الغذائي قدر الامكان، مؤكدا انه اصدر اوامره الى الجهات المختصة لوضع الخطط المناسبة لذلك.
ووجه السلطان قابوس تنبيها الى موظفي الدولة، مشيرا الى انهم ان ادوا واجباتهم بأمانة وبروح من المسؤولية بعيدا عن المصالح الشخصية سعدوا وسعدت البلاد، اما اذا انحرفوا عن النهج القويم واعتبروا الوظيفة فرصة لتحقيق المكاسب الذاتية وسلما للنفوذ والسلطة وتقاعسوا عن اداء الخدمة كما يجب وبكل اخلاص وامانة فإنهم يكونون بذلك قد وقعوا في المحظور ولابد عندئذ من محاسبتهم واتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة لردعهم.
وفيما يلي النص الكامل للخطاب السلطاني: انه لمن نعم الله التي تستحق منا الحمد الكثير والشكر والتقدير ان يتجدد لقاؤنا عاما بعد عام في هذا المجلس المبارك الذي نتطلع من خلاله وبكل ثقة وأمل الى تحقيق المزيد من المنجزات.
ان الاهتمام بالموارد البشرية وتوفير مختلف الوسائل لتطوير ادائها وتحفيز طاقاتها وامكاناتها وتنويع قدراتها الابداعية وتحسين كفاءاتها العلمية والعملية هو اساس التنمية الحقيقية وحجر الزاوية في بنائها المتين القائم على قواعد راسخة ثابتة، اذ ان العنصر البشري هو صانع الحضارات وباني النهضات، لذا فإننا لا نألو جهدا ولن نألو جهدا في توفير كل ما من شأنه تنمية مواردنا البشرية وصقلها وتدريبها وتهيئة فرص العلم لها بما يمكنها من التوجه الى كسب المعرفة المفيدة والخبرة المطلوبة والمهارات الفنية اللازمة التي يتطلبها سوق العمل وتحتاج اليها برامج التنمية المستدامة في ميادينها المتنوعة.
لقد اكدنا دوما على اهمية العلم والمعرفة وكان نهجنا المتواصل هو الانفتاح على مستجداتهما، ولقد اصبحت تقنية المعلومات والاتصالات هي المحرك الاساسي لعجلة التنمية في هذه الالفية الثالثة، لهذا اولينا اهتمامنا لايجاد استراتيجية وطنية لتنمية قدرات المواطنين ومهاراتهم في التعامل مع هذا المجال وتطوير الخدمات الحكومية الالكترونية.
ونحن نتابع عن كثب الخطوات المهمة التي تمت على هذا الصعيد وندعو جميع المؤسسات الحكومية للمسارعة الى تعزيز ادائها وتيسير خدماتها بواسطة التقنية الرقمية متطلعين الى الارتقاء بالسلطنة الى آفاق المعارف الحديثة المتجددة.
ان الاداء الحكومي الجيد في مختلف القطاعات وخدمة الوطن والمواطنين بكل امانة واخلاص ووضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار من الاركان الضرورية لكل تنمية يراد لها الدوام والاستمرار.
ونحن اذ نشيد بالاداء الحكومي خلال الحقبة المنصرمة فإننا نؤكد في الوقت ذاته على ضرورة مراجعة الجهاز الاداري للدولة لسياساته وانظمته بما يضمن اتباع افضل الاساليب وانجع الوسائل التي تؤدي الى تسهيل الاجراءات وتيسير المعاملات وسرعة اتخاذ القرارات الكفيلة بتحقيق مصالح المواطنين وغيرهم من المقيمين الذين يسهمون في خدمة عمان والمساعدة على بنائها.
تجدر الاشارة هنا الى انه لما كان الاداء الحكومي يعتمد في ارساء وترسيخ قواعد التنمية المستدامة على القائمين به والمشرفين عليه فإن في ذلك دلالة واضحة على مدى المسؤولية الجسيمة المنوطة بالموظفين الذين يديرون عجلة العمل في مختلف القطاعات الحكومية.
فإن هم ادوا واجباتهم بأمانة وبروح من المسؤولية بعيدا عن المصالح الشخصية سعدوا وسعدت البلاد، اما اذا انحرفوا عن النهج القويم واعتبروا الوظيفة فرصة لتحقيق المكاسب الذاتية وسلما للنفوذ والسلطة وتقاعسوا عن اداء الخدمة كما يجب وبكل اخلاص وامانة فإنهم يكونون بذلك قد وقعوا في المحظور ولابد عندئذ من محاسبتهم واتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة لردعهم وفقا لمبادئ العدل الذي ارسينا عليه دعائم الحكم والتي تقتضي منا عدم السماح لاي كان بالتطاول على النظام والقانون او التأثير بشكل غير مشروع على منافع الناس التي كفلتها الدولة ومصالح المجتمع التي ضمنها الشرع وايدتها الانظمة والقوانين، ومن ثم فإننا نؤكد على ان تطبيق العدالة امر لا مناص منه ولا محيد عنه وان اجهزتنا الرقابية ساهرة على اداء مهامها والقيام بمسؤولياتها بما يحفظ مقدرات الوطن ويصون منجزاته.
لقد تابعنا بكل اهتمام الاوضاع الاقتصادية التي يمر بها العالم والاضطراب الذي يسود الانظمة الدولية من جراء تداعيات هذه الاوضاع، واننا نود التنويه الى ان السياسات التي انتهجتها حكومتنا خلال السنوات الماضية قد اسهمت ولله الحمد في تجنيب اقتصادنا الى حد كبير تأثيرات تلك الاوضاع.
ونحن نؤكد في هذا الصدد على استمرار سياسات التنمية والبناء وفقا للخطط المعتمدة، كما نؤكد على ضرورة تنويع مصادر الدخل وبذل المزيد من الجهد في هذا المضمار وكذلك النظر في كيفية الاستفادة من البدائل المولدة للطاقة والسعي لتحقيق الامن الغذائي قدر الامكان وفي هذا الشأن فقد اصدرنا اوامرنا الى الجهات المختصة لوضع الخطط المناسبة لذلك.
اننا نعيش في عالم متداخل المصالح والسياسات وان تعاوننا مع هذا العالم انما يأتي انطلاقا من المصالح العليا للسلطنة واسهاما في استتباب الامن والرخاء في ارجاء المعمورة وبفضل هذه السياسات اكتسبت بلادنا والحمد لله احترام وتقدير المجتمع الدولي.
ان التعاون وتبادل المنافع والمصالح بين الدول في ظل الوئام والسلام امر في غاية الأهمية يجب ان نسعى اليه جميعا بكل جد واخلاص ودون كلل او ملل من اجل رخاء البشرية وامنها ورقيها، ونحن في السلطنة نضع ذلك نصب اعيننا دائما.
وما انضمامنا الى مختلف التجمعات العالمية والاقليمية الا للاسهام الايجابي المؤثر في كل ما يعود بالخير على الانسانية وبهذه المناسبة فإننا نغتنم فرصة انعقاد القمة التاسعة والعشرين لاصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المرتقبة في مسقط لنرحب باخواننا في بلدهم الثاني ضيوفا اعزاء مكرمين.
سائلين الله جلت قدرته لهذا اللقاء الاخوي التوفيق والنجاح ولمسيرة المجلس الخير والصلاح.
باسمك اللهم وبحمدك بدأنا وبهما نختتم، فاكتب لنا السداد والرشاد في كل اعمالنا وحقق بفضلك ومنك منتهى آمالنا انك سميع مجيب الدعاء.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )
واقرأ أيضاً :-
تشكيل مجلس عمان يوسع المشاركة في الرأي
ويوظف خبرات أهل العلم والاختصاص