لم تعد مشكلة الإطارات المخلفة تقتصر على اثرها البيئي الضار فقط ولا على الحيز المكاني الذي تشغله حيث «تأكل» مساحات واسعة من الاراضي بأعدادها المليونية بل تعدت الى كيفية التخلص منها وخصوصا بعد تخلف الشركات التي ابدت استعدادها للتعامل مع المشكلة عن الحضور خلال موعد فتح الاظرف للبحث في شروط المزايدة.
هذا ما يدعو الى التفتيش عن حلول بديلة ستناقشها اللجنة الثلاثية خلال اجتماعها الاسبوع الجاري على حد قول نائب المدير العام للهيئة العامة للبيئة الكابتن علي حيدر وعلى رأس هذه الحلول امكانية التصدير الى خارج البلاد وفق ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية المختصة.
واكدت مصادر بيئية متخصصة حتمية حل المشكلة بتصدير هذه المخلفات الى الخارج وفق ما تنص عليه اتفاقية «بازل» حول النفايات الخطرة والتعامل معها والتخلص منها عبر الحدود حيث تسمح للدولة التي لا تمتلك امكانيات التخلص من النفايات الصلبة الخطرة بتصديرها الى الدول التي لديها القدرة على اعادة تدوير هذه الاطارات او استخدامها مع اسفلت الطرق.
كما تنص الاتفاقية على التقليل من النفايات عند المصدر وايجاد طرق للتقليل قبل تصديرها، لافتة الى ان الكويت عضو في هذه الاتفاقية وهي ملزمة باشتراطاتها.
دور الهيئة العامة للبيئة في حل هذه المشكلة ومدى خطورتها على البيئة وما الحلول التي يمكن اللجوء اليها للتخلص منها بأفضل طريقة ممكنة كانت محور البحث مع نائب مدير عام الهيئة العامة للبيئة الكابتن علي حيدر ومع عدد من الخبراء البيئيين الذين اكدوا اهمية الإسراع في التخلص من هذه المشكلة التي تعتبر مشروع أزمة خطرة تهدد بكارثة بيئية لو لم يتم التعامل معها بجدية وحصول اي طارئ باشتعال تلك الإطارات.
حلول بديلة
وفي هذا السياق اعلن نائب مدير عام الهيئة العامة للبيئة الكابتن علي حيدر عن اجتماع يعقد الاسبوع الجاري للجنة الثلاثية للبحث في الحلول البديلة بعد تخلف الشركات عن حضور المزايدة للتخلص من الاطارات المستعملة المخزنة في منطقة «الرحية».
وقال حيدر في تصريح لـ «الأنباء» ان هذه الحلول البديلة تكمن في تصديرها للخارج وفق الاتفاقيات الدولية مطالبا الجهات المعنية بانهاء هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن.
واشار الى ان الهيئة العامة للبيئة هي جزء لا يتجزأ من اللجنة الثلاثية التي اثارت الموضوع وتم تجميع الاطارات في مكان واحد سعيا لتأمين سهولة التعامل معها وحث الجهات المعنية في الدولة على التخلص منها ومعالجتها بأسرع وقت ممكن.
واكد حيدر ان منطقة التخزين تقع تحت حماية وحراسة مشددة من اللجنة الامنية الى حين التخلص من الاطارات بطريقة بيئية سليمة، إما بتصديرها الى الخارج او معالجتها أو اعادة تدويرها حسب الشروط البيئية المطلوبة داخل الكويت.
وشدد على ان بقاء هذه الاطارات في مكانها على هذا النحو من المشاكل الامنية الخطيرة وبالتالي البيئية الخطيرة، مشيرا الى انه في حال حدوث حريق بتلك المنطقة فإن الامر يمكن ان يسبب مشاكل بيئية كبيرة لذا فالهيئة وبالتعاون مع الجهات العاملة في اللجنة الثلاثية تحاول قدر الامكان التخلص من هذه المشكلة على وجه السرعة دون اضرار بيئية محتملة.
استغلال مساحات واسعة
اما الخبير البيئي د.علي خريبط فأكد ان مشكلة الاطارات في الكويت قديمة جدا وليست وليدة اليوم وقد برزت بعد تجميعها في الجهراء تمهيدا للتخلص منها.
ولفت الى ان تعاظم هذه المشكلة يعود الى كمية السيارات الموجودة في البلد والى الوضع الاقتصادي الذي يساعد على استبدال اطارات السيارات بشكل دوري مما يؤدي الى تراكمها بكميات كبيرة.
وشدد على اهمية التخلص منها، اما عن طريق اعادة الاستخدام حيث تقوم بعض الشركات المتخصصة باضافة طبقة جديدة من المطاط لكي تصبح صالحة للاستخدام مجددا، أو عن طريق نقل هذه المخلفات عن طريق التصدير الى الخارج.
وأكد أن الضرر الرئيسي لهذه الاطارات يكمن في حيّز المكان الذي تشغله هذه الاطارات التي تلقى في المرادم والحفر وتستهلك مساحات واسعة من الاراضي، مشيرا الى ان الاطارات مصنوعة من مادة هايدكربونية، اضافة الى المطاط، وضررها ليس كبيرا بيئيا في حال لم تتعرض الى الاحتراق الذي وان حدث فانه يسبب مشكلة بيئية خطيرة يصعب التعامل معها.
واشار الى قيام بعض الجهات في القطاع الخاص بالمبادرة في انهاء هذه المشكلة وحلها بالطرق البيئية السليمة، مؤكدا انه على الحكومة تشجيع هذه الشركات للمساهمة في التخلص من المشكلة باعتبارها مشروع ازمة بيئية.
انبعاثات مضرة
بدوره أكد الباحث البيئي د.مبارك العجمي ان الاطارات من أخطر المخلفات البلاستيكية التي تؤثر سلبا على البيئة كونها تنتج غاز ثاني اكسيد الكربوين (co2) وهـــو غاز مضر جـــــدا بصــــحة الانسان اولا وبطبقة الاوزون ثانيا.
واشار د.العجمي الى ان التخلص من هذه المخلفات الضارة يجب ان يتم اما عن طريق محارق الـ(rdf) أي المعالجة المسبقة.
واما من خلال المحارق العادية في المصانع المتخصصة وهذه الاخيرة لديها تأثيرات بيئية خطيرة جدا.
وأوضح ان هذا النوع من النفايات لا يتحلل ولا يمكن دفنه في الأرض أو استخدامه في مجالات أخرى، مؤكدا خطورته الشديدة على البيئة، خصوصا الاطارات القديمة جدا التي اذا تركت مرمية لفترات طويلة فانها تنتج الى جانب الـ(co2) كميات كبيرة من مادة النيتروجين وغازات اخرى سامة بسبب تفاعلها مع الشمس والهواء والاجواء المحيطة، مما تجعلها خطرة جدا، خصوصا على كبار السن والاطفال، ومن الممكن ان تكون سببا في الاصابة بمرض السرطان.
مشكلة قديمة
من جهته، حذر الناشط البيئـي رئيس جماعة الخط الأخضر البيئية خالد الهاجري من ان عدم تجاوب مجلس الامة والحكومة مع القضايا البيئية بالشكل الصحيح سيؤدي الى مخاطر صحية واقتصادية تؤثر في مستقبل البلاد.
واضــــاف الهاجري ان غياب لجنة البيئة في مجــــلس الامــــة وعدم التصــــويت عليها لا يخلي الاعضاء من مسؤوليتهم تجاه البـــيئة الكويتية وصحة المجتمع، بل هم مطالبون بتفعيل الأدوات التشريعية والرقابية التي كفلها لهم الدستور في سبيل حماية المجتمع.
وأكد الهاجري ان عدم وجود خطة واضحة لدى الحكومة لإدارة النفايات المختلفة أدى الى خسارة الكويت لمساحات شاسعة من الأراضي بعد تحويلها الى أماكن لإلقاء النفايات فيها.
وذكر الهاجري ان مشكلة ملايين الاطارات المستعملة والملقاة في الصحراء مشكلة قديمة للغاية، وهناك العديد من المشاكل البيئية المشابهة لهذه المشكلة، وجميع المسؤولين يعلمون العلم المطلق بها الا انهم لا يبالون.
كما استغرب الهاجري غياب الجهات المختصة عن أداء دورها المفترض في هذه القضية.