سامح عبدالحفيظ
تواصلت ردود الفعل النيابية والسياسية على استجواب النواب د. وليد الطبطبائي ومحمد هايف وعبدالله البرغش لسمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد.
فبينما يرى نواب وقوى سياسية ان الاستجواب حق دستوري يجب الا يجزع منه أي شخص، يعارض آخرون هذا الرأي ويعتبرونه مخالفا للدستور ويجب ان يسحب.
العودة للدستور
النائب عبدالعزيز الشايجي شدد على ضرورة العودة الى الدستور لمعالجة تداعيات الاستجواب المقدم الى سمو رئيس مجلس الوزراء من قبل النواب وليد الطبطبائي ومحمد هايف وعبدالله البرغش.
وقال ان الدستور والحياة الديموقراطية امر لا خلاف عليهما من شرائح المجتمع الكويتي المختلفة، مهما تباينت مواقفهم واتجاهاتهم تجاه أي قضية مطروحة على الساحة السياسية.
وأعرب الشايجي عن ثقته بحكمة صاحب السمو الأمير وقدرته على إخراج الكويت من هذه الأزمة السياسية التي تعصف بها منذ فترة، مبينا ان صاحب السمو الأمير البلاد عرف بسعة صدره وحلمه وقدرته على اتخاذ القرارات الصعبة في أشد الأوقات وأحلكها.
وذكر ان الحديث عن تعطيل الدستور لا يوجد في قاموس أهل الكويت حكاما ومحكومين.
وأضاف: ان غياب الديموقراطية سيكون فرصة ذهبية لسراق المال العام والمفسدين الذين سيسعدهم غياب من يتابعهم ويراقبهم، وهو ما سيحدث في حال حل مجلس الأمة بشكل غير دستوري.
وأشار الشايجي قائلا: رغم السلبيات التي يعاني منها مجلس الأمة الحالي الا انه في المحصلة يقوم بدور ضروري ومحوري في خدمة الوطن والمواطنين، مشيرا الى ان استمرار العمل بالديموقراطية سيؤدي الى تحسنه بشكل تدريجي فالديموقراطية تصلح نفسها بنفسها ولا توجد أي ديموقراطية كاملة حتى في الدول العريقة في هذا المجال.
وتمنى الشايجي تعاون الحكومة والمجلس في معالجة القضايا التي تهم الشعب كالصحة والإسكان والتعليم والبطالة وغيرها، مشيرا الى ان تحقيق هذه المطالب لن يكون في ليلة وضحاها، بل يحتاج الى عمل دؤوب ومضن من قبل الطرفين الحكومة والمجلس.
وأكد ان هذه الأهداف تحتاج الى وقت طويل لتحقيقها، لذا فعلى الحكومة والمجلس التحلي بالصبر والمثابرة في سبيل الوصول الى هذه الأهداف، خصوصا بعد ان نخر الفساد في العديد من المؤسسات والجهات الحكومية.
إرادة الأمة
من جهته، بيّن النائب د.فيصل المسلم ان هناك رأيا مغلوطا نشر بخصوص موقفه من الاستجواب المقدم الى سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، مؤكدا: انني من مؤيدي الاستجواب كحق دستوري مطلق، وأؤيد هذا الاستجواب تحديدا.
وقال المسلم في تصريح للصحافيين: ان الخروج من هذا المأزق يستلزم خطوات منها امتثال رئيس الوزراء لإرادة الأمة والصعود الى المنصة، وهناك مؤشرات ايجابية تصب في هذا الاتجاه، ومنها ما نقله النائب علي الراشد عن رئيس الوزراء بشأن عدم وجود حل أو إعلان عدم التعاون، أو استقالة، بالإضافة الى حضور الحكومة ممثلة بوزيري التجارة والمالية جلسة مناقشة الحالة المالية للدولة تعتبر مؤشرا ايجابيا، كما ان استمرار الاوضاع على ما هي عليه يوحي بأن هناك قبولا للنصوص الدستورية.
ودعا المسلم الحكومة الى تقديم استقالتها، اذا لم يرغب رئيس الوزراء في صعود المنصة، وغير هذين الامرين، سيكون اللجوء الى ما يطرحه البعض في شأن الحل «شارحا» الحل غير الدستوري، غير موجود اطلاقا، وليس من حق احد، ونحن طالبنا بتجريم التحريض على الحل غير الدستوري، اما الحل الدستوري – فهو حق مطلق لصاحب السمو الامير، على ان يكون الحل مغايرا لما كان عليه الحل في المرات السابقة.
واشار المسلم الى اننا نعلق على الحل الدستوري من الجانب السياسي بانه ليس حلا، لاننا سنعود الى الصفر مجددا، وستتوقف التنمية، مطالبا بموقف جماعي ضد حل المجلس مرة تلو الأخرى واتهامه بتعطيل التنمية، والموقف يجب ان تتصدى له الكتل والقوى السياسية، وعلى رأسها المشاركون في الحكومة، اذ عليهم الانسحاب من الحكومة فور صدور قرار الحل، او تصبح مشاركة في قضية قبول فكرة الحل، واذا كانت بعض القوى المشاركة في الحكومة قبلت تبرير قضية مصروفات ديوان رئيس الوزراء من خلال احالتها الى لجنة خاضعة لمجلس الوزراء، فمن الصعب ان يكون الأمر نفسه بالنسبة لقرار الحل.
واضاف: اذا كان البعض قبل مرسوم سحب التجنيس رغم ان موقفنا من التجنيس موقف مبدئي فالمواطنة لا تمنح الا لصاحب الحق، ومع ذلك من الصعب بقاء القوة السياسية المشاركة في الحكومة في حال رفع كتاب عدم تعاون.
وافاد المسلم «بانني اثمن موقف الكتل السياسية في اعلانها الانسحاب من أية حكومة غير دستورية، ولكننا بموقف اكبر، ونحن معهم في هذا الاتجاه، اذ نطالبهم بمقاطعة الانتخابات المقبلة، حتى يتضح أين الخلل، مشيرا الى ان الحل اصبح لعبة شهور ويتم حل المجلس ونعود الي الصفر.
واضاف المسلم اننا نعيش مؤامرة تحاك لضرب المصالح العامة للدولة، لقد اشترى بعض الفاسدين بعض وسائل الاعلام من قنوات وصحف – برغم اعتزازنا بالاعلام الحر – لكن هناك من يتخذ تلك الوسائل الاعلامية ادوات لغسل عقول الناس وتكفيرهم بالنصوص الدستورية والمشاركة الشعبية وتشويه الرموز، رغبة في التهيئة للحل غير الدستوري أو تركيع وتخنيع مجلس الامة ومصادرة سلطاته كما تمت مصادرة سلطات مجلس الوزراء.
وقال ان هذه المؤامرة لا يمكن ان نواجهها بشكل فردي ويجب ان يقوم كل اعلام حر بدوره لمواجهة هذا المخطط الفاسد، فاليوم يتم تصوير مقدمي الاستجواب بانهم غير وطنيين ومثيري للفتن وادوات للغير، وقد يكون لي وجهات نظر في طريقة تقديم الاستجواب او بعض مضامينه لكن لا يمكن ان نقبل ان يتم وصفهم بهذه الاوصاف اطلاقا.
وبين المسلم ان مقدمي الاستجواب أشراف وقاموا بمسؤولياتهم واذا كان لدى اي احد دليل يثبت ما يتم ترويده حولهم فنحن اول من يقف ضدهم، اما اذا كان هناك تعسف لديهم فيمكن اثباته من قبل الطرف الآخر من خلال المنصة وبالتالي تقول الامة كلمتها.
واشار الى ان هناك قنوات مكشوفة تتكلم عن «اوساخ» داخل مجلس الامة وتستضيف نوابا للاسف يطالبون بالحل غير الدستوري ويعرضون اغاني تشوه الأخ الفاضل السيد ابن السيد وليد الطبطبائي.
واشار الى ان هناك كلاما يتردد في أن تلك القنوات مملوكة لرئيس مجلس الوزراء، متمنيا على المحمد ان يصدر بيانا رسميا بانه لا يرتبط بأي علاقة مع هذه القنوات.
واضاف المسلم: ووزير الاعلام «النايم» لا يطبق قانون المرئي والمسموع على هذه القنوات – التي سنسميها بعد يومين – خصوصا ان هناك معلومات بأن تلك القنوات لا تملك تراخيص لممارسة البث، على وزير الاعلام ان ينتبه الى استخدام الادوات الاعلامية لتشويه الحياة الديموقراطية وضرب الوحدة الوطنية، خصوصا اننا اقمنا الدنيا تجاه اعلانين تم نشرهما في «الاهرام» لتشويه المجلس.
وبين المسلم «ان ما يقال اليوم في بعض القنوات يعتبر اضعاف ما نشر في «الاهرام» يا وزير الاعلام «اصحى من نومك» فلن نقبل هذا الاعلام الهابط، وعلى الحكومة ان تثبت حياديتها من خلال ممارسة دورها في هذا الاتجاه.
وسئل عن امكانية قبول فكرة سحب الاستجواب من باب الوطنية والحفاظ على لحمة البلد فأجاب المسلم: غير مقبول اطلاقا ان تطرح قضية سحب الاستجواب أو ان يحل المجلس غير دستوري، وهذا الامر اول التنازلات ولا يملك احد ان يطرح مفاوضة على الحل غير الدستوري، وقضية سحب الاستجواب امر خاص بالمستجوبين ولا يمكن ان أقف موقف الحجر على الحق الدستوري او تقييد النصوص.
وبشأن قضية وسائل الاعلام، قال المسلم: يجب ان يقوم وزير الاعلام بدوره وان «يوبخه» رئيس الوزراء اذا لم يقم بدوره، خصوصا ان ما يتم تداوله سيؤدي الى اقناع الشعب الكويتي بشكل اكبر بان هناك مخططا يمارس من قبل الحكومة.
الدستور ضمانة للدولة
بدوره، اكد النائب د.محمد الهطلاني ان الترويج لحل مجلس الامة حلا غير دستوري انما هي محاولات لتقويض نظام الحكم وتفريغ الدستور من محتواه، مشيرا الى ان وجود مجلس الامة يعتبر ضمانة للدولة وصمام امان لها.
واوضح د.الهطلاني في تصريح صحافي ان الدستور قد نص في المادة السادسة منه على ان «نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بالدستور».
مبينا ان من غير المقبول ان تتعامل الحكومة مع اي استجواب يقدم لها بوتيرة الحل والتهديد بذلك، لأن مجلس الامة سيمارس كل صلاحياته الممنوحة له وفق الدستور.
وشدد على ضرورة الايمان الكامل بحق النواب في تقديم اي نوع من انواع المساءلة للحكومة وعدم مصادرة الحق المطلق لنواب المجلس في ممارسة صلاحياتهم الدستورية.
ورفض د.الهطلاني اي دعوات يرددها البعض تهدف الى إفراغ الدستور من محتواه والتي تخرج، بكل اسف، من نواب وسياسيين يدعون الى حل المجلس وتعليق الدستور، مشددا على اهمية المحافظة على المكتسبات الدستورية والشعبية مع ضرورة التعاون فيما بين السلطتين وصولا للإنجاز وتحقيق المصلحة العامة مع ضرورة معالجة الحكومة لكل اخطائها ومتابعة ملاحظات النواب على اداء الوزراء والعمل الحكومي بشكل عام.
جميع الخيارات مفتوحة
من جانبه، اكد النائب ناصر الدويلة ان سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد يحظى بدعم اغلبية نيابية لم يحظ بها اي رئيس وزراء سابق للبلاد منذ الاستقلال.
وقال الدويلة في تصريح للصحافيين ان عدم حضور 42 نائبا جلسة امس الاول ورسالة واضحة من النواب برفض الاستجواب وتأييد الشيخ ناصر المحمد في هذه الازمة، مبينا: نحن نقف مع مصلحة الكويت العليا وثقة صاحب السمو الامير برئيس الوزراء.
وتابع الدويلة «أقول للشعب الكويتي لن يكون هناك حل دستوري لأن الحل عادة ما يأتي لتعديل الاغلبية الحكومية في البرلمان والحكومة حاليا تملك هذه الاغلبية، مضيفا «اذا كان هناك ثمة من حل فجميع الخيارات مفتوحة وهي سيئة والموقف عصيب للغاية».
ورفض الدويلة التصعيد السياسي الذي يحصل خارج المجلس وإدارة الاشاعات من الخارج بهدف الغاء الحياة الديموقراطية، مشددا على اننا نضع ثقتنا في صاحب السمو الأمير الذي سيقرأ بشكل واضح الرسالة النيابية بعدم حضور جلسة أمس الاول.
أطراف فاسدة
من جانبه، كشف النائب أحمد المليفي أن هناك اطرافا فاسدة تسعى الى الاستهزاء بالدستور والمؤسسات الدستورية، مؤكدا ان هناك أموالا رصدت لهذا الغرض قدرت بـ 10 ملايين دينار لوأد الديموقراطية.
وقال المليفي في تصريح للصحافيين امس ان الاوضاع الراهنة حساسة وتحتاج الى صوت العقل والتمسك بالثوابت الوطنية، مشيرا الى ان هناك حديثا عن الخروج على الثوابت الوطنية وهو حديث فاسد ولا يجوز طرحه ولا يجوز التعامل معه بأي شكل من الأشكال لأنه يؤدي الى نقض الوعود والعهود.
وكشف عن ان هناك معلومة وصلتنا تفيد بأن هناك من وضع ميزانية معينة تصل الى 10 ملايين دينار لشراء بعض الافواه والاقلام المأجورة للحث على الاستهزاء بالدستور والمؤسسة الدستورية مطالبا الاعلام بفلترة ما يطرح في هذه الايام.
واضاف: على الإعلام تحمل مسؤولياته ونحن لسنا ضد الرأي والرأي الآخر ولكننا ضد اي استهزاء بالقيم الدستورية، مشيرا الى ان هذه مسؤولية يتحملها وزير الإعلام ويجب عليه التحرك بجدية لوقف اي طعن في الدستور.
وقال المليفي: نثق بحكمة وحنكة صاحب السمو الأمير ونعرف جيدا حرصه على الدستور والممارسة الديموقراطية ولكنه يتألم، مبينا أن النواب يمارسون ممارسة ديموقراطية وهي التي ستخرج البلد من أي احتقان سياسي كما كان في السابق.
واضاف: ان نصوص الدستور هي التي استطاعت ان تساعدنا على الخروج من الازمات متراحمين متحابين مبينا ان الازمات هي التي تقربنا من بعضنا البعض ونلتف حول شرعيتنا المتمثلة في الاسرة الحاكمة والدستور والبرلمان والديموقراطية وهذا هو المخرج الوحيد لأي أزمة ندخل فيها مهما كانت خطيرة، مشيرا الى ان الازمة الحالية هناك من يحاول أن يكبرها.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )