دارين العلي
أعرب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد عن تطلعه لإنشاء شبكة معلومات وقواعد بيانات بين الادارات ذات العلاقة بالتصدي للازمات والكوارث في الدفاع المدني والاجهزة الامنية والمؤسسات البحثية مع امكانية اتساع هذه الشبكة لتشمل المستوى الاقليمي في ظل تشابه التحديات التي تواجه منطقة الخليج العربي.
جاء ذلك في كلمة لسموه ألقاها بالنيابة عنه وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي نورية الصبيح التي مثلت سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد في افتتاح المؤتمر الاقليمي الاول للجيومعلوماتية الذي ينظمه معهد الكويت للابحاث العلمية بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي تحت شعار «ادارة الازمات ونظم الانذار المبكر» بحضور عدد من السفراء والمهتمين بالشأن المعلوماتي.
وقال سموه ان المؤتمر المذكور يضع مسألة ادارة الازمات على مائدة الحوار العلمي، بغية تعزيز الجهد الوطني في التعامل مع الازمات وفق نظم انذار مبكر يستند الى الانتاج الحديث للتقنيات المتخصصة والى نظم الجيومعلوماتية التي اصبحت من اهم ادوات توفير المعلومات لمتخذي القرار، خاصة في ادارة الازمات التي تحتاج الى المزج بين نظم دعم القرار ونظم الخبرة.
ولفت الى ان الكويت تدرك تمام الادراك الأهمية الفائقة لنظم وتكنولوجيا المعلومات في تحقيق التنمية الشاملة وفي معالجة مشكلات المجتمع وتطوير الاداء، ولذلك حرصت منذ سنوات على تأسيس الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات الذي يضطلع بعدة مهام في اطار تطبيق الحكومة الالكترونية وادارة المعرفة، واهتمت ايضا بتعزيز قدرات الادارة العامة للدفاع المدني بما يمكنها من رصد ومراقبة الاخطار البيئية الناتجة عن الحرب الكيميائية والبيولوجية، ووجهت اهتمامها الى تعزيز دور معهد الكويت للابحاث العلمية لتمكينه من الإسهام الجاد والفعال في حل المشكلات ومواجهة الازمات وفق منهج علمي مدروس، وباستخدام احدث منتجات العلم من تقنيات ونظم متقدمة، ولعل فيما اكتسبه المعهد من خبرة ودراية بمشكلات المجتمع وقطاعاته الوطنية ما يمكنه من النهوض بدوره في هذا الاتجاه.
إعداد برامج متقدمة
وتحدث سموه عن ضرورة الاهتمام بإعداد برامج متقدمة في عالمنا العربي للتعامل السليم والناجح مع الأزمات والكوارث والتنبؤ بها والتخفيف من آثارها في حال حدوثها، على ان تركز على التدريب العملي المستمر لصقل مهارات الكوادر البشرية وتنمية ادائها ورفع مستوى جاهزيتها، في الوقت الذي نعزز فيه التعاون الدولي لمواجهة الكوارث والحد من الكوارث الإنسانية وهو الامر الذي طالما اهتمت به الكويت وترجمته الى خطوات فاعلة بمشاركتها في عدد من الاتفاقيات المعنية بهذا الشأن.
بدوره قال مدير عام معهد الكويت للابحاث العلمية د.ناجي المطيري ان المؤتمر في تركيزه على العلاقة بين تقنية الجيومعلوماتية وادارة الأزمات انما يوجه الاهتمام الى ان ادارة الازمات ينبغي لها ان تتجاوز مسألة التعامل مع ازمة ما بهدف الحد من آثارها وتقليل مخاطرها الى التنبؤ بها باستخدام احدث التقنيات، ومن خلال قواعد بيانات حيوية تتيح لمتخذي القرار معلومات تسهم في منع وقوع الأزمة، ثم تسهيل التعامل معها في حال وقوعها، وهو ما يوفره بدرجة مميزة مجال الجيومعلوماتية والتقنيات المرتبطة به والتي أثبتت قدرتها ودورها في بناء نظم انذار مبكر فعالة.
واشار الى ان بناء نظم ادارة الازمات والانذار المبكر، لم يعد رفاهية تتحقق في دول اخرى، بل صار مطلبا ملحا تجب تلبيته قبل فوات الاوان، خاصة مع تفاقم الكوارث، سواء كانت طبيعية مثل «سونامي» و«نرجيس» و«جونو» أو ازمات من صنع الانظمة البشرية مثلما هي الحال في الازمة الاقتصادية العالمية الاخيرة أو الحروب او مسببات الانبعاث الحراري.
وهي ازمات تتجاوز محيط حدوثها الى التأثير في نطاقات عالمية شاسعة وهو ما يكبد العالم خسائر مالية وبشرية فادحة تجاوزت تقديراتها خلال عامي 2004 و2005 ما يزيد على 250 مليار دولار، كما انها طالت خلال هذين العامين فقط 160 دولة وأدت الى وفاة 350.000 انسان، وقد اشار تقرير التنمية البشرية لهذا العام الى تقديرات مخيفة للكوارث الطبيعية، مؤكدا انه يمكن كسب عوائد هائلة نتيجة تأسيس بنى تحتية لادارة الازمات والكوارث.
اما بالنسبة لمحيطنا الاقليمي فاشار المطيري الى ان الامر تتعاظم اهميته في ظل تزايد المخاطر التي تمر بها المنطقة ما يتطلب منح اهتمام اكبر بتأسيس نظم ادارة ازمات لا تحتاج الى مهارة متخذ القرار فقط، بل ايضا الى فكر مؤسسي قائم بذاته، يستند الى سلطة لاتخاذ القرار مقترنة بصلاحيات تنفيذية على كل المستويات الادارية والتشغيلية لكي نضمن سرعة القرار ونجاعته والاستعانة باحدث التقنيات، خاصة تلك التي تعتمد استخدام الحاسوب في تجميع ومعالجة وعرض وتحليل البيانات المرتبطة بمواقع جغرافية لاستنتاج معلومات ذات بعد جغرافي ولاسيما في الازمات التي تتعلق بانتشار الاوبئة والتلوث والتصحر والتربة والتسرب الاشعاعي وتلك المتعلقة بالنشاط الصناعي والاقتصاد والكوارث الطبيعية وغيرها.
وتقديرا لخطورة هذه التحديات المشتركة والمتداخلة دعا المطيري الى تكثيف الجهود لتحقيق الشراكة بين القطاعات الوطنية بعضها البعض من جهة، والمؤسسات المعنية في دول مجلس التعاون الخليجي من جهة اخرى وهو الأمر الذي سيحظى بنقاش واسع من النخبة المجتمعة في المؤتمر، مشيرا الى بعض الامور التي لابد من الاهتمام بها خلال المرحلة المقبلة ومنها: مراجعة الوضع الراهن للتعامل مع الازمات ودعم الابحاث التنموية المتعلقة بهذا الأمر، وتطوير اطار عام لخطة وطنية شاملة لاستخدامات تقنية المعلومات الجغرافية في ادارة الازمات على المستوى الوطني، وتطوير اساس اقليمي مشترك يختص بمناهج ادارة الازمات وتطوير استراتيجيات لتحقيق التكامل بين تقليل مخاطر الكوارث والتنمية الوطنية والنمو الاقتصادي.
شراكة حقيقية
أما رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر م.نادر معرفي فاعتبر ان التحدي الحالي لادارة الازمات والمخاطر يتمثل في تأسيس شراكة حقيقية بين كل القطاعات والتخصصات المتعددة بما فيها الهيئات العامة والعلميين والمهنيين بكل مستوياتهم لتعظيم مساهمة الجميع في دعم جهود ادارة الازمات والتنبؤ بها قبل حدوثها، وهو الامر الذي يعتمد بشكل كبير على عمل تخطيطي منظم يمتلك كل الخبرات والمقومات اللازمة بما فيها تقنيات فعالة اثبتت التجارب قدرتها الفائقة على توفير المعلومات الضرورية لمتخذ القرار حتى يمكنه التعامل مع الازمة والتقليل من آثارها السلبية.
محاور المؤتمر
وتحدث عن محاور المؤتمر التي تتوزع على ستة محاور، وهي: الاول يتعلق بمفهوم نظم الانذار المبكر والتطبيقات ذات العلاقة به، والثاني يدور حول الازمات الطبيعية والبشرية.
أما المحور الثالث فهو تكامل نظم المعلومات الجغرافية وبيانات الاقمار الاصطناعية لدعم متخذي القرار قبل واثناء الازمة وبعدها.
فيما يتناول المحوران الرابع والخامس الجيومعلوماتية والنمذجة، والخطط والسياسات الوطنية لادارة ازمة ما.
وقد رأت اللجنة التنظيمية ان تخصص المحور الاخير لمناقشة الاطار العام للخطة الوطنية لادارة الازمات من خلال جلسة نقاش يشارك بها عدد من المتحدثين الرئيسيين ذوي الخبرة في مجال تطوير الخطط الوطنية لادارة الازمات، ويرأس هذه الجلسة نائب رئيس جهاز الامن الوطني الشيخ ثامر العلي.