عبدالهادي العجمي
اكد د.شفيق الغبرا ان هناك مأزقا سياسيا كبيرا في الكويت، واشار الى ان خطة واسعة النطاق تتحمل مسؤوليتها اطراف عديدة، جاء ذلك خلال الندوة التي عقدت بديوانية «الرأي الوطني» تحت عنوان «الدستور وحقوق المواطنة» وقال د.الغبرا: هذا المأزق مستمر منذ سنوات طويلة تجد فيها الكثير من المواجهات والازمات والتصعيد وتكتشف ان الامور التي تتحول الى هذا التصعيد تشوبها كثير من الاشكالات ومن يقف وراءها يشوبه الكثير ايضا من الاشكالات لذلك نحن سائرون باتجاه مزيد من الازمات ولن تكون هذه آخر ازمة.
واضاف د.الغبرا: يبدو اننا لسنا متفقين على الدستور ولا على تفسيره ولا على تطبيقه ليس في اطار الحكومة فقط ولكن ايضا بالاطار الاخر فيه خلاف كثير اذا الديموقراطية الكويتية لم تنضج بعد رغم مرور هذا العمر الطويل عليها ولم تصل لمرحلة التسوية الحقيقية والاجماع الحقيقي لانه لا يوجد اجماع على الديموقراطية الكويتية بل للاسف لا يوجد اجماع على اي صيغة في اي بلد عربي، اكثر ديموقراطية متقدمة هي الديموقراطية الكويتية ومعها قرينتها اللبنانية لكن حتى الآن لا يوجد اجماع، واضاف د.الغبرا الاشكالية الديموقراطية في العالم الاسلامي وفي المنطقة العربية وحتى الآن لم نصل بعد للصيغة الاجتماعية والاقتصادية والدستورية المعنوية والقانونية التي تسمح لنا بأن نخلق حياة ديموقراطية مقبولة، وزاد: في واقع اي انتقال ديموقراطي في العالم هناك دائما معوقات كثيرة منها معوقات المصالح وهناك ايضا معوقات فئة متنفذة وفئات اخرى تحاول ان تفتح النظام السياسي لكي يكون لها دور ومشاركة حقيقية ومفتوحة، هناك فئات قبلية ودينية لكن في مجتمعنا وبالتحديد الاسلامي هناك كتل كبيرة تحمل فكرا اصوليا ومن خلال هذا الفكر الاصولي مفهومها للحرية وللديموقراطية يكون متناقضا تماما حتى مع المفهوم العالمي.
الديموقراطية صعبة
واشار د.الغبرا الى ان الديموقراطية صعبة اساسا لكن تأتي بفكر ديني ستزيد عليها صعوبة واصبحت بوضع لاسياسي ولاديني، مثال على ذلك بامكانك انك بحاجة الى شفافية في الادارة وفي الحكم وفي النظام السياسي لكن في نفس الوقت اما دين واما سياسة من جهة تريد تطوير التعليم لكن من جهة ثانية انت مصر على عدم الاختلاط، لكن اذا كان عدم الاختلاط لا يصب في التعليم ما الذي تريده انت تصر على موضوع رئيسي مثل اخراج السيد الفالي من الكويت بالطريقة التي تمت وبالاسلوب الذي تم تخلق في هذا اشكالية طائفية كبيرة وتخلق شعبية كبيرة لأفكار السيد الفالي ولم تؤد إلى النتيجة التي كنت تبحث عنها بالاساس وهو التقليل من تأثيره وأفكاره بل العكس رفعت من اسهمه وشعبيته وجعلت كل الناس تسأل ماذا يقول.
وأوضح ان هناك اشكالية كبيرة قائمة ان بعضنا في الديموقراطية الراهنة في تجربة الكويت يفسر الديموقراطية على اساس انها حق الاغلبية وهذا مرعب للاقلية لان اغلبيتنا في اغلب الحالات اقليات اما تحمل انت فكرة اقلية تريد ان تحترم على الاقل واما المرأة وإن كانت نصف المجتمع إلا انها تعيش شعورا بأنها اقلية نتيجة ممارسات كثيرة حول حقوقها وان كانت طوائف محددة فالشيعة اقلية والمسيحيون اقلية واذا كانت الديموقراطية بحكم الاغلبية فإذا نجد التجار أقليات والطبقة الوسطى اقليات والصيادين اقلية وقبيلة معينة اقلية وعندما تأتي الاغلبية تقرر نيابة عن الجميع كل المسائل، لهذا نجد ان هناك خوفا من ان تصل الامور الى التطور الديموقراطي الكويتي يصل بنا الى ان الحكومة تتكون من الاغلبية النيابية اصبحنا نخاف من هذه الاغلبية لانها قد تأخذ الموضوع بمعزل عن حقوق الاقلية والفردية والحريات والحق الدستوري.
دكتاتورية الأغلبية
وزاد الغبرا ان مفهوم الديموقراطية كما يدرج ويُصور أنك تتعامل مع سلطة تنفيذية كأنه أصبح عندك سلطتان تنفيذيتان واصبحت عندك دكتاتورية الاغلبية وهذا اخطر شيء في كل تاريخ العمل السياسي والديموقراطي في كل المجتمعات ان تقع تحت هذه الدكتاتورية.
هتلر جاء بالانتخابات وقال سأفرض ما أريد أن أفرضه وحدي وحكم بدكتاتورية الاغلبية.
ليس جديدا ان تأتي اغلبية وتصادر كل شيء فإذا اصبح لدينا خوف من ان الدستور الكويتي المراد الآن أن نأخذه باتجاه وأن يطبق فقط كديموقراطية انتخابية والديموقراطية ليست انتخابات يجب ان نطور فقط الجانب الانتخابي.
والجانب الانتخابي يعني ان هناك فريقا يريد ان يقتسم السلطة مع الحكومة وهناك فريق يريد ان يقتسم السلطة مع الاسرة الحاكمة بمعزل عن كل المكونات الاخرى في المجتمع والتي هي مكونة من مجموعة الأقليات لو جمعتها ستصبح اغلبية، المجتمعات اليوم تقوم على أقليات صغيرة تأتي باسم انك فزت بالانتخابات فتقول انا عندي الاغلبية، انا اريد ان يكون عندي نائب رئيس الوزراء من هذه الاغلبية وتشكل الحكومة من الاغلبية انا اضمن لك البرلمان وانت اعمل السيادة الحكومية فبالتالي يصبح الرئيس من اسرة آل صباح شكليا وفي الجوهر هناك اغلبية تسير الامور ولكنها لا تحترم حقوق الانسان ولا تحترم حقوق الطوائف والديانات الأخرى في الكويت 450 ألف مسيحي لا تحترم حقوقهم ولا تحترم حقوق المرأة ولا تحترم حقوق المجتمع في أن يقرأ ما يريد تفرض الرقابة على معرض الكتاب وتفرض الرقابة على المسرح وتفرض الرقابة على الابداع لا تحترم الطلبة ورغباتهم وحاجاتهم العلمية وتريد ان تستمر في هذا النظام الذي لا يؤدي إلى نتيجة في التعليم العالي ضاربا بعرض الحائط ان هناك قطاعا من المجتمع يريد تعليما مشتركا او تعليما مختلطا.
تأتي وتقول ان الدستور ان تقسم السلطة فريق بالانتخاب وفريق بالتعيين وهذا ليس بدستور وهذه عملية مصادرة للدستور وتزييف للديموقراطية ولمضمون الديموقراطية وتزييف لكيفية تطوير الديموقراطية في اي مجتمع واضاف اصلا الديموقراطية هي البنية التحتية للديموقراطية وهي بنية الحريات والتسامح والقبول بالآخر وبحوارمن ثقافة المساومة في مجلس الأمة وفي العلاقة مع السلطة التنفيذية لا أراها موجودة، هناك حاجة لتطوير الشق المعطل في الدستور الكويتي.
التفاعل الثقافي
وزاد د.الغبرا: أُكل الدستور في الحقوق ولن يغار ويهرع الناس للدفاع عن جوانب أخرى انتخابية فيها نمط من التسلط ونمط من الديكتاتورية في التصرف مع المجتمع إذا كانت القضايا الأهم والبينية الأساسية والتي يجب أن تسبق أي عمل ديموقراطي للحريات وثقافة المساومة.
تأتي حادثة السيد الفالي لتوضح هذه الاشكالية الآن وهناك حوادث عديدة سابقة حدثت، لكن الحادثة الأخيرة توضح أن الموضوع أخذ أبعادا لا علاقة لها بالحقوق.
كان بالإمكان دعوة السيد الفالي الى جامعة الكويت مع النواب للمناظرة ولتتضح وجهات النظر، فمن قال الطريق الى الله طريق واحد، ومن قال ان المسلمين ليسوا فئات مختلفة وفيهم مذاهب والمذاهب كلها تؤمن بالله وباليوم الآخر.
كيف يمكن لثقافتنا أن تتقبل كل هذا وتتفاعل مع كل هذا. لا ان نركض باتجاه الديموقراطية عندما نشعر بأن مصالحنا هددت ثم ننبذ الديموقراطية عندما نسعى الى تطبيقها بطريقة عرجاء.
نعم لدينا انتخابات وممثلون، ولكن هناك غيابا للكثير من العناصر الضرورية والاساسية التي تمثل البنية التحتية الرئيسية للديموقراطية واذا لم نطور هذه الابعاد فلن تتطور الديموقراطية الكويتية.
واضاف د.الغبرا: المسألة ليست سياسية فقط، بمعنى حاكم ومحكوم، بل المسألة أيضا اجتماعية ثقافية، واذا لم نعدل ونطور ولم نضع الامور في نصابها فستكون الديموقراطية الكويتية مهددة وفي كل الحالات الخاسر هو الكويت، لن نستطيع أن نأخذ قرارات وان نطور ونقوم بمشروع التنمية الاساسي، ولن نتمكن من اعادة صياغة ثقافة المجتمع بما ينسجم مع اوضاع ما بعد الازمة المالية الاخيرة وآفاق هذه الازمة على المدى البعيد، وهناك حاجات كبيرة تتعلق بالتعامل والتهيؤ لمرحلة ما بعد النفط، وقد تكون أقرب بكثير مما يعتقد الكثيرون.
الآن المشكلة تقاسم السلطة وليست الديموقراطية والخروج من هذه الازمة سيتطلب الكثير من التفكير والشجاعة والتطوير واعادة النظر والحراك الاجتماعي المهم في التعامل مع هذه الازمة.
من جانبه، قال امين عام التحالف الوطني الديموقراطي عبدالرحمن العنجري: ان الدستور في دول العالم المتحضر والمتطور ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وهو عقد سياسي نحن كمواطنين لنا حقوق وعلينا واجبات والحاكم والاسرة الحاكمة ممثلة بالمادة الرابعة لهم حقوق وعليهم واجبات، اذن نحن دولة دستورية فيها ثلاثة أركان النظام الدستوري الديموقراطي بالعالم، السلطة التشريعية ممثلة بالبرلمان، والسلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة والسلطة القضائية، وبناء على المادة 50 هما متعاونان، ولكنهما منفصلتان، واضاف: الوضع السياسي في الكويت وصل الى منحنى خطير جدا، أنا باعتقادي انه لا توجد أزمة اذا كان هناك نائب «هوّش» قال أنا سأستجوب ولم يقدم الاستجواب، وأنا أتكلم عن استجواب النائب الفاضل احمد المليفي الذي نوى وتحدث بالصحافة سأستجوب اختلت الحكومة ممثلة برئيسها وانتفضت وبدأت تستعمل مراسيم أميرية صادرة من أعلى السلطات في البلاد لأمور مساومات وابتزاز فقط من اجل ألا يستجوب رئيس مجلس الوزراء.
وزاد: رئيس مجلس الوزراء أتى بمرسوم أميري عن صاحب السمو الأمير بناء على أحكام الدستور هو الذي يقود السلطة التنفيذية يجب ان يكون ذا رؤية وذا مشروع وطني واقتصادي تنموي اصلاحي وتكون لديه برامج وفريق وزراء هو الذي يعينهم بناء على تكليف صاحب السمو الأمير ومن ثم يحاول ان يخلق أغلبية برلمانية داخل البلاد لأن الكتلة الوحيدة المتضامنة في المجلس هي الحكومة، فأما البرلمان فمجموعة نواب يمثلون تيارات لا يوجد تيار او حزب سياسي داخل مجلس الأمة لديه 15 او 20 نائبا يتفق مع الحكومة، لذلك رئيس مجلس الوزراء حاله حال اي وزير آخر هناك مادة أصيلة وسياسية بالدستور الكويتي منذ بدء العمل بأحكام الدستور يحق لعضو مجلس الأمة ان يستجوب رئيس مجلس الوزراء.
فرصة ذهبية
وأضاف العنجري: أعتقد ان هذه فرصة ذهبية سانحة لرئيس مجلس الوزراء بأن يصعد المنصة كالفارس ويفند محاور الاستجواب، ثم يطرح رؤيته وبرنامجه ويسوقه للبرلمان من خلال الصحافة والتلفزيون ومؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام، وبعد ذلك يحشد أغلبية من داخل البرلمان كي تنظم مع كتلته الـ 16 وتكون اغلبية برلمانية ويمرر مشاريع التنمية، هناك اغلبية ليست مطلقة بل ساحقة معه، وزاد العنجري: هذا الاستجواب استثنائي للمرة الاولى يتم تقديمه، فبالتالي سيحقق اهدافا عديدة ويكسر الحاجز النفسي ويقول لبعض النواب الذين يأتون باستجوابات ملغومة انني لست طوفة هبيطة ويحشد أغلبية من النواب ويكونون داعمين له لمشاريع القوانين هذا هو الاسلوب الراقي بالعمل السياسي، ليس هناك خط احمر، والخط الأحمر فقط الذات الأميرية، ونحن نقدرها.
معارضة دستورية
وقال العنجري: نحن معارضة دستورية ونستمد حقوقنا كمواطنين كويتيين من خلال الدستور، لكن للأسف هناك بعض النواب نسوا أنفسهم بأنهم يمثلون الأمة وبدأ يعتقد نفسه وكأنه وزير ونسي دوره كنائب كي يراقب ويشرع وأصبح يحاول ان يجد مخارج للسلطة التنفيذية لكي يتفادى هذا الاستجواب، نحن يجب ان ننظر الى الصورة البعيدة ولا ننظر الى الصورة القصيرة، نحن لسنا مع استجواب رئيس الوزراء، وهو استجواب سفيه وملغوم وركيك، ولكن هذا لا يمنع ان نصادر حقه واذا أقر البرلمان بالتصويت تأجيل الاستجواب لمدة سنة خلقت بيئة سيئة للابتزاز والصفقات والواسطات وبؤرة فساد رهيبة كان يفترض ان يقف رئيس الوزراء على المنصة وان يقفل هذا الباب، أنا ضد استجواب الطبطبائي ولا أثق في استجوابه وأعتقد ان استجوابه ملغوم، لكن من حق الطبطبائي ان يستجوب رئيس الوزراء، وأنا أتحدث عن المبدأ الدستوري وكل القوى السياسية ستقف مع رئيس الوزراء.