أسامة أبوالسعود
أجمع عدد من السياسيين والنقابيين على ان الكويت تعيش أزمة سياسية حقيقية، تظهر معالمها جلية وواضحة مع كل استجواب يقدم الى أحد الوزراء أو رئيس مجلس الوزراء.
وشددوا في تصريحات لـ «الأنباء» على ضرورة معالجة الأخطاء السياسية التراكمية في العلاقة بين السلطتين واعتبروا ان الحكومة أخطأت بانسحابها من جلسة مجلس الأمة أول من امس وكان على رئيسها الصعود على منصة الاستجواب لأنه حق دستوري كفله الدستور لنواب الأمة.
وأشادوا بحكمة صاحب السمو الأمير المعهودة في نزع فتيل الأزمات، وفيما يلي تفاصيل التصريحات:
في البداية قال استاذ العلوم السياسية وكبير مستشاري جمعية الصحافيين د.عايد المناع ما حدث هو ممارسة لحق دستوري وبالتالي علينا ان نقبل به كحق، أما كمادة استجواب فأعتقد انها لم تكن لتحظى بتأييد نسبة قليلة من النواب ولا اعتقد انها تتميز بأي شيء مما سبقها من استجوابات، إذ ليس فيها إلا المحور الأخير الذي كان جديدا.
وتابع قائلا: ولذلك ناشدت سمو رئيس الوزراء أن يصعد المنصة ويواجه الاستجواب ويفنده وكنت على يقين من ان لديه ما يكفي من المعلومات والقدرات التي تمكنه من دحض أو توضيح كل ما ورد في الاستجواب من امور تحدث عنها المستجوبون.
وعن انسحاب الحكومة أكد المناع ان الحكومة لم تكن موفقة في اتخاذ قرار الانسحاب، اذ انها لو استمرت في الجلسة ربما حصلت على التمديد المناسب الذي يتيح لها ان تتدبر امورها في التعامل مع الاستجواب.
واردف قائلا: لكن يبدو ان عدم حصول مرشح الحكومة لتولي منصب ديوان المحاسبة اعطى للحكومة مؤشرا انه ليس لديها اغلبية، وبالتالي خشيت من طرح تأجيل الاستجواب لأطول مدى، وهذا ما اضطرها لأن تنسحب.
واشار المناع الى ان عدم وجود الاغلبية البرلمانية المنظمة المضمونة هو ما حذرنا منه، مضيفا: لأن العلاقة بين الحكومة والمجلس في الكويت تقوم على اساس علاقات شخصية ومصلحية وليست على اساس علاقات تنظيمية وبرامجية، وهو امر لا يمكن الحكومة من ان تستند الى اغلبية دائمة او شبه دائمة، لكن يبقى القول ان الحديث الفصل الآن عند صاحب القرار وهو صاحب السمو الامير، وهو الذي سيقرر مصير الحكومة وربما في وقت لاحق سيقرر مصير المجلس.
واردف د.المناع: بالتأكيد فإن صاحب السمو الامير سيأخذ بعين الاعتبار مصلحة الكويت ومكانتها الاقليمية والدولية، فسموه احد المشاركين الرئيسيين في الحياة السياسية منذ ما قبل الاستقلال، وسموه خبير سياسي في شتى المجالات الكويتية والعربية، وحتما هو حريص تماما على الحياة السياسية والبرلمانية التي لسموه دور كبير في ارسائها وتعزيزها.
من جانبه، اكد استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.ابراهيم الهدبان ان انسحاب الحكومة اتى لانعدام القنوات الحوارية بين السلطتين، لافتا الى استمرار تلك الازمات السياسية بسبب ما وصفه ان كلا السلطتين لم تعد احداهما تحترم الاخرى ولا تثق بها ولا بوعودها.
وشدد د.الهدبان على انه لا يوجد عقلاء يريدون الجلوس مع بعضهم البعض لبحث مشكلات الكويت ووضع الحلول الناجعة لها.
وتابع قائلا: لا شك ان تدخل صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد هدأ الامور، لكنني اعتقد انها تهدئة مؤقتة لأن هناك تربصا واضحا من كل طرف بالآخر، وهناك اطرافا تؤجج الخلافات وهناك «طابور خامس» يؤجج المشهد السياسي الكويتي.
واردف د.الهدبان قائلا: فهناك مسجات (رسائل sms) ترسل بشتائم عن النواب وامور اخرى غير شريفة لا يعرف مصدرها ولا يعرف من يتلاعب بالشارع الكويتي، واعتبر ان ما قام به صاحب السمو الامير بحكمته هو نزع لفتيل حالي لكنه سيبقى امرا مؤقتا حتى علاج الخلل الواضح في العلاقة بين السلطتين.
رجل إصلاحي
ومن جانبه قال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الكويت خالد الغبيشان ان الطبقة العاملة كانت تنتظر بلهفة من الصبر افتتاح دور الانعقاد لتسير المشاريع العديدة المعطلة، مضيفا ولكن مع الأسف صدمنا من الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، والضرر علينا كطبقة عاملة.
وتابع الغبيشان قائلا: نطلب من الحكومة تنفيذ رغبة صاحب السمو الأمير بانجاز جميع المشاريع المعطلة وجعل الكويت دولة رأسمالية ومركزا ماليا واقتصاديا عالميا وتنفيذ جميع مشاريع البنية التحتية التي نسمع بها مع الأسف ولم نرها على ارض الواقع.
واشار الى ان هذه المشاريع ستعود بالنفع الكبير على المواطن الكويتي من خلق فرص العمل والاستقرار الاجتماعي لجميع الأسر الكويتية ومن يعيشون على ارض هذه البلاد ورفع عجلة الاقتصاد والتنمية.
وقال «كنا نأمل من الحكومة سرعة الانجاز والبت في هذه المشاريع وليس الانسحاب المفاجئ الذي لم يكن يتوقعه احد، وبالنسبة إلى مجلس الأمة اشار الغبيشان الى ان دور المجلس تحول الى دور تأزيمي ولم نكن نتمنى أن يصل لهذا الحد من المصالح الضيقة وتابع قائلا: نحن لا نطعن ابدا في الاخوة الأفاضل مقدمي استجواب رئيس الوزراء ونرى انه حق دستوري لهم لا غبار عليه، ولكن كنا نتمنى أن تكون المصلحة العليا فوق كل الاعتبارات في هذا الشأن، ونتمنى من السلطتين عدم التأجيج الطائفي وإثارة النعرات الطائفية.
وأكد ان رئيس مجلس الوزراء هو رجل إصلاحي ولم يأخذ فرصته الحقيقية لبناء هذا البلد داعيا الجميع لدعم سمو الشيخ ناصر المحمد لإعادة التنمية التي فقدناها خلال السنوات الماضية.
انحراف مرفوض
ومن ناحيته قال رئيس الاتحاد الوطني لعمال وموظفي الكويت م.خالد الطاحوس ان ازمة الاستجواب التي مرت بها البلاد لرئيس الوزراء حق دستوري مارسه ممثلو الأمة وذلك كما جاء في محاور الاستجواب ولكن هذا الحق قوبل بحالة من التأزيم لدى الحكومة ولدى بعض ممثلي الأمة، وقد حاول البعض وأد هذه الأداة الدستورية من خلال تفسير المادة 135 من الدستور وذلك من اجل حماية رئيس الوزراء.
وتابع الطاحوس قائلا: هذه الاجراءات والممارسات هي انحراف عن المسار الديموقراطي ووثيقة 1962 وهو امر مرفوض.
ولفت الى ان الحكومة دخلت جلسة الاستجواب امس الاول وكنا نتمنى ان تطلب التأجيل وفق اللائحة لمدة اسبوعين او يصعد رئيس الوزراء على المنصة مضيفا وفوجئنا بهروب وزراء الحكومة دون ادنى احترام او مسؤولية للبرلمان الكويتي.
وتابع قائلا، ما حدث اهانة لمجلس الأمة ولإرادة الشعب الكويتي، مؤكدا ان رفع الحكومة كتابا لسمو الأمير عن عدم التعاون وتذكر فيه أن هناك انحرافا في المسار النيابي، مشددا على انه من الصعوبة على مجلس الأمة التعاون مع هذا المجلس.
واضاف كيف يتعاون المجلس مع حكومة تقول ان المجلس منحرف واكد ان صاحب السمو الامير بحكمته المعهودة علق استقالة الحكومة وقال انه لا يوجد هناك حل دستوري او غير دستوري بحسبما نقل رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي عن سموه.
وتابع الطاحوس: نحن نشيد بحكمة سمو الامير في احتواء الأزمة رغم انها لاتزال قائمة والاستجواب لايزال على جدول الاعمال.
واردف قائلا: نتمنى كنقابيين التعجيل برحيل هذه الحكومة غير القادرة فعلا على إدارة شؤون البلاد ومواجهة مجلس الأمة واصبح لدى الشارع الكويتي قناعة تامة بفشل تلك الحكومة واضاف الطاحوس: نحن كاتحاد وطني لعمال وموظفي الكويت لا يمكن ان نتعامل مع هذه الحكومة المستقيلة.