مكة المكرمــة
ضاري المطيري
يحرم اليوم معظم الحجاج الكويتيين الذي قدموا مكة المكرمة لتأدية الحج والذين اختاروا نسك التمتع إيذانا ببدء أيام الحج، حيث يعتبر يوم التروية هو أولها، ويلبس الحاج إحرامه ويلبي بالحج بقوله «لبيك اللهم بحج» قبل زوال الشمس أي قبل أذان الظهر، ويلتزم من حينها بترداد التلبية «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» ولا يقطع التلبية حتى يرمي الجمرة الكبرى «جمرة العقبة» يوم النحر أي يوم العيد، لذلك قامت «الأنباء» باستطلاع الآراء الشرعية حول حكم المبيت بمنى اليوم الثامن من ذي الحجة، خاصة أن هناك مخاطر من المبيت في ذلك اليوم والتأخر في دخول عرفة من اليوم التالي، أو عدم القدرة على الدخول أصلا مما يخل بأعظم أركان الحج، وفيما يلي آراء لبعض دعاة وعلماء الكويت المتواجدين حاليا في البقاع المقدسة حول هذا القضية، التي أكدوا فيها أولوية دخول عرفة ولو كان بترك المبيت بمنى، موضحين أهمية ترك السنة المستحبة من أجل تحقيق الواجب والركن.
فقد قال رئيس اللجنة العلمية في جمعية إحياء التراث الإسلامي الداعية محمد الحمود النجدي ان يوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة، وسمي بذلك لأن الناس سابقا كانوا يتروون الماء فيه لأن منى وعرفة ومزدلفة في ذلك الوقت لم يكن بها ماء، حيث كانوا يتأهبون لها بحمل الماء معهم في القرب ونحوها من الآنية، والسنة في هذا اليوم للحاج أن يحرم فيه قبل الزوال أي قبل آذان الظهر من مكانه الذي هو نازل فيه سواء كان بالعزيزية أو غيرها، والنبي ( صلى الله عليه وسلم ) نزل بعد عمرته إلى الأبطح وأحرم منه، وكذلك فعل الصحابة رضوان الله عليهم.
ولا يشترط أن يحرم من جوار الكعبة أو المسجد الحرام، بل من مكانه الذي يقطنه، ثم يسير إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويبيت بها حتى يصلي الفجر، وذلك قصرا من غير جمع لأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لم يجمع بها وإنما جمع بعرفة ومزدلفة، فإذا طلعت الشمس سار من منى إلى عرفة.
وأكد أن البيات بمنى يوم الثامن ليلة التاسع من ذي الحجة «التروية» سنة عند العلماء وليس بواجب، فلو أحرم الحاج وسار إلى عرفة مباشرة فلا شيء عليه، لكن إذا خاف بدخوله منى يوم الثامن التأخر عن عرفة اليوم التالي فذهابه إلى عرفة أولى، فالوقوف بعرفة ركن الحج الأكبر الذي يفوت الحج بفواته، فينبغي الاحتياط له والاستعداد حتى يدرك الحج تاما من غير نقص.
وبدوره بين الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الداعية محمد ضاوي العصيمي أن أداء الإنسان الحج على الصفة التي توافق ما جاء به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) هو الأكمل، إلا أنه قد يتعذر على المرء في الأزمان المتأخرة الإتيان بكثير من السنن والمستحبات، فليس من المتيسر الإتيان ببعض منها نظرا لكثرة الزحام وما يترتب على ذلك من تغير حركة المرور وإلزام الحملات بما يشق عليهم في كثير من الأحيان كأن يسيروا على حسب ما تهيؤا له وأعدوا للعمل به، ومن ذلك توجه الحملات إلى عرفه ليلة عرفة وهو الوقت الذي يستحب للحاج أن يبيت فيه بمنى تلك الليلة.
وأضاف العصيمي أنه نظرا لما يستجد من أمور ليس بالإمكان تغييرها فحينئذ للحجاج وأصحاب الحملات أن يأخذوا بالأيسر والأسهل في حقهم ما لم يقعوا في محذور، مبينا أنه لا محذور هنا، إذ ان الحاج يجوز له أن يترك الواجب كالمبيت بمنى ليالي التشريق لوجود العذر والمشقة، فمن باب أولى أن يجوز في حقه ترك السنة كالمبيت بمنى ليلة عرفة، وتابع قائلا ان المبيت بمنى ليلة عرفة مستحب باتفاق العلماء كما نقل ذلك ابن عبد البر وشيخ الإسلام وابن قدامة وجاء عن عائشة أنها تخلفت حتى ذهب ثلث الليل وكذا عن ابن الزبير.
من جهة أخرى بين الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فيحان سرور الجرمان أن المبيت بمنى يوم التروية ليلة عرفة سنة، مؤكدا أنه لا حرج على من ترك المبيت فيه، في مقابل ذلك أوصى الجرمان بالاجتهاد في تطبيق السنن قدر المستطاع دون أي إخلال بما هو أوجب، حيث قال إن الأولى التمسك بالسنة والسنة المبيت ليلة التاسع في منى.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )