أسامة دياب
عندما قررت الحكومة دعمها للأعلاف استبشر الناس خيرا، حيث ستكون النتيجة الطبيعية أن تقل أسعار اللحوم المذبوحة والأضاحي، لكن يبدو أن الرياح غالبا ما تأتي على عكس ما تشتهي السفن ودوما يكون الخاسر الوحيد هو المواطن الذي يتحمل غلاء الأسعار وضعف الرقابة على السوق وجشع التجار.
«أسعار الأضاحي نار» هذا ما أجمع عليه رواد سوق الأغنام، فالأسعار أغلى من العام الماضي بكثير، المعروض من الأغنام لا يرضي رغبات المواطنين ولا المقيمين، حيث افتقد السوق التنوع وأغلب خراف الأضاحي المعقولة من حيث السعر، حجمها صغير جدا ولا تتوافر فيها شروط الأضحية، والسوق يفتقد الكثير من الضوابط التي تحمي المواطن والمقيم من ظاهرة الغش التجاري، حيث يلجأ الباعة إلى استغلال جهل الناس وبيع الخراف الإيرانية على أنها سعودية أو سورية.
بينما يجمع التجار على أن ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية طالت جميع السلع في السوق الكويتي والخليجي والأغنام أحد هذه السلع، فلماذا كل هذه الضجة على ارتفاع أسعار الأغنام؟ وهل ثبت سعر سلعة واحدة من العام الماضي إلى الآن؟ بالإضافة إلى ان وقف استيراد الأغنام من بعض الدول وارتفاع الأسعار في بلد المنشأ اثر سلبا على الأسعار وليس من المعقول أو المنطقي أن نبيع بخسارة، وبالتالي نعود لنقطة البداية وهي أن الضحية هو المستهلك، وكرر التجار شكواهم من ضعف المرافق داخل سوق الأغنام وغياب الدور الأمني داخل السوق مما يضطرهم لاستئجار عمال للحراسة.
«الأنباء» نزلت إلى السوق وتابعت الحركية الشرائية فيه ورصدت ردود أفعال المستهلكين والتجار فإلى التفاصيل:
في البداية تحدث نايف عبدالله فهد قائلا ان الأسعار مرتفعة بصورة مغالى فيها بالمقارنة مع العام الماضي، حيث وصل سعر الخروف المهجن إلى 45 دينارا والخروف السعودي والسوري وصل من 80 إلى 95 دينارا.
وأشار فهد إلى أن هذا الغلاء مفتعل لأن أغلى رأس من الأغنام في الأسواق المجاورة مثل العراق لا يتجاوز ثمنها الـ 25 دينارا.
وأشار إلى وجود أكثر من عامل ساهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار أهمها أن السوق بلا رقابة ولا يوجد أي مكتب لحماية المستهلك فيه، وهذا ما يعد بمنزلة ضوء أخضر للتجار للتلاعب بالمستهلك، خصوصا في فترة الموسم، بالإضافة إلى اعتدال الجو وميله للبرودة ولذلك فلا يخشى التجار على نفوق الحيوانات مثلما يحدث في الأجواء الحارة.
وحث الحكومة على اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية المواطنين والمقيمين من ظاهرة غلاء السعار والتي أصبحت هاجسا يؤرق الجميع خصوصا في السلع الهامة المرتبطة بإحياء الشعائر مثل الأضاحي.
قلة المعروض
من جهته، أكد طلال اللحدان أن المواطن الكويتي استبشر خيرا عندما قررت الحكومة دعم الأعلاف ولكن على عكس توقعات الجميع ارتفعت أسعار الأضاحي عن العام الماضي بشكل كبير.
وعزا اللحدان ارتفاع الأسعار إلى قلة المعروض في السوق من أغنام وزيادة الطلب نظرا لأهمية هذه المناسبة وارتباطها بشعيرة مهمة في ديننا الحنيف.
ولفت إلى أن ارتفاع الأسعار العالمية على مختلف الأصعدة هو ظاهرة عالمية يزيد من حدتها جشع التجار وغياب الرقابة على الأسواق.
وأضاف أن المواطن الكويتي يفضل الخروف النعيمي السوري والخروف السعودي وخصوصا الذي تربى في مراعي الكويت والذي وصل سعره من 85 إلى 100 دينار. وتوقع أن تنخفض الأسعار بصورة ملحوظة في ثاني وثالث أيام العيد.
أبشع صور الاستغلال
وبدورها أكدت أم محمد أنها لا تجد مبررا منطقيا لغلاء الأسعار المبالغ فيه والذي يجسد أبشع صور الاستغلال التي تنعكس سلبا على ميزانية الأسرة الكويتية.
وأضافت أن سعر الخروف الأسترالي ارتفع ليصل إلى 35 دينارا والمهجن إلى 45 دينارا بينما حلقت أسعار الخراف العربية عاليا لتبدأ من 80 إلى ما يقارب الـ 100 دينار وأغلبها من الخراف الصغيرة الحجم والتي لا تستحق ثمنها.
وعبرت عن أسفها لأوضاع السوق وافتقاره إلى أدنى أساليب الرقابة مما يوقع المواطن والمقيم فريسة لاستغلال التجار وجشعهم والغش التجاري.
أما عبدالعزيز الخليفة فأكد أن الأسعار غالية جدا بسبب احتكار المستوردين للسوق وقلة المعروض هذه الأيام، بينما يزداد المعروض بصورة كبيرة في يوم وقفة عيد الأضحى.
وأوضح الخليفة أن هناك أربعة مصادر للأغنام داخل السوق السوري ـ الإيراني، المهجن والمحلي ولم يفتح المجال هذا العام للخروف التركي نظرا لأنه يأتي عن طريق العراق برا والوسائل الأخرى للنقل مرتفعة السعر على التاجر.
وأشار إلى أن سلبيات السوق لا تعد ولا تحصى بسبب استغلال العمالة الآسيوية لجهل الناس وتبيع لهم الخراف المهجنة الدرجة الأولى للناس على أنها نعيمي سوري والإيراني يباع على أنه سعودي أو نعيمي، وهذا بسبب انعدام الرقابة على السوق، وحماية المستهلك تركت المواطن فريسة للغش التجاري.
دعم الدولة
وأشار الخليفة إلى أن ظاهرة الغش التجاري تتجلى في أن هناك من يبيع أغناما صغيرة لم تكمل الـ 6 أشهر للناس على أنها أغنام أضحية وهذا ما يعد مخالفة كبيرة للشريعة الإسلامية.
وأوضح أن المستورد يجب أن يحظى بدعم الدولة لتنخفض الأسعار فالعلف المدعوم بدينارين في شركة المطاحن وغير المدعوم يباع في السوق السوداء بدينارين إلى ثلاثة دنانير، اضافة إلى ارتفاع أسعار الاتبان من إيران حيث وصل الطن إلى 160 دينارا بينما كان سعره في السابق 60 دينارا.
أما أبوسلطان فبدأ كلامه غاضبا «الأسعار نار ونصب في نصب والغش عيني عينك ولا أحد يحمي المواطن من الغش حيث يقوم الباعة بخلط الأغنام حتى يزيدوا من أرباحهم».
وتساءل: هل من المعقول أن يصــل ســـعر الــخروف العربي لـ 95 دينارا والمهجن إلى 45 دينارا والأسترالي 32 دينارا؟
أما أبو فؤاد فأكد أنه يجب علينا الاعتراف بأن المواطن أصبح الخاسر الأكبر نظرا لوقوعه فريسة لجشع التجار وغش وتلاعب الباعة واستغلالهم لجهل الناس وعدم معرفتهم بأنواع الخراف.
حماية المستهلك
وأضاف أنه يجب أن تتدخل الدولة لحماية المستهلك من براثن التجار والباعة، وذلك عن طريق تشديد الرقابة على السوق ومحاربة ظاهرة الغش التجاري ومعاقبة المخالفين بعقوبات رادعة.
أما سعود غنام العنزي فأكد أن أسعار الأضاحي «مولعة نار» لدرجة جعلت أسعار الخروف العربي تقفز إلى 100 و110 دنانير وذلك بسبب إيقاف الاستيراد من سورية والسعودية والسماح فقط بمصدرين الأسترالي والإيراني.
سألته عن الخراف السورية المعروضة في السوق قال هذا الكلام نصب في نصب وغش للناس وذلك لأن السوق غير مراقب.
وعن سبل تقليل الأسعار أفاد بأن السوق يحتاج إلى مضاعفة الجهود وزيادة عدد المعروض وفتح الاستيراد حتى تكون هناك حالة من التنوع تسمح بالمنافسة وتقليل الأسعار.
أما خلف العنزي فأكد أن المواطن مضطر لشراء الأضحية لأنها مرتبطة بشعيرة مميزة لدى المسلمين في كل بقاع الأرض، ولكن للأسف هناك من يستغل حاجة الناس وخاصة في المواسم ويضيف لأوجاعهم أوجاعا ويكلف الأسرة أعباء كثيرة تثقل ميزانيتها.
وأضاف العنزي أن أسعار الأغنام ارتفعت بصورة كبيرة جدا مقارنة بالعام الماضي لدرجة أن الخروف العربي تخطى حاجز الـ 100 دينار.
ودعا إلى تشديد الرقابة على السوق لحماية الناس من جشع التجار.
ظاهرة عالمية
وبدورهم اجمع عدد من التجار على أن ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية يعاني منها العالم بأثره وليست ظاهرة محلية مقصورة على السوق الكويتي أو الخليجي فقط، اضافة إلى أن ارتفاع الأسعار يطال كل السلع في السوق الكويتي والخليجي والأغنام إحدى هذه السلع، واستغربوا الضجة المثارة حول ارتفاع أسعار الأغنام وتساءلوا: هل ثبت سعر سلعة واحدة فقط مهما كانت في السوق من العام الماضي إلى الآن؟
وعزا التجار ارتفاع الأسعار إلى وقف استيراد الأغنام من بعض الدول وارتفاع الأسعار في بلد المنشأ وتكلفة رعاية الأغنام لفترات قد تصل إلى 3 أشهر كلها عوامل تؤثر سلبا على الأسعار وفي الوقت نفسه ليس من المعقول أو المنطقي أن يبيع التجار بخسارة حتى يرضى الناس وبالتالي يتحمل المستهلك فرق السعر.
وكرر التجار شكواهم من ضعف المرافق داخل سوق الأغنام وغياب الدور الأمني داخل السوق مما يضطرهم لاستئجار عمال للحراسة، واشاروا إلى أن الأسعار ستشهد هبوطا كبيرا اعتبارا من أول أيام العيد.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )