محمد هلال الخالدي
قدم د. صالح الراشد محاضرة قيمة حول «آلية الانتخابات الأميركية» ضمن أنشطة منتدى الفكر في ديوانية مسجد الإمام الحسن مساء أمس الأول حيث بدأ عريف الندوة محمد بوشهري بإعطاء لمحة عن أهمية المحاضرة والتعريف بالمحاضر.
وتناول د. الراشد تاريخ الانتخابات الأميركية بطريقة غير تقليدية حيث قام باستخدام السبورة والحوار مع الحضور وليس السرد، كما يجري عادة في الندوات الثقافية، وبدأ مع بعض المعلومات التي قد يجهلها الكثيرون حول آلية الانتخابات في الولايات المتحدة ومنها ما يتعلق بفترة بقاء الرئيس الأميركي في منصبه من الناحية الدستورية موضحا أن كثيرا من الناس يعتقدون بأن أقصى مدة يمكن للرئيس أن يبقى بها في منصبه هي 8 سنوات (فترتين رئاسيتين) وهذا خطأ شائع لأن الصحيح دستوريا هو 10 سنوات، وذلك في حال غياب الرئيس المنتخب بسبب الوفاة مثلا بعد عامين من شغله لمنصب الرئيس، فهذا يعني أن يخلفه نائب الرئيس تلقائيا لمدة عامين، فإذا ترشح نائب الرئيس بعد ذلك للرئاسة وحقق الفوز في فترتين كل منها 4 سنوات فإنه سيتمكن من شغل منصب الرئاسة لمدة 10 سنوات في هذه الحالة وهي موجودة ومنصوص عليها في الدستور في التعديل رقم 22.
وأضاف د. الراشد بأنه في حال غياب الرئيس بالوفاة قبل اكتمال عامين كاملين من فترة رئاسته فإن نائبه سيخلفه تلقائيا ولكنه حينها لن يحق له الترشح إلا لفترة رئاسية واحدة إذ ستحتسب له فترة الرئاسة كاملة في هذه الحالة.
كما تطرق د. صالح الراشد إلى قضية أخرى تتعلق بترتيب الرؤساء في أميركا قائلا: اننا نعرف الآن أن الرئيس المنتخب باراك أوباما ترتيبه 44، ولكن هل يعني هذا أن قبله 43 رئيسا؟ الجواب بالنفي وذلك لأن الرئيس رقم 22 وهو جروفر كليفلاند هو نفسه الرئيس رقم 24 وهي حالة فريدة فاز فيها الرئيس في فترتين رئاسيتين منفصلتين، وبالتالي يصبح عدد الرؤساء الفعلي 42 رئيسا من حيث الشخصيات وليس 43.
كما تحدث عن نشأة الأحزاب السياسية وعددها في الولايات المتحدة حيث بدأت مع الحزب الفيدرالي الذي فاز منه الرئيس جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة، تلاه الرئيس جون آدامز من نفس الحزب ثم اختفى هذا الحزب بعد صعود الرئيس الثالث توماس جيفرسون عن الحزب الجمهوري الديموقراطي، واستمرت سيطرة هذا الحزب إلى الرئيس السادس إذ وصل الرئيس أندرو جاكسون كأول رئيس ممثل عن الحزب الديموقراطي، تلاه الرئيس الثامن مارتن بيورين من نفس الحزب ثم الرئيس التاسع وليام هاريسون من حزب الأحرار، ولم يدخل الحزب الجمهوري في المنافسة إلا مع الرئيس السادس عشر ابراهام لينكولن وهو أول رئيس جمهوري وهو الذي وقع على وثيقة تحرير العبيد.
وأوضح د. الراشد أن الأحزاب المعروفة في الولايات المتحدة كانت أربعة أحزاب هي الفيدرالي، حزب الوغ، الديموقراطي الجمهوري، الأحرار، الاتحاد، الحزب الديموقراطي، والحزب الجمهوري، وأضاف بأن هذه الأحزاب اختفت ولم يبق سوى الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري فعليا وذلك بسبب زيادة تكلفة الحملات الانتخابية التي لم يعد بإمكان الأحزاب الصغيرة مجاراتها.
وأشار إلى أن الرئيس روزفلت هو الوحيد الذي فاز بمنصب الرئاسة 4 فترات رئاسية حيث ترشح قبل التعديل الدستوري الذي حددها بعد ذلك بفترتين.
وواصل د. صالح الراشد حديثه الشيق عن الانتخابات الأميركية وتاريخ الرؤساء فيها حيث أوضح بأن الجمهوريين وصلوا للحكم 18 مرة، في مقابل الديموقراطيين 15 مرة، وقال بأن من الشائع عند الكثيرين اليوم أن الحزب الجمهوري يميل إلى الحروب في مقابل اهتمام الديموقراطيين بالاقتصاد، ولكن في الحقيقة عدد الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة خلال حكم الديموقراطيين أكثر بكثير من عدد الحروب التي خاضتها خلال وجود الجمهوريين، بل وأشد الحروب فتكا مثل الحرب العالمية الثانية وإلقاء القنبلة النووية على اليابان حدثت خلال وجود الديموقراطيين، فالرئيس هاري ترومان الديموقراطي هو أول رئيس يستخدم القنبلة النووية وأول من اعترف بإسرائيل كدولة.
بعد ذلك تطرق د. صالح الراشد إلى آلية عمل الانتخابات موضحا في البداية تم تقسيم الكونغرس الأميركي وعدد النواب فيه وسر الرقم 270، فقال بأن الكونغرس يتكون من مجلسين هما مجلس الشيوخ ويتكون من 100 عضو (عضوان من كل ولاية بغض النظر عن مساحة أو تعداد السكان في الولاية)، ومجلس النواب ويتكون من 435 نائبا (وهنا يتحدد عدد النواب الممثلين للولايات بحسب مساحتها وتعداد السكان فيها)، وأوضح أن انتخاب الرئيس الأميركي يتم على مراحل تبدأ من ترشيح الحزب لممثليه الذين يتنافسون في الولايات المختلفة، وقال بأن من يحصل على العدد الأكبر في الولاية من المرشحين يحصل تلقائيا على جميع الأصوات بعد ذلك بما فيها أصوات منافسه، ثم تتحدد المنافسة بين الفائزين من الحزبين (الجمهوري والديموقراطي) وهنا تبدأ مرحلة جديدة.
وأشار إلى دور «المجمع الانتخابي» الذي يحاكي الكونغرس في عدده ويتكون من 535 عضوا (مجموع عدد النواب في مجلسي النواب والشيوخ 435 + 100) إضافة إلى 3 أصوات من العاصمة واشنطن التي هي ليست ولاية ولكن خصص لها 3 أصوات لاعتبارات مختلفة، فيصبح مجموع أعضاء المجمع الانتخابي 538 صوتا نصفها 269 صوتا وبالتالي من يحصل على 270 صوتا يعلن فوزه حتى قبل انتهاء عملية فرز الأصوات ولذلك يسمى بالرقم السحري.