شريف عبدالمنعم
أعاد حادث الاعتداء على سيارة الديبلوماسي الكويتي في لبنان مؤخرا الى الأضواء الاعتداءات التي يتعرض لها ديبلوماسيونا في الخارج واعضاء سفاراتنا المنتشرة في أصقاع العالم.
وتنوعت واختلفت الاعتداءات بين التهديدات اللفظية وصولا الى الاعتداءات على الممتلكات والأرواح وغيرها من الحوادث التي قد يكون من اهدافها إيصال رسالة الى الدولة التي يتبع لها الطاقم الديبلوماسي، ولكن لا يعني هذا الأمر انه يكون رسالة مباشرة من الدولة التي تحتضن السفارة.
الديبلوماسية هي فن التواصل بين الدول عن طريق طاقم محترف يمنح هذا الطاقم نوعا من الحصانة القانونية المتبعة بين الحكومات تضمن عدم ملاحقة ومحاكمة الديبلوماسيين تحت طائلة القانون وتم الاتفاق على هذه الحصانة في مؤتمر ڤيينا للعلاقات الديبلوماسية عام 1961.
ومن أهم بنود هذه الاتفاقية هو ان البعثات الديبلوماسية محمية بموجب القانون الدولي وبموجب الاتفاقية، ما يعني انه لا يجوز لرجال الشرطة أو السلطة العامة بأي شكل من الأشكال التعرض لهذه البعثة او احد افرادها او اقتحام مقارها او «السماح لأي شخص مهما كان ان يقوم بذلك وفي الظروف الاعتيادية فإن الدولة التي تستضيف هذه البعثات مطالبة ـ بل ملزمة ـ بتوفير الحماية «الاعتيادية» لمقار هذه البعثات، اما في الظروف الاستثنائية وعندما تكون السفارة مهددة من قبل الأشخاص العاديين فإن على الدول التزاما اضافيا واستثنائيا لحماية السفارة.
كما ان مبادئ القانون الدولي تحمل الدولة - التي وقع فيها الاعتداء على سفارة الدولة الاخرى - المسؤوليات باعتبار الاعتداء فعلا غير مشروع وعلى الرغم من ان السياسة الخارجية الكويتية تعتبر نموذجا مميزا بين بلدان العالم من حيث توازنها وموضوعيتها وانفتاحها على المجتمعات الأخرى والحرص على اقامة علاقات تعاون وتفاهم وتواصل في شتى المجالات وتكوين علاقات طيبة مع الجيران والدول الصديقة، إلا ان ذلك لم يحل دون تعرض بعض سفاراتنا وديبلوماسيينا الى بعض من التهديدات، وأحيانا قد تصل الى اعتداءات مثلما حدث مع السكرتير الثالث في سفارتنا في ايران محمد الزعبي، مثلها في ذلك مثل بعض دول العالم، وعلى الرغم من الحصانة القانونية للديبلوماسيين والتي سبق ان ذكرناها إلا اننا نلاحظ من حين إلى آخر تعرض السفارات وبعض الديبلوماسيين الى تهديدات او اعتداءات قد تودي بحياتهم في بعض الأوقات كاغتيال الديبلوماسي الكويتي نجيب السيد هاشم الرفاعي في مدريد بتاريخ 26/9/1982 ومحاولة اغتيال الديبلوماسي الكويتي في كراتشي حمد الجطيلي في نفس العام، ومثلما حدث للقنصل الايراني محمد علي رحيمي الذي قتل عام 1997 في هجوم شنه متطرفون على المركز الثقافي الايراني في باكستان، والسفير المصري في العراق ايهاب الشريف الذي تم خطفه ثم قتله بعد ذلك.
«الأنباء» تسترجع بعض هذه التهديدات والاعتداءات التي تعرضت لها بعثاتنا الديبلوماسية في الخارج.
سفارتنا في لبنان.. تهديدات واعتداءات
تعرضت سفارتنا في لبنان لعدد من التهديدات والاعتداءات فحدث اعتداء على السفارة الكويتية في بيروت في 26 يونيو عام 1981، اقتصرت اضراره على الخسائر المادية.
وحادث آخر في نوفمبر 1984 من دون اصابات في الارواح وفي يوليو 1985 تعرض ديبلوماسي كويتي للخطف وفي مارس 1993 هز انفجار حديقة السفارة الكويتية في بيروت في الساعة العاشرة مساء واسفر عن إلحاق اضرار بالسفارة ولم تقع اي اصابات بين اعضاء السفارة او العاملين بها من جراء هذا الانفجار.
ووقع الانفجار عندما قام مجهولون بإلقاء اصابع ديناميت على مدخل السفارة تسببت في حدوث فجوة صغيرة في احد الجدران الداخلية للسفارة.
تهديدات بالجملة
شهدت السفارة الكويتية في بيروت تهديدات بالجملة، ففي عام 2003 فوجئ حرس السفارة الكويتية في بيروت بشخص يتسلل من تحت الشريط الفاصل بين الباحة الشرقية لمبنى السفارة، والارض المجاورة، نحو الساعة الثالثة والنصف ويتقدم باتجاه مبنى السفارة، وهو يلوح بيديه كمن ينوي إلقاء شيء ما والقي القبض على الشاب ولم يعثر معه على اي اوراق هوية تدل على شخصيته وفي نفس العام ايضا تعرض مبنى السفارة للرشق بالحجارة اكثر من مرة خلال حرب تحرير العراق عام 2003.
وفي سبتمبر 2005 تعرض المكتب الاعلامي التابع لسفارتنا في بيروت لحادث مؤسف تمثل بانفجار قنبلة يدوية ما ادى الى مقتل موظف العلاقات العامة في المكتب اياس العلايلي (35 عاما) وجرح المستخدم حسام الجمل والسكرتيرة ميرنا مغربل وجميعهم موظفون لبنانيون.
وهرع حينها مدير المكتب فيصل المتلقم والملحقون الاعلاميون زينة الجوعان، ومحمد بن ناجي الى مكتب ميرنا، حيث حصل الانفجار وعملوا على مساعدة العاملين الآخرين في نقل المصابين الى مستشفى الجامعة الاميركية القريب من المكتب الاعلامي الواقع في عمارة «اريسكو بالاس» في منطقة الصنائع ـ الحمراء، حيث تقاطرت القوى الامنية والعسكرية ووسائل الاعلام والصحافة المحلية والعالمية في اعقاب القول ان الانفجار نجم عن طرد ملغوم.
واقفلت القوى الامنية مداخل العمارة الضخمة، انسياقا مع الاعتقاد بأن ناقل الطرد المزعوم قد يكون مازال داخل العمارة وقد استمرت الانطباعات الاعلامية على هذا النحو حتى خرج سفيرنا في بيروت حينها علي سليمان السعيد وتحدث الى الصحافيين والاعلاميين معلنا انه لا عمل مقصودا ضد المكتب لا سمح الله، بل هو حادث عرضي.
إجراءات أمنية
وفي عام 2006 أمر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في لبنان بتوقيف الاخوين ف.ض وأ.ض والتحقيق معهما على خلفية اجراء اتصالات هاتفية بمقر السفارة الكويتية في بيروت وتهديدها، ما استدعى اتخاذ اجراءات أمنية مشددة في محيط السفارة تحسبا لأي عمل أمني يستهدفها.
وكانـــــت الاتــــصالات تتــــم عبر بطــــاقة هـــــاتفية مسبقة الدفع، ولدى تتبع مصــــدر المكــالمات تمت معرفة هوية الشقيقين وتوقيفهما.
تهديد صاروخي
وفي فبراير من عام 2008 تلقت السفارة تهديدا هاتفيا من مجهول باطلاق صاروخين على مبنى السفارة وتم اخلاء المبنى من الموظفين وابلاغ الجهات الامنية اللبنانية وهرعت قوى الامن الداخلي المتخصصة في الكشف عن المتفجرات باتجاه مبنى سفارتنا ولم يعثر على أي قذائف او متفجرات.
الاعتداء على محمد الزعبي في إيران
تعرض السكرتير الثالث في السفارة الكويتية بطهران محمد الزعبي لاعتداء من قبل عناصر ايرانية متطرفة قدرت مصادر عددها بـ 20 شخصا، وقد تتبعت السلطات الايرانية خطاهم والقت القبض على بعضهم.
واستدعى وكيل وزارة الخارجية خالد الجار الله في مكتبه حينها السفير الايراني لدى البلاد علي جنتي وسلمه مذكرة احتجاج رسمية على خلفية الاعتداء الذي تعرض له احد اعضاء السفارة الكويتية في طهران من قبل عناصر ايرانية.
ونقل الجارالله للجانب الايراني استياء واستنكار الكويت قيادة وشعبا لـ «هذا الاعتداء السافر وغير المبرر الذي تعرض له الديبلوماسي الكويتي والذي لا يعكس طبيعة العلاقات الثنائية بين البلدين، كما انه لا يعبر بأي شكل من الأشكال عن الحرص المشترك على الحفاظ على تلك الروابط وتنميتها في جميع المجالات ويعد خرقا لجميع الاتفاقيات والاعراف الديبلوماسية».
واعرب للسفير الإيراني عن شديد قلقه لهذا الحادث المؤسف محملا الجانب الايراني مسؤولية امن وسلامة السفارة الكويتية واعضائها ومطالبا بأن تقوم السلطات الإيرانية وعلى الفور بالاعتذار الخطي وتحمل مسؤولياتها تجاه هذه المسألة الخطيرة.
وقــــد عـــبر السفير الايراني عن اســــف بـــلاده لـــهذا الحــــادث ووعد بمتابعة الموضوع واجراء التحقيق اللازم وما يتم اتخاذه من اجراءات بحق المتسببين في هذا الحادث، مؤكدا حرص بلاده على عدم تكراره.
تظاهرات احتجاجية
وفي مارس 1986: نظمت السلطات الايرانية مظاهرات في طهران امام السفارة الكويتية وابلغت الكويت السفارة الايرانية لدى البلاد بمسؤولية بلادها عما يمكن أن يحدث من تعد أو اضرار على السفارة الكويتية بطهران.
حرق الوثائق
وفي اغسطس 1987 اقتحم متظاهرون إيرانيون السفارة الكويتية في طهران وقاموا بحرق وثائق السفارة والعبث بمحتوياتها، وقد استدعت وزارة الخارجية حينها القائم بالاعمال الايراني في الكويت وابلغته بأقصى درجات الاحتجاج استنكار الحكومة الكويتية لهذا الحادث المخالف لابسط قواعد واحكام القانون الدولي والاتفاقيات المنظمة للعلاقات الديبلوماسية.
وقد تم اطلاق سراح اعضاء السفارة الكويتية في وقت لاحق بعد ان حملت الكويت الحكومة الايرانية مسؤولية المحافظة على سلامة وحرية أعضاء البعثة الكويتية.
سرقة في بودابست
ومؤخرا هاجم لصان مقنعان احد الديبلوماسيين العاملين في سفارتنا ببودابست عندما اقتحما منزله وحبساه في القبو قبل ان يسطوا على المنزل.
ووفقا لتصريحات الشرطة، فإن الديبلوماسي لم يتعرض لأي ضرر اكثر من حبسه في قبو المنزل، وبحسب تصريحات الناطق الرسمي باسم قيادة شرطة بودابست، فإن شخصين مقنعين اقتحما منزله وقاما بتهديده بالسلاح وكبلاه قبل ان يشرعا في سرقة المنزل.
واشار الى ان الديبلوماسي لم يتعرض لأي اذى، وظل لاكثر من 24 ساعة مقيدا في قبول منزله حتى اليوم التالي للسرقة عندما جاء زملاؤه في السكن وقاموا بفك قيوده واتصلوا بالشرطة، موضحا ان اللصين المقنعين قاما بسرقة كل المقتنيات الثمينة من المنزل.
محاولة تفجير مبنى سفارتنا بالعراق
لسفارتنا في العراق فصول من الاعتداءات ولعل ابرزها ماحدث في 2 اغسطس، وهو مايستلزم موضوعا خاصا، اما في الحوادث الاخرى فأبرزها ماحدث في يوليو 2005 عندما استطاعت الشرطة العراقية احباط محاولة لتفجير مبنى السفارة الكويتية، واستطاعت الشرطة اكتشاف مجموعة من الصواريخ قرب السياج الخارجي لمبنى السفارة موجهة صوب المبنى حيث تمكنت مجموعة من خبراء المتفجرات من ابطال مفعول الصواريخ.
أزمة كويتية ـ ليبية
وفي 23 مارس 2003 حدثت ازمة ديبلوماسية كويتية ـ ليبية، حيث حملت الكويت الجماهيرية الليبية مسؤولية اقتحام متظاهرين في طرابلس مبنى السفارة الكويتية هناك،واكدت الكويت احتفاظها باجراءاتها ومطالبتها ليبيا بتحقيق فوري في الحادث واعتذار رسمي، حيث قام المتظاهرون الذين اقتحموا السفارة باعتلاء سطحها وانزلوا علم الكويت من على السارية وقام احدهم بتمزيقه ورفع العلم العراقي بديلا عنه، فيما انشغل باقي المتظاهرين بتحطيم زجاج السفارة وتحطيم ابوابها، ولم يتدخل الامن الليبي الا متأخرا وبعدما احدث المتظاهرون اضرارا وسرقوا اموالا ومحتويات ووثائق، وعلى الفور استدعت وزارة الخارجية في الكويت القائم بأعمال سفارة الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية علي احمد العلوصي حيث اجتمع به وكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله وسلمه مذكرة احتجاج رسمية تعبر عن استنكار وادانة الكويت البالغين لتعرض سفارتنا في طرابلس للاقتحام من قبل مجموعة من المتظاهرين الليبيين وتعريض امن وسلامة اعضاء البعثة للخطر مما يعد انتهاكا للاعراف والمواثيق الدولية.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )