بشرى الزين
تقول الحكمة الصينية «العقول الصغيرة تناقش الأشياء والمتوسطة تناقش الأشخاص أما الكبيرة فتناقش المبادئ والأفكار» ولأن الخطاب الديني في حد ذاته يخاطب العقول فإن التسامح والحوار يجد مصدره في دعم الأخوة الإنسانية وفي تقدير كل قيم الخير وقبول الآخر بما تحمله جميع الأديان من مضامين روحية وأخلاقية بعيدا عن النعرات الطائفية.
وفي هذه الايام تحل ذكرى ميلاد سيدنا عيسى ( عليه السلام ) وتستعد الكنائس في الكويت لإحياء المناسبة في احتفالات وقداديس يشارك فيها آلاف من أبناء الطوائف المسيحية المقيمين في الكويت.
«الأنباء»، ألقت الضوء على استعدادات الكنائس وآمال ومطالب المسيحيين في الكويت على اختلاف مذاهبهم.
سفير الڤاتيكان لدى الكويت منجد الهاشم يرى ان العيدين اللذين يستعد المسيحيون للاحتفال بهما وهما ميلاد السيد المسيح ( عليه السلام ) وبدء السنة الجديدة مناسبتان عزيزتان كون الأولى تجسد ذكرى ميلاد المسيح قبل ألفي عام والثانية بدء العام الجديد حسب التقويم المسيحي حيث أصبح هذا اليوم مرتبطا ارتباطا وثيقا بالسلام، إذ قرر الراحل البابا يوحنا بولس السادس منذ العام 1967 إعلان هذا اليوم الأول من السنة الجديدة يوم السلام العالمي.
مضيفا ان فكرته كانت ان يتبادل بنو البشر أمنية السلام مع الأمنيات في مطلع السنة الجديدة.
واعرب الهاشم عن أسفه من ان جزءا كبيرا من المسيحيين ابتعدوا عن المعنى الحقيقي لهذين العيدين فبدل ان يستعدوا روحيا وأخلاقيا ومعنويا أصبحوا منهمكين في الاستعدادات المادية مثل تبادل الهدايا والزيارات والتفكير في مكان قضاء العطلة.
وذكر ان الكويت هي من أكثر بلدان المنطقة انفتاحا وحرية وديموقراطية، موضحا ان العلاقات الديبلوماسية بين حاضرة الڤاتيكان والكويت بدأت منذ 40 عاما، مشيرا الى ان مؤسس الكويت الحديثة الأمير الراحل مبارك الصباح وهب عقارا لبناء الكنيسة الكاثوليكية التي تعد من أهم الكنائس في الكويت، ووجود مطران مقيم إضافة الى وجود كنائس لباقي الطوائف المسيحية يدل على الانفتاح الذي شهدته الكويت منذ زمن، مشيرا الى عدم وجود أي مضايقات في ممارسة شعائرهم بالكويت في ظل وجود ثلاث مدارس كاثوليكية.
كما وصف السفير البابوي، العام المنصرم بالمميز نظرا للمبادرة التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ودعوته لحوار الثقافات والأديان ما يعكس حكمة العاهل السعودي ونيافة الكاردينال جون لوي توران رئيس المجلس البابوي لحوار الأديان.
وعزا أهمية هذه المبادرة الى التزام العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز الشخصي بمتابعة حوار الثقافات والأديان خصوصا معتنقي الأديان التوحيدية الثلاثة اضافة الى مبادرته في مؤتمر مدريد بدعوة 300 شخص حيث تحمل تكاليف سفرهم وإقامتهم، مشيرا الى ان مؤتمر مكة للحوار بين المسلمين وزيارته الى حاضرة الڤاتيكان، ولقاء البابا بنديكتوس الـ 16، كل ذلك يبرز مدى قناعته بأهمية هذا الحوار واحترام شروطه والانفتاح على الآخر والتعاون في سبيل السلام الذي يعد سبيلا للمحافظة على القيم الأساسية والجوهرية للإنسان مؤكدا رمزية هذه الخطوة الجبارة التي أسسها العاهل السعودي باعتباره خادم الحرمين الشريفين وملك المملكة العربية السعودية أرض مهبط الوحي الإسلامي لافتا الى التجاوب الكبير الذي حظيت به مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من طرف البابا بنديكتوس الـ 16 كونه من أعظم لاهوتيي ومفكري الديانة المسيحية الذي يؤمن بأهمية الحوار ويركز في تعاليمه على مبدأين أساسيين وهما الإيمان والعلم ويراهما ضروريين لخير الإنسان.
وذكر السفير البابوي انه منذ العام 1967 تحتفل الكنيسة الكاثوليكية بيوم السلام العالمي حيث يوجه البابا رسالة يختار لها موضوعا معينا مساهمة منه في الدعوة الى تحقيق السلام فقد اختار هذا العام عنوانا لرسالته «محاربة الفقر لبناء السلام»
تغطية خاصة في ملف ( pdf )