أسامة أبوالسعود
واصلت مختلف الحسينيات احياء ليالي عاشوراء. وحض خطباء المنبر الحسيني في الليلة الثالثة من ليالي شهر محرم الحرام وفي مختلف مناطق الكويت المسلمين سنة وشيعة على الاقتداء بسيرة الإمام الحسين بن علي والاقتداء بهديه العطر في نبذ الظلم والتفرقة ورص الصفوف في مواجهة ما تتعرض له الأمة الإسلامية من شدائد ومصائب آخرها العدوان الاسرائيلي البشع على اخواننا في غزة.
وأكدوا ان الشعارات التي انطلقت من كربلاء يوم عاشوراء كانت تحمل الأسس العامة لمبادئ انسانية راسخة وسامية حرصت عليها البشرية طوال التاريخ وان اختلفت الرؤى وتعددت المذاهب «داعين الى اتخاذ هذه الشعارات منهجا في مسيرتنا لندفع بها عجلة الإصلاح في العالم إلى الأمام».
وفي حسينية الشيخ الأوحد في منطقة المنصورية قال السيد محمد النقي ان «تلك المبادئ لا تجيز لنا ان نقف موقف المتفرج على ما يجري في بلدان المسلمين من قتل وظلم وقهر خصوصا مما يرتكبه الصهاينة الطغاة من مجازر في ارض المقدسات، حرب شرسة ضد الأبرياء الفلسطينيين، مضيفا «علينا ان ننصر المظلومين والمقهورين في جميع انحاء العالم وان نشاركهم همومهم ولتكن الصورة المباركة لسيد الشهداء منبعا نسترفد منه ونتصدى به للاستكبار والهيمنة بكل اشكالهما».
واشار الى القدرات والامكانيات التي كان يمتلكها الأئمة المعصومون ويتفردون بها عن غيرهم والتي خصها بهم المولى عز وجل.
وأكد النقي ان الإمام الحسين ( عليه السلام ) كان يدرك جيدا أين سينتهي مصيره ومع ذلك أقدم على التضحية والفداء من اجل الهدف الأسمى والغاية التي لخصها الإمام في قوله «إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا وانما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».
واشار الشيخ مرتضى البالدي في ديوان السيد الشيرازي الى ان واقعة الطف هي الجوهرة الثمينة التي فيها كل الانبياء من نوح ( عليه السلام ) حتى خاتم المرسلين الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) مطالبا بالمحافظة على هذه الجوهرة من التحريف فالعالم جرب كل المدارس ولكن البشرية في عالمنا هذا بحاجة الى مكتبة جديدة فيها من القوانين التي يعتمد عليها والرجوع الى الحقائق والصواب هو الرجوع الى السماء مركز الرسالات والكتب.
مدرسة كربلاء
واوضح ان مدرسة كربلاء وواقعة الطف من افضل المدارس باعتبارها التراث الصحيح والسليم لكل الانبياء والمرسلين عليهم السلام، وانها مدرسة جسدت كل الاحكام والقيم والصفات عن طريق تلك الثورة والنهضة، موضحا ان هذه المدرسة بحاجة الى المحافظة خاصة في وجود اطراف آخرين يريدون الاضرار بهذه الثورة فهناك العدو العالم الذي يحمل الحقد على الثورة وهناك الصديق الجاهل الذي يرفع خنجره ويضرب بخصر الثورة دون شعور، فهؤلاء يبذلون قصارى جهدهم من اجل تحريف الثورة الحسينية للاقلال من تلك النهضة والتي كانت منعطفا تاريخيا في الاسلام.
واستنكر الخطيب الحسيني الشيخ عبدالكريم العقيلي في حسينية امير المؤمنين الامام علي ( عليه السلام ) ما يحدث للاخوان الفلسطينيين في غزة جراء الاعمال الوحشية من قبل الصهاينة، ويأتي ذلك نتيجة الانفراد بالقرارات وعدم التعاون والتعاضد والاتحاد والتجمع حول الشريعة والاحكام والتي تنصب في الوحدة الاسلامية ووحدة الكلمة والصف، لذا فإن المسلمين احوج الى رسالة الامام الحسين ( عليه السلام ) التي تدعو الى الوقوف مع المظلوم مهما كان جنسه او طائفته او دينه.
وذكّر الشيخ العقيلي بأن الباري عز وجل انزل الآيات القرآنية وفيها الكثير من المفاهيم ففيها الترغيب وفيها الاحتجاج على الجبابرة والذين خيل لهم بأنهم قادرون على تحقيق ما يريدونه وكانت هذه صفة الفراعنة والجبابرة في كل عصر، وان الله تعالى احاط هؤلاء بأن كل المواقف والنوائب تحدث وفق الارادة الالهية، ولكن هؤلاء لم يتمكنوا من الوصول الى مضمون هذه الآيات مع الآيات تفسر بعضها البعض.
واشار الى ان هناك نوائب ترجع الى الباري عز وجل وهي ثابتة مثل الموت والحياة والغنى والفقر والمرض والسلامة، وهناك نوائب ترجع الى الانسان نفسه جراء سوء فعله وعمله في الفواحش وهذا تأكيد على ما اكتسبت ايديهم، مشيرا الى ان الامام الباقر ( عليه السلام ) قسم الارادة الى قسمين الاول الارادة الحتمية وهي المتعلقة بالامور التكوينية مثل الليل والنهار والفصول الاربعة والمطر والرياح والموت والحياة وهكذا، واما الارادة العزمية فهي امور تشريعية تتعلق بالاحكام والتكاليف اي انها عبارة عن تقييم لحياة الانسان.
واوضح الشيخ العقيلي ان القرآن الكريم يفتح للانسان ابوابا كثيرة، سواء للاستفادة الشخصية للانتفاع في الدنيا والآخرة، وهناك مجالات للمساهمة في تحقيق الحياة الطيبة للآخرين، موضحا ان الانسان المؤمن الزاهد لا يحزن على ما فاته ولا يفرح بما يأتيه، لأن «حب الدنيا رأس كل خطيئة» من الانغماس في المعصية والانصياع للشهوات، وهنا كان علينا الاقتداء بالاولياء والاوصياء بعد الرسل، ومنهم الائمة عليهم السلام من اجل تثبيت عقائدنا ومجالس الامام الحسين ( عليه السلام ) من افضل المجالس لما فيها من علوم انسانية واجتماعية وثقافية واخلاقية، وما اكثر الحسينيات على هذه الارض الطيبة التي تنعم بنعمة الامن والامان والاستقرار، لأن ذكر اهل البيت عليهم السلام هو الامان لأنهم دائما يدعون المسلمين الى الوحدة الوطنية ووحدة الكلمة والصف ونبذ الفتن والطائفية حتى لا نصل الى موقف ويقال لنا اجتمعنا على باطلنا وافترقنا عن حقنا، وهذا ما نشاهده اليوم على الساحة الاسلامية من ابتعاد المودة والمواساة وزيادة هوة التطاحن والبغض والكراهية بدلا من الاخوة والوحدة، وان هذه الامور ادت الى ما يحدث حاليا في غزة ومع ان دموع الشيعة والسنة تذرف على هذه الفاجعة ومشاركة معاناة اخواننا، لكن ما الفائدة ان كان المسلمون يتطاولون على بعضهم البعض متناسين الهدف الرئيسي والاساسي للثورة والنهضة التي قام بها الامام الحسين ( عليه السلام ) والتي كانت من اجل سلامة الاسلام والمسلمين والدفاع عن المظلومين والتصدي للظالمين؟