محمود فاروق
دعا رئيس مجلس وزراء لبنان فؤاد السنيورة الدول العربية الى تأليف مجموعة للعمل الاقتصادي العربي المشترك مكونة من خمسين شخصية عربية تحضر فيها شتى الاختصاصات والاهتمامات وتنكب خلال وقت قصير على وضع تقرير استراتيجي ذي ثلاث شعب وهي شعبة التوصيف والتشخيص وشعبة اقتراحات المعالجة والانطلاق واخرى خاصة بالافكار بشأن تأمين الموارد.
واقترح السنيورة خلال كلمته التي القاها على هامش القمة الاقتصادية والتنموية بمنتدى القطاع الخاص والمجتمع المدني تبني الدراسة التي اعدتها الامانة العامة لجامعة الدول العربية والتي تدعو الى تطوير وتدعيم مؤسسات المال العربية.
وفيما يلي كلمة الرئيس السنيورة:
وعن الوضع السياسي بالوطن العربي قال ان استمرار حالة اللااستقرار الأمني والسياسي التي سادت المنطقة العربية منذ العام 1948 والتي شهدت بالإضافة الى النزاعات والاعتداءات والثورات والانقلابات، عشر حروب على مدى ستين عاما تمحورت سبع منها في منطقة شرق المتوسط، وكان للخليج العربي ايضا حصة وافرة منها، حيث شهد ثلاث حروب في العشرين عاما المنصرمة استنزفت خلالها موارد وطاقات هائلة واضاعت فرصا كبيرة على الانسان في عالمنا العربي، وقد اخذت هذه الحروب طابعا عقائديا تارة وطابعا دينيا تارة اخرى ودمويا في معظمها، وبقي وجود اسرائيل ككيان استيطاني عدواني يشطر العالم العربي الى شطرين احد الوجوه الاساسية لهذا الصراع.
مسارات وتوصيات
واستعرض السنيورة مسائل شاملة للأوضاع السياسية والاقتصادية، وتضمنت المسألة الاولى ضرورة التأكيد على توحيد الصف العربي اذ يبدو العالم العربي اليوم اشد ما يكون حاجة لتعزيز العمل العربي المشترك ولاسيما للسعي الجاد من اجل تطبيق الحل العربي للقضية الفلسطينية القائم على اعادة كامل الحقوق للشعب الفلسطيني، فبقاء القضية الفلسطينية بدون حل، وبقاء الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية المجاورة لفلسطين عرضة للعدوانية الصهيونية، فضلا عن كونها عرضة لاستنزاف مواردها البشرية والمالية، هو حري بأن يزيد من مخاطر التطرف بين الشباب، كما انه حري بأن يزيد من مخاطر التدخلات الاقليمية في سياق سياسات مناطق النفوذ، وشرذمة جهود شبابنا، وطغيان اسلوب التخاصم والخلاف بين العرب، والذي تزيد من شدته كثرة الطامحين والباحثين عن النفوذ، علينا ان نعي كعرب، ان غياب الحل العربي للقضية الفلسطينية يعني فيما يعنيه غياب التقدم المستمر والتطور النوعي والازدهار المستدام والتلاؤم عن شعوب امتنا العربية.
واقترح السنيورة بأن يصار الى الدعوة بتأليف مجموعة للعمل الاقتصادي العربي المشترك مكونة من نحو خمسين شخصية عربية تحضر فيها شتى الاختصاصات والاهتمامات، وتنكب خلال وقت قصير على وضع تقرير استراتيجي ذي ثلاث شعب: شعبة التوصيف والتشخيص، وشعبة اقتراحات المعالجة والانطلاق حسبما تقتضيه الحاجات والتطلعات نحو الاكتفاء او التوازن، والشعبة الثالثة افكار بشأن تأمين الموارد وبشأن الادارة التنفيذية.
من جهة أخرى اقترح تبني الدراسة التي اعدتها الامانة العامة لجامعة الدول العربية، والتي تدعو الى تطوير ودعم مؤسسات المال العربية بحيث تتمتع تلك المؤسسات بقاعدة رأسمالية كبيرة تمكنها من تمويل البنى التحتية العابرة للحدود ومشروعات الربط الاقليمية العملاقة والتنمية الاقليمية والاجتماعية، مما يساهم في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي ويحقق نهضة انتاجية عربية وتقدما اجتماعيا وتنمية مستدامة.
وحيا السنيورة مبادرة الكويت وأميرها في الدعوة الى عقد هذه القمة الاقتصادية، واقترح ايضا ان تتم الدعوة إلى هذه القمة الاقتصادية العربية بوتيرة دورية على نسق مماثل لما تقوم به سائر التجمعات الاقتصادية العالمية بالاجتماع مرتين سنويا فتكون هناك فرصة للمتابعة والتشاور واجتراح الحلول للمشاكل الاقتصادية والبنيوية التي تواجهنا بوصفنا منظومة عربية.
وقال السنيورة ان التحدي الرئيسي الذي يواجهنا اليوم هو نفسه الذي واجهنا منذ عقود في المجال الاقتصادي، والى حد ما في مجال التصدي للعدوانية الصهيونية، وهو يتمثل في تباين الرؤى واختلافها.
إذ اننا لم نستطع التوصل منذ الستينيات من القرن الماضي الى رؤى مشتركة وقواسم مشتركة.
وقد أدى ذلك وفي الحالتين الى انتهاج مسارات منفردة أوصلت في المجالين السياسي والعسكري الى تفاقم العدوان، وسريان الخراب الى عدة دول عربية مجاورة لفلسطين المحتلة وأبعد منها، كما ادت في المجال الاقتصادي إلى تهجير الموارد والاموال والطاقات، بدلا من استثمارها في تنمية الاقتصاد في معظم الدول العربية، وفي معالجة الشأنين الاجتماعي والاقتصادي في عالمنا العربي.
وقال السنيورة ان الاجتماع جاء في رحاب الكويت العزيزة، والامة العربية تمر بأخطر مراحل تاريخها وبأشد اللحظات ألما وقسوة.