افتتح صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وأكد سموه ان العدوان على قطاع غزة يعتبر جريمة من جرائم الحرب وجريمة ضد الانسانية، ويمثل انتهاكا صارخا لأبسط مبادئ حقوق الانسان، مطالبا بوقف فوري لهذا العدوان ومحاسبة المسؤولين عنه.
كما اكد سموه واجب القادة العرب المجتمعين الاتفاق على خطوات عملية لتثبيت وقف اطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه وقفا دائما ورفع المعاناة المستمرة عن الشعب الفلسطيني والاستجابة لأهدافه المشروعة في اقامة دولته المستقلة.
ودعا صاحب السمو الأمير القادة الى مواصلة الجهود التي بذلتها الدول العربية في اطار الجامعة العربية، وبالتعاون مع المجتمع الدولي «حتى نطمئن الى التطبيق الفوري والشامل لقرار مجلس الامن الاخير والداعي الى وقف القتال» تمهيدا للانسحاب الاسرائيلي الكامل وغير المشروط ورفع الحصار والمعاناة عن شعبنا في غزة.
وأوضح سموه ان اسرائيل وكعهدها في تجاهل قرارات الشرعية الدولية والالتزامات الثنائية ومتعددة الاطراف «تبرهن للعالم المرة تلو الاخرى حقيقة النوايا الاسرائيلية في الاعتماد على حق القوة وتجاهل قوة الحق».
وطالب سموه الدول العربية بالوقوف معا وبكل صلابة مع اشقائنا الفلسطينيين في غزة ومواصلة تقديم كل اشكال العون والاغاثة لهم والعمل على إعادة اعمار قطاع غزة في اطار جهد دولي مشترك ومن خلال مؤتمر دولي للدول المانحة.
كما دعو سموه كل القيادات الفلسطينية الى الوحدة والتكاتف والتعاون فما من خطر اعظم على من الفرقة والتناحر بين الاشقاء.
وفيما يلي نص كلمة صاحب السمو الأمير:
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبيه الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية الشقيقة
فخامة الاخ الرئيس بشار الاسد رئيس القمة العربية
فخامة الرئيس عبدالله واد رئيس جمهورية السنغال الصديقة
ورئيس منظمة المؤتمر الاسلامي
معالي بان كي مون السكرتير العام للأمم المتحدة
معالي عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية
أصحاب المعالي والسعادة الضيوف الكرام
السيدات والسادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
أحييكم تحية اخوية طيبة واعلن افتتاح هذا اللقاء التاريخي ومبتدئا بالترحيب الحار بكم جميعا في بلدكم الكويت واقرن هذا الترحيب بمشاعر الاعتزاز لقبولكم دعوتنا لحضور هذه القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي ساهم في تبنيها
فخامة الاخ الرئيس محمد حسني مبارك، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة.
وأثمن كثيرا تقديركم لأهمية ما سنبحثه في هذا الاجتماع وأنوه بحرصكم على الوصول الى الهدف الذي نرجوه من هذا اللقاء الخير.
ويشاركني في هذا الترحيب شعب الكويت الذي لا يداني صدق مشاعره نحوكم الا عمق اليقين بأن يخرج هذا المؤتمر التاريخي بحصاد يحقق الآمال ويمنح المصداقية لمتانة الافعال.
ومن خارج هذه القاعة يتابع أبناء الامة العربية اسهاماتنا للوصول الى ما يتمنونه من هذا اللقاء غير المسبوق ويأملون بأن تنسجم المكاسب مع قوة التحديات.
اننا جميعا نتطلع الى هذه القمة كفاتحة خير في نهج جديد ومنظم في العمل العربي المشترك آملين ان تنصب فيها جهودنا المخلصة على مراجعة القضايا والتحديات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي تواجه دولنا وشعوبنا العربية عاقدين العزم بإذن الله على تحقيق ما تصبو اليه من مشاريع وبرامج تنموية استراتيجية غايتها الارتقاء بمستوى المعيشة وتوفير فرص العمل المنتجة لشعوبنا، والنهوض بالاداء الاقتصادي لدولنا كي تلحق بالركب العالمي.
اخواني اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،،،
اسمحوا لي أن أستهل كلمتي هذه بالترحم على أرواح الشهداء الابطال والابرياء الذين سقطوا في غزة الباسلة، أن أحيي نضال وصمود الشعب الفلسطيني وهو يدافع ببسالة عن كرامته الإنسانية متمسكا بحقه الطبيعي في إقامة دولته المستقلة كي تتوافر له الحياة الآمنة والكريمة كسائر شعوب العالم، فأهلنا العزل في غزة يواجهون عدوانا إسرائيليا بشعا يستهدف الأبرياء ويدمر كل مقومات الحياة.
إن حجم هذا العدوان وضراوته والأسلحة والقذائف المحرمة دوليا التي استخدمت فيها والمواقع التي استهدفها وعدم الاكتراث بتضخم أعداد القتلى والجرحى والمشردين والتدمير الكامل لكل مرافق الحياة في غزة كل ذلك لا يتفق ابدا ولا يتناسب مع مزاعم إسرائيل التي ساغتها لشنها عدوانها.
إن هذا العدوان يعتبر بحق جريمة من جرائم الحرب وجريمة ضد الانسانية وهو من الجرائم التي تدينها وتحرمها القوانين الدولية كما أنه يمثل انتهاكا صارخا لأبسط مبادئ حقوق الانسان بالتالي فإنه يستوجب الوقف الفوري لهذا العدوان ومحاسبة المسؤولين عنه.
إننا لا نستطيع ونحن نجتمع اليوم وصدى ذلك العدوان الاسرائيلي يخيم علينا وانات الشعب الفلسطيني وأطفاله في غزة ومشاهد القتل والدمار تغرق ضمائرنا دون أن نتدارس معا هذه المأساة بكل مسؤولية وأمانة، فواجبنا أن نتفق كقادة مجتمعين على خطوات عملية لتثبيت وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه وقفا دائما ورفع المعاناة المستمرة عن الشعب الفلسطيني والاستجابة لأهدافه المشروعة في إقامة دولته المستقلة فمن دون ذلك لن يتحقق الأمن والسلام والاستقرار الذي ننشده جميعا في المنطقة.
وإنني أهيب بالإخوة القادة بمواصلة الجهود التي بذلتها دولنا في إطار الجامعة العربية ـ وبالتعاون مع المجتمع الدولي ـ حتى نطمئن إلى التطبيق الفوري والشامل لقرار مجلس الأمن الأخير والداعي إلى وقف القتال تمهيدا للانسحاب الاسرائيلي الكامل وغير المشروط ورفع الحصار والمعاناة عن شعبنا في غزة.
جهود مبارك
وإننا في هذا المقام نشيد بجهود فخامة الأخ الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة ومساعيه الرامية لوقف إطلاق النار حقنا لدماء الأشقاء في غزة، كما نقدر دعوته لعقد قمة شرم الشيخ الدولية والتي اكدت تثبيت وقف اطلاق النار ورفع الحصار عن غزة وفتح المعابر واستكمال انسحاب إسرائيل من قطاع غزة من أجل تقديم المساعدات الانسانية والدعوة إلى عقد اجتماع دولي للدول المانحة في منتصف شهر فبراير القادم لإعادة إعمار ما دمرته الآلة الحربية الاسرائيلية في غزة.
إننا نقدر الافكار والمقترحات ونثمن التحركات والجهود التي قام بها وقدمها العديد من الاخوة القادة في جهد مخلص لوقف تلك المأساة التي تعرض لها أشقاؤنا في غزة، فلهم جميعا منا بالغ الشكر والتقدير.
إن مماطلة إسرائيل في تنفيذ قرار مجلس الامن الاخير ـ وكعهدها في تجاهل قرارات الشرعية الدولية والالتزامات الثنائية والمتعددة الأطراف ـ تبرهن للعالم المرة تلو الأخرى حقيقة النوايا الاسرائيلية في الاعتماد على حق القوة وتجاهل قوة الحق لكنها بكل تأكيد مخطئة إن ظنت أن منطلق القوة كفيل بتحقيق الأمن والاستقرار، ولها في تاريخها شواهد كثيرة ومتتالية.
فتجارب التاريخ برهنت على أن الحوار والمفاوضات والتفاهمات واحترام الالتزامات المبرمة وقرارات الشرعية الدولية هي النهج الأمثل لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار.
وأن القوة العسكرية والعدوان وسياسات قضم الأراضي والتشريد تشحن النفوس وتؤجج الكراهية وتغذي التطرف، ليس في أوساط الفلسطينيين فحسب، وإنما يتعداهم إلى شعوب العالمين العربي والإسلامي وسائر دول العالم المحبة للسلام والعدالة، فتتوسع دائرة العنف وترتد آثارها ويذهب ضحيتها مزيد من الأبرياء.
إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:
إننا مطالبون اليوم بأن نقف معا وبكل صلابة مع أشقائنا الفلسطينيين في غزة، وأن نواصل تقديم جميع أشكال العون والإغاثة لهم والعمل على إعادة إعمار قطاع غزة في إطار جهد دولي مشترك ومن خلال مؤتمر دولي للدول المانحة.
وإن الكويـت يسرها أن تلبي النداء الذي وجهته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) بالتبرع الفوري لتغطية كامل احتياجاتها والمقدرة بأربعة وثلاثين مليون دولار إيمانا منها بالدور الإنساني لهذه الوكالة ولمواجهة الحاجات العاجلة للأشقاء الفلسطينيين كما أنها ستدعم الجهد الدولي للدول المانحة وستشارك فيه.
إن تحقيق هذه الغايات ونجاح كل المساعي النبيلة تستلزم في المقام الأول توحيد الصف واتفاق الكلمة وإزالة الفرقة بين الإخوة في فلسطين.
وانني من هذا المنبر ـ وباسمكم جميعا ـ أدعو جميع القيادات الفلسطينية إلى الوحدة والتكاتف والتعاون، فما من خطر أعظم على إخوتنا في فلسطين ـ وعلينا جميعا كذلك ـ من الفرقة والتناحر بين الأشقاء.
إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:
لم تكن القضية الفلسطينية بصفة عامة، والموقف العربي من مسلسل العدوان الإسرائيلي على شعبنا العربي في الأراضي العربية المحتلة، والذي يمثل العدوان المستمر على غزة أحد فصوله بصفة خاصة إلا مصدر توحيد في مواقفنا العربية ومنبع دعم وتأييد مستمر لنضال أشقائنا وصدهم للعدوان، ولا نتصور ولا نريد أن يكون ذلك بأي حال من الأحوال مصدر انشقاق وفرقة وتمزق في مواقف دولنا تجاه هذه القضية المصيرية.
إننا لا نستطيع ولا نملك سوى أن نكون متحدين في مواقفنا ومطالبنا وإن اختلفت اجتهاداتنا وطرائق تعاملنا فكلنا ننشد المصلحة العليا للشعب الفلسطيني في حقه في الحياة والحرية والكرامة الإنسانية التي لن تتحقق إلا بقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ولعل المبادرة العربية للسلام والتي اعتمدت وتكرر التأكيد عليها في عدة مؤتمرات قمة لنا تمثل الأساس لموقفنا العربي الواضح والصريح.
نسأل الله القدير أن يرحم الشهداء الأبرار، ويحمي إخوتهم، ويجمع كلمتهم، ويوفقهم على طريق العزة والسداد، إنه سميع مجيب.
الوقوف مع الفلسطينيين
اخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، اننا مطالبون اليوم بأن نقف معا وبكل صلابة مع أشقائنا الفلسطينيين في غزة.
وأن نواصل تقديم جميع أشكال العون والاغاثة لهم والعمل على اعادة اعمار قطاع غزة في اطار جهد دولي مشترك ومن خلال مؤتمر دولي للدول المانحة.
وان الكويت يسرها أن تلبي النداء الذي وجهته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بالتبرع الفوري لتغطية كامل احتياجاتها والمقدرة بأربعة وثلاثين مليون دولار ايمانا منها بالدور الانساني لهذه الوكالة ولمواجهة الحاجات العاجلة للأشقاء الفلسطينيين كما أنها ستدعم الجهد الدولي للدول المانحة وستشارك فيه.
ان تحقيق هذه الغايات ونجاح كل المساعي النبيلة يستلزمان في المقام الأول توحيد الصف واتفاق الكلمة وازالة الفرقة بين الإخوة في فلسطين.
وانني من هذا المنبر ـ وباسمكم جميعا ـ أدعو جميع القيادات الفلسطينية الى الوحدة والتكاتف والتعاون.
فما من خطر أعظم على اخوتنا في فلسطين ـ وعلينا جميعا كذلك ـ من الفرقة والتناحر بين الأشقاء.
تدني مستويات المعيشة
اخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، ان واقع الحال في غالبية دولنا يشهد على تدن رهيب في مستويات المعيشة وتراجع كبير في الدخل الفعلي للفرد وارتفاع خطير في معدلات البطالة خاصة بين الشباب.
وواكب ذلك تخلف في نوعية الخدمات التعليمية اللازمة للتنمية الحديثة وضيق في القدرات الاستيعابية لمؤسساتها.
وغالبية شعوبنا لا تنعم الا باليسير من مكونات الرعاية الصحية الحديثة.
وتغذي هذه الاتجاهات السلبية ضغوط النمو السكاني.
ولقد يسرت هذه الظروف ـ بكل أسف ـ هجرة العقول العربية ذات الخبرة والكفاءة الى الدول الأجنبية.
وأمام هذا الواقع المؤلم ورغم ما حبا الله به بلادنا من خيرات وطاقات تخلفت قدرات دولنا على المساهمة في الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية.
فتراجعت قيمة الصادرات التجارية للسلع والخدمات بينما ارتفعت في المقابل فواتير الواردات لتنهش المدخرات الوطنية ولتضعف قدرات اقتصاديات دولنا على النمو والتطور.
إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:
إن قمتنا هذه تنعقد في ظل ظروف اقتصادية غير عادية فالاقتصاد العالمي يمر بأزمة غير مسبوقة تاريخيا، في حجمها وشموليتها ووقعها، بدأت تهز أركان الفلسفة والمبادئ والأسس التي يقوم عليها النظام الاقتصادي العالمي الحديث وامتدت آثارها السلبية على المؤسسات المالية والاقتصادية حول العالم وبمختلف نشاطاتها وتراجعت معها معدلات النمو الاقتصادي بشكل كبير مما سيقود اقتصادات الدول الكبيرة إلى مرحلة من الانكماش.
الأمر الذي ستترتب عليه عواقب خطيرة على بقية دول العالم مهما تواضعت اقتصاداتها فلا يبدو ان احدا في مأمن من مخاطر هذه الأزمة الطاحنة.
إلا أن من أخطر تداعيات هذه الأزمة هو ارتفاع معدلات البطالة وازدياد نسبة من هم تحت خط الفقر إلى مستويات غير مسبوقة ـ خاصة في الدول النامية ـ مما ينذر بكارثة قد تهدد النسيج الاجتماعي والأمن الداخلي للدول المتضررة وما قد تسببه من مخاطر وخيمة.
ولقد ألقت تلك الأزمة بظلالها على اقتصادات دولنا العربية حيث لن تسلم أي دولة من تأثيراتها السلبية وان بدرجات متفاوتة.
وكما تعلمون أيها الاخوة أن دعوتنا لهذه القمة كانت قبل بدء الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة وفي ظل ظروف اقتصادية إقليمية وعالمية أفضل وكنا نطمح إلى استغلال تلك الظروف المواتية لتحقيق ما نصبو إليه من تطلعات تنموية تعوض عن الإخفاقات السابقة بنجاحات جديدة وتؤسس لفكر تنموي حديث يطور نظمنا الاقتصادية ويسهم في بناء اقتصاد عربي متين ومتماسك ويستند إلى آليات متطورة للعمل العربي الاقتصادي المشترك.
إلا أننا نجد في هذه التطورات الاقتصادية الراهنة ما يضع على كاهلنا عبئا جديدا الا وهو تدارس تداعيات هذه الأزمة علينا كدول وشعوب في جهد حثيث.
وعلينا أن نتدارس السبل الكفيلة بتقليص الآثار السلبية لهذه الأزمة وأن نتحرك جميعا وبشكل مدروس لتجنيب اقتصادات دولنا المزيد من الانكماش والتراجع وأن نسعى إلى تحصين اقتصاداتنا بسياسات وإجراءات توفر درجة مناسبة من النمو الاقتصادي في الفترة القادمة وأن نحافظ على تدفق رؤوس الأموال العربية والأجنبية ونواصل جهود المشروعات العربية المشتركة ونحميها من تداعيات الأزمة الراهنة.
كما نجد لزاما علينا أن نعمل وننسق معا لطرح رؤية عربية اقتصادية مشتركة تسهم في الجهود الدولية القادمة لصياغة نظام عالمي اقتصادي جديد وبما يرعى مصالحنا التنموية والاقتصاد والتجارية المشروعة فالتخلف عن هذا الركب سيكون له اثار سلبية على اقتصادياتنا ولسنوات طويلة قادمة.
إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:
إن الكويت تتطلع إلى هذا الاجتماع المبارك كي يصبح نقطة انطلاق جديدة للعمل العربي المشترك، بغية تحقيق طموحات وتطلعات شعوبنا العربية في التنمية والاستقرار والرخاء.
والركيزة الأولى لهذه الانطلاقة مبدأ هام وجديد يقوم على تحييد العمل الاقتصادي عن العمل السياسي، فلا تذهب فرص التعاون الاقتصادي بجريرة الاختلافات السياسية، فتضيع مصالح شعوبنا الحيوية، ولنا في تجارب المجموعات الإقليمية الدولية المختلفة خير مثال.
والركيزة الثانية هي عدم الإصرار على الإجماع في تنفيذ المشاريع الحيوية المشتركة، بل علينا تشجيع الراغبين والقادرين عليها للمضي فيما بينهم لتعزيز الاندماج والتكامل على أن ينضم إليهم الآخرون متى ما تبدلت ظروفهم.
وبهذه الآلية نكون قد فعلنا الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية وشجعنا مشاريع العمل العربي المشترك ـ وخاصة المتصل منها بالبنية التحتية المشتركة التي ستزيد من حركة تبادل السلع والخدمات ـ لتتشابك المصالح وتتعاظم العوائد الاقتصادية لشعوبنا على المدى المتوسط والطويل.
ولقد برهنت جميع التجارب أن التشابك الاقتصادي اكثر ديمومة ووقعا من الاختلافات السياسية العابرة.
والركيزة الثالثة تتمثل في إشراك القطاع الخاص ـ لما يملكه من قدرات وإمكانيات فنية ومالية وبشرية ـ في تنفيذ برامج ومشاريع العمل الاقتصادي العربي المشترك، وعلينا العمل على تهيئة المناخ الملائم والسياسات الكفيلة في تعزيز فرص نجاحه، وتوفير روافد التمويل الطويل الأجل واللازم لتنفيذ المشاريع الهادفة، كما علينا دعم وتشجيع مبادرات المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم والقائمة على استغلال الموارد المحلية المتاحة من سلع وخدمات، نظرا لما توفره من فرص عمل حقيقية للعمالة الوطنية في بيئة واثقة.
لذلك فإن الكويت ـ ومساهمة منها في تمكين القطاع الخاص والأعمال الصغيرة والمتوسطة من القيام بدورها في شبكة التنمية الاقتصادية العربية ـ يسرها أن تعلن عن مبادرة تنموية تهدف إلى توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل ودعم مثل هذه المشاريع، برأس مال قدره مليارا دولار، على أن توكل إدارة هذه المبادرة التنموية إلى الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي ـ والذي يمثل إضاءة بارزة في العمل العربي المشترك - وذلك من خلال مجلس أمناء من الدول المساهمة في هذه المبادرة، وأن يتولى مجلس الأمناء المذكور رسم برامج المبادرة وتوفير أدوات التمويل اللازمة لها، وبما يضمن استدامة عملياتها ويحقق أهدافها المرجوة.
ويسرني من هذا المنبر أن أعلن عن مساهمة الكويت بمبلغ خمسمائة مليون دولار من رأسمالها لتفعيل انطلاقة هذه المبادرة التنموية، متطلعين إلى دعم أصحاب الجلالة والفخامة والسمو لهذه المبادرة والمساهمة في تمويلها، وآملين أن تكون رافدا حيويا لتعزيز العمل العربي الاقتصادي المشترك، والنهوض بدور القطاع الخاص العربي.
إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:
أجدد الترحيب بكم، متمنيا لكم طيب الإقامة في بلدكم الكويت، وشاكرا كل من أسهم في الإعداد لهذا المؤتمر وأغنى فرص نجاحه.
وآخر دعوانا أن يكلل المولى عز وجل أعمال مؤتمرنا بالتوفيق والسداد، وأن تحقق مساعينا وقراراتنا الخير لشعوبنا وأمتنا العربية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته