دعا الرئيس المصري محمد حسني مبارك امس الى تكاتف الجهود العربية لتجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية واحتواء تداعياتها السلبية على الدول العربية.
وقال في كلمته التي ألقاها نيابة عنه رئيس الوزراء المصري د.احمد نظيف أمام القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية ان القمة تنعقد وسط أزمة عالمية طاحنة، حيث شهدت بدايات العام الماضي أزمة غير مسبوقة نتيجة ارتفاع اسعار السلع والطاقة، مما أنتج تضخما حادا امتدت تداعياته الاقتصادية والاجتماعية إلى دولنا.
وذكر الرئيس مبارك ان منتصف العام شهد بداية الأزمة المالية العالمية التي اتسع نطاقها بصورة سريعة وبشكل ملحوظ لم تتبلور أبعاده الكاملة بعد بل تحولت الى أزمة ثقة في النظام الاقتصادي العالمي الذي أصبح في حاجة الى إعادة صياغة لاستعادة هذه الثقة المفقودة.
وأوضح ان هذه الأزمة تفرض تحديا جديدا علينا وعلى هذه القمة، ويستدعي اجتيازها تكاتفا للجهود وتوافقا في الرؤى لاحتواء تداعياتها السلبية على دولنا العربية للخروج من هذه الأزمة في أسرع وقت وبأقل خسائر، على الجانب الآخر توفر الأزمة فرصة سانحة لوضع أسس التفاعل الصحيح النشط بين اقتصاداتنا العربية.
وقال اننا اليوم امام فرصة سانحة للتمعن في مسيرة التعاون الاقتصادي العربي المشترك لكي نصل الى تقييم موضوعي جاد للتعاون القائم ومدى فاعليته ووضع رؤية عملية مشتركة تتعامل مع ما نواجهه من تحديات وما نتطلع إليه من آمال وطموحات.
وتابع ان المنطقة العربية لديها قاعدة بشرية عريضة حيث تشير الاحصائيات الى ان الشباب يمثلون 36% من سكان المنطقة مقارنة بمعدل 29% على مستوى العالم.
وأكد الرئيس مبارك أهمية استغلال ذلك كنقطة قوة تساهم في التنمية بأن نحسن تدريبهم وتوظيفهم في هذا الاتجاه وألا نعتبر ذلك نقطة ضعف تمثل عبئا اجتماعيا واقتصاديا على مجتمعات المنطقة.
وقال مبارك ان مستوى التفاعل الاقتصادي البيني بين دول منطقتنا بواقعه الراهن يمثل أيضا فرصة سانحة يمكن ان تساعد على الانطلاق الذي نسعى الى تحقيقه اذا أحسنا انتهاز الفرصة واعددنا الآليات المناسبة للانطلاق.
وتابع قائلا ان معدل التجارة العربية البينية لا يتعدى 10 أو 12% من إجمالي التجارة العربية الخارجية، كما انه لا يتعدى في مجمله 126 مليار دولار طبقا لإحصائيات عام 2007 وهو معدل يعتبر شديد التواضع مقارنة بالتجارة البينية في إطار اي تكتلات إقليمية فاعلة.
وأشار الى ان معدل التجارة البينية في اطار الاتحاد الاوروبي يتعدى 60% وفي اطار تجمع النافتا 45% وفي اطار تجمع الاسيان 33%، لافتا إلى ان الاستثمارات العربية البينية لم تتعد الـ 14 أو 16 مليار دولار ومعدل السياحة البينية متواضع يتراوح بين 37 و46% مقارنة بمعدل 88% للسياحة البينية الاوروبية 79% لمنطقة آسيا والباسيفيك.
وقال الرئيس مبارك ان ما نتطلع الى تحقيقه من خلال آلية القمة العربية الاقتصادية يتطلب منا الاتفاق على 3 محاور أساسية، ذكر منها التوصل الى وضع رؤية لعمل عربي اقتصادي وتنموي مشترك في إطار التزام جماعي يهدف الى الوصول الى واقع يحقق التحرير الحقيقي لحركة الافراد والسلع والخدمات ورؤوس الاموال بين دولنا العربية.
وأشار الى أهمية الاتفاق على وضع أولويات محددة لمحاور التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تتناسب مع واقع منطقتنا لتوفير مستقبل أفضل لأجيالنا المقبلة مقترحا 5 محاور على قائمة الأولويات.
وقال ان المحور الاول يتعلق بمزيد من تحرير حركة القطاع الخاص والمجتمع المدني لتعبر بين حدود الدول العربية دون قيود ودون معوقات متوجها بالتحية والإشادة والتقدير الى صاحب السمو أمير الكويت لمقترحه بإنشاء صندوق لتمويل القطاع الخاص بالدول العربية.
وأكد مساندة مصر ودعمها لهذا المقترح المهم لما يعكسه من إدراك يعي دور قطاع الاعمال في دفع مسيرة التكامل العربي والحاجة للوقوف الى جانبه في اضطلاعه بهذا الدور.
ومن المحاور ذكر مبارك أهمية تنمية قدرات الوطن العربي في الإنتاجية بصورة حقيقية من خلال استهداف بزوغ كيانات وشركات ومؤسسات إقليمية قادرة على المنافسة العالمية تتناسب مع القدرات التنافسية على مستوى العالم.
وقال ان المحاور تشمل التعاون في مجال تحقيق البنية التحتية بين الدول العربية للربط بينها في مجالات المواصلات والطاقة والمياه بما يوفر القاعدة الداعمة لتنمية التجارة البينية والقدرات الإنتاجية والارتقاء بمستوى معيشة المجتمعات العربية.
وتابع ان من المحاور الاتفاق على خطة طموح لبناء الانسان العربي الذي يمثل الثروة الحقيقية لدينا من خلالمنظومة إقليمية متطورة للتعليم والصحة والثقافة تعطي شبابنا الفرصة لكي يتسلحوا بأدوات العصر التي تتناسب مع متطلبات المستقبل والتحدي الحقيقي الذي يواجهنا هو توفير فرص العمل الحقيقية التي تضمن لهم المعيشة الكريمة وتمنحهم القدرة على الإبداع والابتكار.
وقال مبارك ان المحاور تشمل التأكيد على ان عملية التكامل الاقتصادي لن تتم جوانبها دون تناول الجوانب الاجتماعية التي تتطلب منا النظر في آليات مناسبة لتناولها. وحول المحور الثالث أكد أهمية الاتفاق على آلية التنفيذ لبرنامج العمل المحدد الذي تم إقراره ووضع نظام متابعة فعال وواقعي حتى تتبلور كل المحاور التي تم الاتفاق عليها في إعلان الكويت في مشروعات حقيقية واضحة الجدوى. واكد مبارك ضرورة متابعة هذا النجاح في القمة لتتحول الى آلية عمل في إطار الجامعة العربية للبناء على ما تحقق ولتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وللإعداد الجيد لملامح المرحلة المقبلة.