ضاري المطيري
اكد المتحدثون في الندوة التي اشرفت عليها جمعية احياء التراث الاسلامي فرع العارضية على حرمة الخروج على الحاكم مهما كان ظلمه ما دام مسلما، محذرين من استعجال النصر والانقياد خلف العاطفة وتغييب العقل، وأوضحوا في الندوة التي كانت بعنوان«واقع الامة بين الغلو والتخاذل» ان على المسلم في الفتن الرجوع الى العلماء والتزام الجماعة والحذر من الفرقة، مؤكدين ان الفتن تخفى حقيقتها على العامة ولا يتبينها الا العلماء.
وتحدث الداعية احمد المعلم من جمهورية اليمن عن توصيف لما جرته التصرفات المتهورة على الامة في العصر الحديث وعن خطورة العواطف المغيبة لقضية الشرع وما تؤدي اليه من مفاسد، حيث بين ان هناك من المسلمين من وقعوا في الغلو، ويرون في علاقتنا بالآخر علاقة حرب ومقاطعة مستدلين بأدلة من الآيات القرآنية والاحاديث النبوية محملين اياها ما لا تحتمل، بينما هناك طرف آخر من المسلمين يسعون خلف اقامة حوارات ثبت فشلها وعدم جدواها، موضحا ان كلا الطرفين ذميم والمؤمنون وسط على الصراط المستقيم، فمن الكفار من يستحق الحوار والمجادلة بالتي هي احسن ومنهم من هو ظالم لا ينفع معه الا الحزم والقوة.
واضاف ان دعوة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بدأت بالحوار والنقاش مع قومه وتبليغهم الدين الاسلامي في مكة، مؤكدا انه تعرض هو واصحابه الى المحن والشدة والعذاب، ولكنه ما تعجل النصر وتجلد.
وتابع انه لا يجوز الخروج على الحاكم مهما كان جوره ما دام مسلما، موضحا انه دائما ما تزداد الشرور والفرقة بعد الخروج وتنمو الاحقاد بين المسلمين، والاستعجال في تغيير المنكر بطرق غير شرعية دائما ما يكون اثره سلبيا على المسلمين.
واضاف المعلم ان التاريخ أثبت ان في افتراق المسلمين واختلافهم انشغالا عن الفتوحات ونشر الدين، داعيا الى الاجتماع خلف امام المسلمين وعدم شق عصا طاعته والنصح له بالسر.
وبين ان للعاطفة فائدة اذا كانت بمقدارها الصحيح دون ان تطغى على الشرع والعقل، موضحا انه ليس من الفطرة الغاء العاطفة والعمل على تبلد القلب انما مكمن الخطر في العواطف المبنية على غير الشرع، فالغلو ما هو الا نتيجة العواطف غير المنضبطة.
وشدد على اهمية التزام هدي النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في تعامله مع المناوئين للاسلام ومع الفتن والمحن وعدم الابتداع في الدين، موضحا ان الابتداع يعني اتهام رسول الله بعدم تبليغ الدعوة وبتقصيره في العبادة.
وبدوره أوضح عضو هيئة التدريس بكلية اصول الدين قسم العقيدة بجامعة الامام محمد بن سعود بالرياض الداعية د.علي الشبل من المملكة العربية السعودية ان فتن الحروب والقيل والقال تكشف اهل الاهواء، كما ان العلم يكشف الدخلاء عليه من المتعالمين، لافتا الى ان وسائل الاعلام قد ساهمت في تكثير المتعالمين وابرازهم للجماهير.
وتابع ان الفتن اذا وقعت فمرجعها الكتاب والسنة وسؤال العلماء كما في قوله عز وجل (واذا جاءهم امر من الأمن أو الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)، فعاتب الله من ينشر الاراجيف والفتن دون التثبت من حقيقتها أو سؤال أهل العلم عنها، ومن هذه الفتن ما حدث في غزة من اختلاف وشقاق بين المسلمين.
وأنكر علي من جعل من الدعاء والتضرع الى الله سلاحا للضعفاء، موضحا ان الدعاء من اعظم اسباب النصر وان استهان به البعض، فالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) لم يترك الالحاح على الله لنصرته وأصحابه كما في يوم بدر، حيث قال تعالى (اذا تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين).
وتابع ان الحادثة الشهيرة في مقتل السبعين صحابيا من القراء في حادثة بئر معونة كشفت لنا ايضا عن كيفية تعامل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مع الفتن والمحن، حيث لجأ الى الدعاء والقنوت في الصلوات، وفي صحيح مسلم «دعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على الذين قتلوا اصحاب بئر معونة ثلاثين صباحا».
وأوضح الشبل ان طاعة ولاة الامر من الحكام والعلماء طاعة غير مطلقة، انما هي مقيدة ومرتبطة بطاعة الله ورسوله كما في قوله (يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) فسبق لفظي «الله» و«الرسول» بكلمة «أطيعوا» ولم يسبقهما بكلمة «أولي الامر منكم» تأكيدا منه تعالى ان طاعة ولاة الامر تكون تبعا لطاعة الله ورسوله، محذرا في الوقت نفسه من الاستهانة بمكانة ولاة الامر وهيبتهم ولو بالقول، مبينا ان الخروج على ولاة الامر لا يبدأ بالسلاح، بل يسبقه السب والشتم والتقليل من قدرهم والحط من منزلتهم.
وحول الاحداث الاخيرة في غزة انكر الشبل على من اختزل القضية الفلسطينية على القومية والوطنية وعلى من صور قضية القدس على انها صراع بين احزاب متناحرة، مؤكدا انها القضية اسلامية بالدرجة الاولى.