بشرى الزين
حينما ألقى زعيم «حركة الحقوق المدنية» مارتن لوثر كينغ خطابه «أنا لدي حلم» في المنتزه الوطني للعاصمة واشنطن في العام 1963، لم يدرك ان هذا الحلم الذي شارك في الاستماع اليه ملايين الاميركيين من ذوي الاصول الافريقية قد فاق ما كان يتطلع اليه، ليروا اليوم والعالم كله كيف تعلم المجتمع الاميركي تقدير القوى الكامنة في تنوعه ليصل الرئيس باراك اوباما ذو الاصل الافريقية الى سدة البيت الابيض في نوفمبر الماضي.
ولعل تذكر مآثر الرجال والنساء من الاميركيين من اصول افريقية التي أقنعت عددا كبيرا من الاميركيين بوضع حد لممارسات «العبودية» والتمييز وايجاد اتحاد تكون فيه الدولة ممثلة للشعب ومصالحه.
تاريخ هؤلاء سردته الشاعرة الاميركية ايلن افانز في امسية ادبية أقامتها السفارة الاميركية على مسرح مكتبة البابطين مساء اول من امس بحضور السفيرة الاميركية ديبورا جونز وعدد من الديبلوماسيين ومحبي الادب في المجتمع الكويتي.
وقالت السفيرة جونز في كلمة ألقتها في بداية الامسية الادبية ان الولايات المتحدة التي تأسست في 1776 بلد بني على اسس احترام الحقوق والحريات وعدم التمييز في الدين والعرق أو الجنس والجذور الوطنية.
واضافت: في شهر فبراير من كل عام تحتفل الولايات المتحدة الاميركية بمناسبة يطلق عليها اسم شهر تاريخ الاميركيين الافارقة، «حيث نتذكر مآثر الرجال والنساء من الاميركيين من اصول افريقية ونكرمهم، فهم ساهموا في اثراء الحياة الاميركية على كل الاصعدة وعملوا على دعم جهودنا في سبيل تصحيح اللامساواة في المجتمع الاميركي.
مشيرة الى ان بلادها منذ نشوئها عانت من العبودية، هذا النقص الاخلاقي وما صاحبه من ممارسات التفرقة التي كان لها أكبر الأثر في اميركا دون بلاد اخرى، ولعل ذلك يعود لكوننا في الاصل بلد المهاجرين».
مضيفة «نحن قطعنا اشواطا كبيرة نحو بناء مجتمع متكامل لا تفرقة فيه في الدين أو العرق او الجذور الوطنية أو الجنس. لقد اكتشفنا وتعلمنا كيفية تقدير القوى الكامنة في تنوعنا». وهذا ما شهده العالم أجمع في شهر نوفمبر الماضي. ولكن رحلتنا على هذا الدرب كانت طويلة وشاقة.
وذكرت انه «وبحسب العديد من الناس، يعود فضل استمرار نضال أميركا من اجل بناء مجتمع متمازج تنصهر فيه الاختلافات بين المهاجرين الاميركان الآتين من جميع أنحاء العالم.
فبعد اكثر من 75 عاما على نشوء الولايات المتحدة في 1776 وفي بلد بني على اسس احترام الحقوق والحريات نشبت حرب اهلية دموية بسبب الازمات والخلافات المتوارثة حول قضية العبودية، وهذا ما قاد الرئيس الاميركي ابراهام لينكولن الى توقيع بيان تحرير العبيد الذي اعلن فيه عن انهاء العبودية.
ولكن ومع حلول عام 1877 استطاعت حكومات محلية ايجاد سبل لإحياء بعض خصائص هذا النظام الاستبدادي بما في ذلك انكار حق الاميركان الافارقة في المشاركة في التصويت.
وأكدت ان اليوم يستمر هذا النضال من اجل ايجاد اتحاد متكامل تكون الدولة فيه ممثلة من الشعب وتعمل على تحقيق مصالح الشعب، ورغم اننا نعتز بهذه الانجازات لكننا ندرك ان الصراع لم ينته، المهم هو ان الشعب الاميركي حريص على استمرار هذا التقدم ولكي نمضي قدما يجب ان نتذكر تضحيات من سبقنا وان نجعل نضالهم مصدر إلهام لنا.
وقالت: ويبقى تراث الرواية المحكية، والكلمة المسموعة، والقصص الإنسانية الشخصية وسيلة فاعلة تحمل من الماضي معاني الألم والعذاب والشغف والفخر، كضمانة اننا لن ننسى ومرشد للمستقبل، عظمة الكلمة الانسانية ببساطتها والصوت الإنساني والحكايات الشفهية تؤكد مركزيتنا في العالم الأخلاقي وتذكرنا بأننا كممثلين اساسيين في هذا العالم، يتوجب علينا ان نتحمل مسؤولية خياراتنا، خيارات نتخذها بناء على ما يزرعه فينا الخالق من منطق عالمي متأصل فينا، هي كلمات تعبر عن الآمال المشتركة والأحلام والتجارب تلك التي تجمعنا على المستوى الروحي وتقودنا في رحلتنا.
وكانت الشاعرة ايلين افانز قدمت عرضا قصصيا على مسرح مكتبة البابطين عكست التاريخ الاميركي والتراث الادبي للمواطنين الأميركيين من اصول افريقية كما تضمن العرض عددا من الاغاني والاشعار التي مثلت قدرة الادب على نقل صور من التاريخ المعاصر.
وقالت افانز: «ان الكويت بلد مليء بالجمال والسحر والغموض وانني معجبة بما يتوافر بهذا البلد من تقاليد وحكم قديمة غنية بالحكايات والأساطير الشعبية، مشيدة بالتشابه بين الأدب والشعر القصصي الاميركية ونظيراتها في الادب العربي مثل «حكايات الف ليلة وليلة».