ماضي الهاجري
سامي عبدالحفيظ
بينما تبادل النائبان خالد السلطان ود.ضيف الله بورمية «الاجتهادات» الفقهية حول شرعية شراء الدولة لفوائد قروض المواطنين، ومشروع خطة الانقاذ الوطني، واصلت اللجنة المالية البرلمانية أمس مناقشة خطة الانقاذ وأنهت مناقشة الباب الثالث.
وكشف النائبان علي الراشد ومرزوق الغانم عن تعديلات ستقدم تشمل خطة الانقاذ وشراء مديونيات المواطنين.
مقرر لجنة الشؤون المالية أحمد لاري قال ان اللجنة ناقشت في اجتماعها امس الباب الثاني الخاص بالشركات الاستثمارية، والمادة 10 التي تتطرق الى تصنيف هذه الشركات والتي تخص الشركات المليئة، مؤكدا ان الدعم سيكون فقط للشركات «المليئة»، وبالنسبة للشركات غير المليئة فإنها ستوجه الى قسم آخر وهو اعادة النظر في وضع هذه الشركات، من خلال بحث مدى قدرة المساهمين على معالجة أوضاعهم المالية.
واضاف لاري في تصريح صحافي امس ان هناك نوعين من الشركات المليئة، النوع الاول هو الذي يؤدي سقوط شركات الى أزمة نظامية، والآخر هو الذي لا يؤدي الى أزمة نظامية، واشار لاري الى ان اللجنة ستجتمع اليوم بحضور رئيس محكمة الاستئناف فيصل المرشد لمناقشة موضوع العقوبات والاحكام القضائية، لافتا الى ان اللجنة وجهت دعوات لاتحاد المصارف والجمعية الاقتصادية لحضور اجتماع غد الثلاثاء، بينما قصرت اجتماع الاربعاء على دعوة الافراد أمثال جاسم السعدون ممن لديهم اهتمام بالشأن الاقتصادي، مشيرا الى انه في يوم الاربعاء ستكون الصورة مكتملة، وستجتمع اللجنة الخميس للانتهاء من القانون ورفعه الى المجلس، مؤكدا ان تقرير اللجنة سيكون جاهزا في جميع الاحوال قبل عطلة العيد الوطني.
وحول قانون شراء المديونيات قال لاري ان هذا القانون محال الى اللجنة التشريعية، لافتا الى ان اللجنة المالية في انتظاره، ووجهت رسالة الى الرئيس طالبته بموجب المادة 99 انه اذا كانت هناك أي قوانين متعلقة بالاستقرار المالي احالتها الى اللجنة المالية.
لا يجوز شراء الدين بدين
من جانبه، أكد النائب خالد السلطان انه لن يتطرق الى اعادة جدولة الديون، مبينا ان الحد الذي بينه وبين النائب د.ضيف الله بورمية هو الشرع، فإذا أراد تطبيقه فعليه الرجوع الى فتوى بن عثيمين التي لا تجيز شراء دين بدين، مشــــددا في الـــوقت نفسه على ان الفــــتوى تنطـــبق على الشركات والافراد.
وقال السلطان في تصريح صحافي ردا على تصريح للنائب د.ضيف الله بورمية انه لم يتطرق الى اعادة جدولة ديون المواطنين من عدمه، مؤكدا ان تصريحه كان محصورا على مشروعية شراء دين بدين، مضيفا انه فيما يتعلق بتوزير د.موضي الحمود ونورية الصبيح فهذا الموضوع قد تمت احالته الى اللجنة التشريعية لدراسة دستوريتها، موضحا ان التجمع كان من الداعين لذلك واننا تحدثنا عن فتوى بن عثيمين التي لا تجيز شراء دين بدين، وتنطبق هذه الفتوى على اي شيء شركات كانت او افراد، املا ان يكون تصريح النائب د.ضيف الله بورمية قيل بناء على فهم خاطئ وليس للتلبيس.
واوضح ان مشروع الانقاذ الذي يناقش في اللجنة المالية اذا كان يوجد به شراء ديون فلا يجوز، مبينا ان مواد القانون ليست بها شراء ديون والمادة المتعلقة بالبنوك لم تستثن قروض المواطنين فالمادة تتحدث عن عامة قروض البنوك وبالتالي لم يتسن اي قرض سواء للمواطنين او للشركات.
وحول موضوع توزير الوزيرتين د.موضى الحمود ونورية الصبيح قال السلطان: ننتظر تقرير اللجنة التشريعية فإذا كان التقرير وفق قانون الانتخابات بأنه غير دستوري فسنصوت معه، اما من الناحية الشرعية فإنه لا يجوز مضيفا: وان كنا ابدينا رأينا كتجمع سلفي في قضية التوزير.
واضاف السلطان: اننا لن نوافق على اي شيء غير شرعي وان كنا متعاطفين مع المواطنين المقترضين، مبينا ان الاخ بورمية يعرف حلولا تتوافق مع الشريعة اذا اراد السلوك في هذا المسلك، موضحا ان الفلسفة التي طرحت بشأن تعزيز الاستقرار هي حماية البنوك والنظام المصرفي فقط بوضع حائط حتى لا تصل البنوك الى حالة الفشل والوصول الى ازمة نظامية مصرفية، مبينا انه احد المعترضين على الاستراتيجية التي تقـــــدمت بها الحكومة وهي التي تتحمل مسؤوليتها مؤكدا ان الحد الذي بيننا وبين بورمية هــــو الشرع واذا كان حريصا على الالــــتزام بالشريعة فعليه الرجــــوع الى الفتوى مبينا ان التجمع سيستعين بالرأي الشرعي من خلال اللجنة.
وقال السلطان حول تساؤل بعض النواب عن مشروعية شراء القروض ان الله عز وجل قال (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
واضاف السلطان ان هناك فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعدم شراء دين بدين، مضيفا ان كنا نتعاطف مع المواطنين ولكن اي اجراء يتخذ يكون وفق الشريعة الاسلامية.
شراء الدين جائز شرعاً
بدوره قال النائب د.ضيف الله بورمية انه وجد تحمسا من اعضاء اللجنة المالية في قضية شراء المديونيات الخاصة بالمواطنين موضحا ان اللجنة خاطبت رئيس المجلس لاحالة موضوع المديونيات عليها ليتم الانتهاء من تقريرها حوله، موضحا انه لمس كل تحمس واهتمام بهذا الجانب.
ولفت بورمية الى انه في الايام القادمة ستتم مناقشة هذا الموضوع ومناقشته بحضور ممثلي الحكومة ويكون الانتهاء منه قبل جلسة 3/3 المقبلة،مشيرا الى ان طلبا سيقدم في جلسة 3/3 المقبلة لمناقشة هذا الموضــــوع.
وبسؤاله حول الفتوى التي ذكرها النائب خالد السلطان بأنه لا يجوز شراء الدين بدين آخر اجاب: مع شديد الاحترام لاخي النائب خالد السلطان الا ان هذا امر لا نعتبر ان به شيئا من الناحية الشرعية بل بالعكس هذا الامر جائز شرعا، لان الحكومة تدفع عن المواطن ما عليه من اصل الدين ويتم تسديدالمبلغ الذي دفعته الحكومة على اقساط شهرية يتحملها المواطن مبينا ان ذلك امر يجازى عليه بالخير من يفعله لأن به تفريج كربات عن المواطنين، وقال «ان ذلك الأمر جائز شرعا ولا يوجد به أي مواد ربوية وأسأل الأخ خالد السلطان: هل جائز شرعا ان تدعم البنوك الربوية؟ وهل جائز شرعا دعم الشركات الربوية؟ وهل جائز شرعا وجود وزيرتين لا تلتزمان بالضوابط الشرعية؟».
واوضح بورمية ان موضوع شراء المديونيات لا توجد به اي موانع شرعية ومن غير المقبول ان تؤخذ الفتاوى وان تلبس مواضيع لا تنطبق عليها، مشيرا الى ان الحكومة اذا كانت تشتري تلك المديونية بمبلغ وتبيعها بمبلغ آخر فهذا بكل تأكيد أمر ربوي ولكن الآن في قضية شراء المديونيات الحكومة تشتري المديونية بمبلغ وستأخذ من المواطن نفس المبلغ، وفي هذه الحالة ولعدم وجود فوارق في المبلغ اعتقد انه بالعكس الحكومة سيأتيها الأجر على هذا العمل لأن به تفريجا لكربات المواطنين.
تعديلات على خطة الإنقاذ
بدوره أكد أمين سر المجلس النائب علي الراشد انه والنائب مرزوق الغانم بصدد تقديم تعديلات على التشريعات المقدمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية ومديونيات المواطنين خلال الفترة المقبلة بما يضمن تحقيق العدالة والمساواة للجميع، لافتا الى انه لن يقبل أي تشريع مقدم في هذا الشأن دون أن يضمن الشمولية في المعالجة والمساواة.
وقال الراشد في تصريح للصحافيين يوم امس انه يبحث وبعض النواب عن مخرج لمعالجة الأزمة الاقتصادية وتداعياتها على الشركات الاقتصادية والمواطنين، لافتا الى ان هذا المخرج سيتم السعي اليه وفق الأطر القانونية وبما يضمن حماية المال العام ويحظى بقبول الشارع الكويتي.
واضاف الراشد ان هذا المخرج لا يمكن الوصول اليه بين ليلة وضحاها وانما يحتاج الى فترة زمنية معينة حتى يتم تقديمه بشكل شامل يراعي الغايات التي وجد من أجلها، مستدركا ان هذا المخرج ليس بالضرورة ان يكون عبر اقتراح بقانون وانما عبر تعديلات على التشريعات المقدمة من قبل الحكومة ومن قبل بعض النواب.
ولفت الراشد الى ان هذه التعديلات سيتقدم بها مع النائب مرزوق الغانم خلال الفترة المقبلة بما يضمن تحقيق العدالة للجميع، مؤكدا انه لن يقبل أي تشريعات لا تراعي العدالة والمساواة وتشمل الجميع شركات ومواطنين.
بدوره اتهم سعدون حماد العتيبي اعضاء اللجنة المالية بمخالفة اللائحة وتجاهل المقترح النيابي الداعي الى شراء القروض تبعا لتوجهاتهم وقناعاتهم الشخصية حيث ان لهم موقفا معروفا بمعارضة شراء المديونيات، مشددا على ضرورة احترام اعضاء اللجنة وجهات النظر الاخرى والالتزام باللائحة التي تنص على ان تكون أولوية النقاش بحسب الاسبقية.
وقال حماد في تصريح للصحافين امس ان مقترح شراء مديونيات المواطنين موجود في اللجنة المالية ولكن لم تتم مناقشته الى الآن ولم يتم استدعاء النواب مقدمي الاقتراح، مستغربا إلحاح اعضاء اللجنة المالية على اعطاء الأولوية لمناقشة المشروع الحكومي لانقاذ الوضع الاقتصادي على الرغم من ان المقترح النيابي قدم الى اللجنة قبل المقترح الحكومي.
واوضح انه لا خلاف على ضرورة معالجة الوضع الاقتصادي الا ان مديونيات المواطنين هي ايضا جزء من معالجة الوضع الاقتصادي في البلد، مبينا ان اللجنة المالية مستميتة على انهاء مناقشة مشروع الانقاذ الحكومي رغم وجود ملاحظات لدى النواب على بعض الشركات التي يجب ألا يتم شمولها بالدعم المالي وخصوصا الشركات الورقية.
ودعا الى الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في معالجة الأزمة الاقتصادية وعلى سبيل المثال اسبانيا التي اقرت قانونا يقضي بمنح منحة وقرض دون فوائد لكل مواطن اسباني يرغب في شراء سيارة وذلك بهدف انقاذ شركات صناعة السيارات من تداعيات الأزمة الاقتصادية، مشددا على ان أي معالجة ينبغي ان يكون الاساس فيها المواطن.
واكد على انه يمكن من خلال العمل بمقترح شراء مديونيات المواطنين واعادة جدولتها ضرب عصفورين بحجر أولها معالجة مشكلة القروض والثاني توفير السيولة لدى البنوك بعد سداد مديونيات المواطنــــين، معربا عن تــــفاجئه هو وعدد من النواب من تجــــاهل اللجنة المالية للمقترح النيابي وتجاوزها اللائحة التي تنص على ان تكون الأولوية في النقاش للمقترح الـــــذي له الاسبقية وهو المقترح الداعي لشراء المديونيات وليس المقترح الحكومي كما هو حاصل في اللجنة الآن.
وشدد على ان النواب سيطالبون بمناقشة مقترح شراء المديونيات في الجلسة المقبلة في الوقت نفسه الذي يناقش مشروع الانقاذ الاقتصادي ليصدر به تقرير على هامش الجلسة، مشيرا الى ان اللجنة المالية اتجهت نحو مطالب الطبقة المعروفة ولكن الرأي سيكون في النهاية للمجلس، متمنيا من اعضاء اللجنة المالية احترام آراء اخوانهم مقدمي اقتراح شراء مديونيات المواطنين.
من جانبه أكد النائب مرزوق الغانم ان مشروع الحكومة في شأن تعزيز الوضع الاقتصادي والمالي ـ الذي تناقشه اللجنة المالية البرلمانية ـ لا يسمن ولا يغني من جوع، ولن يفيد المواطن او ينقذ الاقتصاد، معربا عن خشيته من استخدام هذا القانون بطريقة تعسفية تضر بالاقتصاد.
أضاف في تصريح الى الصحافيين ان هذا القانون مجرد تأدية واجب، ولا يتضمن تعاريف واضحة للعديد من الأمور، مشيرا الى ان المشروع الحكومي يمنح تفويضا كاملا للبنك المركزي، الذي بدوره سيرمي الكرة في ملعب البنوك لدى تطبيقه بصورة لن تنفع الاقتصاد.
وأعلن انه ومجموعة من النواب تمثل مختلف التوجهات يعكفون على اعداد تعديلات على المشروع الحكومي من شأنها إنقاذ الاقتصاد، وإفادة المواطن البسيط وتنقذ ما تبقى من مدخرات المواطنين وصغار المستثمرين، مؤكدا ان التعديلات ستتسم بالعدالة والشفافية.
وقال: لا يمكن ان أوافق على القانون بالصيغة المقدمة حاليا، مؤكدا افتقار القانون لكل ما من شأنه الانعكاس ايجابا على الاقتصاد.
وأوضح ان التفويض الذي يمنحه القانون لمحافظ البنك المركزي سينتقل الى البنوك مقابل ضمانات بسيطة، تأمل الحكومة من خلالها إنقاذ الشركات المستحقة.
وأكد ان إنقاذ الاقتصاد هو إنقاذ اكثر من 750 الف مساهم في البورصة، مبينا ان القانون الحالي لن يؤدي هذا الغرض، الأمر الذي يتطلب إجراء تعديلات جوهرية من قبل نواب يجرون مشاورات في هذا الاطار، لافتا الى ان القيمة السوقية في البورصة انخفضت خلال 6 اشهر من 66 الى 28 مليار دينار.
ووعد الغانم بإنجاز تقرير اللجنة المالية في أسرع وقت ممكن، بعد ان تستمع الحكومة الى وجهات النظر النيابية الوجيهة، ليتم حسم القانون المعدل بأغلبية نيابية، ليكون قانونا اكثر دقة، ويستفيد منه المواطن البسيط، ويزيد من فرص إنقاذ الاقتصاد الكويتي، محذرا من ان الصيغة الحالية للقانون بمنزلة قفز الى المجهول طبقا لفلسفته الحالية.