أكد محافظ بنك الكويت المركزي ورئيس فريق العمل الاقتصادي لمواجهة آثار انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الشيخ سالم العبدالعزيز على اهمية المشروع بقانون بشأن تعزيز الاستقرار المالي في الدولة بالنسبة للقطاعات الاقتصادية المختلفة والاقتصاد الكويتي عموما.
جاء ذلك في رد على مجموعة من الاسئلة التي وجهتها وكالة الانباء الكويتية (كونا) للمحافظ حول ما يثار في وسائل الإعلام المحلية من تعليقات وملاحظات حول مشروع القانون سواء تلك التي تتعلق بأهميته بالنسبة للقطاع المصرفي والاقتصاد الكويتي او ما يثيره البعض من أن المشروع ينطوي على تكلفة عالية على الدولة.
وأوضح المحافظ ان المشروع بقانون يتعلق ببرنامج لتعزيز الاستقرار المالي في الدولة ويأتي وضع هذا البرنامج في إطار السياسات والإجراءات الاحترازية والاستباقية التي «نرى أنه من المهم جدا أن تكون جاهزة لمواجهة أي انعكاسات سلبية للأزمة المالية العالمية على النظام المالي في الدولة وعلى الوضع الاقتصادي بصفة عامة».
وأضاف انه من المرتكزات المهمة التي يقوم عليها البرنامج تحصين القطاع المصرفي في الدولة من أي انعكاسات للأزمة المالية العالمية كمدخل لتعزيز الاستقرار المالي حيث إنه بات لا يخفى على أحد في وقتنا الحاضر أهمية الدور الذي تلعبه البنوك في الحياة الاقتصادية من حيث تجميع المدخرات وإقراضها وأن أي أزمة قد يواجهها بنك معين ربما تنتقل الى البنوك الأخرى بما قد يكون لذلك من تأثيرات سلبية على الوضع الاقتصادي برمته.
التاثيرات السلبية
وأوضح ان من هذه التاثيرات السلبية فقدان جزء من هذه المدخرات وحرمان الاقتصاد من التمويل اللازم لعملية التنمية بالإضافة الى فقدان الموظفين وظائفهم وأعمالهم وقيام البنوك بتسييل الضمانات والأصول وإحداث تراجع كبير في الأسعار.
وأكد المحافظ ان المرتكز الأساسي لحماية القطاع المصرفي يقوم على أساس قيام الدولة بضمان العجز في المخصصات المحددة التي يتعين على البنوك تكوينها مقابل محفظة التسهيلات الائتمانية والتمويل والانخفاض الذي قد يطرأ في قيمة كل من محفظة الاستثمارات المالية والمحفظة العقارية لدى البنوك وذلك من خلال توجيه أرباحها (جزء منها أو كلها) لبناء ذلك العجز ومواجهته وبالتالي فان الدولة لن تتحمل أي أعباء مالية نتيجة لذلك.
وردا على سؤال عما إذا كان ذلك الضمان ينطوي على تكلفة عالية على الدولة قال الشيخ سالم العبدالعزيز «ان هذا الضمان الحكومي لا ينطوي على تكلفة على الدولة حيث ان هذا الضمان هو بمثابة غطاء قانوني ومعالجة محاسبية تستطيع معها البنوك (في حالة ما اذا كانت هناك حاجة لهذا الضمان نتيجة العجز في المخصصات المطلوبة) مواجهة ذلك من خلال بناء احتياطيات سنوية من صافي أرباحها وبصورة تدريجية وعلى مدار فترة قد تصل الى 15 عام».
تعزيز الثقة
وأضاف انه من الواضح أن الدولة لا تتحمل أي تكلفة وإنما دخلت كطرف ملىء ضامن مما يعزز الثقة في النظام المصرفي في الدولة ويعزز الاستقرار المالي، موضحا أن هناك مسألة مهمة قد تكون غائبة عن أذهان الكثيرين وهي أن هذا المشروع وهو ينطوي على معالجات لحماية الجهاز المصرفي فان من شأنه أن يحمي الالتزام القائم على الدولة بصدور قانون ضمان الودائع في البنوك.
وردا على سؤال آخر حول الاعتبارات التي تم على أساسها تقدير 4 مليارات دينار كتمويل جديد تقدمه البنوك للقطاعات الاقتصادية المنتجة تضمنه الحكومة على ألا يتجاوز الضمان نسبة 50% من رصيد التمويل وأهمية ذلك وتكلفته على الدولة قال المحافظ ان المبلغ المذكور يمثل التمويل الذي ستقدمه البنوك المحلية الى القطاعات الاقتصادية المحلية المنتجة خلال عامي 2009 و2010.
وأضاف ان ذلك سيتم في إطار عملية منح القروض والتمويل التي تقوم بها البنوك ولذلك لابد أن يكون واضحا أن هذه الأموال هي من أموال البنوك وليست من أموال الدولة حيث ان دور الدولة يتمثل في ضمان لنسبة 50% من هذا التمويل الجديد الذي تقدمه البنوك الى هذه القطاعات الاقتصادية ويعتبر هذا الضمان من جانب الدولة ركيزة أخرى مهمة يقوم بها المشروع.
حجم التمويل
وقال ان تحديد هذا المبلغ ـ وهو 4 مليارات دينار ـ قد تم في ضوء مراجعة حجم التمويل الذي قدمته البنوك للقطاعات الاقتصادية المنتجة خلال السنوات الخمس الأخيرة حيث لوحظ أن هذا التمويل كان يتزايد في المتوسط بنحو 2 مليار دينار سنويا.
وأشار الى انه في إطار الإجراءات الاحترازية اللازمة لعدم دخول الاقتصاد في مرحلة انكماش «فقد رأينا أنه من المناسب أن تستمر البنوك في تقديم التمويل اللازم للقطاعات الاقتصادية المنتجة خلال عامي 2009 و2010 وهما العامان الأكثر حرجا لانعكاسات الأزمة المالية العالمية».
وأكد على ان مثل هذه الإجراءات ضرورية حيث ان البنوك في أوقات الأزمات تصبح متحفظة بدرجة عالية وتضعف لديها حوافز الإقراض سواء كان ذلك بالنسبة للبنوك الكويتية أو غيرها لذلك ومن أجل تحفيز البنوك على تقديم التمويل للقطاعات الاقتصادية المحلية المنتجة فقد تضمن المشروع بقانون ضمان الدولة لنسبة 50% من التمويل الذي تقدمه جميع البنوك خلال عامي 2009 و2010.
وأوضح ان هذا الأمر يشكل أهمية كبيرة من أجل عدم توقف المشاريع تحت الانجاز التي بدأت قبل بداية الأزمة المالية العالمية وينطبق ذلك على الشركات الكبيرة والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والمؤسسات الأخرى التي تستخدم هذا التمويل في نشاط اقتصادي منتج لديها.
وأضاف انه ضروري أيضا السماح بتقديم التمويل لأي مشاريع جديدة مهمة لعملية التنمية الاقتصادية في البلاد وإيجاد التفاعل الضروري فيما بين القطاع المصرفي والقطاعات الاقتصادية من خلال انتظام تدفق الأموال بين مختلف القطاعات المالية والاقتصادية لما هو في مصلحة جميع هذه القطاعات الى جانب عدم التأثير سلبا على العمالة لدى القطاع الخاص خاصة أن هذه العمالة مصدر إنفاق يشجع عملية مواصلة النمو الاقتصادي.
وحول إذا كان الضمان سيؤدي الى تكلفة عالية على الدولة قال المحافظ أود أن ابين مرة أخرى أن ضمان التمويل المشار اليه يفترض ألا ينطوي على تكلفة مالية على الدولة وذلك أخذا في الاعتبار ما تضمنه المشروع بقانون من ضوابط بشأن الزام البنوك بتقديم هذا التمويل في ضوء محددات وشروط معينة.
وأضاف ان من هذه المحددات والشروط الزام البنوك بالتعليمات الصادرة عن بنك الكويت المركزي في شأن ترشيد السياسة الائتمانية وحصول البنوك على ضمانات كافية ومناسبة من العميل المقترض بحيث يتم تحديدها في ضوء أوضاع كل عميل وألا يستخدم التمويل الجديد لأغراض المضاربة أو المتاجرة في العقارات والأوراق المالية أو لسداد مديونيات قائمة على العميل.
ولفت الى ان ضمان الدولة من الناحية العملية سينحصر فقط في حالة تعثر العميل المقترض تحت هذا البند عن السداد ويكون الضمان بنسبة أقصاها 50% من رصيد القرض بعد خصم الضمانات المقدمة من العميل.
وأضاف «ان ضمان الدولة لنسبة 50% من مبلغ التمويل المذكور وقدره 4 مليارات دينار يأتي في الواقع في إطار تقدير مبلغ التمويل الذي يمكن أن تقدمه البنوك للقطاعات الاقتصادية المنتجة، كما أشرنا سابقا الى أن ضمان الدولة بنسبة 50% يفترض ألا تترتب عليه في الممارسة المصرفية أعباء على الدولة بالصورة التي يعتقدها البعض».
دعم السياسة المالية
وبين أن قيام البنوك بتقديم هذا الحجم من التمويل الى قطاعات الاقتصاد القومي يمثل دعما للسياسة المالية خاصة فيما يتعلق بالإنفاق الاستثماري حيث انه في هذه الحالة فان السياسة النقدية والسياسة المالية ستعملان معا دون إلقاء كامل العبء على السياسة المالية.
وحول ضمان الدولة لنسبة 50% من التمويل الجديد الذي تقدمه البنوك لشركات الاستثمار خلال عامي 2009 و2010 وأهميته وتكلفته على الدولة ذكر أن شركات الاستثمار التي ستتم معالجة أوضاعها المالية بموجب هذا القانون هي «الشركات ذات الملاءة والتي لديها قدرة على الاستمرار ومواصلة نشاطها بناء على تقييم حقيقي لوضعها المالي يتم من قبل جهة استشارية مالية متخصصة».
وأضاف ان هذه الشركات ستضع في محفظة أصولا تكفي لتغطية ديونها تجاه البنوك المحلية والأجنبية القائمة قبل صدور هذا القانون بالإضافة الى التمويل الجديد الذي يتم منحه في هذا الشأن.
وأوضح ان ذلك يعني أن هذه الشركات مؤهلة أصلا لأن تحصل على التمويل الذي تحتاجه حتى دون أن تتدخل الدولة لضمان 50% من التمويل الجديد ولذلك فقد جاءت ضمانة الدولة بسبب انعكاسات الأزمة المالية العالمية والتي عادة ما تجعل البنوك تتردد في تقديم التمويل حتى لأفضل عملائها التقليديين.
وقال ان ضمان الدولة لنسبة 50% من التمويل الجديد هو لتحفيز البنوك على تقديم التمويل الذي تحتاجه هذه الشركات والذي تم حصره بغرض تسديد التزامات الشركة في 31/12/2008 تجاه الجهات المحلية في الكويت (بخلاف البنوك) وكذلك في سداد نقدي لنسبة لا تزيد على 25% من مديونياتها تجاه البنوك والمؤسسات المالية الأجنبية في إطار جدولة شاملة لمديونية الشركة تتم إدارتها من قبل البنك الكويتي المدير الذي يحدده بنك الكويت المركزي وبما يسمح لهذه الشركة بأن تستمر في مواصلة نشاطها.
وقال المحافظ ان المعالجة التي تضمنها المشروع لشركات الاستثمار هي لمصلحة البنوك وشركات الاستثمار والعمالة الوطنية لدى هذه الشركات والتي يجب ألا تقل نسبتها عن 50% والمصلحة الاقتصادية العامة.
وحول ما إذا كانت المعالجة المقترحة لشركات الاستثمار سترتب تكلفة كبيرة على الدولة قال المحافظ «من غير المتوقع أن تكون هناك تكلفة على الدولة حيث ان الشركات التي ستخضع لهذه المعالجة هي الشركات المؤهلة والمليئة والتي لديها أصول جيدة والتي تعتبر قادرة على مواصلة نشاطها بناء على تقييم جهة استشارية متخصصة».
وأضاف انه ينطبق على هذا الضمان ما سبق أن أوضحته بالنسبة لضمان الدولة لنسبة 50% من القروض الجديدة المقدمة لقطاعات النشاط الاقتصادي المنتجة، وردا على سؤال حول ما اذا كان هناك دور مباشر لمساهمي البنوك وشركات الاستثمار في مساعدة بنوكهم وشركاتهم قال المحافظ ان المشروع بقانون تضمن نصوصا واضحة حول قيام البنوك وشركات الاستثمار بزيادة رؤوس أموال هذه البنوك والشركات وكذلك تقديم التمويل المساند لها من قبل المساهمين.
وحول أهمية دور الإنفاق العام قال المحافظ «سبق أن أشرت في أكثر من مناسبة أنه في أوقات الأزمات المالية وأوقات الركود الاقتصادي فان السياسة المالية هي التي يقع عليها في المقام الأول الأخذ بزمام المبادرة لتشجيع الحركة الاقتصادية في الدولة من خلال تعزيز معدلات الإنفاق العام الذي يعتبر المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي».
وأكد «ان الدولة مطالبة وبشكل عاجل بزيادة الإنفاق الاستثماري بما في ذلك التعجيل في تنفيذ بعض المشاريع الكبرى ومن المهم أن أوضح أيضا ان الإنفاق الاستهلاكي هو على درجة كبيرة من الأهمية لأن الاستهلاك هو العنصر المحفز للاستثمار وللحركة الاقتصادية».