سعت الكويت منذ استقلالها وتطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية فيها الى حفظ كل مظاهر التراث الاقتصادي والاجتماعي التي سادتها في الماضي فأوجدت لتحقيق هذا الهدف مؤسسات اجتماعية تحفظ هذا التراث الذي تمثل (ديوانية القلاليف) احد عناوينه.
وقال رئيس ديوانية القلاليف بدر القلاف ان صناعة السفن من اقدم المهن في تاريخ الكويت اذ ربما تعود لقرون عدة ولهذا رأت الدولة ان تحفظ هذه المهنة التي توارثها الاجداد ثم اندثرت مع ظهور النفط واستقلال البلاد عام 1961.
وقال القلاف في لقاء مع «كونا» ان من اهداف ديوانية القلاليف حفظ اهم حرفة ومهنة في كويت الماضي وهي صناعة السفن الخشبية الشراعية لكي تتعلمها الاجيال التي لم تشهد تلك الحقبة من تاريخ الكويت.
واستعرض تاريخ صناعة السفن بالقول انها بدأت بصناعة سفن مثل «البغلة» و«البتيل» للنقل التجاري حيث تعتبران نقطة تحول كبيرة اذ اثبتت مهارات صناع السفن لانها استطاعت الوصول الى سواحل الهند واليمن.
وتابع القلاف ان البغلة استبدلت بسفينة «البوم» التي اثبتت مقدرتها كأفضل سفينة للنقل التجاري اذ كانت تبحر الى موانئ بعيدة سواء على سواحل افريقيا او الهند وكانت عاملا في اجتذاب الأيدي العاملة ما ساعد على التوسع في مهنة صناعة السفن.
واضاف ان «البوم» من اهم انواع السفن التي صنعت في الكويت فهي رمز للامارة انذاك وقد تطورت صناعتها فتم تزويدها بمعدات خاصة لنقل صهاريج المياه الكبيرة حيث كانت تجلب الماء العذب من شط العرب لكي يفرغ في الكويت.
واكد القلاف ان صناعة السفن في الكويت كانت تتم بدقة متناهية ومن دون اي رسومات او مخططات انما بالاعتماد على المعرفة والخبرة من جيل الى جيل.
وقال ان حكام الكويت الكرام رأوا اهمية المحافظة على الحرف الكويتية القديمة من الاندثار وتعريف الأجيال كيف بنى اهل الكويت بلدهم في ذلك الزمان وما كان يقوم به اجدادهم في الماضي.
من جانبه تحدث نائب رئيس الديوانية صادق القلاف عن ماضي الكويت مسترجعا زيارة بعض مهندسي الجيش البريطاني للكويت خلال الحرب العالمية الثانية حيث كانوا يبحثون عن سفن كويتية لتنقل المعدات الحربية بجميع اشكالها من اسلحة ودبابات.
وتابع انهم التقوا بعض «الاستاذية» اي مهندسي السفن والقلاليف وطلبوا منهم الحصول على رسومات وتصاميم ومخططات السفن ولكنهم فوجئوا اذ لم يجدوا اي مخطط لسفينة وعرض عليهم الاستاذية صنع «البوم» لهم اذ انها الاكثر تكيفا لنقل المعدات العسكرية.
واضاف ان الطرفين اتفقا على فترة لا تتجاوز شهرين من الزمن لبناء المعدات البحرية اللازمة لصنع الجسور البحرية لنقل الاسلحة والدبابات حيث استطاع القلاليف انهاء العمل للجيش البريطاني خلال 45 يوما وقد منح الملك جورج السادس وساما للاستاذ احمد بن سلمان وهو الاب الروحي للقلاليف آنذاك ولايزال الوسام معلقا في ديوانية القلاليف.
من جانبه قال عبدالله الاشوك ان ديوانية القلاليف تضم ورشة كاملة لصناعة كل نماذج السفن الشراعية التي كانت تبحر باسم الكويت في الماضي سواء كانت للغوص لاستخراج اللؤلؤ او للنقل التجاري او لجلب المياه العذبة او لنقل الصخور او للصيد البحري.
واستعرض بعض موجودات الديوانية وهي الادوات التي كانت تستخدم في صناعة السفن في الماضي لاسيما خشب الساج الذي يقاوم الرطوبة والاملاح ويعمر 150 عاما ومادة «الصل» التي تستخرج من سمك السردين وهي مادة تطلى بها السفينة من الداخل لحفظها من التآكل ومن حرارة الشمس.
واشار الى مواد اخرى مثل «الدامر» موضحا انها مادة صمغية تستخرج من بعض الاشجار في الهند وتخلط على النار مع القليل من «الصل» لطلاء الاجزاء السفلية من السفينة لحفظها من التعفن بالاضافة الى «الحل» وهو زيت ابيض اللون يستخرج من جوز الهند لسد الفتحات بين الالواح وغيرها من المواد والمعدات.
وتطرق الاشوك الى المتحف الصغير الذي يمثل احد اهم اركان ديوانية القلاليف ويضم نماذج مختلفة لأنواع من السفن اضافة الى معرض لبيع نماذج السفن.