ضاري المطيري
تشرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على معظم مساجد الدولة وتقوم بصيانتها دوريا وترميم القديم منها، كما تقوم بتعيين إمام ومؤذن راتب لها وتحيي فيها جميع النشاطات الثقافية كالدروس والمواعظ وحلقات القرآن، وتقوم قبل ذلك كله باستخراج رخصة البناء من المؤسسات الحكومية المعنية كالبلدية والإسكان والبترول وغيرها لضمان الأمن والسلامة.
لشغف الناس بمجاورة المسجد والحرص على نيل أجر بنائه أو المشاركة فيه مازالت المساجد في الكويت بحمد الله في ازدياد سواء في المناطق القديمة أو الجديدة، والداخلية أو النائية، ومع عسر استخلاص رخصة بناء المسجد أو للاستعجال في بنائه يلجأ بعض الأهالي الى تشييد ما يمسى بمساجد الكيربي، فلا تكاد تخلو منطقة سكنية من مسجد كيربي يشرف على إقامته أهالي الحي وأهل الخير من المحسنين، فيقومون بالإنفاق عليه وصيانته من مالهم الخاص عبر مشاركة الجيران، ونظرا لحادثة هدم مسجد الفنيطيس الأثري وما لحق ذلك من تساؤلات الناس عن مدى شرعية بناء مثل هذه المساجد غير المرخصة ومدى شرعية هدمها وإزالتها وتوجيه إنذارات لبعض المساجد بالإزالة كمسجد عمر بن الخطاب في منطقة صباح الناصر أول من أمس كان لـ «الأنباء» جولة استقصت فيها آراء بعض الدعاة والعلماء الى جانب آراء بعض المواطنين حول ظاهرة مساجد الكيربي، إيجابياتها وسلبياتها، حيث أنكر الجميع توجيه الانذارات لبيوت الله باعتبارها بيت على أرض مغصوبة وهي من الشعائر المقدسة والتعدي عليها إساءة لشعائرنا، وفيما يلي التفاصيل:
بداية أوضح أستاذ المعهد العالي للقضاء في الرياض الداعية السعودي د.عبدالسلام الشويعر ان على الناس ألا يتكلفوا في إنفاق الأموال لبناء المساجد التي تكون عرضة للهدم والإزالة من الدولة، مشيرا الى أهمية وأولوية أخذ إذن الدولة قبل كل شيء تجنبا لإهدار الأموال.
وتابع: أن الفقهاء تكلموا عن حرمة بناء المساجد على الأرض المغصوبة بينما الواقع ان مثل هذه المساجد انما بنيت على ملك عام وحق للناس جميعا فلا يقال إذن انها مبنية على أرض مغصوبة، مضيفا ان المساجد تعتبر نوعا من أنواع الوقف والجمهور يرون انه لا يشترط الإذن فيه لكن بعض المعاصرين يرون خلاف ذلك حيث يرون وجوب أخذ الإذن من الدولة.
المصلحة في الإزالة
وحول سؤال هل يجوز للدولة إزالة هذه المساجد؟ فالإجابة نعم، يجوز إذا رأت الدولة مصلحة في إزالتها، وغير ذلك فالأصل بقاؤها على ما هي عليه، وتابع انه لا يقال ان الدولة بهدمها للمسجد قد أبطلت الوقف لأن صاحب المسجد الذي أقامه لا يملك الأرض التي أقيم عليها المسجد.
ومن جهته أوضح رئيس اللجنة العلمية في جمعية إحياء التراث الإسلامي الداعية محمد النجدي قال انه لا يجوز للمسلم ان يسعى في ازالة بيت من بيوت الله التي يذكر فيها اسمه، ويصلى له فيها ويسجد، قال سبحانه: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها)، اي: لا احد اظلم ولا اشد جرما ممن منع مساجد الله تعالى ان يذكر فيها اسمه، وإقامة الصلاة وقراءة القرآن وغيرها من الطاعات.
وقوله (وسعى في خرابها) اي اجتهد وبذل وسعه في خرابها والخراب حسي ومعنوي اما الحسي فهدمها وتخريبها او تقذيرها، والخراب المعنوي: منع الذاكرين لاسم الله فيها وطردهم عنها.
وتابع: قال اهل العلم: يدخل في ذلك كل من اتصف بهذه الصفة، فيدخل فيه اصحاب الفيل الذين ارادوا هدم الكعبة، وقريش حين صدوا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) واصحابه عن العمرة عام الحديبية، والنصارى حين خربوا بيت المقدس، وغيرهم من الظلمة الساعين في خراب المساجد محادة لله تعالى ولدينه.
وأوضح النجدي انه اذا بنى احد مسجدا في ارض الغير دون موافقة منه ولا رضا، فله ان يزيله، لأنه وقف ارض غيره، والوقف لا يكون إلا بإذن مالك الأرض او العقار ونحوه، واذا حصل نزاع في ذلك حول ملكية الأرض، فإنه يرجع الى البلدية او الأوقاف وغيرهما من الجهات الرسمية لتفصل في النزاع.
وبدوره، تحدث الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الداعية بدر الحجرف عن مأساة الأهالي الذين يصلون في مساجد الكيربي فيما لو ازيلت فأين سيذهبون، حيث المساجد الأخرى بعيدة عنهم نسبيا، مرجعا سبب المشكلة الرئيسية الى سوء التخطيط، حيث إن كثيرا من الحارات السكنية تخلو من وجود مسجد.
وحول ما اذا كانت بعض مساجد الكيربي تشيد بشكل غير حضاري وغير منظم طالب الحجرف بضرورة رعاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لها وإعادة تصميمها لتتوافق مع المظهر العام.
آراء المواطنين
وبدوره، اوضح المواطن راشد الحيان ان ظاهرة مساجد الكيربي اتت لتلبي حاجة الأهالي الى وجود مسجد مجاور خاصة حين لا يكون هناك متسع كاف لبناء مسجد كبير بكافة مرافقه، مشيرا الى ان منطقة الرقعي تعطي مثالا واضحا للمناطق التي تعاني من قلة المساجد فيها رغم كثافتها السكانية مما استدعى البعض لتشييد مسجد كيربي على احد شوارعها، كما رأى في كثرة المساجد ظاهرة ايجابية تعكس مدى تمسك واهتمام المسلمين بأداء صلاتهم في جماعة، مطالبا الدولة المتمثلة بوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية بالاهتمام بمثل هذه المساجد التي كثيرا ما تعاني من سوء الصيانة وقلة النظافة.
واستنكر فالح الميموني ما قامت به لجنة التعديات في هدمها لأحد مساجد الكيربي، لافتا الى ان المساجد انما وضعت لتلبية حاجة المصلين في اماكن ليس فيها مساجد تشرف عليها الوزارة المعنية، وارجع الخلل والمشكلة في القضية الى سوء تنظيم المناطق السكنية وسوء توزيع المساجد فيها، حيث تحرم كثير من الوحدات السكنية من مجاورة المسجد فلا يستطيع صاحب البيت الذهاب الى اقرب مسجد مجاور الا بالسيارة.
واما سعود العازمي فأكد اهمية مثل هذه المساجد، مبينا انها تخدم جيران المسجد وخاصة كبار السن الذين يحرصون على حضور الجماعات ويشق عليهم السير طويلا او تخطي الشارع او قيادة السيارة.
كما استنكر بشدة ما لحق بمسجد الكيربي في الفنيطيس، واصفا هذا العمل بالجريمة الكبرى وسائلا الله ان يهدي من شارك في هدمه.