أسامة أبو السعود
أكد وزير النفط الشيخ احمد العبدالله أن الأزمة المالية العالمية وتداعياتها الكارثية جعلت الكثير من الحكومات تسارع لإيجاد الحلول المناسبة لها بهدف الحد من أضرارها الجسيمة على اقتصادات الدول المتمثلة في انخفاض قيمة الأصول المالية وتضرر قطاعاتها الاقتصادية وعلى رأسها القطاعات المصرفية والاستثمارية والصناعية وتدني معدلات النمو وتقلص فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة.
جاءت كلمة الوزير العبدالله خلال اجتماع الاتحاد العربي لعمال النفط والمناجم والكيماويات صباح أمس نيابة عن سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد حيث يعقد الاجتماع تحت شعار «الأزمة المالية الاقتصادية العالمية وتأثيرها على العمال العرب» ويمتد لمد ثلاثة أيام.
وشدد العبدالله على ضرورة الاستمرار في الانفاق على المشاريع التنموية وتحريك القطاعات الاقتصادية ودعم النهج الذي يخدم مؤسسات وشركات القطاع الخاص واقتناص الفرص الاقتصادية النادرة التي تتيحها الاوضاع الاقتصادية الحالية وزيادة الانفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية والمشروعات الكبرى الاخرى ودعم مبادرات القطاع الخاص في الشراكة مع القطاع العام في عمليات التنمية الاقتصادية.
وقال يأتي المؤتمر في وقت حرج للغاية على المستوى الدولي والإقليمي إذ يشهد الاقتصاد العالمي منذ العام الماضي تطورات متسارعة طالت آثارها اقتصادات جميع دول العالم المتقدمة منها والنامية على حد سواء، واصفا تلك الازمة بالكارثة المالية العالمية التي تمثل تحديا غير مسبوق لغالبية دول العالم نظرا للترابط المتزايد بينها.
الطلب على النفط
وتابع قائلا لا شك في ان منطقتنا العربية ليست بمعزل عن تلك الأحداث ونتائجها السلبية على اقتصاداتها من حيث انخفاض الطلب على صادراتها من النفط والغاز وغيرها من المواد الأولية وانخفاض اسعار النفط وعوائد الاستثمارات وتأثر معظم القطاعات وما يترتب عليها جراء ذلك من تقلص حاد في ايراداتها وانخفاض معدلات الإنفاق العام والخاص فيها بوجه عام.
وأردف قائلا لذا تصدت لهذه الكارثة بعض من الحكومات العربية بخطط لضخ السيولة والانقاذ الاقتصادي تتضمن حزما من البرامج والاجراءات الاقتصادية لمنع دخول اقتصاداتها في ركود يهدد استقرارها الاقتصادي والاجتماعي ومكتسباتها، ونظرا لجسامة المخاطر التي قد تطول الاقتصادات العربية أولت بعض منها اهتماما لايجاد السبل المناسبة للحد من آثارها السلبية وضمانا لمسيرة النمو الاقتصادي والارتقاء بمستوى معيشة المواطن العربي ضمن بنود ومقررات القمة الاقتصادية للدول العربية التي انعقدت مؤخرا في الكويت في يناير الماضي.
واضاف العبدالله ان قمة الكويت الاقتصادية اكدت أهمية تنمية العنصر البشري باعتباره الثروة الاساسية، ورفع مستوى التعليم وربطه باحتياجات التنمية ودعم برامج التأهيل والتدريب والتشغيل للعمالة مما يحد من البطالة في الاقتصادات العربية ورفع كفاءة وانتاجية القوى العاملة العربية لتفي بمتطلبات أسواق العمل العربية وتوفير المزيد من فرص العمل في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وقال العبدالله ان الاخبار المتتالية حول افلاس مؤسسات مالية وصناعية عالمية كبرى واستغناء العديد منها عن اعداد كبيرة من عمالتها أمر يثير قلقا شديدا لدى المسؤولين في كل أنحاء العالم وانطلاقا من ايماننا الراسخ بأن طاقاتنا البشرية هي العماد الأساسي لاقتصادنا والركيزة الأهم في تحقيق التنمية والرفاهية لشعوبنا، فإننا نولي اهتماما بالغا بتوفير فرص العمل الكريم والاستقرار الوظيفي لها والحفاظ على مكتسباتها وحقوقها وبالاخص في مثل هذه الظروف الاقتصادية العصيبة.
وأضاف لاشك ان تعافي مؤسساتنا في كل القطاعات ومعاودة نموها ومسيرة التنمية في بلداننا العربية هو أفضل ضمان للعاملين وكذلك علينا جميعا العمل على مواجهة تداعيات الكارثة المالية وتفادي انعكاساتها على العمال وعلى أمننا الاقتصادي والاجتماعي العربي من خلال تكثيف الحوار بين النقابات والحكومات وأرباب العمل لاتخاذ الوسائل والاجراءات الوقائية الكفيلة بحماية العاملين من جانب وبالعمل على تعافي الاقتصاد ومعاودة النمو بمعدلات متسارعة من جانب آخر.
الاهتمام بالقوى العاملة
وشدد على ضرورة الاهتمام بالقوى العاملة وتسليحها بالمهارات العالية ورفع كفاءتها واتاحة الفرصة لها للابداع والتطوير والعطاء في كل الظروف وخاصة في عالم يتسم بالتنافسية وسرعة التطور التقني والمعلوماتي، لافتا إلى أن مؤسسة البترول الكويتية وضعت على سلم أولوياتها شؤون العمالة وفقا لما يلي: توفير بيئة عمل مناسبة من خلال توجيه المشاريع الحالية والمستقبلية من تقليل نسبة الانبعاث والملوثات علاوة على تصنيع منتجات نظيفة للبيئة والصحة وربط انتاجية العمالة بالحوافز واتاحة فرص تأهيل كبيرة للعمالة من خلال تدريب مكثف او ارسال بعثات تحتاجها المؤسسة وتبني سياسات واستراتيجيات تهدف الى تأمين صحة العمالة وتقليل الحوادث باتباع اجراءات الامن والسلامة وتوفير برامج تنموية للمجتمع والاسرة والعمالة ونشر الوعي بين العمال حول الظروف الاقتصادية العالمية وتأثيرها على نشاط المنشآت.
وختم العبدالله كلمته بالقول: ان تحقيق طاقات بشرية عالية الكفاءة والأداء هو أمر يحتاج الى تضافر وتعاون والتزام من جميع الاطراف من عاملين وارباب عمل والتي منها الجهات الحكومية المعنية والذي نامل ان يتم تدارسه من قبل مؤتمركم كذلك نرى ضرورة تباحث مجالات التكامل والتعاون بينكم بما يعزز قدرات منطقتنا العربية لنتمكن من تخطي الكارثة بسلام والاستعداد للمرحلة المقبلة عندما يتعافى الاقتصاد العالمي والعربي.
من جانبه اعرب رئيس اتحاد نقابات عمال البترول وصناعة البتروكيماويات جاسم الناصر عن سعادته بهذا الجمع الكريم على ارض الكويت وللمرة الثانية خلال عمر الاتحاد العربي لعمال النفط والمناجم والكيماويات، وتقدم بجزيل الشكر لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد لدعمه ورعايته لهذا المؤتمر واجتماع الامانة العامة السابع والمجلس التنفيذي الرابع للاتحاد العربي، كما تقدم بالشكر الى وزير النفط الشيخ احمد العبدالله الصباح على حضوره وتشريفه ممثلا لسمو رئيس مجلس الوزراء.
واضاف الناصر ان انقعاد المؤتمر تحت تسمية «الازمة المالية الاقتصادية العالمية وتأثيرها على العمال العرب» في اشارة الى ان العالم اصبح كقرية صغيرة بعد عصر الفضائيات والانترنت وسهولة الذهاب الى اقصى بقاع الارض، واصبح العالم العربي معرضا لجميع الاحداث العالمية وأهمها الاقتصاد، والذي يعتبر المحرك الأول والرئيسي لها، وبالتالي لابد لنا من تداول الخواطر وبحث جميع الهواجس التي تطولنا جميعا، وقد وقع على عاتقنا الكثير من الهموم بصفتنا جزءاً من العالم العربي أولا وبصفتنا ممثلي العمال وممثلي القطاعات في المهن المتشابهة في اوطاننا وبصفتنا جزءاً من العالم باسره، سائلين الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد لتحقيق آمال وتطلعات شعوبنا وعمالنا.
واضاف الناصر «ومن أهم المواضيع التي تواجه بلادنا موضوع الخصخصة، وهنا نود التأكيد في اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات على رفض مشاريع خصخصة القطاع النفطي، وأن رفضنا هذا لم يأت من فراغ بل عن قناعة تامة لما تشتمل عليه الخصخصة من أضرار كبيرة ستلحق باقتصاد البلاد والعمال.
وقال لابد من ان نشير الى سلبيات مشاريع الخصخصة التي بدت واضحة للعيان في أول هزة وأزمة اقتصادية عالمية ومحلية، في الوقت الذي نرى فيه الشركات النفطية الخاصة تنتهج سياسة التقليص بعدد الكفاءات العاملة بحجة الخسائر المادية.
واضاف الناصر «كما نبين الاضرار من مشاريع الخصخصة ايضا المؤدية الى تفاقم الازمة الاقتصادية وتفشي البطالة التي شغلت الشارع اثر تسريح العمالة في القطاع الخاص بسبب الازمة الاقتصادية التي تعصف بالشركات الخاسرة التي تسعى لزيادة ربحيتها بالتخلص من العاملين، موضحا ان من الجوانب السلبية للخصخصة انها تؤدي الى زيادة السيطرة الاجنبية على الاقتصاد الوطني، اضافة الى استثمار الشركات متعددة الجنسيات ذات رؤوس الاموال، مما يترجم الى هدر المقدرات الاقتصادية لبلادنا».
رفض الخصخصة
وشدد على ان الاتحاد من خلال تصريحاته السابقة واجتماعاته المتكررة مع مؤسسة البترول الكويتية فقد جددنا رفضنا ورفض الحركة النقابية الكويتية خصخصة جميع الشركات النفطية القائمة والتي مازالت تدر ارباحا ضخمة والحمد لله، وتعتبر ركيزة اساسية للاقتصاد الوطني، مما يعد تناقضا مع مفهوم الخصخصة العالمية للشركات الخاسرة دون خصخصة الشركات الرابحة.
وقال «ونود أن نؤكد على مطالبنا بأن يتم اخذ رأينا واشراك حركتنا النقابية في القرارات النقابية المصيرية التي تمس عمالنا بشكل مباشر والتعاطي مع أطروحاتنا بسبب اطلاعنا المباشر وعن كثب على هموم واحوال العمال».
ومن ناحيته وجه الامين العام للاتحاد العربي لعمال النفط والمناجم والكيماويات فوزي عبد الباري الشكر والتقدير للكويت حكومة وشعبا وللقيادة الحكيمة لصاحب السمو الامير وسمو ولي العهد وسمو رئيس الوزراء على دعمه للحركة النقابية.
من جانبه قال ممثل منظمة العمل الدولية ثابت الهارون ان الأزمة الاقتصادية الحالية تعصف بالعالم وهى من أكبر التحديات التي تواجه الطبقة العاملة واصفا اياها بانها الأسوأ في العالم مبينا ان 52 مليونا سيفقدون وظائفهم.
ودعا الى اعادة النظر في فاعلية الرقابة على اسواق المال والمصارف الاستثمارية مع الاسراع في وضع خطط انقاذ الاقتصاد من اثار هذه الازمة، داعيا الى التعاون الدولي من أجل استراتيجيات تنقذ الجميع من الانهيار وتحقق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ومستدامة.
قيادات نقابية
ومن جانب آخر قال رئيس الاتحاد العام لعمال الكويت خالد الغبيشان ان انعقاد مؤتمر عمال النفط والمناجم في الكويت له دلائل كثيرة ويكتسب اهمية كبيرة خاصة انه يناقش الازمة المالية الاقتصادية العالمية، مبينا انه بفضل الطبقة العاملة تمكن الاقتصاد من الصمود في وجه الانعكاسات الناجمة عن الأزمة بالرغم من التأثيرات الواضحة التي طالت اسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية والتي شكلت عبئا على رواتب وأجور العمال وأضاف ان القطاع النفطي يضم عددا كبيرا من أبناء الطبقة العاملة الكويتية والعاملون فيه هم من الفئات العمالية الأكثر انضباطا وتنظيما وهم ركيزة اساسية في الحركة النقابية الكويتية، وذكر أن عمال النفط افرزوا قيادات نقابية مشهودا لها بالكفاءة والاخلاص لمصالح الطبقة العاملة والحركة النقابية.
وبدوره أكد الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب حسن جمام ان الطبقة العاملة في الوطن العربي تخضع لأبشع انواع الظلم والتعسف، مشيرا الى ان من أبرز الظلم والتعسف الخصخصة والتي يدعو البعض اليها فهي نوع من العبودية.
ودعا الى تأسيس نقابات واتحادات عربية في جميع الدول التي تخلو من هذه التنظيمات، مبينا ان الطبقة العاملة لا تسعى الى السلطة بل تريد الحوار البناء والتفاهم على جميع القضايا.
وقال جمام ان الاحصائيات التي تقول إن البطالة في الوطن العربي قد تراجعت كلام غير صحيح بل ان البطالة تتزايد في الوطن العربي بشكل مستمر، لافتا الى أن الأزمة الاقتصادية العالمية لن يكون أحد بمنأى عنها ومن أجل تفادي تلك التداعيات يجب انشاء تأسيس مجلس اقتصادي تشارك فيه الطبقة العاملة.
وختم جمام كلمته بالقول ان الاتحاد يرفض قرار المحكمة الدولية بحق الرئيس البشير، مبينا ان المقاومة ليست إرهابا.