عاطف عيسى
اكدت السفيرة الاميركية ديبورا جونز ان ملف المعتقلين الكويتيين الباقين في غوانتانامو يخضع للنقاش والتباحث بين حكومتي البلدين، مشيرة الى ان لجنة اميركية خاصة تبحث مصير جميع المعتقلين في المعتقل الذي تم اقرار اغلاقه خلال عام.
واضافت السفيرة الاميركية ـ في لقاء مع الصحافة المحلية ـ ان الكويت بلد مستقل وذو سيادة، واميركا لا تدخل في الصخب السياسي الحالي، مؤكدة احترامها للمبادئ والعادات الكويتية الديموقراطية.
وقالت: نعتقد ان حل هذا الحراك السياسي يجب ان يكون في اطار الديموقراطية، لافتة الى اهمية ان تسير العملية الديموقراطية بسلاسة وتمارس كل السلطات اعمالها بهذه السلاسة.
وشددت جونز على ان السفارة لا تقدم اي دعم لأي مرشــح وانــه لــم يسبــق لأي مرشح في الانتخابات ان طلب دعم السفارة، مشيرة الى ان ما يمكن للسفارة ان تقدمه في هذا المجال هو برنامــج الزائر الدولي، وهو برنامج لتدريب القيادات النسائية.
وفيما يتعلق بتعاظم الدور الايراني في المنطقة، اكدت السفيرة الاميركية ان الولايات المتحدة تتعامل وفق مصالحها، وستواجه اي تأثير آخر وفق هذه المصالح، وشددت على ان المشكلــة فــي ايران انها دولة ذات تعقيدات، وان كــان من حقهــا ان تبحــث عــن التكنولوجيا النووية السلمية، فإن هذا البحث يجب ان يتم في اطار شفاف بصورة تامة حتى يتأكد الجميع من عدم الجنوح ناحية بناء قدرات نووية عسكرية.
وفيما يخص العراق وانسحاب القوات الاميركية منه في العام 2011، اكدت جونز ان هناك نقاشا وتفاهما مع الحكومة العراقية على امكان ابقاء بعض القوات الاميركية بعد هذا التاريخ لتدريب القوات العراقية، مشددة على ان اميركا لا تستغني عن الدور الكويتي في تقديم الدعم اللوجستي للقوات الاميركية العاملة في المنطقة.
وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
بدأت السفيرة الاميركية حديثها مرحبة بالحضور واشارت الى انه رغم وجود بعض التغيرات في التعاطي الاميركي مع كثير من القضايا الآنية، الا انه وبشكل عام فإن السياسة الاميركية تبقى ثابتة في الاهداف.
واضافت: الرئيس اوباما كان واضحا في التركيز على الاهداف العامة للسياسة الاميركية في العالم، وان كان التركيز بشكل اساسي على الاقتصاد نظرا لاهميته وتأثيره سواء على الدخل الاميركي او في العلاقات الاميركية مع دول العالم.
واستطردت السفيرة بقولها: لكن هذا لا يعني عدم الاهتمام بالقضايا الاخرى، بل سيتم التعامل مع كل قضية بموضوعية للوصول الى النتائج والاهداف المرصودة ثم فتح الباب امام اسئلة الصحافيين وكانت على النحو التالي:
كيف ترون العلاقات الاميركية مع العالم الاسلامي بعد تسلم الرئيس اوباما مقاليد قيادة الولايات المتحدة؟
احب ان اكرر ما قاله الرئيس اوباما مخاطبا العالم الاسلامي وذلك خلال كلمته في تركيا وقبل ذلك بالطبع وهو ان اميركا لم ولن تكون في عداء مع العالم الاسلامي ودول العالم الاسلامي، هذا لا يمكن ان يكون لانه وببساطة يعني ان اميركا ستعادي ملايين المسلمين الذين يعيشون على ارضها، ولهم دور كبير في عجلة الحياة بالولايات المتحدة.
واحب ان اقول انه بعد 11 سبتمبر ساد سوء فهم مفاده ان الولايات المتحدة تعادي الاسلام، لكن الحقيقة ان اميركا في حرب مع الارهابيين الذين استخدموا الاسلام في العدوان على اميركا.
ان التشدد والتعصب سواء كان اسلاميا او مسيحيا او يهوديا يبقى مرفوضا، وهذا يفرض علينا كافراد ومجتمعات زيادة التعاون والتواصل فيما بيننا لمواجهة هذا التشدد وهذا التعصب وهذا الارهاب ايا كان مصدره، وهذه نقطة مهمة جدا، واحب ان اركز عليها، والرئيس اوباما كان متفهما لهذا التواصل مع جميع دول العالم بمن فيها دول العالم الاسلامي.
تعاون مع الكويت
كيف تتعامل الولايات المتحدة مع محاربة الارهاب خصوصا بعد الاستراتيحية الجديدة للرئيس اوباما، هل ستكون له اولوية كما كان في ادارة بوش وهل سيتم التعاون الاميركي ـ الكويتي في هذا المجال؟
اميركا تشارك الكويت في قلقها حول تنامي الارهاب والتشدد في كثير من البقاع، ولقد كنت مهتمة جدا بتصريحات وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد بخصوص الارهاب ومكافحته بالدول العربية والاسلامية، وكانت هذه التصريحات في مؤتمر وزراء الداخلية العرب في بيروت مؤخرا، واؤكد من جديد ان كلا من الولايات المتحدة والكويت تشاركان في كل ما يتعلق بالارهاب.
موقع الكويت استراتيجي ويضعها هذا الموقع دائما محط الانظار، وهذا الموقع حساس جدا بالنسبة لاميركا، لان هناك اشخاصا يستخدمون المؤسسات الحقيقية لتنفيذ اعمال غير شرعية.
هناك تعاون عميق جدا بين الكويت واميركا في هذا المجال واذكر هنا بالتعاون والتنسيق الذي تم مؤخرا بين السفارة الاميركية والجانب الآخر في الكويت ممثلا في وزارة الداخلية والحرس الوطني والجيش حيث اجريت تمارين على معالجة ظروف مشابهة لظروف تقع فيها اعتداءات ارهابية وكيفية التنسيق في هذا المجال والتعامل معها ودحضها.
حل قضية «غوانتانامو»
ماذا تم بخصوص المعتقلين الكويتيين في غوانتانامو خصوصا انه تم صدور قرار باغلاق معتقل غوانتانامو، فهل هناك خطوات ملموسة تجاه هذا الملف؟
هذا موضوع دقيق وحساس جدا، لان سياسة اميركا تحاول التوازن بين كيفية ان تحمي بلدك من اي تهديدات امنية او تعالج القضايا الارهاربية التي تقع فيها، وان تحفظ حرية حقوق الانسان وخصوصيات الافراد ودرجة الحرية المطلوب اتاحتها لهم، هذه هي الموازنة الدقيقة.
والرئيس اوباما اتخذ خطوات جدية في هذا الملف واهمها اغلاق معتقل غوانتانامو، واصدر امرا تنفيذيا بهذا الخصوص يتضمن تشكيل لجنة او هيئة خاصة مشتركة تدرس موضوع المعتقلين وكيفية تسيير قضاياهم ومراجعة قضية كل معتقل للوصول الى افضل صورة للتعامل مع هذه القضايا. نعم.. هناك مقولات وانباء رشحت ان كثيرا من المعتقلين اسيء التعامل معهم، وتمت معاملتهم معاملة سيئة او ان بعض المعتقلين احتجزوا دون جرم حقيقي او ذنب اقترفوه، لكن الحقيقة ان لدى كثيرين منهم النية للعودة مجددا الى ممارسة اعمال تتنافى ومفهوم الامن الاميركي اذا ما اطلق سراحهم وفي ضوء هذه العوامل كلها، يتم دراسة ملفات المعتقلين الكويتيين المحتجزين الآن في غوانتانامو كما تم دراسة ملفات المعتقلين الآخرين.
وهذه القضية تحتل مكانة مهمة في النقاش بين الكويت وأميركا ولن تتوقف المناقشات حتى الوصول الى حل حاسم فيها.
ندعم الديموقراطية
ما رأيكم في الحل المتكرر لمجلس الأمة، وما آثار الصخب السياسي في الكويت على درجة الاستقرار بها؟ وهل للولايات المتحدة رؤية في الطريقة الديموقراطية التي تتم هنا؟
الكويت هي بلد ذو سيادة، ونحن نأخذ كلمة السيادة على محمل الجد، فالكويت ليست احدى الولايات الخمسين، انا لا اظن انه يخفى على العالم ان الولايات المتحدة تؤمن بالديموقراطية، والحكم بالطرق الديموقراطية، ما نؤمن به هو ان الديموقراطية هي افضل السبل للحصول على انتقال سلمي والتطور لأن الحكومات تتطور والديموقراطية تتطور وتنمو مثل الكائنات الحية، وانا اظن ان الديموقراطية هي ما يجعل البلاد تنمو وتتطور وتبتعد عن العنف في المراحل الانتقالية.
لقد قدمنا ولاتزال نقدم الدعم للكويت ولتقاليدها الديموقراطية المتأصلة في الديوانيات وغيرها، والتمثيل السياسي الديموقراطي، نحن نصف العملية الديموقراطية هنا على انها نشطة ومعقدة بعض الشيء، ونحن ندعم هذا عند النظر لما هو البديل، السياسة هي عبارة عن بناء المقدرات والتأكد من وجود التطور وحرية الوصول الى المصادر.
عندما يؤدي العراك السياسي للوصول الى حالة من الركود فهذا ليس فيه نفع لأحد، فالديموقراطية اذن هي عبارة عن امرين: هي عبارة عن حكومة تمثل الشعب، وهي ايضا عبارة عن سيادة القانون واحترام المؤسسات.
نحن واثقون بأن المواطنين الكويتيين سيقومون بإيجاد الحل وانا ارى ان التغطية لهذه الاحداث في الاعلام جيدة وانتم كصحافة حرة لكم دور كبير في الصحافة المسؤولة والمساهمة في هذا الحوار الديموقراطي والذي يصحبه الصخب عادة، انا سأستخدم مصطلحا بالانجليزية يعني تصادم الاصوات للتعبير هنا نحن في الولايات المتحدة معتادون على ذلك وعلى الصخب الذي يرافق العملية السياسية عندما تتفاعل مؤسسات الحكومة مع بعضها البعض.
الكويت نموذج جيد
ماذا كان يمكن ان يكون رأي الولايات المتحدة لو كان تم حل مجلس الامة حلا غير دستوري؟
هذا امر افتراضي، ونحن نتعامل مع الواقع، والواقع يقول ان المجلس تم حله حلا دستوريا، ونحن نتطلع الآن الى نتائج الانتخابات والموضوعات التي تطرح خلالها وننتظر ان يؤدي ذلك الى دعم فرص الديموقراطية الكويتية التي تشكل كما قلت نموذجا جيدا لدى أميركا.
هناك تغير واضح في التعاطي الأميركي مع الشأن الايراني، هل تعتقدين انه يمكن للحوار المفترض ان يبدأ بين البلدين ان يؤتي ثماره؟
الإدارة الأميركية وعلى رأسها الرئيس باراك اوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تؤمن بإمكان التعاون مع ايران من خلال التفاوض المباشر وهو السبيل الوحيد للوصول الى التفاهم المشترك، لأنه مع انعدام الحوار المباشر فإن معظم القضايا لن يتم الوصول الى حلول جذرية وحقيقية لها، واذكر لكم ان هذا الحوار سيكون منظما ومباشرا يعني يجلس الطرفان على الطاولة ويبحثان جميع القضايا وهذا دليل على احترامنا لإيران كدولة ذات حضارة، واميركا ايضا ذات حضارة.
وهناك مقولة ان ايران تجيد لعبة الشطرنج واميركا تجيد البيسبول ويمكن لهاتين الدولتين ان تتعاونا في مختلف المجالات.
عراق آمن
ماذا بشأن العراق؟ هل يمكن ان يتم التعاطي بإيجابية اميركيا مع عرض عزت الدوري بالاستعداد للمشاركة في العملية السياسية؟
لا يهمنا الاستراتيجية التي تتبعها في هذا المجال بقدر اهمية الحقيقة التي وضعت من أجلها هذه الاستراتيجية، وهدفنا هو الوصول الى عراق آمن مستقر بتعاون مع جيران في سلام، عراق ديموقراطي لا مجال فيه للارهاب والقتل، وهذا لايتأتى إلا من خلال التعاون مع الجميع خصوصا الدول المجاورة التي لها دور فاعل في هذا الموضوع، واقول دعونا نعمل جميعا معا لتحقيق هذا الهدف في العراق.
ماذا عن سياسة الولايات المتحدة في أفغانستان وباكستان في ظل الإدارة الأميركية الجديدة؟
هناك سياسة دقيقة وحساسة للتعامل مع باكستان وأفغانستان، هذه السياسة عمادها دعم المؤسسات المدنية والمساهمة في اعادة بناء البلدين والمبعوث الاميركي ريتشارد هولبروك يعتذر عن الأضرار التي تسببت فيها العمليات العسكرية في البلدين وكانت بسبب ان العناصر الارهابية تكون متواجدة في المناطق السكنية مما يتسبب في ازهاق أرواح الضحايا المدنيين وهذا يحدث للأسف في معظم الحروب.
الجديد الذي اود قوله في هذا المجال هو ان سياسة اميركا لا تعتمد على رؤيتها المنفردة بل انها تحب ان تتم استراتيجيتها في افغانستان وباكستان في إطار اقليمي، وان يكون التنسيق والتعاون مع جميع الاطراف ذات العلاقة، وأقول ان القاعدة ليست في باكستان فقط لقد طالت اعتداءاتها بلادا كثيرة وسياستنا هي كيفية عزل ذلك التنظيم وإبعاد ارهابييه واعتداءاته عن البلدان الاخرى.
لا ندعم أي مرشحين
الآن الكويت تعيش اجواء انتخابية وهناك مرشحات مرتبطات بعلاقات مع السفارة الأميركية فهل تقدم السفارة اي دعم من اي نوع لمرشحين محددين؟
هناك برنامج اميركي اسمه الزائر الدولي وهو موقع يفيد النساء في هذه المواقف ونحن لا ندعم اي مرشحين بأي نوع من الدعم، كل ما تقدمه الادارة في هذا المجال هو برنامج الزائر الدولي لإفادة المرشحات واعتقد ان أيا من المرشحين لا يمكن أن يقبل تلقي اي دعم من السفارة الاميركية لأن ذلك لن يكون في مصلحته «كما يعتقدون»، ونحن مع العملية الانتخابية النزيهة والشفافة والصوت الأخير سيكون للناخب الكويتي، واؤكد انه لم يسبق لأي مرشح ان طلب دعما السفارة في هذا الصدد
هل تتوقعون ان يكون الرد الايراني على «الغزل الأميركي» ايجابيا وكيف سيكون اثر ذلك على المنطقة؟
ايران بلد ذو تعقيدات وتنوعات، ولديها الآن انتخابات، والرد على الدعوة الاميركية للحوار والتفاوض سيكون لاشك في خضم هذه الانتخابات، وما نريد قوله ان الرئيس الاميركي اوباما كان صريحا فيما قال نحن لدينا حضارة وإيران ذات حضارة، ولاشك ان التعاون هو العامل الأهم في الوصول لتفاهم مشترك.
نعم لإيران الحق كأي دولة في التكنولوجيا النووية التي تستخدم في المجال السلمي، ولكن مع هذا الحق كيف يمكن التأكد من شفافية ايران في السعي الى هذه التكنولوجيا، وألا يتطور الامر الى التسلح النووي، لابد من شفافية كاملة في التعامل مع هذا الملف.
كيف ترون العلاقة الأميركية ـ الكويتية في ضوء التقارير التي تصدرها الخارجية الأميركية حول بعض الأمور في الكويت واتهاماتها المتكررة لها بالاتجار بالبشر؟
تقرير الخارجية الأميركية حول الاتجار بالبشر وحقوق الانسان لا يختص بالكويت فقط بل يشمل دول العالم أجمع، وهو تقرير مطلوب تقديمه من الخارجية للكونغرس، كما ان وزارة العدل تصدر تقريرا مفصلا بهذا الصدد، وذلك بهدف ضمان الحرية للناس في كل مكان وعدم هضم حقوقهم، اما اتهام الكويت بهذا الأمر فهو في حوادث محدودة، لكن الموضوع يأخذ اكبر من حجمه والصحافة تتعامل معه بحساسية، وهذه الامور يتم النقاش حولها مع الحكومة الكويتية وترصد الإجراءات في هذا الجانب.
هل سيشكل انسحاب القوات الأميركية من العراق تقليصا في اعتماد أميركا على الدور الكويتي الذي استمر منذ تحرير العراق وحتى الآن؟
الانسحاب الأميركي المقرر من العراق في 2011 هو سحب للألوية المقاتلة وهذا لاشك سيتم بالتنسيق مع الحكومة العراقية التي ربما تفضل ابقاء بعض القوات الأميركية للتدريب، وهناك تفاهم جيد في هذا المجال، وهذا لا يعني تقليص الدور الكويتي في هذا الجانب فالتعاون الأميركي ـ الكويتي مستمر، ونحن نعتقد في استراتيجية موقع الكويت وحساسيته وايجابيته لأميركا، وكما قلت هدفنا الوصول الى عراق متوازن ومتجانس.
بعد انقسام العالم العربي إلى معسكرين موالاة وممانعة كيف ترون الدور الإيراني المتعاظم في هذا الوضع والذي يسعى للتحكم بملفات كبيرة كقضية فلسطين مثلا؟
عندما تكون بلدا صغيرا ويجاورك بلد كبير يجب عليك التعامل بحذر مع هذا الجار القوي، وحتى يمكنك تحقيق التوازن في التأثير، والولايات المتحدة تتحرك في العالم من خلال مصالحها.
هل أميركا جادة بالفعل في حل الدولتين دولة فلسطيني الى جانب دولة اسرائيل وهل يمكنكم التعاطي مع حركة حماس؟
كما اعتقد فإن الادارة الاميركية جادة جدا في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ولقد اكد الرئيس أوباما هذا التوجه بتعيين مبعوث خاص هو جورج ميتشيل، وهو اختيار موفق، ولاشك سيكون له دور في تحقيق هذا الهدف.