حنان عبدالمعبود
الإعلامي فيصل الدويسان يرى الكويت بمفهوم آخر للدولة فهي ليست مباني أو أرضا وإنما هي ناتج عناصر ثلاثة هي: السلطة والاقليم والشعب ويقول إذا كانت الأرض مقدسة وتبذل في سبيلها الدماء، وإذا كانت السلطة بمختلف انواعها تنفيذية، قضائية تشريعية ـ لا يقبل لها بأي حال من الأحوال أن تنتقص، فكذلك العنصر الثالث وهو الشعب ينبغي الاهتمام بكرامته وسعادته، ولكن للأسف يعامل كأنه الحلقة الأضعف في المعادلة، ما عدا طبقة واحدة مستفيدة ودائما ما تحظى بالرعاية من قبل الحكومة وهي طبقة التجار ولهذا شدد على ضرورة ان تعلم الحكومة ان الكويت كما بنيت بأيدي التجار فاستمراريتها لن تتأتى إلا بدماء الشعب على مختلف شرائحه.
واستعرض خلال لقائه مع «الأنباء» أسباب التخبط السياسي والعرقلة الدائمة بالمجلس وعدم توافقه مع الحكومة، كما طرح الحلول من وجهة نظره، مفندا اسباب عدم دخول المرأة للمجلس.. والكثير من الأمور تناولها معنا في هذا اللقاء وفيما يلي التفاصيل:
ما تقييمك للمناخ الانتخابي هذه المرة؟
الناخبون هذه المرة مقبلون على تغيير في الوجوه، ولكني أدعوهم إلى تغيير العقول فهو أجدى من تغيير الوجوه، إذ ان الوجو قد تتبدل وتبقى الأفكار ذاتها، فهناك من المرشحين الجدد من يملك خططا وأفكارا جديرة غير مطروحة على الساحة، لاسيما الدماء الجديدة من الشباب.
وكيف يمكن تغيير قناعة الناخبين بالمرشحين والنواب السابقين؟
هذه المشكلة تعود الى ان معظم الاعضاء المسيطرين على المجلس ينتمون لتيارات سياسية قوية وهؤلاء لهم باع طويل في العمل السياسي ولديهم قدرة على الاقناع ـ ليس العقلي ـ وانما من جانب التخويف الوجداني حيث يصورون بقية المرشحين بأنهم ضعاف، ومشبوهون وان النزاهة لهم وحدهم المنتمين لهذا التيار، والذين يكون عددهم كبيرا.
لذلك يقع الناخب فريسة لأفكارهم وأهوائهم، فيعتقد ان التغيير قد يكون مشكلة، والبعض الآخر يعتبر ان صوته أشبه بسبيكة من الذهب لا يريد التفريط فيها او اعطائها لمن لا ينجح، وبالتالي يشعر بالراحة النفسية حينما يعطي صوته لمن ينجح، ولذلك ايضا تتجه الغالبية للتساؤل فيما بينهم لمن يعطي صوته؟ اين التوجه؟ فيوجهه الآخرون على حسب اتجاهاتهم، وهكذا يُخدع الكثير من الناخبين، ولكني لمست هذه المرة ان ثمة رغبة حقيقية في التغيير، وتماشيا مع الرغبة الأميرية في التغيير وحسن الاختيار.
ما تقييمك للمجلس المنحل؟
هذه ارادة الناخبين وعلينا ان نحترمها، ولكن في اعتقادي ان التركيبة لم تكن معبرة عن آراء الناخبين بشكل دقيق اذ ان الكثير من التيارات الموجودة لعبت دورا في التأثير، حيث ان التيارات الدينية أوصلت الى الناخبين انهم ان لم ينتخبوا هذه التيارات فهم آثمون، ولا شك ان بعضا من الناس يتأثرون بهذه الطرق بل ويعتقدون ان لم الاختيار مسألة دينية بينما في واقع الأمر هي ممارسة ديموقراطية بعيدة عن كل ذلك، والكويت دولة مدنية بعيدة عن هذه التأثيرات، ولكن ماذا نفعل امام من يستغل الدين لخدمة نفسه سياسيا؟
توقعت تغيير الوجوه بالمجلس المقبل، وهل هناك امل في التغيير الفعلي لأداء النواب الجدد؟
الحالة السياسية في الكويت فرضتها طبيعة الديموقراطية المعمول بها، وهي ديموقراطية ناقصة غير مكتملة النمو مثل باقي دول العالم، فكان الاجدى ان يتبنى المشرع نظام الأحزاب، ولكنه في الدستور الكويتي ترك الباب مواربا، ربما في المستقبل تتغير الظروف اذ ان فترة الستينيات اتسمت بوجود احزاب راديكالية موجودة في المنطقة العربية كانت لها تأثيرات سيئة على الوضع العربي، فبالتالي خشيت الكويت من تجربة الأحزاب.
ولكن ثمة تجربتين أخريين في الجمهورية اليمنية والمملكة المغربية كانتا تحظران الأحزاب، وبعد ذلك حصدت المفاسد الكبيرة التي جلبها النظام المستقل، مما أحدث ردة فعل بعد فترة حيث تبنى الدستوران المغربي واليمني نظام التعددية، وحتى بالرغم من ان اليمن تشهد وجود قبائل وعوائل مسلحة عادت الى الاحزاب وتسير الآن في اتجاه صحيح، اذ انه لا انجاز حقيقيا الا بوجود الاحزاب، وهو العلاج الجذري للحالة التي نعيشها والتي تتكرر مجلسا وراء مجلس ودورة وراء دورة.
اذا اردنا الحل الجذري فعلى التيارات السياسية التيقن ان الكويت تمر بمرحلة مفصلية وعلى الجميع ان يتفق على تحريك التنمية، وايجابية اعطاء فترة للحكومة لكي تنجز، فما هو قائم حاليا فيه تعمد وأعتقد ان هناك عددا من النواب ينفذون اجندة خاصة بهم غير وطنية قد تكون بعضها اجندة خارجية للأسف تريد عن طريق الوصول للديموقراطية ضرب اركان الديموقراطية والبعض الآخر هم في صراع على المصالح والمناصب، والهدف عرقلة المسيرة السياسية حتى يتحمل وزرها سمو الشيخ ناصر المحمد.
إشهار الأحزاب
هل ستدعو إلى إشهار الأحزاب إذا وصلت إلى البرلمان؟
أعجبني مشروع القانون الذي تقدم به النواب الليبراليون في الدورة السابقة ولكنه لم يدرج على جدول أعمال المجلس، ولكنه كمشروع كان جيدا رغم ان لي عليه بعض الملاحظات، باعتقادي انني يجب ان ادفع نحو هذا القانون لأنه ينظم العمل السياسي، ومن شأن الأحزاب الارتقاء بالعمل السياسي وتريح الحكومة من وجود عدد كبير من المستقلين، وفي ظل وجود الاحزاب لن يكون لكرسي مجلس الأمة الأخضر قيمة لأن القيمة الحقيقية في رأي الحزب. واذا كانت الحكومة تتحالف مع حزب الأغلبية فانه ولاشك سيساعد على دفع عجلة التنمية للسير بسرعة هائلة ولهذا سأكون مطالبا للأحزاب، ولكن لا أريد تطبيقها بشكل سريع وانما تطبق بعد فترة دراسة والاطلاع على تجارب الدول المتقدمة كأوروبا والولايات المتحدة وكذلك الدول المتخلفة التي تشهد صراعات الأحزاب حتى ننأى بأنفسنا عن التجارب السيئة وحتى نقبل بوجهنا نحو التجارب الجيدة.
كيف تتصور أن يتم عمل الأحزاب وشكلها؟
يكون الأمر بتشكيل لجنة تقوم بدراسة التجارب سواء الناجحة او السيئة ومن ثم يتم وضع تشريع فإذا ما كنا نخاف من وجود احزاب قد تكون واجهة لأيديولوجيات مثلا في الخارج فانه ينبغي سد ذلك من خلال القانون، واذا كان هناك نوع من التخوف المالي في التمويل مثلا فبالامكان اشتراط طرق التمويل بشكل قانوني، وهذا افضل من الوضع الحالي حيث ان التيارات موجودة والأحزاب خلف الضباب والأفضل ان يكون هناك قانون ليكشف مصادر التمويل، ولا يكون هناك اي غش في تناول اجندة خارجية للحزب دون العلم.
للمرة الثانية تخوض التجربة الانتخابية فهل تغير برنامجك الانتخابي عن ذي قبل؟
البرنامج الانتخابي هو صيغة الاحزاب التي تقدمه بشكل انتخابي بحيث اذا ما اعجب الناخبين قاموا بالتصويت له فأميركا لم تنتخب أوباما من أجل أوباما وانما من أجل الأفكار التي قدمها في حال وصوله الى سدة الحكم.
ولدي بعض الأفكار والأحلام الخاصة بي وليست برامج انتخابية، مثل تفعيل انشاء المدن وهذه الأفكار ليست من تفكيري الشخصي، بل هي موجودة وحبيسة الأدراج منذ امد بعيد مثل انشاء مدن حدودية تكون ذات بعد استراتيجي أمني واقتصادي، وأيضا للتخلص من مشكلة المرور وهذه المدن تكون متكاملة كما في مصر وتكون وحدة ادارية منفصلة عن العاصمة ولا تحتاج الى مراجعة لادارة شؤونها، ينبغي ان يكون في الكويت مثل هذه المدن لأن رقعة 5% التي تشغلها المساحة الحضارية المتراصة اصبحت مستحيلة ولذلك نرى الزحام خانقا ولهذا فإن هذه المدن تشكل الحل وبخاصة ان يكون لأهلها نشاطهم الخاص بهم سواء نشاط تجاري او صناعي او زراعي او منطقة حرة.
كذلك اتمنى ان يضم مجلس الوزراء وزراء جددا من أسرة آل الصباح، فابناء الأسرة درسوا في الخارج، ولديهم بعض الافكار وطموح سياسي فمن الاصوب ان يكون لهم دور حقيقي ولكي يتدربوا على عمل الحكومة من الآن، لانه اصبحت هناك بعض الوجوه المسيطرة على مجلس الوزراء، وهذا لا يمنع ان يكون لاصحاب الخبرة مكانة في مجلس الوزراء.
كثيرة هي الافكار التي اتطلع اليها ولكن تنفيذها عن طريق السلطة التنفيذية وليس عن طريقنا كمواطنين.
هل تعتقد ان المجلس المقبل سيكون افضل من سابقه؟
اعتقد انه سيكون افضل حظا، لان مسألة الرجوع الى الشارع مسألة مؤلمة لكثير من النواب ومكلفة ايضا، وما حدث في السابق انه كانت هناك اجندة معينة لعدد من النواب هدفهم حل المجلس لايجاد رئيس لمجلس الامة الجديد وكذلك ايضا لإيجاد رئيس وزراء جديد، كما كانت هناك محاولات لحل المجلس حتى لا تتحول استجواباتهم الى المحكمة الدستورية ما يشكل عرفا بعد ذلك، الأمر الذي يفقد هذه الأداة اهميتها ومصداقيتها.
ما تقييمك لأداء الحكومة؟
الحكومة لم تكن بمنأى عن الخطأ، فقد وقعت في عدة اخطاء منها انها قبل حكومة الشيخ ناصر المحمد لم تكن تقدم برنامج عمل، ولهذا وجد الشيخ ناصر المحمد نفسه في حكومة غير متجانسة وليس لديها افكار واضحة.
وينبغي ان تكون هناك خطة فعلية خاصة بكل وزارة وخطة عامة للدولة والتي على اساسها يراقب النائب تنفيذها، ونظرا لعدم وجود هذه الخطة فقد انبرى النواب لمعارضة كل شيء وتفعيل دور المراقبة على حساب التشريع حتى يظهروا انفسهم لناخبيهم، كما وقعت الحكومة في خطأ قاتل وهو تعالي بعض الوزراء على اعضاء مجلس الامة، فعلى الوزير ان يحاول اجتذاب بعض الاعضاء لرؤية المشاريع في وزارته والمشاركة والمراقبة حتى يشعر النائب باهتمام الوزير.
فمثلا في مشروع «الداو» لو كان الوزير العليم قام بمناداة بعض من الرموز حتى المعارضة بالكويت للمشاركة في الاطلاع على مشروع «الداو» لما وجد من المعارضة الشيء الكثير، ولما وجد من يشكك بنزاهة هذا المشروع، ولو اطلعهم منذ البداية لربما خفف ذلك من الحملة التي شنت ضده وربما كان يجد تأييدا منهم فمبدأ المجالسة والمشاركة يجعل هناك نوعا من التعاون، والمطلوب ان تبدي الحكومة رغبتها اولا في التعاون من خلال اشراك النواب في الاطلاع على اعمال السلطة التنفيذية.
وكيف ترى انتخابات الفرعيات؟
مشكلة المشاكل ان يكون اعضاء مجلس الامة وهم اعضاء السلطة التشريعية مخالفين لقانون اقروه في يوم من الايام، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ان من يريدون الوصول للمجلس لديهم غايات غير وطنية، فمن يشارك في منظومة وطنية لابد ألا يشارك في شيء جرمه القانون.
ومن وجهة نظرك لماذا لم تصل المرأة للمجلس حتى الآن؟
الناس في الكويت لا تحكم على اجندة معينة ولكنها تحكم على اشخاص والكثيرون تعودوا من اعضاء المجلس مجاملتهم في المناسبات وزيارة دواوينهم، وللاسف اعتاد الناخب على التصويت لهذه النوعية وليس لفكر معين وكنا نتمنى للدوائر الخمس ان تخلصنا من هذا المرض العضال فزيارة الدواوين واجب اجتماعي الا انها لا يجب ان تتدخل في السياسة، لا نمنع النقاش السياسي بداخلها فهذا مرغوب ولكن المكروه هو ان تبنى على اساسها الحياة السياسية.
والمرأة بعيدة عن الدواوين، ولكن بعض المرشحات وصلن لزيارة الدواوين وهذه الزيارة كانت لايصال افكارها وخيرا فعلت، ولكن للاسف معيار الشخصانية يتحكم في الاختيار، وبعض المرشحات كان لهن حظ جيد المرة الماضية مثل د.اسيل العوضي ود.رولا شتي، واعتقد ان فرصتهن كبيرة في المجلس المقبل.