محمد هلال الخالدي
اعتبر استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.شفيق الغبرا ان هذا العام هو عام حاسم بالنسبة للوضع في العراق بسبب عدة متغيرات من أهمها التغيير الذي حدث في السياسة الأميركية تجاه العراق مع فوز الرئيس أوباما الذي أعلن عن سياسته الواضحة القاضية بسحب القوات الأميركية من العراق، وكذلك الانتخابات التي يترقبها العراقيون بما تحمله من اعادة تشكيل للقوى السياسية المؤثرة. جاء ذلك خلال ندوة بعنوان «الانسحاب الأميركي من العراق وتداعياته على المنطقة» في ديوانية حزب الأمة مساء أمس الأول بحضور عدد من المثقفين، واضاف د.الغبرا ان الوضع في العراق معقد وتتشابك فيه عدة اطراف لكل منها مصالحه وحساباته، واكد ان الوجود الاميركي في العراق في طريقه الى الزوال ولكن ربما يصاحب ذلك تكثيف وجوده في منطقة الخليج، وقال ان الأمور في العراق تسير نحو الافضل وهذا واضح خلال السنوات القليلة الماضية حيث اثبت رئيس الوزراء العراقي د.نوري المالكي جدارته وقوته في ضبط الوضع الأمني، ولكن الأخطر هو الصراع او الوفاق القادم بين الولايات المتحدة وايران، وأكمل بأن الولايات المتحدة قدمت رؤية جديدة مع دخول الرئيس أوباما للتعامل مع قضايا الشرق الأوسط تنطلق من مفهوم ترابط جميع القضايا ومن مبدأ المشاركة الدولية وعقد التحالفات، ولكن الوضع يبقى مرهونا بالمتغيرات على الساحة السياسية فهل سيعطي نتنياهو ـ وهو الذي يؤمن بالحرب ـ فرصة للرئيس أوباما للعب دور في عملية السلام؟ وكيف سيتفاعل الرئيس احمدي نجاد مع دعوات الانفتاح الاميركي؟ والى اي مدى ستصل الامور في باكستان التي اصبحت تعاني من توسع نفوذ القاعدة فيها؟ وغير هذا من المتغيرات التي ستحدد مسار العملية السياسية بعد ذلك. واضاف د.الغبرا ان العراق على ما يبدو اصبح اكثر استقرارا اليوم وهو في طريقه الى ترسيخ الديموقراطية ولكن هذا يتطلب على الاقل 10 سنوات.
وتابع د.شفيق الغبرا تحليله للوضع العراقي حيث تطرق الى الدور الايراني في المنطقة، مؤكدا ان ايران لديها نفوذ واسع في العراق فهي لاعب رئيسي وسياستها تقوم على اساس دعم كل القوى سنية وشيعية وكردية وتترك لهم حرية التصرف، ولكنها بذلك تمتلك اوراق اللعبة السياسية ايضا، واضاف أن ايران تعتبر الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة المؤثرة في العراق بل المنطقة، واحيانا تكون هي القوة الكبرى في بعض القضايا، فإيران لديها ثقل كبير في المنطقة ونحن العرب غير قادرين حتى الآن على التعامل مع ايران بصورة سليمة، وايران لديها حساباتها ومصالحها فقد عانت من حرب طاحنة لمدة 8 أعوام وتريد ان تضمن عدم تكرار ذلك، ولديها ايضا رغبة كبيرة في ضمان عدم تدخل الولايات المتحدة في شؤونها الداخلية والمطالبة بتغيير نظام الحكم، وربما تكون هذه هي الصفقة الكبرى التي تراهن عليها ايران مقابل فتح المجال للولايات المتحدة تجاه العراق.
بعد ذلك تحدث نائب رئيس حزب الأمة د.حاكم المطيري قائلا إننا قبل الاحتلال الأميركي للعراق اصدرنا بيانا نرفض فيه هذه الحرب وحذرنا من مخاطرها، بعدها زارنا ريتشارد بيل المستشار السياسي للسفير الاميركي في الكويت وقال لنا لماذا تعارضون هذه الحرب التي تهدف الى تحرير الشعب العراقي من الديكتاتورية؟ فقلنا له ان الحرية لا تأتي من خلال الاحتلال ولا يمكن تحرير شعب من خلال الحروب، وقلت له أيضا لا تغركم القوة المادية التي تمتلكونها لأن المنطقة لديها قوة روحية هائلة لن تتمكنوا من هزيمتها، ولم يأخذوا كلامنا على محمل الجد، ولكن اليوم عندما نلاحظ مواقف الادارة الاميركية والواقع في العراق نرى بوضوح فشل هذه الادارة، وكل المسؤولين الاميركيين يعترفون بهذا الفشل على الرغم من انهم لا يصرحون به مباشرة.