بشرى الزين
وصف النائب السابق ومرشح الدائرة الـ 3 (الخالدية ـ خيطان) صالح الملا الأجواء السياسية التي تعيشها البلاد بـ «الدافئة» مشيرا الى ان ما يخطط له البعض من محاولة لإفشال «عرسنا الديموقراطي قد جانبه الصواب» لافتا الى ان هذا التفاؤل الذي يخيم على أكثر من مقر انتخابي دليل على تشبث الكويتيين بثوابتهم الدستورية التي يحاول البعض العبث بها واستغلال الواقع السياسي المؤلم لكي يدلل على ان تجربة الكويت فاشلة بكل المقاييس. واوضح في ندوة افتتح بها مقره الانتخابي بالعديلية مساء أول من أمس بمشاركة وزيرة الصحة السابقة ومرشحة الدائرة الأولى (شرق ـ الدسمة) د.معصومة المبارك ان تشخيص الواقع السياسي من خلال تسطيحه ونسبة كل الفشل الحالي والسابق الى أعضاء مجلس الأمة هو اختزال في غير محله، مبينا ان المشكلة في الكويت تكمن في اعتقاد البعض ان الدستور الذي مر على صدوره 47 عاما قابل للنقاش والجدل مشيرا الى ان هذا الدستور هو العقد الذي اتفقنا عليه وفصّل السلطات.
فريقان
وذكر الملا ان هناك فريقين، الأول مازال يؤمن بأن الشعب لا يستحق ان يحكم نفسه بنفسه وهو فريق لا يشكل أغلبية والثاني الذي لم يؤمن يوما بالدستور وحاول قدر المستطاع محاربة المبادئ السامية التي تضمنها وعندما يئس هذا الفريق اخترق المؤسسة التشريعية والآن يحاول الانقلاب على الدستور من خلال ممارسات عبثية واستجوابات لا يمكن ان ترقى حتى ان تكون سؤالا برلمانيا.
واوضح ان مجلس الأمة ضروري، وقد وجدت فيه أغلبية عاقلة حاولت الحفاظ على هذه المؤسسة لكن صوت الطيش ومن ليس لديهم إيمان بهذه المؤسسة هم تسيبوا عليها، والنتيجة كانت اشاعة جو رهيب من الاحباط وهو امتداد لحالة امتدت 30 عاما، مشيرا الى انه منذ تحالف السلطة مع بعض القوى حاولتا ان تفشل هذه التجربة وان توصلا البلاد الى هذا الوضع وشعور البعض بالسلبية تجاه هذه المؤسسة.
وذكر انه منذ بداية الفصل التشريعي السابق كان الجميع يأمل ان تحدث نتائج الدوائر الخمس قفزة في أداء المجلس كونها حظيت «بفزعة» أهل الكويت، لكن للأسف كرس هذا المجلس نفس الممارسات السلبية للمجالس السابقة، بل ان البعض أساء استخدام الأدوات الدستورية بشكل فاضح لم يتجرأ على استخدامها أحد من قبل.
نفس الحل
واشار الملا الى انه منذ يوم القسم «شعرت بأن هناك مجموعة آتية الى مجلس الامة بنفس الحل» وبالتالي كانت لها فرصة للاستعراض السياسي والكسب الشعبي. مضيفا ان المفاهيم اختلطت في هذا الزمن ولم تعد المعايير واضحة وأصبح الصوت العالي والشتيمة دليلا على الوطنية والطرح الهادئ والعاقل يوصف بالحكومي والخائن، موضحا ان بوادر التأزيم بدأت في الشهر الاول من عمر المجلس من خلال التلويح بالاستجوابات. مذكرا بتعاون سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد فيما يتعلق بموضوع مصروفات الديوان واحالة الملف الى ديوان المحاسبة، لكن بعد ذلك طرحت مجموعة استجوابات لها نفس كريه يحمل طابعا طائفيا وهددت سمو رئيس الوزراء بقضية لا تقع تحت مسؤوليته مباشرة وهي التي تتعلق بـ«الفالي» ودخوله البلاد لدى رفع الحظر عنه من وزير الداخلية. وتبع ذلك محور آخر يتعلق بالمشاكل الصحية والتعليمية التي انكشف معها تخبط المجموعة التي تلوح بالاستجواب والتي كان تهديدها مقرونا بخروج الفالي خلال 24 ساعة. مشيرا الى ان هذا الاستجواب كان هدفه زعزعة الاستقرار السياسي في الكويت لا تطوير مشاريع التنمية أو الاصلاح وايصال الامور الى حد الحل وكان البعض يراهن على حل «غير دستوري» مذكرا باحتواء هذا الوضع وقدمت الحكومة استقالتها وعاد مرة اخرى ثم قدم استجواب وتلاه آخر ما بين ان ما يمارس عبث حقا ومحاولة جريئة ومكشوفة لإيصال الشعب الى مرحلة اليأس التام والمراهنة على الدفع بالقيادة السياسية لاتخاذ هذا القرار وتعليق مواد الدستور، رغبة في العبث بالفوائض المالية وتكميم الافواه ومس الحريات العامة.
وقال الملا: أطلب من هذا المنبر من رئيس الوزراء المقبل أن يأتي بحكومة من طائفة أو قبيلة أو عائلة بشرط أن تحمل كفاءات تستطيع أن تتحمل مسؤولية التنمية في المستقبل والوقوف للدفاع عن المشاريع الحكومية، مشيرا الى ان تشكيلة الحكومة كانت نسخة مكررة لحكومات سابقة عبارة عن محاصصة وترضيات جعلتها ضعيفة جدا أمام مجلس الامة وجعلت البعض يستعرض باستجوابات عبثية امام حكومة مترددة رغم امتلاكها لأغلبية ساحقة لم تتحقق لأي رئيس وزراء سابق قط لا كما ولا نوعا. داعيا الى وقف هذا الاسلوب في تشكيل الحكومة، لأن الكويتيين ملوا التراجع وعدم الانجاز بسبب هذه الحكومات الضعيفة المفككة. مضيفا: الكويت تريد حكومة مليئة بعناصر الكفاءة لكن هناك مشكلة مرتبطة بالحكومة وفي بيت الحكم وبالمحاصصة الموجودة أيضا بين أبناء الاسرة الحاكمة حول الوزارات السيادية، مشيرا الى وجود مثال يحتذى ومؤهل، متسائلا: الى متى اسلوب لعبة الكراسي الموسيقية داخل الاسرة؟ وهذا لا يجوز لأن هناك أبناء من الاسرة ذوي كفاءة لكنهم مهمشون لأن لهم مواقف سياسية، موضحا ان هذه المواقف تنتصر للدستور الذي يمثل عقد الشعب الكويتي، لافتا الى ان قضية الولاءات داخل الاسرة يجب ألا تتدخل في التشكيل الحكومي، لأن الحكومة مؤسسة دستورية يجب ان يحكمها عنصر الكفاءة فقط، مشيرا الى اننا «لسنا ضد توزير أبناء الاسرة، ولكن ليأتونا بالكفاءة».
تعاون السلطتين
وفي ختام كلمته، عرض الملا للأولويات التي شاركت فيها الحكومة مع مجلس الامة السابق وأقرت بمشاريع قوانين لكن للاسف ما حدث أربك العمل فيها. مذكرا بتصديه لمشروعي المصفاة الرابعة وداوكيمكال واستجابة الحكومة في ذلك ما أوقف تبديد المال العام الذي قدر بـ 30 مليار دولار، وهذا أمر يحسب للسلطتين اضافة الى ترجمة ارادة الشعب في موضوع الرياضة واقرار قوانين أتت برغبة من صاحب السمو الأمير، مشيرا الى ان عدة قوانين كانت مدرجة لكن الاستجوابات «عرقلت المهمة التي بدأناها» مشيرا الى قانون العمل في القطاع الاهلي الذي وضع على بساط البحث في مجلس الامة ويصوت عليه، ويمثل حماية للشباب الكويتي في القطاع الخاص، لكن لم يدخل حيز التنفيذ للأسباب السابقة. اضافة الى مشروع لم يأخذ دوره وهو مشروع الصندوق التنموي للشباب الكويتي للاستثمار وهو بديل مطور لمشروع المشروعات الصغيرة.
عناصر مشرفة
وتطرق الملا الى انه رغم الاخطاء فإن مجلس الامة ضم عناصر مشرفة ولا نستطيع حتى «لو أحسنا الاختيار أن نأتي بمجلس ملائكي»، داعيا الى دعم العناصر الوطنية وايصالها الى المجلس المقبل، لكن المشكلة تكمن في شكل الحكومة التي يجب ان تشكل وفق مخرجات المجلس وبقناعة ديموقراطية، مستغربا الدعوة الى انتخاب مجلس يتوافق مع الحكومة. معربا عن تفاؤله بتضامن الشعب الكويتي وايمانه بثوابته الدستورية وبالمشاركة السياسية الفعالة في اقتراع 16 مايو المقبل.
أجواء ديموقراطية
وكانت وزيرة الصحة السابقة ومرشحة الدائرة الأولى (شرق ـ الدسمة) د.معصومة المبارك افتتحت كلمتها بالحديث عن الأجواء الديموقراطية التي تعيشها الكويت هذه الأيام آملة ان يكون هذا العرس الديموقراطي فاتحة إيجابية لاستقرار سياسي «افتقدنا كثيرا من ملامحه في السنوات القليلة الماضية ما أوصلنا الى حالة من التشتت نسعى جاهدين للخروج منها بأقل الخسائر» مشيرة الى ان البعض يسعى في محاولات دؤوبة لتشويه هذا العرس الديموقراطي وتحويله الى حالة من الصراع والصراخ والتجريح والخروج عن آداب الحوار بعيدا عن طرح حلول لما نواجهه من مشاكل وما نتطلع اليه من رؤى للعديد من القضايا وخاصة التنموية منها.
دولة الفتاوى
واضافت د.المبارك ان الكويتيين أمام مشروع دولة القانون مقابل من يريد العودة بنا الى دولة الفتاوى وصراع المصالح وتسيب الانتماء الفئوي على الانتماء الوطني وتهميش الدستور والقفز على القانون مشددة على ألا تسامح مع ذلك مع ضرورة التصدي لهذه المحاولات بالدفاع بالتي هي أحسن عن الثوابت الأساسية المتمثلة أساسا في «وحدتنا الوطنية» موضحة انها راسخة وثابتة الجذور عنوانها الكويت وتفاصيلها وهدفها الكويت ولا شيء غير ذلك، مذكرة باننا كلنا أصولنا عرقية، ولكن آن الأوان لان تتلاشى في رحم الوطن الذي يحمل الجميع أبناء متساوين في الحقوق والواجبات داعية الى تقديم المصلحة العامة على الخاصة مشيرة الى ان الثوابت التي لا اختلاف عليها تكمل باحترام الدستور نصا وروحا والعمل به، وبكل الزام والتزام ولا يخضع للانتقائية أو المزاج أو الأهواء، مبينة ان الدستور ركيزة أساسية للنظام الديموقراطي الذي ارتضاه الشعب وقد اوكل في (م6) مسؤولية ترسيخ النظام الديموقراطي للأمة: «نظام الحكم في الكويت ديموقراطي السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا» موضحة ان هذه المادة تؤكد موقع الأمة من النظام الديموقراطي وكذلك موقع الفرد من الحفاظ على هذه الأسس وأبرزها الدستور، مشددة على احترام وسيادة القانون بحيث لا يجوز تحت أي مبرر كسر أو ليّ القانون أو الخروج عليه، مذكرة بانه فوق الجميع بما يضمن الحقوق والواجبات لجميع فئات المجتمع.
قوانين المرأة
واشارت د.المبارك الى ضرورة تعديل القوانين الخاصة بالمرأة بما يضمن حقوقها المجتمعية وعدم التمييز ضدها بعد انتصار المرأة في 15 مايو 2005 بعد صراع طويل لتعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب وآن الأوان لتعديل المواد الأخرى في قوانين عديدة، لافتة الى صون حرية الرأي والتعبير التي تعتبر ركيزة أساسية للنظام الديموقراطي الذي ارتضاه الشعب الكويتي جميعا، مؤكدة ان هذه الثوابت المتجذرة في هذا النظام «علينا حمايتها» مشيرة الى ان الاختلاف والجدال أمر طبيعي لكن ليس مقبولا على الاطلاق ان نتجادل حول الأسس والمبادئ التي هي ثوابت نلتف حولها جميعا، ونحن جميعا معنيون بالتمسك بها أفرادا وسلطات للخروج مما آلت إليه الأمور من علاقة متأزمة بين السلطتين وشلل للعملية التنموية وعدم وضوح الرؤية ما أضفى حالة من اليأس لدى البعض، مستطردة بالقول «لهؤلاء اليائسين نقول لا حياة ولا تنمية ولا تطور مع اليأس» مذكرة بأن هذه المرحلة مهمة والكويت تعيش في منعطف في غاية الخطورة، ويجب التعامل معه بإيجابية مشيرة الى ان الوطن يستحق منا جميعا ان نتصدى لما قد يصيبه من خلل وعزوف في العملية الانتخابية القادمة موضحة ان العزوف هو افساح المجال للمتسببين في اغراق المسار الديموقراطي والساعين الى تخريب مشروع دولة الديموقراطية والقانون، لافتة الى ان الاستنجاد بالفتاوى والخروج المتعمد على القانون لتخريب المسار الديموقراطي مشيرة الى الفتوى التي برزت أول من أمس بخصوص تحريم التصويت للمرأة المرشحة، موضحة ان هذه الممارسات تظهر الرعب الذي بدأت تشعر به هذه الجماعات التي أصدرت هذه الفتوى من قرب المرأة من الوصول الى المقعد النيابي وما يمثله ذلك من اهتزاز لمصداقيتها بعد ان تذوقت حلاوة النصر من أيدي نساء والآن التفتت الى المرأة المرشحة لأنها ليست طوقا في أيديها.