أحمد عفيفي
رغم انه رجل امن وخبرته في هذا المجال لا يستهان بها حيث عمل قرابة 25 عاما كضابط بالداخلية الا ان الحديث معه كان دون أي محظورات، فالرجل يتكلم بجرأة وشفافية ويضع اصبعه على مكمن الداء ويجد له الدواء الشافي الذي يصل بالجميع الى بر الامان.
ولكونه ضابطا (متقاعدا الآن) اعطته المهنة قدرة كبيرة على فهم نفسيات البشر من خلال الاحتكاك بهم في جميع الاحوال، لذلك فالأمن عنده هو الاساس، اذا ما استتب دون تجاوز او جور على احد فالقافلة ستسير في غاية الامان.
هو في الاساس رجل عسكري، لذلك فقد تعود الجدية والانضباط الشديد حتى في كلامه معنا، فقد كان مرتبا دون اعداد مسبق، الاجابات مقتضبة ومركزة تصيب عين الحقيقة دون لف او دوران.
سامي الجزاف مرشح الدائرة الـ3 (كيفان - العديلية) لم تلهه الحياة العسكرية عن الثقافة والاطلاع، فهو ملم بجميع شؤون الحياة، وفي جعبته كمرشح الشيء الكثير. معه تكلمنا عن سياسة «تحمير العين»، عن الامن في الكويت، ماذا ينقصه، عن الصحة والتعليم وعن هموم المقترضين وما رؤيته الجدية في هذا الموضوع تحديدا.
لكن البداية كانت عن الامن من منطلق خبرته ومهنته السابقة، الى اي حد تشغله هذه القضية وكم تستحوذ من مساحة على اجندة اعماله وخطته التي من خلالها يأمل الوصول الى البرلمان.
«الأنباء» التقت سامي الجزاف، وفيما يلي التفاصيل:
كيف تقيم الأمة المنضبطة؟
كي نرى امة منضبطة لابد لها من امن منضبط، فإذا انفلت زمام الامن انفلت العيار ويصبح من الصعب السيطرة على الامور، والامن المنضبط يعني تطبيق القانون تطبيقا حقيقيا دون تجاوز ممن في يده السلطة ودون أدنى استغلال للنفوذ، فكوني رجل امن فأنا في خدمة القانون ولابد ان يعي المواطنون والوافدون هذه الجزئية المهمة، لا يجب ولا يصح بحال من الاحوال ان استخدم القانون مع شخص وأتغاضى عنه مع شخص آخر، هنا اكون قد خنت الامانة التي ائتمنني الله عليها وان اكون عادلا، لا يهمني قريب او بعيد ولا يعنيني خفير او وزير فالكل امام القانون سواء.
وهناك مشاكل امنية وبلا شك غير ان هذه المشاكل لا تتمثل في رجل الامن ذاته، البعض ربما عليه بعض المآخذ لكنني اتكلم في العموم، فالكويت رغم صغر مساحتها الا انها تعج بعدد غير قليل من الوافدين وهم متفرقون في مناطق متباعدة وبعضهم يثير مشاكل كثيرة منها على سبيل المثال اوكار الرذيلة، ايضا تصنيع الخمور والاتجار في المخدرات، هذه حقيقة لا يجب ان نغفلها، ولكن رغم قلة العدد الواجب من رجال الشرطة الا ان الجهود كبيرة جدا في الحد من انتشار مثل هذه الاوبئة التي تضرب شبابنا في مقتل.
الى جانب هذا لابد من العمل على رفع كفاءة رجل الامن وعودة الهيبة له ليس كشخص في حد ذاته لكن لانه يمثل القانون الذي على الجميع احترامه وتبجيله والانصياع له، لذلك ادرجت ضمن البرنامج الانتخابي الخاص بي العمل على زيادة اعداد الملتحقين بالكليات العسكرية المختلفة مع العمل على تطوير ورفع مستوى الاجهزة الامنية في جميع المجالات. اقول ذلك لان من يدعي في نفسه الكمال ففهمه قاصر ومريض، وبداية الانطلاق الحقيقي ان يعي المرء سلبياته ويعمل جاهدا على اصلاحها. واعتقد اذا قدر الله لي النجاح واصبحت عضوا في البرلمان سأكون صوت الشعب العالي في كل ما يريدونه من رجال الامن الذين هم ـ وهذه حقيقة ـ على درجة وفاق كبيرة مع الناس فليس هناك تنافر بين المواطن ورجل الداخلية بعكس دول اخرى كثيرة، ومن هذا المنطلق نستطيع التطوير والتفاهم بين الجانبين.
ليس تعسفاً
مادمنا نتحدث عن الأمن، هل كان هناك تعسف من قبل الداخلية ضد بعض المرشحين (د.ضيف الله بورميه ـ م.خالد الطاحوس وم.خليفة الخرافي) خاصة بعد اقتيادهم بأكثر من دورية شرطة رغم ان الأمر كان يمكن ان يتم عن طريق الاستدعاء العادي؟
انا رجل شرطة وافهم هذا الامر جيدا بخلاف نظرة اي رجل مدني الذي قد يرى في هذا التعامل تعسفا، والحقيقة ليس في الامر اي نوع من التعسف فهذا اجراء طبيعي، فوجود هذا الكم من الدوريات حماية للجميع فقد يظهر وسط هذا التجمع اي مخرب ويندس وسطهم ويحدث ربما ما لا تحمد عقباه، فالشرطة هدفها حماية الامن وليس في هذا الامر الذي سألتني عنه اي تعسف وهؤلاء الذين ذكرتهم لا ينكرون دور الشرطة بل ان واحدا مثل خليفة الخرافي من اكثر الذين يثنون على الشرطة ويثمن دورها.
القانون قانون
هناك من يطالب بتطبيق سياسة «تحمير العين» ضد النواب أو المرشحين، فهل تعتقد ان مثل هذه السياسة ستجدي نفعا في المرحلة المقبلة؟
تحمير العين عندي كرجل قانون وامن يتلخص في كلمة واحدة وهي تطبيق القانون لا اكثر ولا اقل فنحن كلنا في الكويت على مسطرة واحدة لا فرق بين صغير وكبير، الكل امام القانون سواء، وهذه سمة من سمات الدولة الكبيرة بحكامها ورجالها وابناء شعبها الابرار.
الحاكم والمحكوم
ما تقييمك للتجربة الديموقراطية في الكويت؟
عندنا في الكويت ترى الحاكم والمحكوم اختار كل منهما الآخر وهذا سبب نجاح التجربة الديموقراطية في الكويت مع اختلاف الآراء ومع وجود الاحزاب وتعدد التيارات، لكن ترى الجميع يبقى تحت مظلة واحدة. الديموقراطية في الكويت نموذج دستور ومنهج حياة، وما تفرزه هذه الديموقراطية من ازمات هو دليل على التقدم، ومعناه الواضح اننا نسير على الطريق الصحيح بشرط ان يكون هناك شعور بالمسؤولية ولا يكون هناك انفلات من اى نوع كان.
كويت مصغرة
كثيرون يرون ان الدائرة الثالثة عبارة عن كويت مصغرة، إلى أي مدى ترى صحة هذه الرؤية؟
ارفض هذه التسمية فالكويت من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها واحدة لكن الصحافيين اعطوا هذه الدائرة هذا المسمى لانها خليط من الطبقات وفيها القبلي والسني والشيعي، هي نسيج من كل هؤلاء ومع ذلك ارفض كلمة كويت صغيرة او مصغرة لان الكويت كبيرة وكبيرة جدا.
العلم عند الله
ما نسبة التغيير التي تتوقعها لمجلس 2009؟
العلم عند الله، فالناخب الكويتي هو اللاعب الاول في هذه الانتخابات وليس المرشح بما يملكه من مقومات نجاح فنحن في عنق الزجاجة اما ان نخرج منها الى بر الامان واما ان نظل في مكاننا لا نبرحه. والكرة الآن بين اقدام الناخب والناخب وحده، اذا أدرك هذه الاهمية التي نوليها له سيقول كلمته بصدق ولا يختار الا من يراه بحق جدير بان يمثله.
رأس الهرم
البعض يعيب على اعضاء مجلس 2008 السابق التعسف في استخدام الادوات الدستورية وتحديدا الاستجواب، فهل كان هناك فعلا تعسف؟
طبعا، كان هناك تعسف فالاستجواب لابد من ان يمر بمراحل معروفة للجميع ولا يأتي فجأة فما هي الاجراءات التي على اساسها اراد الاعضاء استجواب رأس الهرم في الحكومة الكويتية؟ فلم تكن هناك ادلة ولا براهين تعطي العضو حق الاستجواب حتى يستطيع ان يكسب الرأي العام في صفه ولا يخفى على احد ان كثيرين وكثيرين جدا كانوا ضد هذا الاستجواب.
نحن هنا
هل هذا الامر يرجع لأمور شخصية او ربما نفوس مريضة؟
هناك تحد بين بعض اعضاء مجلس الامة والحكومة فبعض التيارات في المجلس تريد ان يعلو صوتها وتقول بالصراخ: نحن هنا، ومع ذلك اقول ان عندهم حقا لا لسلامة موقفهم ولكن لاستسلام الحكومة لهم، فهناك ولا شك قصور في اداء الحكومة في تعاملها مع النواب، ولو رجعنا الى خطاب صاحب السمو الامير لوجدنا 3 رسائل واضحة ومباشرة: الاولى ان على الناخب مسؤولية الاختيار وعلى اعضاء البرلمان مسؤولية الارتقاء بلغة الحوار وعلى الصحافة مسؤولية عدم تضخيم الامور واشعالها.
برنامج واضح مكتمل المعالم
كيف ترى شكل الحكومة القادمة وما المطلوب منها؟
على الحكومة ان تتعامل مع الامور بوضوح وشفافية ولا تلتفت للوراء.. لابد لها من برنامج واضح ومكتمل المعالم ويستند الى اسس ومعايير، ومن ثم الانطلاق الى افاق بعيدة لتحقيق كل ما نصبو اليه كشعب ننتمي لامة واحدة وهدف واحد وهو اولا واخيرا امن بلدنا ومستقبله المنير. وهذا الامر يحتاج منها الى الثقة الكاملة بنفسها والترابط والتعاضد بين اعضائها. مع الاخذ في الاعتبار ان يسير المجلس والحكومة في خطين متوازيين حتى يلتقيا على شيء واحد فقط وهو مصلحة الكويت.
الناخب هو الحكم
هل تتوقع وصول امرأة الى البرلمان هذا العام، وكثيرون يرون انه لو كانت هناك امرأة ستصل فستكون من الدائرة الثالثة؟
الناخب كما قلت هو الحكم، وله ان يختار من يراه سيعمل لمصلحته هو سواء كان رجلا او امرأة، وكثيرا ما طالبنا بترشيح المرأة ووصولها لقبة البرلمان، فهي ان لم تكن على قدر مستوى الرجل فاعتقد انها تفوقه في تحمل المسؤولية. وهناك اكثر من امرأة مرشحة اتمنى لها كل التوفيق. فالمجتمع ـ رجل وامرأة ـ لا يسير دون الاثنين.
اذا سألت اي مرشح عما يتضمنه برنامجه الانتخابي قال لك الصحة والتعليم و.. و.. دون ان يقدم رؤية شاملة للاصلاح فهل عندك ضمن برنامجك حلول فعلية لمشاكل بعينها؟
لا علاقة لي بأحد، انا فقط مسؤول عما اقوله، فالانسان اي انسان يحتاج الى تأمين مسكنه وعلاجه وتعليمه وتثقيفه اجتماعيا وبيئيا وامنيا، والناحية الامنية تكلمنا عنها باستفاضة، واحدثك الان عن الصحة، وبداية اقول ان العاملين بالصحة عندنا كان الله في عونهم، يتحملون فوق الطاقة، فعدد سكان الكويت مع المقيمين يفوق الـ 3 ملايين نسمة بينما عدد المستشفيات فقط 5، فقل لي بالله عليك كيف يتم اعطاء كل مريض حقه الواجب مع كثرة عدد المراجعين وقلة عدد المستشفيات.
لذلك اقترح ان يتم بناء مستشفيات جديدة ويتم الفصل بين مستشفيات المواطنين ومستشفيات الوافدين، ليس قطعا من منطلق تفرقة ما او ان تكون هناك مستشفيات فخمة لنا واخرى اقل فخامة لغيرنا، لا اقصد ذلك اطلاقا لكنني اقصد ان يتم اعطاء الوافد حقه كاملا في العلاج كما ان الوافدين جنسيات متعددة فلابد من مراعاة ذلك عند استقدام اطباء للمستشفيات الخاصة بهم حتى يسهل التعامل بين المريض والمعالج. وهذا الامر ممكن لو اخذناه بعين الاعتبار.
الضيف والمضيف
مادمت تحدثت عن الوافدين اسألك: هل يشغل الوافد جزءا من تفكيرك وانت ترشح نفسك للبرلمان؟
قطعا الوافد له حق علينا وانا من خلال تعاملي اثناء الخدمة مع الوافدين ارى ان لهم مشاكل عدة وفي حاجة لان ننظر اليهم كأبنائنا وليس كغرباء، او ننظر اليهم كضيوف علينا، وغني عن التعريف ما للضيف من حقوق تفرضها الانسانية والذوق العام والتربية، وهذا والحمد لله موجود في الكويت بشكل واضح وملحوظ. واسأل اي وافد عن هذا الامر سيؤكد لك صدق ما اقول. هناك قطعا سلبيات لكنني اتحدث عن الاغلب الاعم.
أنت حر فيما تملكه
هل ترى ان الاعلام الخاص لا يقف موقف الحياد مع المرشحين وان الامر لا يخلو من المجاملات في كثير من الاحيان؟
اشكرك على هذا السؤال، فهذا الامر تحديدا يغضب بعض النواب حيث ان القنوات الفضائية في الكويت لها اصحابها، وكل واحد حر فيما يملكه، استضيف هذا واعطي ظهري لهذا، امنح هذا مساحة زمنية اكثر من هذا، لا احد يحاسبني وهذا الامر يغضب بعض المرشحين لاحساسهم بعدم المساواة، ولكي لا اظلم اصحاب تلك القنوات ربما يفعلون ذلك دون قصد.
المتسبب في المشكلة عليه حلها
يبقى ان اسالك عن القروض، الصداع الدائم في رأس المواطنين.. هل لهذا الامر مساحة في برنامجك؟
طبعا، عدد غير قليل من المواطنين متورط لسنوات طويلة قادمة في القروض التي ارى انها مسؤولية الحكومة بالدرجة الاولى، فقد سهلت المسألة في البداية بدرجة هائلة والآن وبعد قرارارت البنك المركزي وجد المقترضون انفسهم في ورطة، لا يعرفون كيف يوفون بالتزاماتهم نحو البنوك، وارى ان من تسبب في هذا الامر عليه ان يشارك في الحل ويتحمل جزءا من المسؤولية حتى نرفع عن المواطن هما يجعله لا ينام ربما لا ليلا ولا نهارا.
كلمة أخيرة تحب ان تضيفها؟
اغلبية اعضاء المجلس اعترفوا بأن هذا المجلس كان سيئا ومجلس تشاحن وتصادم وتأزيم، هؤلاء من المفروض ان يتنحوا عن مقاعدهم لاعترافهم بالفشل، وكلمة اخيرة اقولها كيف لفاشل اعترف بذلك بلسانه ان يتهم غيره بالفشل ويطالب بتنحيه؟