فرج ناصر
أرجع مرشح الدائرة الأولى (شرق ـ الدسمة) د.عوض الجويســري سبب عدم انسجام القوى الوطنية في البلد لانشــغالها بقضــايا هامـشية وتركها قضية تنمية الوطن، داعيا نواب المجلس المقبل الى الاتفاق على ترتيب الأولويات لمواجهة التحديات التي يمكن ان تواجه بلدنا.
وقال الجويسري في لقاء مع «الأنباء» ان المواطن الكويتي سئم حالة الصراع السياسي وحالة اللاقرار التي سادت خلال المرحلة الماضية، مشيرا الى ان هذا الوضع أوجد نوعا من التشاؤم الذي انعكس سلبا على «روحية» المواطن الكويتي. واضاف ان هناك حاجة ماسة للوحدة الوطنية والتلاحم بين أبناء الكويت كافة اكثر من اي وقت مضى، مشيرا الى «انه متفائل بالمستقبل لأن الكل هدفه مصلحة الكويت». واشار الجويسري الى أهمية ان تعمل السلطتان (التشريعية والتنفيذية) خلال المرحلة المقبلة بروحية جديدة أساسها التعاون المثمر والبناء من أجل مصلحة الوطن، لافتا الى ان هناك ارضية مشتركة بين السلطتين يمكن البدء من خلالها والتأكيد عليها عن استراتيجية توضع بين الحكومة ومجلس الأمة. اشار الى الأهداف الابتزازية التي كانت تقف وراء الاستجوابات لتحقيق مصالح شخصية وتصفية حسابات سياسية «داعيا نواب المجلس المقبل الى اعطاء الحكومة الفرصة الكافية قبل محاسبتها».
وفي الوقت نفسه اكد الجويسري حاجة المجلس الى تفعيل الدور التشريعي والرقابي على الأداء الحكومي من خلال الأطر الدستورية والقواعد الأخلاقية البعيدة عن التشنج والتعصب، وفيما يلي نص الحوار:
ذكرت في اولى ندواتك الانتخابية ان عجلة التنمية في البلد توقفت، من المسؤول عن توقفها؟
هناك جهتان مسؤولتان عن توقفها والكل يعرف ذلك جيدا فالحكومة وان كانت تتحمل الجزء الأكبر لعدم تقديمها خطة تنموية أو رؤية استراتيجية محددة المعالم، إلا ان الجزء المتبقي يتحمله اعضاء مجلس الأمة السابق لانشغالهم بقضايا هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع، فهؤلاء النواب غضوا الطرف عن القضايا الأساسية التي تهم المواطن بشكل مباشر، لذا احمل مسؤولية توقف عجلة التنمية في الكويت للسلطتين التنفيذية والتشريعية.
وفي الندوة ذاتها ايضا عرضت لبعض محاور البرنامج الانتخابي، ولكن البعض يردد ان هناك صعوبة يقابلها اي مرشح في تنفيذ برنامجه الانتخابي بشكل عام، هل توافق هذا الرأي؟
نوعا ما، صحيح ان اي مرشح يضع مصلحة الكويت نصب عينيه يحاول جاهدا تنفيذ جميع محاور برنامجه الانتخابي الذي وعد به ناخبيه، ولكن ربما تظهر في الطريق ظروف ما تمنعه او تعرقل تنفيذ برنامجه بشكل تام، اقصد هنا ظروفا خارجة عن ارادة النائب، مثل عدم استكمال المجلس دورته كاملة، ولكن اذا صارت الأمور على خير ما يرام فلا حجة بعد ذلك لأي نائب يتذرع بها أمام ناخبيه الذين وضعوا ثقتهم فيه.
عدم الانسجام
في رأيك ما أسباب عدم الانسجام بين الحكومة وأعضاء المجلس المنحل؟
أولا يجب ان نعترف بأن المجلس المنحل كان ضعيفا، بل كان أضعف المجالس التي مرت على تاريخ الكويت بأدائه وانجازاته في العمل السياسي، ربما كان هناك عذر وحيد وهو قصر عمر المجلس ويتحمل النواب ايضا هذه المسؤولية، ولو تحدثنا عن الإنجازات فالإنجاز اليوم هو انجاز التنمية من خلال برنامج تنموي من شأنه ان ينتشل الكويت من حالة التردي.
انا هنا اريد ان اوضح مسألة عدم الانسجام ولا اريد تحميل أعضاء المجلس المسؤولية كاملة، فالحكومة وكما ذكرت سالفا هي التي تتحمل الجزء الأكبر ولكن كان على النواب وبعد ان حددوا أولوياتهم ان يعطوا الحكومة فرصة للتعاون وعدم مداهمتها وتهديدها بالاستجواب تلو الآخر.
طالما وصلنا الى نقــــطة الاستجوابات، فما رأيك في مسلسل الاســـــتجوابات التي قـــدمت الى الحكومة ورئيسها؟
الاستجوابات التي قدمت في المجلس المنحل كان بعضها ابتزازيا أو لتحقيق مصالح حزبية أو شخصية أو لتصفية حسابات سياسية، وللأسف لم نر استجوابا واحدا قدم لصالح الكويت.
لو سلطنا الضوء على الدائرة الاولى كيف هي الحسابات فيها؟
بالأصل لا يستطيع اي مرشح خوض غمار الانتخابات إلا بالتعاطي مع حسابات الدائرة من خلال أعداد الناخبين وتسليط الضوء على نقل الشرائح داخل الدائرة، فعدد الدائرة نحو 64 ألف نسمة ينقسمون الى 4 شرائح رئيسية وهم الاخوة الشيعة ونسبتهم اكثر من 47% بعدد يصل الى 20 الفا ومن ثم افراد قبيلتي الذين يصل عددهم الى 14 الفا تقريبا، ومن ثم الكنادرة والعوضية والفوادرة تقريبا 18 الفا ومن ثم الشريحة الرابعة وهم العوائل البحارنة والعوائل المتفرقة، هذه هي حسابات الدائرة من وجهة نظري.
ومن أين ينطلق المرشح د.عوض الجويسري؟
انطلق من أبناء الدائرة الأولى والذين اعتبرهم جميعا اخواني.
دور الفرعيات
وأين دور الفرعيات في الدائرة؟
طبعا الدائرة الأولى تختلف كثيرا عن بقية الدوائر الانتخابية الأخرى، فهي بعيدة عن الفرعيات وحتى بعد اتساع رقعة الدائرة، لأن اغلب الشرائح التي ذكرتها تمتاز بأن لديها منظمات وتجمعات منظمة تحترم اعضاءها كافة، لأن غالبا ما يكون الفرد الكفاءة داخل التجمع يحوز قناعة الاغلبية، فالأمر يعتمد على التشاور داخل تلك التجمعات وبالأخير هي تهمش دور الاقلية.
كيف اتخذت قرارك لخوض انتخابات الدائرة الأولى؟
كانت لدي قناعات على المستوى الشخصي بأن ما يحدث بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من خلال آخر ثلاثة اعوام من توتر سياسي وأزمات متلاحقة جراء الاستجوابات والتهديد بها ما هو إلا انحدار بمستوى التمثيل النيابي من خلال عدم تعاون بعض النواب السابقين مع بعضهم أو بين الكتل البرلمانية لأسباب شخصية وايديولوجية او حتى التصادم مع الحكومة بعيدا عن المصلحة العامة من أجل المصالح الخاصة والتي يعلمها أقل من يتعاطى بالسياسية، لذا تولدت عندي فكرة النزول والتنافس على الترشح بالانتخابات وفي هذا الوقت قبل عام تقريبا بدأت مشاوراتي مع عائلتي بأنه حان الوقت لهذا المجلس أن يأتي اليه نواب الكفاءة والخبرة بالحياة، وما أكثرهم في البلد، فلماذا نصر على غيرهم؟
أجندة محددة
ما أهم الاجندات التي يحتاج إليها المجلس المقبل؟
من وجهة نظري يحتاج إلى تفعيل الدور التشريعي والرقابي على الاداء الحكومي من خلال الاطر الدستورية والقواعد الاخلاقية الراقية البعيدة عن التشنج والتعصب وكذلك نحتاج الى دعم بنود الدستور في قضية فصل السلطات وان تكون كل سلطة تعرف تماما انها تعمل وحدها، هذا من جانب. أما الجانب الآخر، فهو ان يتم داخل قبة البرلمان تدعيم الجانب القانوني والدستوري ووضع آلية واضحة لتفعيل الجانب القضائي داخل المجلس وحتى خلال الجلسات الروتينية للمجلس من أجل مراقبة جدول اعمال المجلس، فكل قضية قابلة للنقاش يكون الجانب القضائي حاضرا لاعطاء قانونية النقاش وتوضيح الخلل والتصحيح لدستورية الموضوع واقفاله في النهاية دون «تشنجات»، فالقضاء هنا الفيصل، فالأمر متروك للوضع القانوني بعيدا عن التصادمات بين الحكومة والمجلس.
الا ترى اننا تأخرنا عن ركب الدول القريبة في التنمية والتطوير؟
طبعا فنحن نحتاج من الآن وصاعدا الى دعم الجهود كافة للحكومة والمجلس المقبل من أجل التحرك لتلافي البطء في العملية التنموية بالبلاد، ورأيي الخاص ان التعليم والصحة وقطاع الشباب والاقتصاد هي ابرز ما نحتاج اليه للمرحلة المقبلة.
كيف يتم تنفيذ مشروع التنمية؟
يجب التأكيد على دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية للبلاد في شتى القطاعات المتعلقة بالوطن، فعلى صعيد القطاع الصحي ينبغي ان يكون القطاع الخاص شريكا في توفير الخدمات الصحية حسب المواصفات والمعايير العالمية بحيث يكون دور وزارة الصحة رقابيا واشرافيا من اجل تقليص الفجوة بين المناطق الصحية ووزارة الصحة واعطائها الاستقلالية الادارية والفنية والمالية الكاملة.
وان تباشر الحكومة اتخاذ الخطوات التي من شأنها ان تفسح المجال امام الاصلاح الاقتصادي المنشود من خلال تحرير بعض القيود عن الانظمة الاستثمارية وكذلك المضي في تجربة بعض القطاعات الاستراتيجية كقطاع خدمات الطيران وقطاع تسويق الوقود في قطاع المصارف مع المحافظة على مكتسبات خدمات الطيران وقطاع تسويق الوقود في قطاع المصارف مع المحافظة على مكتسبات العمالة الوطنية. فمثل هذه الانجازات كفيلة بتوسعة قاعدة نشاطات الاقتصاد الكويتي وتزيد من تنوعه وتجعله أكثر قدرة على مواجهة الأزمات والسير باتجاه النمو، وكذلك الحكومة مطالبة بتوفير البيئة الاقتصادية السليمة التي تشجع على استثمار الفوائض المالية في انشاء مشاريع اقتصادية كبرى».
نتحدث كثيرا عما يسمى بالمال السياسي الذي يعتبر إحدى الظواهر السابقة التي يجري تداولها في اثناء مواسم الانتخابات، لكن المشكلة ان تداول هذا الموضوع يقف على حد الشكوى والحديث في الدواوين، فكيف يمكن تطوير الرقابة على هذه الظاهرة من خلال تفعيل آليات لضبطها، والحد منها على الأقل؟
المال الســـياسي كتـــــعريف اكثر دقة هــــو «الرشوة»، والرشوة مــــجرمة بحسب القانون الجزائي وقانون الانتـــخابات، والمشـــكلة ان هناك تراخيا في متابعة هذه القضية بمعنى أنه لو حصل نشاط امني يتابع هذه الظاهرة لكان خف امرها، وهناك روايات كثيرة كان يطرحها البعض في عدد من الانتخابات السابقة من وجود سيارات محددة الاوصاف تقف امام مدرسة او عن وجود نشاط داخل حمامات بعض المدارس ـ وهنا اذا سلمنا بصحة هذه الروايات فإننا نتساءل اين رجال الامن من الحوادث الظاهرة؟ وانا هنا لا اتكلم عن اتفاق بين اثنين لانه من الصعوبة كشفها بل عن التحركات المكشوفة. وبالتالي أنا آمل من وزير الداخلية ان تكون هناك يقظة خلال الانتخابات الحالية، فإن جرت نظيفة فهذه شهادة تعلق على صدر الكويت حكومة وشعبا وبلدا، لأن العالم اليوم اصبح يرصد كل حدث وفي اي بلد كان.
ما رأيك في فكرة الرقابة الدولية او الخارجية على الانتخابات التشريعية؟
في المجمل فإن الانتخابات البرلمانية والبلدية لم يسجل عليها اي طعن، وانا اقصد صلب العملية الانتخابية، لانها تجرى تحت سمع وبصر كل من الجهة التنفيذية ومندوبي المرشحين ورجال الامن، وبالنسبة الى الرقابة الخارجية فأنا أؤيد الفكرة ولا أرى فيها طعنا لسلامة الاجراءات المحلية، واعتقد ان ما سيكتب من الجهة الرقابية الخارجية سيشكل شهادة اضافية اذا كانت اجراءاتنا سليمة، وعموما فإن انتخاباتنا مغطاة بكل تفاصيلها من خلال الصحافة المحلية والقنوات الفضائية.
لا انسجام بين القوى الوطنية
هناك حالة من عدم الانسجام بين القوى الوطنية ترى ما السبب؟
السبب واضح وهو كما ذكرت سالفا تطاحن هذه القوى على قضايا هامشية وتركها القضية الأساسية، قضية تنمية الوطن، وأنا هنا انتهز هذه الفرصة لأتقدم برسالة ادعو فيها جميع التيارات السياسية في الكويت الى ان يرأفوا بهذا البلد الصغير وادعوهم كذلك الى الاتفاق ولو على الحد الادنى من الأولويات، لان التحديات والقضايا الاساسية التي تواجه مجتمعنا الصغير كبيرة ولن نستطيع مجاراتها اذا لم نتوحد ونتكاتف كما كنا في السابق.
ما رأيك في موضوع الاعتقالات الذي طال بعض المرشحين؟
انا لا اؤيد الاعتقالات او تكميم الافواه لاننا في عصر الحريات، لكن يجب ان تكون هذه الحريات مقننة في اطار حدود الدستور واذا كانت هناك اتهامات لبعض المرشحين من الافضل تحويلها الى السلطة القضائية لانها هي المخولة للنشر في هذه الامور.
ودون شك نحن نعيش الان مرحــــلة انتـــخابات، وبالتأكيد فــــان بعــــض المرشحين سيــــحاولون استــــقطاب الشارع الكويتي من خــــلال اطروحاتــــهم وآرائهم ومنها الهجوم على الحكــــومة التي سيطولها حصة نصــــيب الاسد، لكن اتمنى من جــــميع المرشحين ان يضـــــعوا على نفسهم رقابة ذاتـــــية وان يــدركوا ان مصلحة الوطن والامــــــن الوطني أسمى واعلى من مصلحة التيار او المصلحة الذاتية للفرد.
ركزت على الوحدة الوطنية في برنامجك الانتخابي لماذا؟
لانها درعنا الواقية وسلاحنا في مواجهة الاعداء، نحن على هذه الارض المباركة يجمعنا عامل مشترك هو حب الكويت والدفاع عنها، نسيجنا الاجتماعي واحد منذ مئات السنين، عائلة واحدة، ولا شيء يفتت تلاحمنا.
أين انت من المتقاعدين؟
المتقاعدون فئة خدمت الكويت كثيرا وبذلت الغالي والنفيس من اجل خدمة الوطن وابنائه واقل ما يمكن ان نقدمه لهم هو توفير الراحة والعناية لهم وتلبية متطلباتهم لاسيما ان لهم حقوقا كثيرة نظير ما بذلوه.
إلامَ تدعو ناخبي الدائرة الأولى؟
ادعـــــوهم الى اعطاء الدور للــــمرشح الذي يخاف المولى عز وجل والذي يضع الكويت نصب عينيه، ادعوهم الى اعطاء الدور لاصحاب الكفاءة وذوي الافكار المتجددة، واقول لهم ان ما حدث من محاولات لاختراق الصف الوطني لاثارة النعرة الطائفية تحتاج الى وقفة صادقة مع انفسنا، يجب ان نترك خلافاتنا الهامشية وراء ظهورنا ونلتفت حول انفسنا لان المرحلة المقبلة يجب ان تكون مرحلة بناء.