- غياب دور الأب في حياة الأبناء يسهم في تنشئة أجيال غير صالحة للقيادة
- الاستقرار الأسري ومصادقة الأبناء واحتواؤهم أفضل الوسائل لخلق أجيال يعتمد عليها
أميرة عزام
يشتكي معظم أولياء الأمور من عدم قدرتهم على السيطرة على تربية أبنائهم ومحاولتهم الانزواء الى الألعاب ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وإشغال محتواهم العقلي بها، بينما من المفترض أن تحل محلها المبادئ والقيم والعلم والثقافة والرياضة وغيرها مما لا ينجح فيه إلا القليل، كما ترجع بعض الأمهات فشلها في تحقيق ما تمنت لأبنائها بسبب غياب دور الأب الحقيقي في صناعة عقول رائدة، وحول إمكانية صناعة الرواد والقادة من الأطفال الصغار، استطلعت «الأنباء» آراء المواطنين لمعرفة وجهات نظرهم في تلك القضية.
وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، يقول عايد الشمري انه اكتشف متأخرا أن الاستقرار الأسري له دور مهم في حياة الأبناء وان المال وتلبية طلبات الأبناء لا يكفي، وانما الاقتراب منهم ومصادقتهم وتوصيل الإحساس لهم بالحب والرعاية هو أفضل وسيلة لوصولهم الى شخصيات قيادية ونافعة، كما ان الوسطية والاعتدال في الشدة واللين مهمة جدا، كي لا يكون الوالد مقصرا او مفرطا في دلاله الزائد لأبنائه، ففي كلتا الحالتين يعرضهم للخطر.
من جهتها، توضح أم ناصر العازمي انها قد انجبت المهندس والطبيب والطيار رغم انها لم تتجاوز في تعليمها المرحلة المتوسطة، وذلك لعلمها الأكيد بأن التعليم والدراسة في المدارس تختلف كثيرا عن فن إدارة المنزل وثقافة الريادة، مؤكدة انها تفهم في الحياة أكثر من المتعلمات في الجيل الحالي، فقد أدركت ان الطبيبة تعجز عن تربية أبنائها، ولذلك حرصت على ان تجعل ابناءها من متعلمي ومن مدركي فنون التربية حتى قرت عينها بتربية أولادها لأحفادها على طريقتها نفسها.
وتوافقها الرأي في ذلك أم صالح الحماد التي أنجبت سبعة جميعهم في مراكز رائدة كالطبيب والناظرة والمعلمة والمحاسبة والموظفة والضابط وطلاب الثانوية الفائقين، رغم أنها لم تدرس أبدا، فقد تركت الدراسة منذ أيامها الأولى في الصف الأول الابتدائي حيث توفي والدهم وهي في عمر الـ29 ولم تتزوج بعده وحرصت على تربية ابنائها تربية صالحة، ولم يساعدها احد في ذلك، وكانت دائمة الدعاء لهم مع العمل الجاد على رؤيتهم شخصيات قيادية في المجتمع، موضحة انها فرحت برؤيتها لأحفادها ولكنها تعترف باختلافهم الكبير عن الجيلين الماضيين لصعوبة السيطرة عليهم من جميع النواحي التعليمية والتربوية والنفسية.
بدورها، تعبر أم محمد الموسوي عن أسفها لعدم وضع خطط لمستقبل أولادها، وانها كلما حاولت دفع احدهم لنجاح ما لا تجد منه ما تأمله لعدم مساعدتهم لها بقلة رغبتهم في الدراسة وعدم استماعهم لنصائحها من جهة وغياب دور والدهم والإعلام من جهة اخرى، مشتكية من عدم وعي الأبناء وغياب الطموح والإدراك، فتجد كل حياتهم لامبالاة، وهي غير مؤيدة لان تكون حياتهم دون سعي او جهد او خطط مستقبلية مدروسة، داعية المدارس والإعلام لتوجيههم نحو العلم والطموح بقدرات شخصية أفضل.
أما صباح الشمري فيعترف بأن تربية الأبناء أصبحت بالغة الصعوبة، فقد ربى الآباء الأجيال السابقة على الفطرة فجاء معظمهم صالحين، اما الأطفال الآن فيغلب عليهم الدلال الزائد، ومع ذلك فهو يتوقع ظهور قادة في الجيل الجديد نظرا لاهتمام الحكومة بالمعاهد والتدريب والأنشطة التعليمية.
من جانبها، تؤكد نورة الماجد انها قد وضعت العديد من الخطط والدراسات لنظام حياة أبنائها في المستقبل رغم أنها ليست متزوجة، لإيمانها بأهمية التخطيط للمستقبل، فقد حددت مدارس الأولاد الخاصة، وتصر على ان يكون تنظيم الوقت هو الرائد في الحياة، كما يجب ان يكون للاب دوره البارز في تربيتهم ومشاركته لهم في كل امورهم.
أما عبدالكريم عبدالله فيقول ان والده علمه ان يربي أبناءه على الصبر وقوة التحمل وعدم الاتكال على الغير، وهو سعيد بابنه ذي الاربعة أعوام الذي يشارك والدته ويحاول ان يساعدها ويحرص على الهدوء عند نومها كي لا يوقظها او يزعجها.
نصح الوالدين بعدم استخدام القسوة مع الطفل ذي الشخصية القيادية حتى لا يتحول إلى العدوانية
مجدي: 2% من البشر يولدون بمواهب قيادية واضحة
اكد المدرب وخبير تطوير المهارات الإدارية د.احمد مجدي ان الدراسات الحديثة توصلت الى ان 2% من البشر يولدون بمواهب قيادية واضحة، فتجد طفلا يسعى جاهدا ليسمح له أصدقاؤه باللعب معهم، بينما تجد آخر يقف في منتصف الساحة وينادي «من يلعب معي؟».
واضاف مجدي: عندما تلاحظ الأم أن ابنها محب للسيطرة ولديه ميل لإصدار الأوامر والتعليمات، وجريء، ويجيد التعبير عن نفسه ومواجهة المواقف الصعبة دون تردد أو خجل، وقادر على تحمل المسؤولية، فهي قد ترتكب خطأ عندما تعنفه وتثنيه عن هذه السلوكيات لأنها لا تدرك أنه شخصية قيادية تتميز بالثقة بالنفس والقدرة على تحمل المسؤولية والتعامل بديموقراطية وبالتفوق العلمي والخلقي والاجتماعي والشجاعة، وان هذه السمات التي ربما ورثها من أحد الوالدين أو من البيئة المحيطة قد تجعل منه قياديا بارزا في مجاله المستقبلي وما أحوجنا للقادة ذوي التأثير الواسع العميق.
وتابع: لإعداد طفل قيادي في المستقبل، هناك مجموعة من النصائح لابد أن ينتبه الوالدان اليها ويحاولا تنفيذ بعضها أو جميعها حتى يمكن للأسرة أن تعد طفلها لأن يكون قياديا وناجحا ومنها:
٭ القائد لا يعمل منفردا، درب طفلك على الجماعية من الصغر بتعلم لغة أو إتقان هواية معا أو ببساطة شراء مستلزمات المنزل معا.
٭ انتقد السلوكيات الخاطئة للطفل وليس شخصية الطفل ذاته.
٭ ألهم طفلك بنماذج قيادية من سير القادة والناجحين ليسيروا على خطاهم ويتعلقوا بتعاليمهم الملهمة.
٭ إشراك الطفل في دورات تدريبية لإعداد الطفل القائد وما أكثرها هذه الأيام.
٭ اصطحاب الطفل في جلسات الكبار ليسمع ويشعر بقيمته ويطرح آراءه فيتسع عقله وتزداد ثقته.
٭ تعديل الأخطاء التي يقوم بها الطفل من منطلق إعطاء الرأي فقط.
٭ نقوم بتعليمهم العفو عند المقدرة من خلال التسامح.
وزاد: تبقى أهم نصيحة للوالدين هي عدم استخدام القسوة والديكتاتورية أو الإهمال والرفض للطفل ذي الشخصية القيادية لأن ذلك يؤدي به إلى شخصية عدوانية تميل إلى الإيذاء، موضحا انه من الأفضل العمل على تنمية الناحية القيادية في الطفل مع نزع الأنانية منها وإلا تحول إلى شخصية ديكتاتورية، وهذه معادلة صعبة يجب على الأهل تحقيقها بمنتهى الحذر من خلال تدريبه على المشاركة في حوار مع أفراد الأسرة أو الأصدقاء ومع الحرص على توجيهه لأهمية احترام آراء الغير وتقديرها.
أكدت أن 90% من شخصية الطفل تتشكل في السنوات السبع الأولى من عمره
شعبان: كل طفل مشروع قائد لو أحسن استغلاله
- للمدرسة والمؤسسات التعليمية دور مهم في بلورة شخصية الأطفال وتنمية مهاراتهم
أوضحت الاستشارية التربوية ومنسقة الخدمات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة في الجامعة الأميركية في الكويت ورئيس قسم التنمية والتطوير في الجمعية الكويتية لاختلافات التعلم د.هدى شعبان ان النظرة القديمة للشخصية القيادية والتي تقول ان القادة يولدون بهذه السمات ويحملون في جيناتهم سمات قيادية مثل الثقة بالنفس والإصرار والطموح وقوة الشخصية، قد أثبتت الأبحاث الحديثة عدم دقتها.
وأكدت شعبان ان كل طفل هو مشروع قائد لو أحسن استغلاله وعرفنا كيف نزرع فيه هذه السمات ونعزز لديه الثقة بالنفس ونعلمه كيفية إثبات ذاته وتحمل المسؤولية وإدارة الأمور وبالطبع لا نعني هنا التحكم في الآخرين بل قيادتهم لتحقيق أهدافهم والتأثير الإيجابي فيهم، مضيفة ان القيادة لسيت مسألة عفوية بل تتطلب عملا جادا ودؤوبا من المربين لزرع سمات القيادة لدى الأبناء.
واضافت: أشارت الدراسات الى ان 90% من شخصية الطفل تتشكل في السنوات السبع الأولى من عمره بالتالي من الضروري إيلاء هذه الفترة الأهمية القصوى لدى تربية الطفل لبناء شخصية قيادية مستقبلية. انها عملية بناء متكاملة، عملية شاقة تتمحور حول العمل على مساعدة الطفل على اكتشاف قدراته ومهاراته واستخدامها للوصول الى الهدف المرجو، مبينة ان عملية بناء طفل قائد تبدأ في تدريبه منذ نعومة أظافره على الاعتماد على نفسه وهي مسألة رغم أهميتها نجدها تذوى في مجتمعاتنا التي اعتمدت ثقافة الخدم ومساعدة الطفل حتى على حمل حقيبته المدرسية داخل الصف وهو أمر في غاية الخطورة اذا نظرنا الى عواقب تعويد الطفل على الاعتماد على احدهم في أموره الأساسية والثانوية ليصل الى درجة الاعتماد على الغير في كل شاردة وواردة وهو ما اشاع نوعا جديدا من الإعاقات في مجتمعاتنا ونواجهه يوميا في مدارسنا وعياداتنا كمتخصصين ويسمى learned helplessness أو «العجز المكتسب عن التعلم».
وتابعت: للمدرسة دور لا يقل اهمية في تكوين هذه الشخصية باعتبار هذه المؤسسات قادرة على بلورة شخصية الطفل واستخدام الاستراتيجيات الضرورية لتعزيز قدرة الطفل على الاعتماد على ذاته والاستقلالية ومن ثم التواصل الفعال مع رفاقه ورسم صورة إيجابية عن الذات ووضع الأهداف وتحقيقها، ويدرك معظم المربين والعاملين في الحقل التربوي ان سمات مثل تقدير الذات واحترام الآخرين وتحمل المسؤولية هي سمات مكتسبة يكتسبها الطفل من تجاربه اليومية ومن قدرته على اختيار الأشياء من حوله والتعبير عن رأيه.
انه الأسلوب التربوي الحديث الذي يواجه ما اعتدنا على رؤيته في مجتمعاتنا وعاداتنا التقليدية التي تفرض على الأبناء وجهة نظر الأهل وميولهم وأسلوب تفكيرهم التي من المتوقع من الأبناء اعتمادها والتماهي بها دون جدال أو سؤال، مشيرة ان هناك العديد من النشاطات المدرسية التي تلجأ اليها المؤسسات التعليمية لزرع روح القيادة والشخصية الطموحة لدى التلاميذ منها النشاطات الجماعية التي تتطلب تعيين قائد للمجموعة الذي يتولى توزيع المهام ووضع الأهداف وآلية تنفيذها على ان يعطى كل طالب فرصة لعب دور القائد واكتشاف المهارات الكامنة داخله. أو التخطيط للمشاريع الطلابية التي تتطلب مناقشة بعض القضايا وتنظيم فعاليات مثل الرحلات المدرسية والألعاب التنافسية والمشاركة الإيجابية.
وزادت «يقع على عاتقنا نحن المربين زرع قيمنا وأخلاقنا في نفوس أبنائنا ولكن مع اعطائهم مساحة من الحرية لعيش تجاربهم الخاصة وحل مشكلاتهم اليومية ومواجهة مخاوفهم وتساؤلاتهم. من الضروري استحداث مواقف يمكن للتلاميذ من خلالها الانخراط في مجتمعاتهم وتحمل مسؤولية خياراتهم مثل انتقاء أصدقائهم وزيارتهم والتواصل معهم والاشتراك بالنشاطات الصيفية للتعرف على شخصيات متعددة ومحادثة أفراد تختلف أساليب تفكيرهم عنا ويحملون ثقافات متعددة.
عرنوس: ممارسة الرياضة والرعاية النفسية والجسدية والابتعاد عن رفقاء السوء تجعل الطفل عضواً فعالاً في المجتمع
تقدم المدربة المعتمدة في التنمية البشرية واختصاصية دراسة وتعديل السلوك رويدا عرنوس خطوات للطفل نفسه ليصبح قائدا منذ الصغر وكيف يكون شخصا فعالا في المجتمع، وذلك بالحفاظ على جسد سليم، لأن أولى درجات الرضا عن النفس هي التمتع بجسد مثالي وخاصة في مثل هذه المرحلة وذلك من خلال:
٭ اتباع نظام غذائي سليم وصحي والابتعاد قدر المستطاع عن الوجبات السريعة لما فيها من أضرار ومشاكل كالبدانة المفرطة أو ظهور الشحوم بأماكن قد تسبب الحرج للشخص.
٭ الاشتراك بأندية والمحافظة على الرياضة والاهتمام بساعات محددة من النوم.
٭ الرياضة النفسية والتي من شانها التخفيف من الضغوط وذلك بالاسترخاء وترويض النفس على الإيمان وتقبل الإحساس بالخسارة والهزيمة.
٭ إثراء العقل بشكل مستمر وفتح نوافذ جديدة وامتلاك رؤية واضحة وتحديد الأهداف وقراءتها بشكل يومي ووضع جدول لتحدد فيه الأولويات والتأكد من الأشياء التي تحققت يوميا ومكافأة النفس.
٭ القراءة بشكل مستمر والاطلاع على الأشياء الجديدة وقراءة الكتب التي تختص باهتماماتك والكتب التي تساعدك على فهم الآخرين ودراسة شخصياتهم وتلك الكتب التي تدفعك إلى النجاح والتي ترفع مستوى تركيزك على أهدافك.
٭ إتمام التعليم والمثابرة للحصول على الدرجات والشهادات العليا، اكتشاف المهارات والمواهب الخاصة بك مثل الرسم والعزف والكتابة وغيرها من المهارات التي تحقق ذاتك وتخلق فيك طاقة متجددة.
الاهتمام بالعلاقات والعواطف التي تجعلك تشعر بأهمية وجود الآخرين وذلك من خلال:
٭ أسرتك فإن كانت علاقتك مع أفراد أسرتك جيدة وسليمة فمن السهل إقامة علاقات مع الآخرين تكون خالية من المصلحة أو النقص العاطفي.
٭ عدم إهدار العواطف في علاقات بالية واختيار الأصدقاء الذين يتمتعون بصحة نفسية جيدة ولديهم نفس الدوافع للنجاح.
٭ الابتعاد عن أصدقاء السوء فأولئك هم مصدر إحباط وجذب للأسفل، وتنمية مهارات التواصل القائمة على التأثير في الآخرين وصناعة الألفة معهم وتنمية مهارات الاستماع والإنصات والإقناع وفهم النفسية الإنسانية، وذلك من خلال حضور دورات وقراءة كتب خاصة بالتنمية الفكرية والاشتراك بالأندية.