سامح عبدالحفيظ
أكد مرشح الدائرة الـ 3 (الخالدية ـ خيطان) ناجي عبدالله العبدالهادي أن السلطتين تتحملان مسؤولية تفشي الإحباط بين المواطنين، محملا الحكومة الجزء الأكبر من المسؤولية، لذا عليها انتشال المواطنين من هذه الحالة في المرحلة المقبلة.
وقال العبدالهادي في حوار خاص مع «الأنباء» ان الكويت بحاجة لحكومة تتشكل أولا وفق أسلوب صحيح، بعيدا عن مبدأ الكوتا والمحاصصة، وتأتي ببرنامج وخطة وآلية لتعمل وتنجز حتى تجد الدعم النيابي، مشيرا إلى أن النواب زحفوا على صلاحيات الوزراء لأنهم وجدوا أنفسهم أمام حكومة ضعيفة.
ورفض العبدالهادي تعديل الدستور كونه يفي بمتطلبات الحياة السياسية لكنه طالب بتعديل قانون الانتخابات، ووعد بأن يعمل حال وصوله إلى مجلس الأمة من أجل التنمية التي يضعها على رأس أولوياته ثم سيصوب جهده لهدف المحافظة على الطبقة الوسطى في المجتمع، كما وعد بإنصاف المرأة مدنيا واجتماعيا مناشدا اياها بأن تنشط سياسيا وتشارك في التصويت لانتخابات مجلس الأمة، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
كيف تصف المشهد السياسي في البلاد؟
تلف المشهد السياسي حالة من الإحباط، فالسلطتان التشريعية والتنفيذية لم تتحملا المسؤولية التاريخية المنوطة بهما وفق الدستور، وابتعدتا عن القيام بدوريهما بالشكل الذي يلقى القبول والرضا في أوساط الرأي العام، وهذا خلق صراعا وتناحرا بين السلطتين، الأمر الذي انعكس على مستوى الحوار الذي تدنى تحت قبة عبدالله السالم، وعلى صفحات الجرائد، وعبر شاشات التلفزيون، ومن الطبيعي في مثل هذه الأجواء أن تتوقف التنمية وينعدم الانجاز، وهو ما أدى إلى تفشي الإحباط بين المواطنين.
ويؤسفنا اليوم أن تتحول الأسرة الحاكمة إلى شماعة تعلق عليها مشاكل البلاد، وأن تتحول خلافات أبنائها لموضوع يتم تناوله وكأنها هي الوحيدة التي تتحمل مسؤولية الكويت، بينما فعليا من يتحمل مسؤولية البلاد الحكومة وليست الأسرة الحاكمة، لكننا شاهدنا كيف أصبح التجريح هو السمة الغالبة، وتعودنا للأسف على مساس البعض بالشخصيات العامة خارج إطار العمل العام، وهو أمر نرفضه تماما، لأنه ليس من سمة أهل الكويت.
اختيار الكفاءة
لكن النواب من اختيار الناس؟
بالتأكيد، ولهذا فإن الإصلاح الحقيقي ينطلق من الشارع، ومن هنا أتى قراري رفع شعار «اختيارك يحدد مستقبلك»، وكلي أمل في أن ينتصر الناخبون والناخبات يوم السادس عشر من مايو الجاري لوطنهم أولا، ثم لأنفسهم من خلال اختيارهم العناصر ذات الكفاءة التي تتطلع للعمل الجاد، وأنا متأكد من أنهم سيقومون بذلك، لأن الكويتيين رجالا ونساء واعون ويفرقون جيدا بين من يمكن أن يمثلهم في مجلس الأمة ومن يمثل عليهم، لذلك أتمنى أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات هذه المرة أعلى من كل مرة، لأن المشاركة الشعبية في الانتخابات كلما زادت، زاد احتمال ارتفاع نسبة التغيير.
حكومة بلا خطة
كيف تحمل الحكومة مسؤولية الإحباط الذي أصاب الشعب؟
الحكومة هي المهيمنة على مصالح الدولة بحكم الدستور، وهي السلطة التنفيذية التي يمكنها إن أجادت العمل وطبقت القوانين ان تضع كل الأمور في نصابها، وأنا أحملها القدر الأكبر من المسؤولية، لكن الحاصل مع الأسف الشديد أن الحكومة تتشكل بداية بطريقة غير سليمة، فالكوتا أو نظام المحاصصة دائما ما يفرض نفسه عند تشكيل أي حكومة، ثم اننا أيضا أمام حكومة بلا خطة أوآلية أو منهجية، وعادة ما تضم بعض الوزراء الضعفاء، الذين ترتعد فرائصهم أمام أي تهديد أو وعيد أو مساءلة من أحد النواب، وأعتقد أن الوزير الذي يكون هكذا حاله لا يستحق أن يكون عضوا في السلطة التنفيذية.
والحكومة هي المسؤول الأول خلال المرحلة المقبلة عن انتشال الشعب من حالة الإحباط التي يعيشها، ولابد أن تأتي بأسلوب جديد وتتبع نهجا جديدا، وتقدم خطة متوازنة على ثلاث مراحل قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى، وتحدد المدد الزمنية لإنجاز مشاريعها لكي تنجز، فهي إن أنجزت وظهر جليا إنجازها للناس فستجد أغلبية نيابية تدعمها في تمرير مشاريعها، وبالضرورة ستقل مساءلات النواب لها وتربص بعضهم بوزرائها، وعندها ستنتهي حالة الاحتقان وستزول الصراعات والمزايدات السياسية، ولذلك أشدد على ضرورة أن تحسن الحكومة اختيار الوزراء، ومن تأتي برجال دولة قادرين على تحمل المسؤولية.
هل أنت متفائل بحدوث ذلك؟
أنا متفائل، ولو لم أكن متفائلا لما قررت خوض الانتخابات، فتصويب الحياة السياسية في بلدنا أمر ممكن وسهل شريطة أن تخلص النوايا ويحسن الناس اختيار ممثليهم في البرلمان، وتحسن الحكومة اختيار وزرائها، وعندها ستتحسن العلاقة بين السلطتين، بعد أن مثلت إهانة للشعب الذي تضرر من حالة التأزيم السياسي التي سادت البلاد وأمرضت الديموقراطية.
فوضى سياسية
ألا تعتقد أن المجلس زحف على اختصاصات الحكومة؟
مجلس الأمة وجد نفسه أمام حكومة ضعيفة، وهو ما أدى لأن يزحف عدد غير قليل من النواب على صلاحيات السلطة التنفيذية، ولجأ آخرون إلى لغة تهديد الوزراء، ووصل الأمر إلى حد القفز مباشرة إلى مساءلة رئيس الحكومة الذي بات في مرمى النواب لكل شاردة وواردة، لكن الحكومة القوية لا يمكن أن تفرط في صلاحياتها، والمجلس القوي يعرف نوابه حدودهم جيدا، ونحن لدينا دستور يعتبر من أرقى الدساتير في العالم، ورقيه يجعله صالحا لمعالجة جميع مشكلاتنا، فالعيب ليس في النصوص بقدر ما هو في النفوس.
وهذا يدعونا للمطالبة بضرورة الاتفاق على رؤية وبرنامج عمل، لتفادي الفوضى السياسية التي نعانيها، وأيضا إعادة النظر في نظامنا الانتخابي، فتعديل الدوائر لم يكن حلا كاملا لمعالجة سلبيات الانتخابات ومخرجاتها، بل جاء ناقصا، ونحن نطالب اليوم بتعديل قانون الانتخاب، من خلال إدخال تعديلات عليه، أبرزها إجراء الانتخابات على مرحلتين، تكون الأولى تمهيدية، تعطي فرصا متساوية للجميع، والثانية تفرز الأكثر حصولا على الأصوات، وتدخلهم مجددا في دائرة المنافسة فيما بينهم.
لماذا تطالب بتعديل قانون الانتخابات؟
لتحقيق أكبر قدر ممكن من الشفافية، فهناك أنظمة ديموقراطية تعتمد إجراء الانتخابات على مرحلتين، الأولى تمهيدية لكي يخوض الانتخابات كل المرشحين، لإتاحة الفرصة للجميع، ومتى ما أجريت مثل هذه الانتخابات التمهيدية، فستزول تلقائيا الانتخابات الفرعية والطائفية، وفي المرحلة الثانية يخوض الانتخابات النهائية عدد محدد ممن تنحصر بينهم المنافسة.
هدف واحد
يقال إنك تغازل التيارات الدينية بينما تصر على استقلاليتك ما رأيك في ذلك؟
أنا أمثل الجميع، ولا أغازل أحدا، فأنا أقدم نفسي منذ خضت غمار العمل السياسي، بأنني ممثل للجميع، أخوض الانتخابات بشكل مستقل، وإصراري على استقلاليتي لا يقلل إطلاقا من قدر أي تيار، فأنا أكن التقدير والاحترام للاخوة في كل التيارات، على اختلاف أفكارها، ولجميع الناس على اختلاف انتماءاتهم، وجميعهم يعملون لهدف واحد هو مصلحة الوطن الذي نحن شركاء فيه، لكن كل منا يعمل وفق قناعاته وتوجهاته.
وأنا شخصيا أرى أن الاستقلالية تعكس شخصيتي، وطرحت نفسي بناء على هذه القناعة للناس، وخضت الانتخابات البرلمانية ثلاث مرات مستقلا، وقناعتي بالاستقلالية تستند إلى أن الآباء والأجداد الذين وضعوا الدستور كانوا مستقلين، ولهذا بقي دستور 1962 صالحا حتى الآن، لتيسير الحياة ذلك لأن صياغته تمت باستقلالية وبأقلام أناس راعوا صالح الوطن في المقام الأول، لذلك أرى أن الاستقلالية تعني إنصاف الجميع، وتجعلني على مسافة واحدة من الجميع.
الحراك السياسي
هل ترى بأن العمل الحزبي يخرجنا من هذه الأزمات؟
إن النضج الديموقراطي في أي بلد لا يمكن أن يكتمل إلا بوجود عمل حزبي منظم، لكننا في الكويت شعب صغير ولنا طبيعة ووضعية خاصة، فالبلد صغير ولا يحتمل صخب الأحزاب، وأهله مترابطون وينبذون كل الأفكار التي لا تخدم الوطن، وقد ارتضينا الديموقراطية بنمطها الحالي، وأخشى لو أشهرت الأحزاب أن تصبح لدينا أحزاب قبلية وفئوية وطائفية، ولهذا فإن الوضع الحالي هو الأفضل الآن، وفي الوقت نفسه أؤكد لك أن حالة الحراك السياسي الموجودة في الكويت سواء في الحياة العامة أو تحت قبة البرلمان، أكبر بكثير من حالة الحراك السياسي في كثير من الدول التي تأخذ بالتعددية الحزبية.
وثيقة راقية
هل تؤيد تعديل الدستور؟
قطعا لا، لأن الدستور لايزال يفي بمتطلبات الحياة السياسية، وهو وثيقة راقية في نظر الذين صاغوه، وهناك قوانين كثيرة منبثقة من هذا الدستور، تنظم العمل في شتى المجالات وصدقني لو تم تطبيق هذه القوانين على الجميع دون استثناءات أو مجاملات فسوف تتغير أمور كثيرة إلى الأفضل وعندها لن تجد القلة التي تطالب بتعديل الدستور أي مبرر لذلك.
هناك من يردد أن المال السياسي بدأ يظهر على الساحة الانتخابية؟
حتى إن ظهر المال السياسي، فمن يتصدى له هم الناخبون والناخبات الذين يمكن أن يفقدوه تأثيره من خلال عدم استقباله، كما أن على وسائل الإعلام مسؤولية في محاربة المال السياسي، إذ يجب على وزارة الإعلام توعية الناس وتسليط الضوء على أدوات المال السياسي وخطورتها.
استقلالية المحافظات
لماذا تبنيت مبدأ توسيع صلاحيات المحافظات؟
إعطاء استقلالية للمحافظات، ومن بعدها منح دور أكبر للمحافظ، سيؤدي إلى أن تتفرغ المحافظة الى معالجة المشاكل وتقييم مستوى الخدمات العامة، من صحة وتعليم وأشغال وغيرها، لأن تردي الخدمات بين المحافظات أدى إلى زحف المواطنين نحو محافظات معينة، وخلق ضغطا على الخدمات في محافظات مقارنة بأخرى، وفي مثل هذا النظام يكون المحافظ هو المسؤول عن أعمال محافظته بمناطقها، ومن مسؤولياته متابعة الشكاوى، ومرجعيته تكون مباشرة لرئيس مجلس الوزراء.
ما أولوياتك إذا وصلت الى مجلس الأمة؟
سأركز أولا على التنمية، فقد تعطلت عجلتها عن الدوران ردحا من الزمن، إضافة إلى العمل على ضمان الاستقرار الاقتصادي من خلال المحافظة قدر الإمكان على الطبقة المتوسطة في المجتمع، والاهتمام بالتعليم والإسكان والصحة.
تعديل قوانين المرأة
وماذا عن المرأة؟
بلا شك أن المواطنة لها دور كبير في القاعدة الانتخابية، بل تمثل أكثر من نصف قاعدة الناخبين، وأنا أطالبها بأن تشارك بشكل أقوى، خصوصا أن مشاركتها الانتخابية الماضية لم تكن كاملة، فقد لمسنا عزوفا وانقطاعا عن الحضور، والمرأة لها همومها ولها شجونها.
وخلال لقائي الاسبوع الماضي ناخبات الدائرة الثالثة، تطرقت في حديثي إلى قانون الحقوق الاجتماعية والمدنية للمرأة، الذي أرى أن به مكتسبات وأيضا يحتوي على سلبيات، ويجب علينا العمل على إنجازه بمكتسباته ومعالجة ما يعتريه من سلبيات.
وللأمانة فقد ساوى الدستور بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، لكن القوانين لم تنصف المرأة، ويجب العمل على تعديلها خاصة في مسائل اجتماعية مثل حق السكن وبدل الإيجار والحصول على علاوة الأبناء بالنسبة للكويتية المتزوجة من غير كويتي، بل أيضا هناك تفرقة بين المرأة والمرأة، في قانون التقاعد، حيث نجد تفرقة بين المتزوجة وغير المتزوجة، ومن بين ما تناقشنا به العلاوة الاجتماعية المقررة للرجل لصالح أبنائه في حالة الطلاق، إذ من المفترض أن تتوجه إلى حاضن الأولاد، سواء كان الرجل أو المرأة، لكن هذه القضايا لا يمكننا وحدنا حملها منفردين، إذ يجب على المرأة المشاركة أكثر في الحياة السياسية، وأن تنشط في العملية الانتخابية، حتى تفرض قضاياها وأن تحرص على الاقتراع لتغير الواقع لصالحها.
هل تتوقع أن تصل المرأة إلى مجلس الأمة المقبل؟
نعم، أتوقع أن تمثل الدائرة الثالثة نائبة، فالدائرة الثالثة أكثر دائرة مرشحة بحسب المتابعين لتمثلها نائبة.
الخطاب السامي
كيف قرأت خطاب صاحب السمو الأمير يوم 18 مارس الماضي؟
كان الخطاب ساميا في كل شيء، فقد حمل صاحب السمو الامير الشيخ صباح الأحمد مسؤولية هذه الحال التي بلغناها للجميع، ووضع الأمور في نصابها، وبين لشعبه ما يعتري قلبه من هموم، ولم يستثن أي طرف، وعلينا جميعا أن نعمل بمقتضى ما قاله صاحب السمو، وأن نحسن الاختيار، ونتفاعل مع الانتخابات، ونشارك لاختيار الأفضل، ومن نرى فيه خيرا لتمثيلنا بالشكل الأفضل، ومن يعلي مصلحة الكويت على أي شيء آخر.
كلمة أخيرة؟
أوجهها للناخبين، عليهم المشاركة، والتفاعل واختيار الأفضل لمصلحة الكويت، فقد توقفنا طويلا، وشغلتنا الخلافات الجانبية، وتناسينا أن لنا وطنا يستحق منا جميعا العمل، والكويت تعول اليوم على فزعة أبنائها، والوطن ينتظر قراركم، فأنتم من بيدكم تشكيل المستقبل، وتحديد الوجهة التي سيتجه إليها الوطن، فافرضوا كلمتكم واطردوا اليأس واجلبوا للكويت الأمل.
وأعيد عليهم ما قلته سابقا اننا حينما ننحاز للكويت، فإننا نفخر بأننا انحزنا لوطن أعطانا الكثير، وينتظر منا رد جزء من جميله علينا، وطن نتشرف بالانتماء إليه، أين كنا، وأيا كانت مواقعنا، وطن منحه الله عز وجل، وفرة مالية، والتفافا حول قيادته الحكيمة، التي عبرت بنا بحر الأزمات إلى بر الأمان، وأمن ينعم به مواطنوه، وكفل لأبنائه سبل العيش الكريم، دون فضل من أحد أو منة، وحفظه الله من الشرور بفضل طيبة أهله، ودعاء الخيرين من أبنائه.