فرج ناصر
طالب النائب السابق مرشح الدائرة الـ 3 م.عبدالعزيز الشايجي بإحياء «تكتل الكتل» في مجلس الأمة المقبل، مشيرا إلى أن تعاون أعضاء مجلس الأمة المنتمين للتيارات السياسية والكتل والمستقلين بعضهم البعض وتعاونهم مع الحكومة لتحقيق الانجاز سيؤدي إلى الخروج بالبلد من حالة الاختناق السياسي التي عانى منها البلد في الفترة الأخيرة. وقال الشايجي في حوار أجرته معه «الأنباء» ان المحاصصة العمياء في تشكيل الحكومات أوصلت اللاكفاءات للمناصب الوزارية وساهمت في تعزيز الفئوية. وتطرق إلى مشكلتي التعليم والصحة، مؤكدا أنه حاول خلال رحلته النيابية القصيرة متابعة المشاريع التنموية بشكل عام والصحية بوجه خاص. واستغرب الشايجي أن تقوم الكويت ببناء الجامعات في الدول الأخرى في الوقت الذي لا يوجد في الكويت سوى جامعة حكومية يتيمة، مؤكدا أننا بادرنا بعدد من المطالبات التي تساهم في تطوير العملية التعليمية ومنها إنشاء جامعات غير ربحية وتشكيل هيئة معايير التعليم. وزاد أن الحكومة أخفقت في التعامل مع الأزمة الاقتصادية بالرغم من أننا حذرنا في سبتمبر الماضي من تحول الأزمة إلى أزمة ائتمان بينما ظلت السلطة التنفيذية خمسة أشهر ثم جاءت بمشروع الاستقرار الاقتصادي لتطالبنا بسرعة إقراره ولكنها لم تنجح في اقرار القانون حتى حل المجلس، وغيرها من القضايا المهمة التي تطرق إليها الشايجي خلال حديثه واجاباته عن أسئلة «الأنباء»:
وفيما يلي التفاصيل:
تحدثت كثيرا عن الأزمة الاقتصادية العالمية وأثرها على الاقتصاد الكويتي وصغار المستثمرين فكيف تقيم التعامل الحكومي مع تداعيات الأزمة؟
تعامل الحكومة مع الأزمة الاقتصادية لم يكن موفقا بكل تأكيد، خصوصا أنه منذ بداية ظهور انعكاسات الأزمة المالية العالمية على السوق الكويتي في سبتمبر الفائت قمت بتحذير الحكومة شخصيا عدة مرات من خطورة الأزمة على الاقتصاد الكويتي وإمكانية تحولها من أزمة بورصة إلى أزمة ائتمان تهدد القطاع المصرفي والاقتصاد الكويتي بشكل عام، وهذا ما حدث فعلا.
قانون الاستقرار
لكن الحكومة تعاملت مع الأزمة الاقتصادية من خلال قانون الاستقرار الاقتصادي؟
السؤال الذي يجب أن يطرح في هذا السياق متى أتت الحكومة بقانون الاستقرار الاقتصادي؟ ثم كيف تعاملت معه في ظل الانتقادات النيابية التي وجهت له؟ وأجيب، بأن الحكومة ظلت تتردد وتتأخر في اتخاذ قرار بشأن إنقاذ الوضع الاقتصادي والتعامل مع التحذيرات التي أطلقناها في هذا الشأن، وبعد أكثر من خمسة أشهر على مرور الأزمة وخسارة ما يزيد على 30 مليار دينار في البورصة وضياع «تحويشة العمر» لآلاف صغار المستثمرين، شكلت الحكومة اللجان تلو اللجان، ومن ثم أتت بقانون الاستقرار منذرة مجلس الأمة بحدوث كارثة اقتصادية في حال التأخر في إقرار القانون، فيما نحن مكثنا أكثر من خمسة أشهر ننذر الحكومة دون جدوى، وبعد ذلك جاء التهديد بالمساءلة على خلفية القانون، فعادت الحكومة إلى سيناريو التردد والتراجع مرة أخرى فترك القانون حبيسا في اللجنة المالية.
المعارضة والموالاة
ألا ترى أن تحولكم المفاجئ من الموالاة إلى المعارضة يثير علامات استفهام حول تحولكم عن الحكومة؟
أولا أحب أن أوضح أن تمثيلنا في الحكومات السابقة لا يعني أننا حكوميين خصوصا أن ذلك لم يمنعنا في أي وقت من الأوقات من أن نقوم بدورنا الإصلاحي من خلال المعارضة المسؤولة، وهناك سوابق أيدنا فيها استجوابات في وقت كنا ممثلين فيه بوزراء داخل الحكومة، فنحن ننتهج نهج المعارضة المتزنة الجادة سواء كنا داخل الحكومة أو خارجها.
أما فيما يتعلق بما يثار حول التحول المفاجئ وما شابه ذلك من هذه المفردات، فالحقيقة ان تلك أمور مستغربة يثيرها البعض خصوصا أننا كنا أصحاب خط واضح، وتعاملنا مع الواقع السياسي بأسلوب متزن والمتتبع لنا يعرف ذلك، حيث تقدمنا خلال مجلس 2006 بمبادرة التهدئة ومنح الحكومة سنة دون استجوابات وحازت هذه المبادرة على مباركة صاحب السمو الأمير وخلال الانتخابات الماضية طالبنا بإعطاء الحكومة فرصة وأنا شخصيا تعهدت بعدم تقديم استجوابات أو المشاركة بأي استجوابات خلال الـ 6 أشهر الأولى لعمر المجلس لإعطاء فرصة للحكومة لترتيب أمورها، ولم نحرك أداة الاستجواب إلا بعد انقضاء هذه المدة، إذن فليست المشكلة في أننا قدمنا استجوابا، وإنما المشكلة فيمن لم يستفد من الفرصة التي منحت له من أجل إثبات النجاح عمليا، فنحن لسنا دعاة تأزيم ومنحنا الحكومة الكثير من الفرص لتعديل أوضاعها ولكن استمرار التردد والتناقض الحكومي افقدنا الأمل.
وعود المرشحين
في الحملات الانتخابية يتحدث كل مرشح عن عدد من القضايا التي سيتبناها لكن البعض ينساها بعد وصوله للبرلمان والبعض الآخر يحولها إلى واقع ملموس، خاصة وأنك حصلت على المرتبة الأولى في الإحصائية الأخيرة التي صدرت عن الأمانة العامة لمجلس الأمة كأكثر نائب نشاطا، فما موقعك من بين هذين الصنفين؟
أعتقد أننا لم نوفر جهدا منذ أن وفقنا الله بوضع أقدامنا داخل المجلس وحتى اللحظة الأخيرة في بذل كل وسعنا من أجل تنفيذ ما تعهدنا به أمام الناخبين في حملتنا الانتخابية، لأننا حينما وعدنا وتعهدنا، كنا نعني ما نعد، ونعلم استحاقاقات ومقتضى العهد.
وفعلا تمكنا من تحقيق جزء جيد مما وعدنا به الناخبين خلال هذه السنة، ولكن بالطبع عمر المجلس القصير لم يتح الفرصة أمام كل ما كنا نتمناه، لكننا قدمنا العشرات من الاقتراحات والأسئلة على مختلف الأصعدة دون استثناء، منها ما يتعلق بالوضع الصحي وكذلك عشرات من الاقتراحات والأسئلة متعلقة بالشأن التعليمي وتطوير التعليم إضافة إلى حل المشكلة الإسكانية والاهتمام بكبار السن وعدة اقتراحات في شأن التوظيف وفرص العمل.
والمرأة.. ماذا عنها في أجندتك؟
لاشك أننا قدمنا العديد من المقترحات فيما يتعلق بالقضايا التي تخص المرأة فتقدمنا بقانون الحقوق المدنية والاجتماعية للمرأة كونه يحقق معظم مطالب المرأة الكويتية وطالبنا بالمزيد من الامتيازات للمرأة الكويتية ومعالجة قضاياها فيما يخص سن التقاعد أيضا وإعادة النظر في الإجازات للمرأة الكويتية العاملة وإعطاء بدلات للمرأة الكويتية العاملة وغير العاملة المتفرغة للعمل في بيتها وكذلك لرعاية المرأة الكويتية سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة، وسنستمر في تبني قانون الحقوق المدنية والاجتماعية للمرأة.
الكويتي غريب في بلده
وزارة الصحة إحدى الوزارات التي يكون عمر الوزراء فيها قصيرا حيث ينتهي إما باستقالة أو تدوير أو استجواب.. فماذا عن الوضع الصحي؟
بالطبع وزارة الصحة من الوزارات التي تعاني من عدم استقرار وزرائها، وهذا فيه دلالة على تردي الوضع الصحي الذي نعيشه إلى الحد الذي أفقد المواطن الثقة في العلاج ببلده.
وأعتقد أنه قد آن الأوان لأن يحصل المواطن الكويتي على الخدمة الصحية التي يستحقها، ولن يتأتي ذلك إلا من خلال نفضة حكومية كاملة لإصلاح الوضع الصحي، وأشد ما يحزنني أن أجد البعض في الجهاز الطبي والتمريضي يخدم من يشابهه في الجنسية ويعطيه أولوية على الكويتي، فالكويتي أصبح غريبا في بلده في مرافق وزارة الصحة مع الأسف الشديد.
فالحكومة مطالبة بتوفير سرير مناسب لكل مريض كويتي ولن نقبل بأن يحرم المريض الكويتي من سرير بينما نجد الأسرة مشغولة بالوافدين من جنسيات مختلفة.
ولقد كان للشأن الصحي خلال عملي البرلماني حيز كبير من المتابعة عبر حزمة من الأسئلة البرلمانية والاقتراحات والتصريحات التي طالبت فيها الحكومة بإصلاح كثير من مواطن الخلل، وعلى سبيل المثال قمت بمتابعة تأخر مستشفى جابر حتى تم تحريك المشروع مؤخرا بعد أن كان متوقفا لفترة طويلة، ونحن نرفض أن يظل مستشفى جابر مجرد حفرة، كما قمت بمتابعة توسعات المستشفيات خصوصا تأخر توسعة مستشفى مبارك من خلال الأسئلة البرلمانية، كما قمت بمتابعة المشاريع الصحية في الدائرة الثالثة وتم فعلا افتتاح مستوصف السلام كما تم افتتاح مستوصف الزهراء مؤخرا وحتى حل المجلس كنت متابعا للمراكز الصحية الأربعة المتأخرة في الدائرة الـ 3. وكذلك قدمنا اقتراحات بشأن تخصيص العيادات المسائية للمواطنين فقط حتى لا يظل الكويتي غريبا في بلده، ولله الحمد تمت الموافقة على الاقتراحات وتم تطبيقها ونحن سعداء بما تم إنجازه، لكن طموحاتنا تفوق ذلك بكثير.
وهناك عدد من الاقتراحات التي لدينا للنهوض بالوضع الصحي بشكل عام عن طريق إقرار التأمين الصحي للمواطنين حتى يتمكن المواطن من تلقي الرعاية الصحية في المستشفيات الخاصة، ولاحظنا في الآونة الأخيرة عزوف الكويتيات عن مستشفى الولادة الحكومي وتوجههم لمستشفيات تقدم خدمات فندقية للضيافة بعد الولادة فتقدمنا باقتراح بإنشاء مستشفيات ولادة حكومية تقدم هذه الخدمة بأسعار معقولة تناسب دخل الكويتيين وتخفف عليهم هذه التكاليف التي يدفعونها في المستشفيات الخاصة وان وفقنا الله للعودة للمجلس فسنتابع هذه المواضيع مع الوزراء في الحكومة الجديدة إن شاء الله.
جامعة يتيمة
وماذا بشأن ملف التعليم؟
التعليم هو أحد الملفات المتخمة بالمشاكل الناتجة عن غياب الخطط والاستراتيجيات الحكومية بعيدة المدى، على الرغم من حساسية التعليم وأثره على مكونات مستقبل البلد، ونحن نعاني مشاكل متعددة في القضية التعليمية بداية من طريقة إعداد المناهج الدراسية وأسلوب تأهيل المعلمين وكذلك تأهيل المنشأة المدرسية بما يتناسب مع تطور العملية التعليمية. وإذا أمعنا النظر في مكونات العملية التعليمية لدينا في الكويت مجموعة متناقضات، فمثلا نحن نبني الجامعات في الدول الخارجية في الوقت الذي ليس لدينا فيه في الكويت سوى جامعة حكومية يتيمة، وفي هذا الإطار يجب على الحكومة أن تسرع بشأن مشروع الشدادية، ولقد قمنا بمتابعة جامعة الشدادية، وطالبنا بإنشاء جامعات غير ربحية تقدم التعليم الجامعي بجودة عالية وبأسعار مخفضة حتى نكفي أولادنا وبناتنا عناء السفر للخارج والغربة في دول عربية او أجنبية للحصول على التعليم الجامعي.
أيضا من أهم التحديات التي تواجه التعليم ضعف المخرجات وغياب المعايير لذلك كانت لنا مطالبات واضحة بالإسراع بإنشاء هيئة معايير التعليم كجهة محايدة منفصلة عن التربية والتعليم على أن تكون مهمتها قياس مستوى التعليم وتقوم بتقييمها وبتقويمها بشكل مستمر حتى نرتقي بمعايير التعليم للمعدلات العالمية. كما لاحظنا خلال متابعتنا لملف التعليم هيمنة جنسية معينة على التعليم العام وهذا ما ساهم في تدهور التعليم وانتشار الدروس الخصوصية التي أصبحت تثقل كاهل الأسر الكويتية فطالبنا بوضع سقف عددي بحيث لا يتم تجاوزه إذ لا تتعدى نسبة أي جنسية 30% من عدد المعلمين غير الكويتيين، وأيضا تقدمنا كذلك باقتراح بقانون لتنظيم التعليم الخاص وغيرها من الاقتراحات والأسئلة. ونحن نتمنى على الحكومة أن تتخذ خطوات جادة وتضع بالتعاون مع المجلس حلولا جذرية لملف التعليم فضلا عن ضرورة الإسراع في المشروعات الخاصة بتطوير العملية التعليمية وعلى رأسها مشروع جامعة الشدادية.
العمل الجماعي
كيف تفسر الخلاف الليبرالي الإسلامي والاختلاف بين القوى الوطنية خصوصا في الآونة الأخيرة؟
نحن في الحركة الدستورية الإسلامية كنا حريصين طوال مسيرتنا في العمل السياسي والنيابي، على حد سواء على التواصل مع مختلف التيارات والتوجهات من أجل بلورة رؤى مشتركة تصب في النهاية في مصلحة البلد، بعيدا عن الخلافات الضيقة، فنحن نؤمن بثقافة الرأي والرأي الآخر، وحاولنا التوفيق بين الكتل السياسية، ولا تختلف أجندتنا عن التيار الوطني وبقية التيارات وكنا أول من سارع إلى إيجاد قواسم مشتركة بين الكتل، وكان من بين ذلك مبادرة «تكتل الكتل» والتي كانت نواة طيبة للعمل الجماعي تحت قبة البرلمان لكنها للأسف لم يكتب لها الاستمرار، كما كنا أول من دعا إلى مؤتمر وطني يجمع القوى السياسية، لأننا نؤمن بضرورة التوافق حول الأولويات الوطنية وتشكيل رؤى مشتركة لدفع عجلة التنمية وتحقيق الاستقرار في هذا البلد، وكلي أمل أن يلتئم الجسم البرلماني مرة أخرى في تكتل الكتل ووفق آليات تضمن انجاز المتفق عليه وبأسرع فرصة ممكنة مع عدم التنازع والمبالغة في الصراع في الأمور المختلف عليها سواء من قبل الأعضاء فيما بينهم أو الأعضاء مع الحكومة.