أحمد الحشاش
أكد مرشح الدائرة الأولى عبدالله محمد الطريجي انه لا يختلف اثنان على اهمية الأمن، كونه احد اهم ركائز الاستقرار والتنمية عامة، مشيرا الى ان الحكومة والمجلس لم يكونا جادين في معالجة القضية الأمنية ولعل أهمها مشكلة غير محددي الجنسية، والمشكلة المرورية ومشكلة المخدرات والتي تمثل احد ابرز التحديات الأمنية ذات الصلة بالمجتمع وأمنه واستقراره، واستنكر الطريجي في حوار مع «الأنباء» التدني المتواصل لمختلف جوانب القطاع الصحي الحكومي، مؤكدا انتهاء العمر الافتراضي لجميع مستشفيات الدولة وضرورة تعاون الحكومة والمجلس لوضع الآليات اللازمة لتطوير وزارة الصحة. وتطرق الى الحلول العملية للمشكلة الإسكانية لما لهذه المشكلة من تداعيات اجتماعية واقتصادية وأمنية. وأشار الطريجي الى تردي الوضع التعليمي الذي لم يعد ممكنا احتماله وضرورة إصلاح هذا القطاع من خلال وضع خطة استراتيجية لخلق جيل واعد قادر على تحمل المسؤولية. كما طالب بأن يتم وضع الأسس وتكريس الجهود لجعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا، مؤكدا انه لابد من تعاون الحكومة والمجلس لتلبية الرؤية السامية لصاحب السمو الأمير.
وأضاف: ان حقوق المرأة السياسية في الكويت ليست نهاية المطاف فثمة حقوق لها مازالت مهدرة، مؤكدا انها الميزان التنموي وعلامة من علامات التقدم الاجتماعي.
وقال الطريجي ان اجواء التأزيم قد سادت العلاقة بين السلطتين وان مستوى الخطاب قد انحدر في بعض الاستجوابات ولسنا بصدد العودة الى الماضي فالكويت تحتاج اكثر ما تحتاج الى العودة الى الاصول كالدستور والعلاقة بين الحاكم والمحكوم وهناك الكثير من القضايا التي أثارها الطريجي فإلى التفاصيل:
ما رؤيتك لمعالجة القضية الأمنية، بعناصرها المختلفة؟ وهل كانت الحكومة والمجلس جادين في معالجة هذه القضية؟
لا يختلف اثنان على اهمية الامن لكونه احدى اهم ركائز الاستقرار والتنمية عامة، لكن الامن في الكويت يكتسب اهمية خاصة بسبب الوضع التاريخي للكويت ولكون الوضع الامني في منطقتنا مازال يشوبه التوتر، ما تترتب عليه اعباء اجتماعية واقتصادية وسياسية وتخطيطية، وللاسف فإن الحكومة والمجلس لم يكونا جادين في معالجة القضية الأمنية ونتجت عن ذلك مشكلة غير محددي الجنسية، فقد ساهم الوضع التاريخي للكويت واوضاع دول الجوار والاحداث الدراماتيكية التي جرت في المنطقة خلال العقدين الاخيرين، وخاصة الاحتلال الصدامي الغاشم للكويت الى بروز مشكلة غير محددي الجنسية، وساد التخبط والتراخي معالجة هذه المشكلة، ونرى ان معالجتها لابد ان تكون بمواجهة واضحة وصريحة، مستندة الى قانون الجنسية، وهو واضح وصريح وذلك من خلال منح الجنسية لمن يستحقها، وفق ذلك القانون، ومواجهة من لا يستحقها بكل شفافية، ونحن على قناعة بأن هذا هو الحل الصائب والنهائي، مع تأكيدنا ان هذه المعالجة لابد ان تراعي الجوانب الانسانية، بحيث تمنح الاقامة الدائمة وربما بعض الامتيازات لمن يطوله التجنيس، وهناك ايضا المشكلة المرورية، ولا شك انها لا تقتصر على الكويت فقط، فهي مشكلة عالمية تواجهها الدول المتقدمة بالتخطيط والتنسيق بين الجهات والمؤسسات ذات الصلة، ولقد تفاقمت مشكلة المرور في الكويت على نحو بات ينذر بما لا تحمد عقباه، ومن نافلة القول ان هذه المشكلة تتصل بعدد من المشكلات الاخرى ذات الصلة بالتخطيط والمسؤولية الادارية والتنفيذية، بل التشريعية، في بعض جوانبها، ونعتقد ان حل مشكلة المرور المتفاقمة يحتاج الى احداث نقلة نوعية، في التفكير والآليات، تتمثل في انشاء «الهيئة العامة للمرور» لتحل محل الادارة العامة للمرور، وتحديد ميزانية مستقلة لها، وتزويدها بكادر من المتخصصين والفنيين والخبراء وتوسيع نطاق اختصاصاتها ليشمل التنسيق مع وزارات الدولة المختلفة ذات الصلة على نحو رفيع المستوى، وهناك ايضا مشكلة المخدرات التي تمثل احد ابرز التحديات الامنية ذات الصلة بالمجتمع وامنه، واستقراره وصحته وتنميته، ولابد من الاعتراف بأن الممارسة على ارض الواقع لم تكن كافية لمواجهة هذه المشكلة.
ونعتقد ان التصدي لهذه المشكلة ينبغي ان يجمع بين الجانب الاجتماعي التوعوي والحزم والصرامة، في مواجهة تجار المخدرات وموزعيها، ووضع الآليات التنفيذية الكفيلة بحراسة بلدنا الحبيب وحمايته من مدخلي هذه السموم ومروجيها.
الصحة والأمن
كيف ترى معالجة المشكلات المزمنة في القطاع الصحي رغم فائض الميزانية؟
تحتل قضية الصحة المرتبة الثانية بعد قضية الامن، حسب الترتيب الذي انتهجه في برنامجي الانتخابي، فالصحة ودرجة تطور الخدمات الصحية في مجتمع ما، علامة من علامات تقدم ذلك المجتمع، لان مجتمعا من الاصحاء سيكون جاهزا ـ ان توافرت الظروف الموضوعية ـ لتحقيق التنمية.
ولما كان الدستور قد ضمن حق المواطن في الرعاية الصحية الكاملة فإن السياسة الصحية للحكومات المتعاقبة قد اتسمت بالقصور في جهة تأمين البنية التحتية الكفيلة بممارسة المواطن لهذا الحق، من مستشفيات ومراكز صحية واجهزة ونظام خدمات وكوادر صحية، كما اتسمت بالفوضى والتراخي فيما يتعلق بتحديد الاختصاصات ومحاسبة المسؤولين عن تراجع نظام الخدمات الصحية، بل شلله في بعض الاحيان، وادى كل ذلك الى انعدام ثقة المواطن بالقطاع الصحي الحكومي، لدرجة ان كثيرا من اوساط الرأي العام باتت تشكك في تشخيص اطباء وزارة الصحة وان كان صحيحا، كما تشكك في العلاج المقدم للناس، ايضا في ظل التدني المتواصل لمختلف جوانب القطاع الصحي الحكومي وانتهاء العمر الافتراضي لجميع مستشفيات الدولة، يجب تعاون الحكومة والمجلس المقبلين من اجل وضع الآليات اللازمة لتطوير وزارة الصحة واشراك القطاع الخاص في القطاع الصحي، على نحو يضمن تطوير الخدمات الصحية في البلد، سواء فيما يتعلق بالتأمين الصحي للمواطنين والمقيمين او جلب افضل الخبرات والمعدات من الخارج، او بناء المستشفيات الجديدة.
ما الحلول العملية للمشكلة الاسكانية؟
تفيد الاحصاءات المتوافرة حتى نهاية عام 2008 بوجود 86000 طلب اسكان متراكمة ما يعني ان ما يقرب من نصف الكويتيين والكويتيات يعانون من هذه المشكلة، ويعني ايضا ان الحكومات المتعاقبة فشلت فشلا ذريعا في حل هذه المشكلة، ولا يخفى ان هذه المشكلة لها تداعيات اجتماعية واقتصادية، بل امنية، في بعض الاحيان، تؤثر على استقرار المجتمع وتماسكه وقيمه وعاداته وتقاليده، فضلا عن تأثيرها على التحصيل الدراسي للأبناء الذين يعيشون في ظروف غير مستقرة ويجب وضع الاسس والآليات التنفيذية الكفيلة بتسريع وتيرة العمل الحكومي في هذا المجال من خلال المشاركة الفاعلة مع الشركات الخاصة المتخصصة في بناء الوحدات السكنية للمواطنين، فقد ثبت ان الدولة وحدها ليست قادرة على حل هذه المشكلة.
لا يختلف اثنان على ان التعليم لدينا يواجه مشكلات جمة، ومخرجاته دون المستوى، كيف يمكن معالجته ليكون عنصرا تنمويا؟
يشهد الوضع التعليمي ترديا لم يعد ممكنا احتماله، فبنيته التحتية متهالكة ومخرجاته لا تستقيم والرؤية الاستراتيجية للكويت كدولة عصرية، ولابد ان يتركز عمل المجلس الجديد على اصلاح هذا القطاع ومواجهة التحديات التي تعترض مسيرة تحديثه وتطويره، لخلق جيل قادر على التنمية والتقدم والانخراط الفعال في سوق العمل.
فالتعليم من القضايا الحيوية والمهمة جدا لخلق جيل واعد قادر على تحمل مسؤولياته الوطنية، واصلاح وتطوير التربية والتعليم يمر من خلال وضع خطة استراتيجية بأهداف واضحة وقابلة للتطبيق والتنفيذ، ومن بينها اشاعة استخدام التكنولوجيا في التربية والتعليم والتدريب كممارسة منهجية، لمواكبة التطور التكنولوجي والنهوض بالعملية التربوية والتعليمية والقضاء على الامية لا الحرفية، بل العجز عن استخدام تكنولوجيا العصر، وسأعمل ـ إن وفقني الله بثقة أبناء الدائرة الأولى ـ على توجيه عمل النظام التربوي بما يخدم التنمية الاقتصادية والتطوير في الانتاج والارتقاء بمخرجات النظام التعليمي لتكون مؤهلة للاندماج في سوق العمل وتمثل قيمه العصرية من ابداع وسرعة وانتاجية وفاعلية، وتضمين المناهج التعليمية نماذج للسلوك الايجابي لتحفيز الاجيال الجديدة على الانتاجية واحترام العمل كقيمة عليا، كما سيكون وضع التعليم لدي اولوية قصوى، اذ لابد من سن التشريعات الجديدة والمتابعة الدؤوبة ذات الصلة.
إشراك القطاع الخاص
ينبغي ان يدفع المجلس الجديد باتجاه توسيع فضاء التعليم كما وكيفا، عبر بناء المدارس وتجهيزها بالمعلمين والمعلمات ممن تتوافر لديهم الكفاءة لمواجهة تحديات التحديث، الى جانب توفير الموارد اللازمة للنهوض بالعملية التعليمية والكادر التعليمي، مناهج وتكنولوجيا اضافة الى تحفيز الدولة على انشاء جامعات جديدة.
وفي هذا الاطار، سيكون من الضروري التوسع في اشراك القطاع الخاص في تطوير التعليم، عبر انشاء مدارس وجامعات جديدة، تستوعب الاعداد المتزايدة للطلبة الكويتيين، وانشاء مدن تعليمية تستقطب طلبة الاقليم من دول مجلس التعاون الخليجي، لتكون الكويت مركزا اكاديميا وتعليميا بما يتماشى مع كونها مركزا ماليا وتجاريا مأمولا، وذلك في اطار خطة استراتيجية مدروسة.
كما ان المعالجة الشاملة والموضوعية للقطاع التعليمي لابد ان تتضمن بلورة رؤية واقعية ومتكاملة للكادر التعليمي، من اجل وضع حد للجدل حول البطالة المقنعة والاخرى المتوقعة. ويحتل البحث العلمي في تطوير التعليم ومناهجه وادواته مكانة مهمة للخروج به من دائرة البحث الفردي الى دائرة البحث من خلال مراكز متخصصة، تضم مجموعات بحثية لتحقيق مشاريع محكمة، تترجم الاستراتيجية التنموية العامة للدولة عامة ولقطاع التعليم خاصة بحيث تكون لهذه المشاريع جدوى اجتماعية، اضافة الى ترسيخ تقليد تكريم المؤسسات التي لديها اختراعات جديدة، لتشجيعها على التنافس، وأرى ضرورة تحرير العلاقة بين التعليم والتوظيف الحكومي وادراك ما يجب ان تكون عليه مؤهلات الخريجين، لتصبح الوظيفة مكملة للتخصص العلمي، والعمل على تكريم المعلمين والمعلمات والاهتمام بأوضاعهم، لرفع مستوى معيشتهم واتاحة الفرصة امامهم للإبداع والابتكار، والاهتمام بمكانتهم التربوية من خلال منحهم الحوافز المالية المشجعة، التي من شأنها دعمهم معنويا، ليمارسوا مهنتهم باجتهاد وجدية لاسيما ان مهنة التدريس تعد من المهن الشاقة التي تحتاج الى كثير من الجهد والعناء.
وثمة دور مهم للمؤسسة التشريعية في معالجة تردي الوضع التربوي والتعليمي وتراجعه، على نحو جعل وضع التعليم لدينا دون المستويات العالمية ودون طموحنا، وللارتقاء بقطاع التربية والتعليم، ليجاري المستجدات العالمية، تطويرا وتحديثا، فمن غير المقبول ان يتحول طلابنا الى حقل تجارب لتطبيق انظمة تعليمية لم تخضع للدراسة الوافية، وثبت حتى الآن قصورها وتسببها لطلابنا في مشكلات تعليمية لا حصر لها، الامر الذي يستدعي مراجعة الوضع التربوي بشكل عام.
فقضية الهيئات التدريسية والادارية في المدارس لابد ان تولى الاهتمام اللازم، باعتبار تلك الهيئات هي الاعمدة الاساسية في العملية التعليمية، وزيادة المبالغ المخصصة في الميزانية العامة للدولة للانفاق على المشاريع التعليمية الاستراتيجية.
الاقتصاد.. والنفط
سمو الأمير طالب ومازال بتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، برأيك كيف السبيل لتحقيق ذلك؟
يعتبر الاقتصاد في اي دولة هو العصب المحرك ومرتكز التنمية والاستقرار، ولما كان الاقتصاد في كثير من الدول يتضمن قطاعات مختلفة، تتكامل فيما بينها، ويسد نمو بعضها تراجع بعضها الآخر، فإن اقتصادنا قائم، عمليا، على قطاع واحد، هو القطاع النفطي، ويرتكز على سلعة واحدة هي النفط.
ورغم ان النفط ثروة آيلة الى الانتهاء ـ طال الزمن أو قصر ـ فإن الحكومات المتعاقبة عجزت عن استثمار مداخيل هذه الثروة استثمارا يؤمن بقاء الكويت كبلد دائم.
لقد اتسمت السياسة النفطية بالتخبط والفوضى، بل والاهمال، فحتى الآن لا احد يعرف، على وجه الدقة، الحجم الحقيقي لاحتياطاتنا النفطية، ولم يعين وزير متخصص في هذا القطاع، كما ان مداخيل القطاع النفطي، في فترات الرخاء وارتفاع الاسعار، لم توظف في عملية تنموية شاملة، تؤسس لاقتصاد متعدد قادر على الاستمرار، وفي كل مرة، لم يكن يتم تمثل الدروس القاسية لتقلبات سوق النفط، واهتزاز جانبي العرض والطلب فيه، وتأثره المباشر بالاختلالات الامنية والحروب، واليوم ومع تنامي تقنيات الطاقة البديلة، في الدول المتقدمة، للتفلت من محددات الانتاج التي تضعها دول الأوپيك بل ومع انحسار قدرة «أوپيك» نفسها على رفع او حتى تثبيت سعر برميل النفط، واتساع تأثير جماعات الضغط الصديقة للبيئة والازمة المالية العالمية، التي اطاحت بسعر النفط وسعر صرف الدولار، معا، يبدو الاقتصاد الكويتي قاب قوسين او ادنى من الركود، رغم أن الأزمة لدينا مازالت في مرحلتها الأولى، وكان من الممكن علاجها بالتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ما يؤكد أن الأزمة الاقتصادية لدينا هي أزمة إدارة عامة بالدرجة الأولى.
ونعتقد ان حل هذه الأزمة لابد ان يؤسس لها، من خلال توثيق أوجه التعاون بين السلطتين، لتمرير قوانين واضحة واقرار آليات الشفافية الكاملة للحفاظ على القطاع النفطي وتطويره وتحصينه بالتخصص والبدء بأسرع ما يمكن في توظيف المداخيل النفطية في إطار عملية تنموية شاملة، تضع الأساس المادي للرؤية السامية المتمثلة في تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري وتكثيف الجهود لتكريس «الكويت» كميناء إمداد لا بديل عنه للعراق ومنه الى آسيا الوسطى.
كما لابد من تعاون الحكومة والمجلس القادمين لحماية المداخيل النفطية وأموال الصناديق السيادية الكويتية من أي تهاون وعبث.
هل حصلت المرأة الكويتية على جميع حقوقها؟ أم أن هناك حقوقا أخرى يجب إقرارها؟
لعبت المرأة الكويتية دورا وطنيا بارزا، منذ إنشاء الكويت والى يومنا هذا، فهي الأم والزوجة والأخت ومنشئة الرجال وهي المقاومة والشريكة الفاعلة في عملية التنمية ولابد أن يتعاون المجلس الجديد مع الحكومة الجديدة على ألا يكون إقرار الحقوق السياسية للمرأة الكويتية نهاية المطاف، فثمة حقوق لها مازالت مهدرة، ولابد من تعاون الحكومة والمجلس القادمين لبلورة قانون شامل يتضمن الحقوق الاجتماعية والمدنية للمرأة، على نحو يضمن الاستقرار المادي والنفسي لها، ويمكنها من المشاركة الفعالة في عملية التنمية الشاملة لوطنها، فأصبحت قضية منح المرأة حقوقها كاملة علامة من علامات التقدم الاجتماعي في عالمنا المعاصر فالمرأة وإن كانت تعد نصف المجتمع في الميزان العددي إلا أنها في الميزان التنموي أكثر من ذلك كثيرا. إن الموقف من المرأة عامة ومن حقوقها السياسية والاجتماعية والمدنية خاصة هو موقف من التقدم والتأخر موقف من التنمية والتخلف وبالتالي فإن عمل الادارة العامة بشقيها التنفيذي والتشريعي لابد أن يفضي إلى إقرار هذه الحقوق بأسرع ما يمكن، ما سيكون له أبلغ الأثر في بلورة قيم جديدة وعصرية، ولم يعد ممكنا اليوم القبول بتهميش نصف المجتمع والتغاضي عن التعطيل المزمن للتنمية الاجتماعية التي تعد ركيزة للتنمية الشاملة.
العلاقة بين السلطتين
كيف تقيم العلاقة بين الحكومة والمجلس في الفترة السابقة؟ وهل ترى أن ثمة انفراجا في هذه العلاقة بين المجلس والحكومة المقبلين؟
لقد سادت أجواء التأزيم علاقات السلطتين على نحو شمل عمل المجلس والحكومة معا، ما عطل التنمية بل وجمد الدماء في عروق العمل عامة فبدأ كل حديث عن التنمية كلاما في الهواء وانعكس ذلك على المجتمع انعكاسا خطيرا فسادت مشاعر الإحباط والقلق وعدم الاستقرار، ولم تجد الخطط كلها طريقا إلى التطبيق وعلى الرغم من أن الاستجواب حق دستوري للنواب فإنه ما كان ينبغي أن يكون على النحو الذي كان من مهاترات واستخفاف وما كان ينبغي لمستوى الخطاب في كثير من الاستجوابات ان ينحدر الى المستوى الذي انحدر اليه ولسنا بصدد العودة الى ماض نأمل في أن تكون صفحته قد طويت، فالكويت تحتاج أكثر ما تحتاج إلى العدول الى الاصول سواء من ناحية التقاليد التي أسست للعلاقة بين الحاكم والمحكوم أو إلى الدستور كضامن لهيبة السلطان والفصل بينها. كما أن عمل نواب مجلس الأمة في المجلس الجديد ينبغي أن يرتكز على الجانب التشريعي أولا والاهتمام بمصلحة المواطن في ضوء الاستراتيجية العامة للدولة، مع الحرص على تحسين العلاقة بين المجلس والحكومة وإشاعة أجواء من التفاهم والتعاون الراقي خطابا وممارسات، ولا بد أن تلاقي الحكومة هذا بالمثل، والدور الرقابي لمجلس الأمة دور جوهري ولكنه أيضا يجب أن يكون في اطار تلك العلاقة القائمة على الاحترام المتبادل بين السلطتين بحيث لا يكون هناك تفريط في حقوق المواطنين ولا مساس بهيبة الدولة وأمنها واستقرارها وخططها التنموية الاستراتيجية.
هل تعاني البلاد من مشكلة في الإدارة؟
نعم فمشكلة الادارة العامة مشكلة مزمنة، وقد نشأت بسبب غياب التخطيط الاستراتيجي والاعتماد على حلول آنية لمشكلات استراتيجية، لذلك ينبغي ان يرتكز عمل المجلس الجديد على وضع روية استراتيجية مستقبلية للبلد وتشجيع الحكومة على ترجمة اهداف هذه الرؤية ومساعدتها على ذلك من خلال اجواء الحوار والتفاهم والثقة اضافة الى العناية بوضع الآليات التنفيذية لتحقيق تلك الرؤية وعلى رأسها وضع الرجل المناسب في المكان المناسب واسناد الادارات لمتخصصين أكفاء قادرين على إدارة العمل بمسؤولية ووطنية عاليتين.
بما أنك رياضي مخضرم كيف يمكن معالجة مشكلة تردي الوضع الرياضي في البلاد؟
إن ضرورة معالجة تردي الوضع الرياضي باتت على كل لسان، ولا بد من ان يتصدى المجلس الجديد لحل هذه المشكلة بسن التشريعات والقوانين لرفع مستوى الرياضة الكويتية وتجنيد القدرات للارتقاء بها ولا بد أن يتم ذلك من خلال استراتيجية شاملة تركز على التخصص إعدادا وتدريبا، وتعمل على تحديث وتوسعة البنية التحتية اللازمة لذلك من نواد ومنشآت وملاعب وتجهيزات وأدوات وفرق. أما بالنسبة للشباب ـ وهم مستقبل الكويت الواعد ـ فلا بد أن يتم إعداد استراتيجية تنموية شبابية تأخذ في الاعتبار حاضر الشباب ومستقبلهم وتفتح الآفاق أمامهم في المجالات الثقافية والاجتماعية والرياضية والدينية، فلا ينبغي للشباب الكويتي أن يشعر بالاختناق لعدم وجود نواد يفرغ فيها طاقاته ويمارس هواياته، ويعد فيها الاعداد اللائق للقيام لحمل مسؤولياته الوطنية والاجتماعية، ولا بد للدولة أن تقوم بواجبها في هذا المجال.
هل أنت مؤيد لإقرار حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة؟
نعم لأن شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة شريحة مهمة في المجتمع ـ وفي أي مجتمع ـ والاهتمام بها ليس منّة، بل ملمح من ملامح الدولة العصرية لأنه تعبير عن روح اجتماعي متقدم، ولابد أن يعمل المجلس الجديد بالتعاون الوثيق مع الجهات الحكومية ذات الصلة لتمكينها من حصولها على حقوقها كاملة ورفع مستوى معيشتها وتوظيف طاقاتها في عملية التنمية الشاملة.
إلام تعزو تفاقم الازمة السياسية في الكويت؟
هناك اكثر من سبب للازمة السياسية في بلادنا، ولعل الاساس الموضوعي لهذه الازمة هو شعور المواطنين بانغلاق الافق امام الحلول العملية والعلمية لمشكلاتهم المزمنة، من اسكان وصحة وتعليم وغيرها.
لكن السبب المباشر للتفاقم يكمن في انخفاض مستوى المسؤولية لدى الادارة العامة في البلد، بشقيها التنفيذي والتشريعي، وعجزها عن حمل تطلعات الوطن والمجتمع بتقدم وتنمية حقيقيين، وقد تجلى ذلك في حكومة مترددة تأخذ قرارات ثم لا تلبث ان تتراجع عنها، وتقر خططا ثم تعود الى سحبها، من جهة، وبعض اعضاء في المجلس امتهنوا التكسب الانتخابي على حساب المصلحة العامة.
ونحن نعتقد ان هذه الثنائية السلبية ـ ان استمرت لا سمح الله ـ تهديد لحاضر بلدنا الحبيب ومستقبل ابنائه، لما لها من دور في زيادة حجم الاستقطاب السياسي والتوتر الاجتماعي، خاصة ان الجميع بات يلحظ بروز خطاب تأزيمي يتسم بانعدام المسؤولية الوطنية، من خلال انغلاقه على نزعات فئوية وطائفية وقبلية ضيقة لا تستقيم والمصلحة الوطنية وتقاليد الكويت الديموقراطية.
هل تؤيد تعديل الدستور أم لا؟
ينص الدستور على عدم جواز تعديله الا من اجل تحقيق مزيد من منح الحريات، وهو في وضعه الراهن يتضمن قدرا كبيرا من الحريات والحقوق العامة والفردية، وبالتالي فنحن لا نرى مسوغا لأي تعديل فيه.
كيف تقيّم مجلس 2008؟ وكيف ترى ازدياد المطالبة الشعبية بالتغيير؟
من الصعب اعطاء تقييم شامل لمجلس 2008 بهذه العجالة، كما ان هذا الامر يحتاج الى مؤسسات بحثية متخصصة، ولكن ما لمسناه ونعتقد بحقيقته ان هناك شعورا شعبيا عاما بالاستياء من اداء المجلس السابق، خاصة لجهة الاستجوابات التي غلب عليها الطابع التأزيمي، وغلب في معظمها الخطاب الاستفزازي والتصعيدي، طبعا دون ان نغفل التقصير والضعف الحكوميين اللذين اسهما بقسطهما في ذلك، واذا كان من صلب عمل المجلس وواجبه ان يقوم بدوره الرقابي فهناك انطباع عام يتمثل في انه قد ضخم هذا الدور على حساب دوره التشريعي بغير وجه حق. ولعل هذا بالضبط ما يجيب عن الشق الثاني من سؤالكم حول تزايد المطالبات الشعبية بالتغيير، فالمواطن الكويتي سئم المزايدات والصراخ والخطابات المتوترة، لأنه يؤمن بأنها ـ في النهاية ـ لا تصب في مصلحته، كونها لا تصب في المصلحة الوطنية العليا، التي تفترض قيام المجلس بواجباته بتوازن ودون غلو.
هذا يقودنا إلى سؤالك عن رأيك في المطالبات بحل مجلس الأمة حلا غير دستوري.
المطالبة بالتغيير شيء والمطالبة بحل مجلس الأمة حلا غير دستوري شيء آخر تماما، فالأولى حق، وهي تستقيم وسنن التطور والارتقاء نحو الافضل، اما المطالبة بالحل غير الدستوري للمجلس فقد أصبحت شيئا من الماضي، ولا يمكن القبول بها، فالعقلاء واصحاب الحل والعقد متوافقون على ان الدستور هو مرجعيتنا جميعا.
ما المطلوب برأيك من رئيس مجلس الوزراء والحكومة المقبلة؟
بالنسبة لرئيس الوزراء أعتقد اعتقادا جازما ان اختيار صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد سيكون الاختيار الأمثل، اما بالنسبة للمطلوب منه فإن أهم ما في ذلك ان يكون معيار اختياره للوزراء هو الكفاءة لا معيار المحاصصة والترضيات.
وبرأيي لابد من ان يعمد الى الاخذ ـ اكثر ما يمكن ـ بمعيار التخصص والخبرة، فكلما كان الوزير واسع الاطلاع في شؤون وزارته استطاع ضبط ايقاع العمل فيها، وتمكن من وضع الخطط الكفيلة بالارتقاء بذلك العمل وتنفيذها على النحو الأمثل. وفيما يتعلق بالحكومة مجتمعة، فإن الأولوية الاولى ينبغي ان تعطى لجانب التخطيط، فعمل الحكومات السابقة ـ والأخيرة منها على وجه الخصوص ـ كان أقرب الى تخبط عشوائي، او هكذا بدا، بسبب التردد وغياب الاستراتيجية. كما انه لابد للحكومة ان تتمتع بإرادة قوية، ليس للدفاع عن خططها والاستراتيجية التنموية الشاملة التي عليها إنجازها فقط، وإنما لتنفيذ هذه الاستراتيجية بعد نقاشها والموافقة عليها في مجلس الأمة المقبل. وقد أشرت في اكثر من لقاء سابق ان الكويت تمر بمنعطف حاسم، فالعالم يتغير وثمة ازمة مالية خانقة، فإذا لم نأخذ بزمام تنمية وطننا وفتح آفاق أمام مواطنينا من خلال حل مشاكلهم المعيشية والبدء بالعمل الجاد لاستعادة دور الكويت في المنطقة اقتصاديا وسياسيا وثقافيا فإن ظلالا كثيفة ستحدق بمستقبلنا. ودور الحكومة دور محوري في هذا، ولم تعد سياسة دفن الرأس في الرمال تفيد، وإنني لعلى ثقة بان المجلس المقبل سيتعاون تعاونا وثيقا مع الحكومة المقبلة ان كانت جادة في معالجة مشكلات الحاضر ووضع الخطط الكفيلة بجعل المستقبل افضل. وهنا لابد من التأكيد ان مثل هذه الخطط يجب ان تحدد بمدد زمنية لتنفيذها، كي لا تبقى معلقة في الهواء، ولضمان عدم التراجع عنها امام بعض المتكسبين.
هل تتوقع وصول المرأة الى المجلس المقبل؟
حظوظ بلوغ المرأة الكويتية للمجلس المقبل تبدو اكبر من اي وقت مضى، وقد أشرت في موضوع سابق الى ان الموقف من المرأة هو موقف من الحياة عامة، ومجتمعنا اليوم بات اكثر تقدما في هذا الأمر، ولذلك فإن احتمال وصول واحدة، على الأقل، من الاخوات المرشحات هو احتمال وارد.
ما توقعاتك لاسم رئيس مجلس الوزراء المقبل؟
هذه المسألة بالذات لا قيمة لتوقعات احد فيها، فتسمية رئيس للوزراء هي اختصاص لصاحب السمو الأمير ينفرد به دون سواه، وكما اشرت قبل قليل فإن سموه ـ حفظه الله ورعاه ـ سيختار شخصية قادرة على قيادة الجهاز التنفيذي للدولة والوصول بالبلد الى شاطئ الامان.
ما رأيك في قانون الاستقرار الاقتصادي الذي اصدر بمرسوم ضرورة؟
لقد تأثر سوق الكويت للأوراق المالية بسبب انعكاس الازمة المالية العالمية، الامر الذي رأى معه بعضهم أنه يتطلب تدخلا فنيا لمواجهة التداعيات، لكن كان يفترض ان يصدر هذا المرسوم في شكل قانون عادي، قبل حل المجلس، اما وقد تم حل مجلس الأمة فإن من كان وراء اصداره قد استند الى المادة 71 من الدستور والتي تنص على أنه اذا حدث فيما بين ادوار انعقاد المجلس او في فترة حله ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز اصدار مراسيم ضرورة بشأنها، لكنني ارى ان شرط الضرورة هنا غير متوافر، واعتقد انه كان يفترض ان يتم تأجيل اصدار التشريع الى حين تشكيل المجلس الجديد، وتستند رؤيتنا هذه الى ان الازمة المالية لدينا مازالت في مرحلتها الأولى، ولم تصب في صالح الاقتصاد الحقيقي، والنظام المصرفي الكويتي مازال متينا وموثوقا، ولم يكن هناك داع للعجل بإصداره على النحو الذي صدر فيه. ثم إنه كان يجب التريث لتستكمل السوق حركة التصحيح التي بدأت فيها وفق آلياتها. أما وقد صدر المرسوم بشكله الحالي والطريقة التي صدر بها، فإن الكلمة الفصل فيما يتعلق بسلامته من الناحية الدستورية وجدواه من الناحية الفنية، ستكون بيد المجلس المقبل.
هل أنتم من مؤيدي مشروع اسقاط فوائد قروض المواطنين؟
نحن مع معالجة هذا الموضوع الحساس في اطار رؤية اقتصادية ـ اجتماعية شاملة، تأخذ مصلحة الوطن والمواطن معا بعين الاعتبار ولا يجوز بأي شكل من الاشكال استغلال قضايا الناس المعيشية للتكسب الانتخابي، من هذا العضو او ذاك وهذا المرشح او ذاك.
هل انت من المؤيدين لتحويل الكويت الى دائرة انتخابية واحدة؟
بلا شك، فالدائرة الواحدة هي الحل الامثل لجعل التمثيل النيابي تمثيلا حقيقيا للأمة، والدائرة الواحدة تكرس المواطنة الحقة، وهو ما يقلص العصبيات القبلية والطائفية، وترسخ الانتماء الوطني، كما ان الدائرة الواحدة تقوض آمال المتكسبين انتخابيا وتؤسس لمجالس تركز على المصالح العليا للشعب والوطن، لا على المصالح الضيقة.