الآباء هم قدوة ومرآة الأبناء في الحياة
«الخز بالعيون» كان لغة وبروتوكولاً لتربية الأبناء في السبعينيات
يجب على الآباء والأمهات مراقبة أنفسهم في كل قول أو فعل يقومون به أمام الأولاد
أميرة عزام
يفطن بعض الآباء والأمهات الى التربية الثابتة منذ 14 قرنا في السيرة النبوية وهي التربية باستخدام القدوة الحسنة، اي عن طريق الأفعال التي تكون في اغلب الأحيان أبلغ من الأقوال، بالاضافة الى استعمال تعبيرات الوجه والجسد سواء بالسلب او الإيجاب او ما يسمى بالتربية غير اللفظية، بينما يركز الكثيرون على الكلام اللفظي وتقديم النصائح والتوجيهات باللسان لإرشاد الأبناء وتقويمهم عبر مراحل حياتهم المختلفة، وبين هؤلاء وأولئك اختلافات في وجهات النظر ولكل فريق رأي يدعم موقفه، ولمعرفة آراء الآباء والأمهات في ذلك الشأن استطلعت «الأنباء» آراء عدد منهم،
وفيما يلي التفاصيل:
في البداية يقول صباح الشمري ان الآباء بالنسبة للأطفال هم القدوة والمثل الجميل في الحياة، فعندما يرى الأطفال آباءهم في اجمل صورة سيكونون هم كذلك في حياتهم، ولكي يصدق الأبناء آباءهم في اي شي يقولونه يجب على الآباء الا يكونوا متناقضين مع ابنائهم، فعندما يأمر الأب او الأم الابن بعدم التدخين ثم يراهما يدخنان فذلك قمة التناقض، وكذلك عندما يطلب الآباء والأمهات من الأبياء مثلا عدم الكذب او عدم النميمة او التجسس ويرونهم يفعلون تلك الأشياء فذلك يجعل الأبناء يفقدون الثقة بالآباء، فعلى الأب الا يأتي بفعل ويطلب من الابن عدم فعله، فكيف سيصدقه الابن؟
من جانبها، توضح تهاني الفيلكاوي ان «الخز بالعيون» هي لغة لن يفهما الا مواليد السبعينيات لأنه كان من بروتوكول التربية ان تستخدم الأم عيونها او الضغط على احد شفتيها لنترجم نحن الصغار الرفض والقبول للوالدة وكانت التربية بالرموز في الغالب تستخدمها الوالدة فعندما تتسع عينها نفهم بالفور ان الامر مرفوض ولا يقبل النقاش، وهذا الامر يحدث في الغالب حين تواجد الضيوف في المنزل ويتم منعنا من الدخول والاختلاط بهم في الصالون مثلا.
أما حصة صالح فتقول: تشتكي الأم من عدم ارتداء ابنتها الحجاب بينما هي متأكدة انها كانت في مثل سنها اكثر انفتاحا وحرية، متسائلة في دهشة لماذا تطالب الأمهات بناتهن بشيء لم يقمن به؟
وفي نموذج رائع للتربية، ترى رحاب المدلج من خلال تجربتها الخاصة ان التربية بالقدوة هي الأسلوب الأمثل للتربية الصحيحة، وهي التربية التي تثمر وتكون راســــــخة في النفس، قائلة «من امثلة ذلك العطاء فهو قيمة جميلة، غرستها في نفوس اولادي من خلال مساهماتي في مختلف المجالات، وذلك لما للعطاء من تأثير ايجابي على الإنسان المعطاء كالمــــحافظة على الهدوء والتروي في التعامل وضبط النفس مع المشاكل وضرورة ايجاد حلول بديلة والإيمان بأن لكل مشكلة حل، مؤكدة ان أهم القيم التي غرستها في أولادها هي الاحترام والتعامل بتواضع ورقي، لافتة الى ان إحسان الظن والنية الطيبة من سمات الإنسان الواثق والمتصالح مع نفسه.
بدوره، يؤكد عبدالله الفريح دائما ان الجمال يكمن في كل قلب رحيم وعقل حكيم ونفس صبورة، مع ضرورة ان تكون البسمة ملازمة للإنسان، قائلا: «يجب على الوالدين عندما يأمران اولادهما بأي عمل فلا بد ان يكون الوالدان قد قاما بالعمل لأنهما مرآة لأولادهما، فأنا لا آمر ابني بعمل اي شيء لا أقوم انا بفعله حتى لا يكون هناك تناقض بسلوك وتربية الأولاد».
من ناحيته، يقول داوود الصديقي «علينا ان نراقب أنفسنا في كل كلمة او عمل ودائما ننصح الأبناء بالسر وليس بالعلن وان نهدف في نصيحتنا للمصلحة الخاصة للأبناء والعامة للصالح العام».
أما عائشة محمد فتروي تجربة ناجحة عن حفيدتها ذات الأعوام الخمسة والتي اشتهرت في العائلة بحبها الشديد لألعابها وملابسها وأغراضها فقامت باصطحابها ذات يوم الى احد الأماكن الفقيرة فرأت هذه الطفلة المدللة كيف يستقبل الأطفال الفقراء الطعام والألعاب من جدتها واحدهم لا يرتدي الا القليل من الملابس والآخر يرتدي ثيابا ممزقة، فتأثرت الطفلة التي كانت شديدة الحرص على أغراضها ولا تقبل ان يلمســـــها احد وان كانوا أخواتها او أقاربـــــها وعــــــندما عادت أخذت تروي القصة لكل من تقابله وبعد عدة ايام ولأول مرة فاجأت الجـــميع واستخرجت بعضا من ملابسها وألعابها ووضـــعتها في حافـــظة معلنة عن رغبتها في إعطائها لمن يحتاج اليها، وعنــــدما جاء العيد خزنت عيديتها وجمعتها ثم أعطتــــها لوالدتها كي تساعد بها الآخرين وهو ما يثبت إمكانية تغيير السلوك السلبي الى إيجابي بمجرد تأثير القدوة الصالحة.
ويشير فيصل الحمد الى معرفته بأب يقول لأبنائه «انتم ما فيكم خير» لأنهم لا يصلون الفجر بينما يكون هو نائما في فراشه ذلك الوقت، كما يؤكد معرفته بشخص آخر يذهب للصلاة ولكن في جوار المسجد حديقة بها بعض الخضراوات فيقتطع منها لبيته فتوبخه ابنته، متسائلة اذا كان ذلك حلالا فيأمرها بالسكوت، موضحا ان في ذلك تناقضا شديدا بين تعليم الأبناء للصلاة من جهة وبين اكتساب اشياء الآخرين بدون حق وبدون استئذان من جهة اخرى.
وبخصوص امر الوالدين للأبناء بعدم الكذب بينما هم يطبقونه عمليا، تشتكي ام حمود من زوجها الذي يأمر ابنه ان يخبر رجلا يسأل عنه بالخارج انه ليس موجودا ثم يطلب من ابنه لاحقا ان يقول الحقيقة ولا يكذب، ما سبب خللا كبيرا في محاولتها الدائمة لاستقامة ابنها، كما كان زوجها لا يصطحب هذا الولد في صلاته حتى وان كانت داخل المنزل ما جعل الولد غير مكترث بأدائها ومن ثم فقدت السيطرة عليه تدريجيا لمخالفة الأب لها في تربيته.
وفي تناقض كبير، تنتقد ام سلمان ابنتها التي تقوم بتحميل الخادمة الكثير من الأعباء وعندما لا تقوم بها جميعا فإنها تسبها وتصرخ في وجهها وأبناؤها يشهدون ذلك بينما تأمرهم ان يحتفظوا بالهدوء وان يعاملوا الخادمة بلطف واحترام.
وفي فضيلة بالاعتراف بالحق، تعترف أنفال بأنها وزوجها يملكان عادة سيئة لا يستطيعان التخلص منها وهي قضم الأظافر ولكنها دائما ما تأمر ابنتها الصغيرة والتي ترى فعلها بعدم فعل ذلك، بينما تعتقد ام خالد ان الزوج والأطفال غالبا ما يقلدون المرأة وهي الأم والزوجة كأن تصلي فيتبعونها وتكرم الضيف فيوافقونها وتسعى في الخير فيساعدونها، وهو ما جبلت عليه المرأة الحكيمة التي من شأنها قيادة الأسرة الى واحة أمان بعيدا عن منعطفات الحياة.
أكدت ضرورة أن يتعامل الآباء بشفافية وصدق وإيجابية مع أبنائهم
العازمي: الأطفال يكتسبون العادات من البيئة المحيطة بهم
أكدت كبير اختصاصيي التربويين بالمجلس الاعلى للتعليم د. عائشة العازمي ان الأطفال يكتسبون العادات السلوكية من خلال تفاعلهم بالبيئة التي يعيشون فيها ويترجمون أفعال الوالدين الى تطبيق عملي يتعايشون معه في المواقف التي يتعرضون لها فلابد أن نكون حذرين في نقل الرسائل اليهم.
ومن مميزات مايتم نقله للأطفال من والديهم ان يكون الحوار يحمل رسالة واضحة إيجابية سهلة مثمرة وأن نسعى الى التعبير الصحيح عند الشرح لتتضح لهم الصورة، فيجب أن نركز على تعزيز الايجابية في تصرفاتنا وردود أفعالنا للمواقف التي نتعرض لها أمام الأطفال، ويتجلى ذلك في ضبط السلوك وحسن التصرف لما يدور حولنا لكي نكون شفافين في التعامل معهم لنخلق الاستقرار الاسري دائما، وبذلك يكتسب الطفل مهارات التعامل الايجابي مع محيطه.
ويجب أن يسعى الوالدين الى اشباع حاجات الطفل من الفاظ وسلوكيات إيجابية متزنة للوصول الى الاكتفاء والشعور بالرضا، فيصبح الطفل مقبولا لدى الآخرين ومحبوبا لديهم، فعندما يفكر الوالدين امام الطفل بكل مرونة دون عنف معهم ويجعلون الطفل المشارك الرئيسي فينتج عن ذلك التفكير الايجابي الصحيح والمشاعر الفعالة في المواقف التي يتعرض لها، فلتكن هذه المشاعر بالصبغة الإيجابية وتترجم الى السلوك البناء للطفل، اذ ان الوالدين مرآه عاكسة لابنائهم.
واضافت العازمي: عند الانفعال لابد ان نسيطر على مشاعرنا امام أطفالنا ونطفئ الغضب بمهارات تساعدنا على تجنب وقوع المشاكل وترصد الخلافات معهم، وأيضا لا تتجاهلوا مشاعر الأطفال ونخفيها بل نفهم مشاعرهم ونتجاوب معهم التجاوب الصحيح المثمر ونتقبل مشاعرهم ونتعرف بها وان لم نتقبل ولم نتعرف ولم نفهم مشاعر الطفل فلا نستغرب أي سلوك سلبي قد ينتجه الطفل كوسيلة دفاعية للتخلص من تجاهل والديه له. كونوا مع اطفالكم وشاركوهم دائما وأفهموا مشاعرهم لكي تتضح امامكم شخصياتهم ويسهل عليكم التعامل معهم.
أشار إلى أن حركات وإيماءات الجسم علامة مهمة في تربية وتوجيه الأبناء
صميم: كيف تتواصل مع أولادك بلغة الجسد؟
قال الاخصائي في لغة الجسد محمد صميم ان مفهوم الطفل في علم النفس ينطوي على معنيين: معنى عام ويطلق على الأفراد من سن الولادة حتى النضج الجنسي، ومعنى خاص ويطلق على الأعمار فوق سن المهد وحتى المراهقة، والطفولة هي الفترة التي يكون خلالها الوالدان هما الأساس في وجود الطفل وفي تكوينه عقليا وجسميا وصحيا ومن هنا جاء الاهتمام بلغة جسد الآباء كعلامة اساسية وفارقة في تربية الأطفال وتوجيههم من خلال حركات وايماءات الجسد.
وأبرز صميم ملامح وعلامات لغة جسد الاطفال حتى يتسنى لنا ان نفهم معانيها وبالتالي كيفية الاستجابة الصحيحة لها قائلا:
إذا وجدت طفلك يتثاءب بكثرة مع تباطؤ حركة العين ووضعه يديه باستمرار على عينيه، فهذا يعني أن طفلك قد بدأ يشعر بالنعاس ومستعد للنوم الآن، وإذا كان الطفل يفتح فمه باستمرار، فهذا يعني أنه قد بدأ يجوع، إذا وجدت ان حركات جسد الطفل قد أصبحت أكثر حدة مع اتساع عينيه واصداره للعديد من الأصوات المرحة، فهو مستعد للعب.
واشار الى انه مع ازدياد عمر الطفل تزداد تعقيدات لغة جسده وخصوصا مع دخوله الى فترة المراهقة، وفيما يلي بعض حركات الوجه التي تساعدك على قراءة اولادك التي أمامك من خلال هذه اللغة:
٭ إبعاد الشعر عن الوجه: وهي حركة يقوم بها الابن او البنت ليشعر بأن ما يقوم به أو ما يقوله واضح لك، وهي تعبر عن رغبته في أن تصدق كلامه وتشعر به، وكذلك حركة قد يريد بها أحدهم جذب الانتباه إليه.
٭عن الابتسامة: أفاد بانها تفسر بأكثر من طريقة، وذلك بالاعتماد على الحركة المرافقة للعينين والموقف، وعادة ما تكون الابتسامة المزورة غير مرتبطة بحركة العينين، وجميع معاني الابتسامة الصادقة إيجابية، وتفيد الإعجاب والانتباه والشعور بالأمان.
٭ رمش الجفن المتكرر: العدد الطبيعي لحركة الجفون من 6-8 مرات في الدقيقة الواحدة، وان أي زيادة على هذه الحد ما لم تكن مرتبطة بأمور عصبية، فله معنى يفيد الخوف والتوتر والترقب.
٭ عض الشفاه: حركة يسعى فيها الشخص إلى السيطرة على ثورة غضب داخله، والرغبة في تهدئة النفس والراحة.
٭ حك الأنف: يعود إلى زيادة نسبة الأدرينالين في الدم، الذي يسبب توسعا في الشعيرات الدموية، مما يثير الحكة، وعادة ما يستخدم الجسم الادرينالين في حالات الخوف والتوتر الشديد، وليس حك الأنف مرتبطا بالكذب فقط كما يعتقد الجميع.
٭ النظر للأسفل: إذا وجه أحد نظره إلى الأسفل مع ميل قليل للرأس باتجاه الأمام، فهو غالبا ما يحاول استعطافك، وإثارة شفقتك، والأطفال هم أكثر من يستخدم هذه الحركة.
٭ الإيماء بالرأس: وهي تحريك الرأس بطريقة هادئة لعدة مرات متتالية للأمام، وهو عادة ما يعبر عن الاهتمام والانتباه، والحركة السريعة والقوية نوعا ما تدل على أن الشخص يطلب منك الاختصار وتجاوز بعض التفاصيل نظرا لشعوره بالملل ورغبته في الوصول إلى فحوى الحديث.
٭ إغلاق العينين: هو تعبير عن الرغبة في توقف تلقي الإشارات البصرية من المحيط بهدف التركيز على فكرة أو حديث يدور في داخله، وغالبا عندما يغلق أحدهم عينيه يكون لا ينصت إلى حديث الآخرين أيضا، فهو يدخل في حالة من التفكير العميق تفصله عن المحيط الخارجي.
٭ رفع وخفض الحاجبين: رفعهما يدل على الدهشة والصدمة والفضول، أما خفض الحاجبين فيدل على الانزعاج والمشاعر السلبية.
٭ إمالة الرأس إلى أحد الجانبين: تعني هذه الحركة الإعجاب والاستمتاع بالاستماع للحديث، والتركيز لسماع أدق التفاصيل.
وزاد: ان اهتمامك بطفلك منذ بدء نشأته حتى بلوغه لسن المراهقة والشباب يضمن لك مستقبلا سعيدا وناجحا وابنا فاضلا وسويا، فالتواصل مع أولادك لا يعني مجرد إعطاء الأوامر، إذا كنت تود أن يصغى إليك أولادك فعليك أن تأخذ بعين الاعتبار نبرة الصوت والكلمات ولغة الجسد، فكلها تلعب دورا مهما عند إعطاء الأوامر، وينبغي أن تكون نبرة الصوت هادئة لأول مرة ومن ثم الحزم في طبقة الصوت ينبغي أن تزيد، إذا لم يتم الانتهاء من أوامر وإجراءات في الماضي يجب أن تؤخذ، لغة الجسد تلعب دورا مهما في إعطاء الأوامر، أيضا يجب أن تكون الكلمات مباشرة وبسيطة، كل هذه الأمور سوف تجعل طفلك يتبع الأوامر المعطاة له.