- خامه يار: يحق للعالم الإسلامي بأسره أن يفتخر بحافظ الشيرازي كنجم ساطع يتلألأ في سماء الأدب الإنساني
- أشعار الشيرازي لم تلق اهتماماً كافياً لدى أبناء «الضاد»
عبدالله العليان
دعا وزير الثقافة والإرشاد الإيراني د. علي جنتي الى العودة الواعية الى التعاليم الإنسانية للشاعر حافظ الشيرازي، لاسيما في منطقتنا التي يسودها العنف والتطرف، ومن الممكن أن تعيد تلك التعاليم الهدوء والاستقرار والطمأنينة لشعوبنا المسلمة، ونتمكن من طرد شيطان الحرب والعنف والتعصب المقيت من حياتنا.
وقال جنتي خلال ملتقى «حافظ الشيرازي..شاعر المودة والتآخي» الذي نظمه المجلس الوطني للفنون برعاية وزير الاعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود وعدد من السفراء والديبلوماسيين والأدباء: «ان حافظ الشيرازي هو من يدعونا اليوم الى حياة مسالمة يسودها التضامن الإنساني والسلمي واحترام كل الأذواق والعقائد والأفكار في عصر يسوده التعصب والتشنج والتطرف والرؤية الضيقة للأمور، مبينا أن أشعار حافظ توفر فرصة العيش والحياة السليمة في أجواء من التنوع الفكري والعقائدي الإنساني».
وأضاف: ينبغي على أبناء منطقتنا وحكمائها وعقلائها ان يستعيدوا مرة اخرى كلام حافظ الشيرازي وحكمه وأشعاره ومفاهيمه الإنسانية، ويجسدوا في سلوكهم دعواته الإنسانية بالتزام الاعتدال والتعايش السلمي في كل مكان على أمل ان يجد هذا الخطاب الحكيم أذنا صاغية لنؤسس عالما يسوده السلام والوئام بعيدا عن أي اختلاف أو تناحر أو حروب مدمرة ومقيتة تؤدي الى فناء الجميع، راجيا ان تمهد هذه الندوة لحافظ الشيرازي اجمل الكلام وأعذب الأجواء لشيوع الاخلاق والتزام المبادئ الإنسانية الحقة واستتباب أجواء الحرية والانفتاح الفكري البناء وتهذيب النفوس وسمو الأرواح.
وأضاف أن الملتقى الذي تنظمه المستشارية الثقافية الإيرانية بالكويت بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب يتناول سيرة شاعر «يمثل القمة في اللغة الفارسية ومحيطها العام الذي لم ولن يبلغه احد غيره بل وأصبح خارج حدود اللغة الفارسية وممثلا عن الثقافة الإيرانية الاسلامية»، موضحا ان أشعار الشيرازي تمثل نموذجا لخطابه الحكيم البناء منذ عصره الذي عاش فيه الى وقتنا الحالي، حيث استفاد من هذا الخطاب رواد كل المدارس الفكرية والإنسانية المهتمة باللغة الفارسية والثقافة الإيرانية، مشيرا الى الجوانب الجمالية في اشعاره والتي تكتسب أهمية خاصة، حيث انها تعتبر نموذجا بارزا من الفن البلاغي بالشعر الفارسي والتي جعلت أشعاره تمثل حافظة أمينة للذاكرة الجماعية والعامة.
وختم كلمته بالشكر والثناء للقائمين على هذا الملتقى وخص بالذكر الشيخ سلمان الحمود الذي أتاح له الفرصة للقاء اخوة وأصدقاء من عشاق حافظ الشيرازي، آملا ان تتعمق المحبة والاخوة في ظل مثل هذه الاجتماعات بأجواء المحبة والمودة بين الشعبين.
من جهته قال المستشار الثقافي في السفارة الإيرانية د.عباس خامه يار: ان عشاق الفكر والأدب والثقافة يحتفلون في الـ 11 من شهر أكتوبر في كل عام بيوم تكريم شاعر المودة والتآخي حافظ الشيرازي كبير شعراء إيران وأحد أكبر شعراء الدنيا، مضيفا: اذ جاز للأدب الانجليزي ان يفتخر بوجود شكسبير وتباهت ايطاليا بدانتي والكوميديا الالهية ويعتز الألمان بغوته فإن إيران مهد الشعر لا بل العالم الاسلامي بأسره يفتخر بحافظ الشيرازي كنجم ساطع يتلألأ في سماء الأدب الإنساني.
وتابع خامه يار: «مع ان شاعرنا واجه منافسين أقوياء أمثال جلال الدين الرومي والفردوسي ونظامي ممن تمتعوا بشهرة عالمية، إلا انه استطاع بقصائده العصماء ان يحتل مرتبة مرموقة قلما يضاهيه فيها أحد»، مؤكدا ان شعر حافظ مرآة للقرآن الكريم لأنه حافظه ولكن فهم كل ما يقوله لا يتيسر لكل قارئ، حيث ان الإلمام بالحقائق القرآنية والمصطلحات العرفانية والمعارف الاسلامية ضرورية لإدراك مغزى أبيات الشاعر وان إغفال هذه الحقيقة كان سببا لتحريف بعض معانيه، كما انه شاعر تواضع لله الذي وهبه هذا الجمال والكمال فزاده الله نورا وأسكن حبه قلوب الناس.
مشيرا الى قول العلامة الشهيد مرتضى مطهري «قلما تجد بيتا في المدن والقرى الإيرانية يخلو من ديوان حافظ وبلغ من المكانة والاحترام حتى ان الناس لا يلمسونه أو يمدون الأيدي اليه ما لم تكن على طهارة»، لافتا الى ان شعره لم يلق اهتماما كافيا لدى أبناء الضاد كما لاقاه شعر الخيام والنيسابوري وقصائد سعدي الشيرازي وبقي الفكر العربي متشوقا لذلك الفيض الا بعض الابحاث والدراسات التي تجري على مستوى الجامعات والمعاهد الأكاديمية.
وزاد: «تأتي مبادرة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالتعاون مع المستشارية الثقافية بإقامة هذا الملتقى الحاشد، انطلاقا من دورها في تعزيز التواصل الثقافي والأدبي مع شعوب العالم، ولا سيما مع الجوار الإيراني ولأهمية هذا المشروع ومكانته في الساحة الأدبية العربية»، معربا عن شكره للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لإقامته هذا الملتقى لتعزيز التواصل الثقافي والأدبي مع شعوب العالم لاسيما مع الجوار الإيراني لأهمية هذا المشروع ومكانته في الساحة الأدبية العربية، متمنيا ان يفتح هذا الملتقى آفاقا في الفكر العربي والاسلامي ويثري مصادر الأدب والفكر في عالم بات في امس الحاجة الى الفكر الاسلامي الوسطي والنقي المفعم بروح التآخي والتسامح والبعيد عن التشاحن والتنافر.
بدورها قالت رئيسة قسم اللغة الفارسية بجامعة عين شمس د.رملة غانم في بحثها بعنوان «حافظ الشيرازي إمام الشعراء» ان الشيرازي تأثر بشعراء كبار واثر بدوره في معاصريه ولاحقيه بصورة كبيرة بالرغم من ان أشعاره لاتزال موضع اختلاف كبير حول تفسير معانيها.
وأشارت غانم الى ان شعر الشيرازي تناول إيران بكل ما في طبيعتها الساحرة المليئة بالورود والمياه ومعاني الخير والجمال وتطرقه الى الكثير من القيم الإنسانية المتعلقة بالتفاؤل وحب الحياة والزهد.
من ناحيته قدم أستاذ الدراسات العليا بالجامعة الإيرانية د.موسى اسوار بحثا بعنوان «سر التميز الفني وسماته في شعر حافظ الشيرازي»، وذكر فيه ان الشاعر الكبير حافظ الشيرازي كان سباقا في الافادة والاقتباس عن رهط الشعراء المتقدمين، لافتا الى أنه تفوق على أقرانه ومن سبقه بفضل موهبته الفريدة وحسه المرهف وذكائه الحاد وبراعته الفنية المتميزة وتمكنه من ضروب الكلم وثقافته الادبية العميقة، لاسيما توغله العلمي في القرآن ودواوين الشعراء العرب والفرس.
وبين اسوار أن «من أهم أسباب تربع الشيرازي على هرم الشعر جماليات العناصر الشعرية وفرادة الخصائص الفنية في نتاجه وتوظيفها في عملية البناء الشعري».
بدوره تحدث أستاذ اللغة الفارسية بجامعة آل البيت الاردنية د.عبدالكريم جردات عن بحثه الذي جاء بعنوان «اثر الألفاظ العربية في إقامة القافية في الشعر الفارسي» عن دور اللغة العربية وتأثيرها في الشعر الفارسي، مشيرا الى احتذاء الشعراء الفارسيين بالنموذج العربي وبأوزانه وقوافيه وخصائصه الفنية.