بقلم جمعة عبدالله العبادي
سفير المملكة الأردنية الهاشمية لدى الكويت
الخامس والعشرون من مايو والتاسع من يونيو منارتان مضيئتان في تاريخ مملكتنا العزيزة، تتجلى فيهما إرادة أهل العزم وأهل الهمة.
بين الذكرى الثالثة والستين للاستقلال والذكرى العاشرة لجلوس ملكنا المفدى على العرش، يستذكر الأردنيون مسيرة عطاء وإنجاز، سطروا فيها أروع معاني البذل والعطاء تحت راية قيادتهم الهاشمية الملهمة، تحقق فيها استقلال الوطن وبناء الدولة الحديثة، ودولة المؤسسات والقانون، وتبوأ الأردن مكانته اللائقة وحظي بالاحترام والتقدير والإعجاب على الصعيدين العربي والعالمي.
يستذكر الأردنيون هذه المناسبات الخالدة التي كرست من وطنهم واحة للأمن والاستقرار والحرية، حافظا لكرامة إنسانه، سندا وظهيرا لأشقائه، مدافعا ومنافحا عن قضاياهم، مجسدا لرسالة الهاشميين في نصرة الأمة العربية ووحدة مواقفها وظهيرا لها في نيل استقلالها وتحقيق طموحات وأماني شعوبها.
حقق الأردن بحكمة قيادته وعطائها الموصول والتفاف الشعب حولها معجزة البناء والتنمية، حتى غدا الوطن النموذج للحرية والديموقراطية ودولة المؤسسات وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، واكب ذلك بدور محوري وفاعل ومؤثر في دعم ومساندة قضايا أمته العادلة، وفي مقدمتها نصرة أشقائه الفلسطينيين ومساندتهم لإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، والحصول على حقوقهم المشروعة.
استمرارا لنهج أسلافهم الميامين من الهاشميين، يبذل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله ورعاه، جهودا دؤوبة لا تعرف الكلل في خدمة قضايا أمتيه العربية والإسلامية، واستثمار علاقات المملكة ورصيدها الزاخر من المصداقية والاحترام التي تحظى به في جميع الأوساط والمحافل الدولية، ساعيا الى إنهاء معاناة شعوب المنطقة، والوصول الى تحقيق السلام العادل والشامل، لتنعم بالأمن والاستقرار والحياة الكريمة.
في غمرة احتفالات الأردنيين بمناسباتهم الوطنية الغالية، لا تغيب عنهم قضايا أمتهم وهمومها، ولأن القضية الفلسطينية تمثل جوهر الصراع في المنطقة، وان حلها سيسهم في حل الملفات الأخرى العالقة، فإن جلالته يدعو الى حل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي وإعطاء الشعب الفلسطيني الشقيق كامل حقوقه العادلة، وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، لينعم بالحرية والحياة الكريمة، كشرط لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وهذا ما أكد عليه جلالته في جميع تحركاته واتصالاته في مختلف المحافل والأوساط الدولية، وخطاباته التاريخية أمام الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي والقمم العربية، وفي لقاءاته مع قادة السياسة والاقتصاد والفكر في العالم، وفي لقائه التاريخي الأخير مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، حيث حمل جلالته رسالة أردنية عربية للإدارة الأميركية الجديدة شدد فيها على ضرورة العمل لتحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط، وحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي على أساس مبادرة السلام العربية، وحل الدولتين واستئناف عملية السلام دونما ابطاء، حيث أكد الرئيس الأميركي التزامه ودعمه لحل الدولتين، ووعد بأن تنخرط الولايات المتحدة بالعملية السلمية بشكل جاد.
كما يدعو جلالته، حفظه الله، الى ضرورة الوقوف الى جانب الشعب العراقي وايجاد حل لمشكلته والحفاظ على وحدة أراضيه وشعبه، وتمكين جميع مكوناته من الإسهام في بناء عراق مستقر وآمن ومتعاون مع جيرانه.
الأردن بإصرار وعزيمة قيادته الهاشمية انطلاقا من إيمانه الراسخ بعمقه العربي، وما تمتلكه أمته من طاقات وقدرات، أقام علاقات متميزة مع جميع أشقائه العرب على قاعدة الأخوة والتفاهم والسعي الى تحقيق وتعزيز العلاقات والمصالح الحيوية المشتركة، التي تجمع الأمة وتوحد شملها وتحقق تكاملها في جميع المجالات.
والتزاما بمنهج الاعتدال والوسطية والسعي لجمع كلمة الأمة ولإظهار الوجه الحقيقي والصورة السمحة للإسلام باعتباره دينا ينبذ العنف والتطرف والإرهاب، ويحقق الرحمة والسلام للناس كافة، تجسد دور الهاشميين وأمانة المسؤولية التي يضطلعون بها، ودورهم في صون الدين الحنيف بترجمة رؤى وتوجهات جلالته حفظه الله بإطلاق «رسالة عمان» التي اشتملت على الأسس والمضامين الحقيقية للإسلام وأكدت عليها، بما يبعد عنه تشويهات قوى التطرف والظلام.
وللأهمية التي تحظى بها العلاقة بين أتباع الديانات السماوية، وتعزيز التواصل والتفاهم بينهم، أطلق الأردن العديد من المبادرات للحوار بين الأديان والحضارات على قاعدة الاحترام المتبادل وقبول الآخر، كما أكد على أهمية بناء جسور الثقة والاحترام والتفاهم بين الإسلام والمسيحية، وفي هذا الإطار جاءت الزيارة المهمة والتاريخية التي قام بها قداسة البابا الى الأردن مطلع الشهر الجاري وخطاب جلالة الملك بهذه المناسبة، وما حمله من مضامين ورسائل حظيت بالاحترام والاهتمام على مستوى العالم.
خلال السنوات العشر الماضية عمل جلالته، حفظه الله، على ربط المملكة بشبكة واسعة من العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل وفرت للاردن دورا مهما وحضورا مشرفا، بما يمثله من صوت يتسم بالحكمة والاعتدال وبعد الرؤية، اضافة الى اسهامه الايجابي في كثير من المبادرات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والثقافية على مستوى العالم، ومبادراته الانسانية لنجدة وعون الشعوب الشقيقة والصديقة، ولعل ما تقوم به الهيئة الخيرية الهاشمية الاردنية من جهود واعمال جليلة على مستوى العالم خير مثال على ذلك، وعلى وجه الخصوص مساعداتها وعونها للاشقاء الفلسطينيين في كل ما يمكنهم من الصمود على ارضهم والذي توجته باقامة العديد من المستشفيات العسكرية في الاراضي الفلسطينية، واخرها المستشفى الميداني العسكري في غزة، الذي قدم خدمات ومساعدات جليلة واستقبل عشرات الآلاف من الجرحى والمصابين والمرضى.
تجسيدا للمضامين السامية للاستقلال يقوم جلالته بجهود متواصلة للنهوض بالمملكة وتحقيق آمال وتطلعات الانسان الاردني، وتحسين ظروف ومستوى معيشته وقد حقق الاردن في عهد جلالته الميمون قفزات نوعية في كل المجالات الاقتصادية والتعليمية والثقافية والطبية والعمرانية، وخطت المملكة خطوات كبيرة نحو تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة حيث اولى جلالته عناية خاصة بالتنمية الاقتصادية والاستثمار من خلال تهيئة بيئة استثمارية ملائمة وجاذبة، توفر اسس وعوامل النجاح للمشاريع الاستثمارية، وكانت نتائج هذا الاهتمام السامي تحقيق الاقتصاد الاردني نجاحات ملموسة تمثلت بنمو سنوي حقيقي في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 6% خلال السنوات العشر الماضية.
وفي هذا السياق وتنفيذا لرؤى وتوجيهات جلالته، حفظه الله، بالتواصل مع ابناء الوطن العاملين والمقيمين في الخارج، قامت السفارة بالتعاون مع المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وبالتنسيق مع بنك الكويت الوطني، باطلاق مبادرة «سفير الضمان» التي اتاحت لأبناء الجالية الاردنية، امكانية الاشتراك الاختياري في مظلة الضمان الاجتماعي، وفي هذا المقام ندعو ابناء جاليتنا الاردنية الحبيبة الى الاسهام والمشاركة في «رابطة أبناء الجالية الأردنية» التي شارفت التحضيرات لانشائها على الانتهاء، وسيتم اطلاقها في غضون الاسابيع المقبلة، والتي ستعمل على تعزيز الروابط فيما بينهم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتسهم في تعزيز صلتهم بالوطن، وتعميق وتوطيد العلاقات الاخوية مع الكويت الشقيقة التي تحتضنهم.
بحكمته وبصيرته الثاقبة تبنى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، حفظه الله، سياسة الانفتاح الاقتصادي والتجاري على العالم، الأمر الذي منح قطاع الاقتصاد والاستثمار الفرصة لولوج الاسواق العالمية الكبرى، من خلال ابرام الاردن العديد من اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، الاتحاد الاوروبي، سنغافورة، اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى، اتفاقية اغادير، اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة وانضمام الاردن لمنظمة التجارة العالمية، اضافة الى العديد من الاتفاقيات وبروتوكولات التفاهم الاقتصادية والتجارية الثنائية مع دول العالم.
وفي سعيه ليأخذ الاردن مكانته على الخارطة الاقتصادية والاستثمارية قام جلالته خلال زياراته العديدة للولايات المتحدة الاميركية واوروبا وشرق آسيا ودول الخليج العربي، بعقد لقاءات مع المستثمرين ورجال الاعمال في تلك الدول وعرض البيئة الاقتصادية والاستثمارية الجاذبة في المملكة وتضمنت طروحاته، حفظه الله، المزايا النسبية والقدرات التي تتمتع بها المملكة – كما حرص جلالته على المشاركة في العديد من المؤتمرات والمنتديات والانشطة الاقتصادية على مستوى العالم، ومنها القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي عقدت في الكويت الشقيقة مطلع العام الحالي، ومشاركة جلالته الفاعلة واسهامه الايجابي في انجاحها، وكذلك مشاركته في اعمال المنتدى الاقتصادي الاسلامي الرابع، الذي احنتضنته الكويت في النصف الاول من العام الماضي، ونستذكر في هذا المقام خطاب جلالته المهم امام المنتدي والذي حظي بتقدير واعجاب كل الاوساط العربية والاسلامية لما تضمنه من رؤية وتشخيص لواقع الامة الاسلامية الاقتصادي وضرورة النهوض به.
كما نجح جلالته، حفظه الله، في وضع الاردن على خارطة الاستثمار العالمي، حيث اصبح مؤهلا لعقد المحافل والمنتديات الاقتصادية العالمية، حيث استضافت المملكة خلال الشهر الجاري المنتدى الاقتصادي العالمي في منطقة البحر الميت، وللمرة الخامسة وشارك فيه هذا العام اكثر من1300 شخصية من قادة السياسة والاقتصاد والفكر وصناع القرار، يمثلون الدول والحكومات والمنظمات والهيئات المدنية من اكثر من 80 دولة، افتتحه جلالته، حفظه الله، بخطاب مهم تضمن واقع المنطقة وظروفها السياسية والاقتصادية، والدعوة الى تحقيق السلام والامن والاستقرار فيها، وتحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية لشعوبها، وقد ناقش المنتدى العديد من القضايا والملفات السياسية والاقتصادية والتعليمية، كما تم ابراز دور الشباب ومشاركتهم في صنع القرار، اضافة لآثار الازمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على منطقة الشرق الاوسط وسبل مواجهتها، وفي هذا السياق ثمن الاردن عاليا مشاركة ممثل صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد، حفظه الله، سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء في اعمال المنتدى على رأس وفد كويتي رفيع المستوى وذلك فور عودة سموه، بعد أن من الله عز وجل عليه بالصحة والعافية، وعشية انشغال الكويت بالانتخابات البرلمانية، وهو الامر الذي اكد تميز العلاقة وخصوصيتها بين القيادتين والبلدين الشقيقين.
أولى جلالته، حفظه الله اهتماما بالغا لتحسين ظروف ومعيشة الانسان الاردني، وتوفير سبل الحياة الكريمة وضمان مشاركته الفاعلة في صنع حياته ومستقبله، ويتأتي ذلك من خلال تعزيز مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث جاءت مبادرات جلالته بإطلاق المناطق الاقتصادية والتنموية في العقبة، المفرق، اربد معان والبحر الميت وفي بقية مناطق المملكة، لضمان توزيع مكتسبات وثمار التنمية الاقتصادية على جميع محافظات المملكة، من خلال العمل على إقامة انشطة اقتصادية تتلاءم والميزة التنافسية لكل منطقة، والتركيز على الاستثمارات والمشروعات ذات القيمة المضافة العالية، التي توفر فرص العمل وترفع من مستوى الدخل، وتحقق العدل والمساواة بين المواطنين، وتسهم في تحسين ظروفهم المعيشية.
وانطلاقا من ثقة جلالته بالمواطن الأردني، وقدرته على العطاء والإنجاز، ومشاركته الفاعلة في صياغة مستقبل الوطن وبنائه، دعا جلالته لتوسيع مشاركة المواطن في صناعة القرار، من خلال تحقيق مشروع اللامركزية في الاردن على مستوى المحافظة بما يضمن التعاون والتنسيق بين المحافظة والحكومة وقد قام جلالته بزيارات مكــثفة الى مختلف محافظات المملكة، ووقف على واقعها وظروفها واستشعر قدرة المواطن الاردني على تحديد الاولويات التنموية التي ترتقي بالمنطقة والمحافظة التي ينتمي إليها. نحيي في هذه الايام المجيدة ذكرى الاستقلال الغالية، ونحتفل بالذكرى العاشرة لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، حفظه الله، على العرش وما قام به خلالها من جهود وما حققه بالإرادة والعزم والتصميم من انجازات لشعبه ولقضايا امته العربية والاسلامية، واذ نستذكر من معاني الاستقلال واهدافه السامية، تعزيز علاقات المملكة مع اشقائها العرب، تعمر قلوبنا مشاعر فياضة بالسعادة والارتياح لما وصلت اليه العلاقات الاردنية ـ الكويتية، من زخم وتواصل على كل المستويات، والتي باتت نموذجا يحتذى للعلاقات العربية ـ العربية، وقد عزز ذلك الزيارات العديدة لجلالة الملك، ولقاءاته مع اخيه صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد، حفظهما الله ورعاهما، ولقاءاته واتصالاته المستمرة مع اشقائه في القيادة الكويتية، الامر الذي يعطي على الدوام دفعا للعلاقات بين البلدين الشقيقين الى مجالات وآفاق ارحب.
بحمد الله وتوفيقه، وبتوجيهات قيادتي البلدين الحكيمة، وصلت العلاقات الاردنية ـ الكويتية الى مستوى متميز، وذلك لما تشهده من تقدم في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وشكلت شبكة من العلاقات والمصالح الحيوية من خلال التواصل المستمر بين كل الجهات في البلدين، والتنسيق السياسي الرفيع، وتطابق وجهات النظر والمواقف حيال العديد من القضايا والملفات، اضافة الى الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين عشرات الوفود من قطاعات مختلفة، ولابد من التنويه الى العلاقات الاقتصادية الوطيدة التي تربط البلدين الشقيقين وما شهدته من تطور خلال السنوات الماضية في كل المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، حيث باتت الكويت الشريك الاستثماري الاول للمملكة، لتحتل صدارة الاستثمارات العربية والاجنبية فيها، باستثمارات تتجاوز 7.5 مليارات دولار، في قطاعات الاستثمار ذات القيمة المضافة العالية (الصناعة، العقار، الاتصالات، تكنولوجيا المعلومات، السياحة، الانشاءات، والخدمات العامة واللوجستية، النقل، البنية التحتية، والطاقة والقطاع المالي والتجاري وقطاع الاتصالات)، الامر الذي يدلل على متانة الاقتصاد الاردني وعلى توفر المناخ والبيئة الاستثمارية الملائمة، وما يتمتع به رجال الاعمال والمستثمرون الكويتيون من رؤية سديدة في اختيارهم الاردن، بلدهم الثاني كمنطقة جاذبة وحاضنة لاستثماراتهم، وفي هذا السياق بادرت الحكومة الاردنية بافتتاح مكتب تمثيلي لمؤسسة تشجيع الاستثمار في الكويت، بغرض تقديم التسهيلات للإخوة المستثمرين الكويتيين، واطلاعهم على الفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة، وللعمل على زيادة حجم التبادل الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين.
وفيما يتعلق بالعلاقات التجارية بين البلدين، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بينهما من 44 مليون دولار عام 2000 ليصل الى 216 مليون دولار عام 2008، وهناك محاولات من الجانبين للارتقاء بمستوى التبادل التجاري، ودفعه لمستويات تتناسب ومستوى وحجم امكانياتهما.
وفي هذا السياق يرتبط البلدان بالعديد من الاتفاقيات وبروتوكولات التفاهم، التي تنظم العلاقة بينهم في جميع المجالات، والتي اسهمت الى حد كبــير في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والاستثـــمارية والتجـــارية والثقــــافية، وغيرها من المجالات، وقد عقـــدت اللجـــنة الفـــنية التجارية المشتركة بين البلدين دورتين عـــام 2007 و2008 وستعقد اللجنة دورتها الثـــالثة في الكـــويت، في غضون الشهرين المقبلين، اضافة الى الاتصالات الجارية لعقد اجتماعات اللجنة العليا الاردنية ـ الكويتية المشتركة، برئاسة وزيري الخارجية التي ستقعد في الكويت، خلال العام الحالي، لبحث العلاقات الثنائية في جميع المجالات ومراجعة وتفعيل وتوقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين.
ولابد من الاشارة الى العلاقة الخاصة والمتميزة التي تربط الاردن مع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، والمساعدات التي قدمتها الكويت للمملكة عبر العقود الماضية من خلاله، والتي تمثلت في تمويل العديد من المشاريع الاقتصادية والتنموية في قطاعات البنية التحتية، الصحة، الصناعة والطاقة، ويعتبر الاردن من اوائل الدول التي استفادت منذ عام 1962، من المساعدات التي يقدمها الصندوق على شكل قروض سهلة وميسرة وبعض المنح بقيمة بلغت حوالي نصف مليار دولار.
كما بلغت علاقات البلدين مستوى متميزا على صعيد التبادل الثقافي والتربوي والتعليمي بوجود حوالي ثلاثة آلاف طالب كويتي في بلدهم الثاني وبين اشقائهم يتلقون علومهم في أرقى الجامعات والمعاهد، وفق نظام تعليمي دقيق ومعايير صارمة، وفي بيئة اجتماعية مماثلة لبلدهم، ويحظون بالرعاية والاهتمام، وتُقدم لهم جميع التسهيلات من قبل الجهات ذات العلاقة. وننظر اليهم كسفراء للبلدين يسهمون في تعزيز وتوطيد الترابط والتواصل بين الشعبين الشقيقين.
وتجدر الإشارة الى ان الكويت تستوعب ما نسبته 14% من إجمالي العمالة الأردنية في دول الخليج، وهناك مؤشرات على زيادة هذه النسبة، نظرا لتميز العامل الاردني وكفاءته في شتى المجالات، والتسهيلات التي تقدمها الكويت الشقيقة في هذا الإطار، حيث تحظى الجالية والعمالة الاردنية بثقة الجانب الكويتي، ويحرص ابناؤها على خدمة الكويت أسوة بحرصهم على خدمتهم وعطائهم لوطنهم، فهم يعملون بالقطاعات الصحية والتعليمية والتجارية والمؤسسات العامة، ويتميزون باحترامهم وحبهم للكويت، ويكنون لقيادتها وشعبها النبيل كل الاحترام والتقدير.
وفي غمرة الاحتفال بهذه المناسبات الوطنية الاردنية الغالية، نتوجه بالتحية والاكبار للكويت الشقيقة، ولصاحب السمو الأمير المفدى وولي عهده الامين وحكومتها وشعبها العزيز، ونبارك لها انجاز الاستحقاق الدستوري بانتخاب مجلس الأمة الثالث عشر، ونبارك لها هذا النجاح الباهر في ترسيخ الديموقراطية وتعزيز الحياة الشورية، التي ننظر إليها باعجاب، ونحن على يقين بأن الديموقراطية الكويتية اصيلة ومتجذرة، وهي ممارسة ونهج حياة في هذا البلد الطيب، تصونها وتحرص عليها قيادته الحكيمة، كما ننتهز هذه المناسبة لنتقدم بالتهنئة والتبريكات على انجازها التاريخي الذي حققته المرأة الكويتية، ووصولها الى قبة البرلمان بكفاءة واقتدار، من خلال صناديق الاقتراع، الأمر الذي جعل الديموقراطية الكويتية تكتمل بأبهى صورها. ولابد من التأكيد على ان الحياة الديموقراطية في الادرن والكويت باتت نموذجا يحتذى به، والعلاقات البرلمانية والنيابية بينهما علاقات اخوية وتاريخية، نتطلع إلى توثيقها وتعزيزها، من خلال التواصل والتشاور والتنسيق المشترك، وتفعيل الديبلوماسية البرلمانية والشعبية، بما يحقق طموحات وتطلعات قيادتي البلدين، ويعود على شعبيهما الشقيقين بالخير.
كما ننتهز هذه الايام الخالدة، لنتقدم من الكويت قيادة وحكومة وشعبا بوافر التقدير والعرفان، على كل ما يبذل من جهود تصب في تعزيز العلاقات الاخوية بين البلدين، كما نعبر عن الشكر والامتنان على ما تحظى به الجالية الأردنية المقيمة على هذه الارض الطيبة، من رعاية واهتمام من لدن صاحب السمو الأمير ومن جميع الجهات ذات الصلة.
وفي الختام نضرع للمولى عز وجل ان يحفظ اردننا الهاشمي العربي، ومليكنا المفدى، وأن يكلأه برعايته ويمده بعونه وتوفيقه في خدمة شعبنا الوفي وأمتنا العربية والإسلامية. كما ندعوه عز وجل ان يحفظ الاردن والكويت، وأن يسبغ على شعبيهما نعمة الأمن والاستقرار والخير والازدهار، تحت ظل قيادتيهما الحكيمتين.