محمد هلال الخالدي
وصف النائب د.وليد الطبطبائي انتخابات مجلس الأمة 2009 بأنها غير نزيهة وأسماها «انتخابات جابر الخالد» وزير الداخلية وذلك بسبب ما اعتبره تدخلا صارخا من الحكومة فيها من خلال استخدام المال السياسي بقوة والتغاضي عن بعض الممارسات غير القانونية واستغلال بعض وسائل الإعلام للتأثير على إرادة الناخبين لصالح بعض المرشحين، جاء ذلك خلال ندوة «قراءة في نتائج انتخابات مجلس الأمة الجديد والعلاقة المستقبلية بين السلطتين» في ديوانية الشايجي بكيفان مساء أمس الأول والتي شارك فيها د.غانم النجار والنائب صالح الملا وأدارها د. عبدالله الشايجي وبحضور السفير البريطاني مايكل آرن وتوماس روزنبرجر المسؤول السياسي في السفارة الأميركية وعدد من الأكاديميين والإعلاميين.
وأضاف الطبطبائي أن «القفزات» التي حققها بعض المرشحين في نتائجهم لم تكن طبيعية فهناك مرشحون يبذلون جهودا كبيرة خلال حملاتهم الانتخابية وبالكاد يحققون زيادة شعبيتهم بواقع 50%، فكيف يحقق بعض المرشحين زيادة 100% فهذا يعني أن الزيادة غير طبيعية وتمت «بفعل فاعل»، وأوضح أن تراجع التيارات والقوى السياسية المنظمة كان أمرا واضحا بسبب تدخل الحكومة في توجيه الرأي العام والتأثير في قرارات الناخبين، إلا أنه اعتبر أن المرشحين الإسلاميين المستقلين رغم الهجوم الذي واجهوه تمكنوا من الخروج بنتائج جيدة. كما اعتبر النائب د. وليد الطبطبائي الحكومة الجديدة بأنها نسخة كربونية عن الحكومات السابقة قائلا إن المشكلة ليست في الأسماء وإنما في النهج الذي لم يتغير، ووصف الحكومة الجديدة بأنها «غير برلمانية» ولم تتم استشارة النواب فيها ولاتزال تقوم على مبدأ المحاصصة والترضية. وفي رده على سؤال أحد الحضور بأنه يوصف كأحد نواب التأزيم، دافع الطبطبائي عن نفسه بالقول انه كان يواجه الأزمات التي تختلقها الحكومة وإذا كان هناك من يوصف بالتأزيم فهي الحكومة وليس النواب.
نتائج غير متوقعة
من جانبه قال النائب صالح الملا إن نتائج الانتخابات الأخيرة لم تكن متوقعة وتحتاج وقفة لدراستها وأولى الظواهر التي تحتاج الى دراسة هو التغيير الكبير الذي شهدته الانتخابات بالنسبة لنتائج المرأة وما حققته من مراكز متقدمة في مقابل تراجع التيارات السياسية وخاصة الإسلامية، وأضاف ان التفسير العام لما حدث ربما يرتبط بالمزاج العام للناخبين حيث سادت روح التشاؤم والإحباط في نفوس الناخبين مما دفعهم إلى إحداث هذا التغيير الكبير، فالشعب الكويتي انفجر غضبا ولذلك فهي رسالة للحكومة وبالتالي المطلوب هو إيجاد حكومة قادرة على العمل والانجاز، ووصف الحكومات المتعاقبة منذ 30 سنة بأنها حكومات «تصريف العاجل من الأمور» لم تحقق أي انجازات تذكر وليس لديها برنامج عمل بالرغم من توافر كل مقومات النجاح. وأكد الملا أنه لن يقبل بالتصويت على إقرار الميزانية التي صدرت بقانون ضرورة ولن يقبل بغير التزام الحكومة بالدستور وتقديم برنامج عملها خلال شهر، وطالب بأن يكون برنامج العمل واقعيا يلبي متطلبات الواقع ولا نريد برنامج عمل إنشائيا تتحدث فيه الحكومة عن مشاريع وهمية وغير واقعية مثل مترو الأنفاق ومدينة الحرير فنحن نعرف امكاناتنا وندرك واقعنا، فمن غير المعقول أن تقف الحكومة 30 سنة عاجزة عن الانجاز ثم فجأة تتحدث عن مشاريع ضخمة. وقال الملا: إنني متشائم لأن العقلية التي تسير بها الحكومة لم تختلف، الشعب الكويتي انقلب على معايير الاختيار التقليدية بينما الحكومة مازالت تعمل وفق المحاصصة، وأضاف أن الأسرة الحاكمة فيها كفاءات كثيرة ومع ذلك لا تعطى لهم الفرصة للمشاركة وكأن الأسرة لا يوجد فيها غير هؤلاء «الأربعة» الذين يتم توزيرهم بطريقة تشبه لعبة الكراسي. وختم الملا حديثه بالقول: نبارك لسمو الشيخ ناصر المحمد تجديد الثقة وندعوه إلى اختيار حكومة قوية قادرة على التعاون مع المجلس، إلا إذا كان الهدف أن يكفر الناس بالديموقراطية. وفي رده على سؤال د.عبدالله الشايجي هل هذا الشعور بالتشاؤم موجود عند بقية النواب قال الملا: من خلال لقاءاتي مع كثير من زملائي النواب أعتقد أن شعور التشاؤم موجود عند الغالبية بسبب استمرار نهج الحكومة، معتبرا أن ما يسمى بالتأزيم هو نتيجة الفراغ السياسي الذي أحدثته الحكومة من خلال جمودها وترددها نتيجة غياب برنامج عمل واقعي.
نظرية 3 ستات
ومن جهته طرح أستاذ العلوم السياسية د. غانم النجار ما أسماه «بنظرية الثلاث ستات» حيث ان انتخابات مجلس الأمة الـ 6 الأولى قبل الاحتلال العراقي كانت الأسوأ في تاريخ الكويت وشهدت تزويرا صارخا وانقلابا على الدستور، أما الانتخابات الـ 6 الثانية من بعد التحرير إلى انتخابات 2008 فكانت أفضل 6 انتخابات تحقق من خلالها العديد من الانجازات التاريخية الهامة مثل إلغاء قانون أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة وإقرار حقوق المرأة وفصل ولاية العهد عن مجلس الوزراء وتعديل الدوائر الانتخابية والأهم من ذلك تعيين صاحب السمو الأمير من خلال مجلس الأمة في سابقة كبيرة على مستوى الحكم في المنطقة. وأضاف بأن انتخابات مجلس 2009 هي بداية لمرحلة الـ 6 الثالثة ولا ندري إذا كانت ستستمر في تطوير الأدوات والآليات الدستورية أم ستعود وتنتكس، وقال إن الحديث عن التفاؤل أو التشاؤم لابد أن يوضع في هذا السياق التاريخي لتطور الممارسة الديموقراطية. وتحدث د.النجار عن نتائج الانتخابات الأخيرة، معتبرا ان كل انتخابات لها ظروفها ومزاجها الخاص ولكن الغريب في هذه الانتخابات التغير الكبير الذي حدث في مزاج الناخبين خلال 10 أشهر، وأشار إلى أن نظام الانتخاب وفقا للدوائر الخمس بحيث يختار الناخب أربعة مرشحين أمر جديد على كثير من الناخبين واعتبر الصوتين الثالث والرابع أهم من الصوتين الأول والثاني وقال إن خسارة التيارات والقوى الإسلامية جاءت نتيجة خسارتهم للصوتين الثالث والرابع. كما انتقد النجار غياب نتائج انتخابات 2008 والانتخابات الأخيرة حتى الآن، معتبرا ذلك أمرا خطيرا والأخطر منه سكون أعضاء مجلس الأمة وعدم مطالبتهم بنشرها خاصة أن انتخابات 2008 شهدت طعونا كثيرة وأحكاما من المحكمة الدستورية ببطلان بعض النتائج. وطالب بإنشاء مجلس أعلى للانتخابات تكون له الاستقلالية عن السلطة التنفيذية معتبرا أن هذه المهمة يجب أن تكون من أولويات مجلس الأمة الحالي إذ لا يجوز أن تستمر السلطة التنفيذية في الإشراف على عملية الانتخابات. كما اعترض النجار على استخدام مصطلح «تأزيم» ضد الاستجوابات قائلا إن الاستجواب أداة دستورية هامة وصفها بالتأزيم هدفه القضاء على مجلس الأمة والتسويق لفكرة أن الحكومة أفضل.