- تشكيل فريق من المختصين للتواصل مع مزودي خدمة الإنترنت للتوصل لاتفاق حول حجب المواقع التي تروج لها
- إعداد تشريع خاص للمخدرات الرقمية يكون جاهزاً للتطبيق في حال ثبت علمياً أنها تسبب الإدمان وتضافر جهود مختلف الوزارات لمواجهة الظاهرة
- الخالدي: «الإعلام» تقوم بدورها التوعوي على أكمل وجه من خلال خلق حالة رفض للظواهر السلبية في مجتمعنا بكل الأدوات المتاحة
- المجتمع الخليجي بصفة عامة مستهدف لاتساع رقعة الشباب فيه فضلاً عن الوفرة المالية والاستخدام المتنامي للأجهزة الذكية
- الحنيان: الذين طوّروا الملفات الصوتية في الغالب مدمنو مخدرات يعرفون تأثير كل مخدر تخليقي على المخ وحاولوا الوصول لنتائج قريبة أو مشابهة
- التوعية الدينية لم تعد تؤثر كثيراً في نفوس الشباب نظراً لبعد الخطاب الديني التوعوي عن القضايا المعاصرة
- البارون: الإنسان مولّف على ضربات قلبه ولذلك نجده يتأثر بالموجات الصوتية الداخلية أو في محيطه الخارجي
- الشمالي: أكثر من 200 مليون مدمن على المخدرات الرقمية في العالم ويجب أن نأخذ الظاهرة على محمل الجد
- ضرورة تعديل النصوص القانونية لتجاري التغيرات والمستجدات في مجتمعاتنا
- القانون عاجز عن مواجهة المخدرات الرقمية أو محاكمة متعاطيها أو مروجها
- الناجم: المخدرات الرقمية مصطلح تسويقي استخدمه أحد المواقع لتقنية علاجية قديمة منذ عام 1839
- لا يوجد دليل أو تعريف علمي معتمد لهذه الظاهرة أو ورقة بحثية واحدة تؤكد أن ما يسمى بـ«المخدرات الرقمية» يسبب الإدمان
أدار الندوة وأعدها للنشر: أسامة دياب
ما بين إنكار جهـات حكوميـة فـي عـدد من الـدول العربيـة واستخفـاف بعض المحافل بالظاهرة باتت المخدرات الرقمية خطرا داهما يهدد شبابنا وهاجسا يؤرق الأسرة العربية.
المخـدرات الرقمية لا تثير شكوك أو حفيظة الرقابة الأسرية، فهي للأسف تعاط من نوع جديد بعيد عن أعين واهتمام ورقابة ومكافحة السلطـات الأمنيـة، وفـي نظـرهـم جريمـة لا يعـاقب عليهـا القـانـون، إلا أن الحقيقـة أنهـا أضحـت منافسـا شـرسـا للمخـدرات التخليقية.
«الأنباء» استضـافت الأكـاديميين والمتخصصـين ورجاـل القـانون لمناقشـة الظـاهـرة الجـديدة حـيث أجمعـوا علـى أن المخـدرات الـرقمية مصطلح تسويقي استخـدمه أحد المواقع لتقنية عـلاجية قـديمة مـنذ عـام 1839، مشيرين إلـى وجـود أكثر من 200 مليون مدمن على المخدرات الرقمية في العالم، لافـتين إلى أن مافيـا المخـدرات هـم من يقفـون وراء انتشـار المخـدرات الـرقميـة لـتوسيع نطـاق تجـارتهـم، داعين إلى أن نـأخـذ الظـاهرة علـى محمـل الجـد وأن نخـرج من عبـاءة ردود الأفعاـل إلـى آفـاق الحمـايـة والإجـراءات الـوقاية..
فإلى التفاصيل:
في البداية، أكد أستاذ علم اللغة الحاسوبي والمعالجة الحاسوبية للغة الطبيعية بجامعة الكويت ومستشار الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات د. صلاح الناجم أن المخدرات الرقمية digital drugs- -هي عبارة عن ملفات صوتية mp3 مخزنة بصيغة تشغيل خاصة طورته أحد المواقع التجارية باستخدام تقنية مفتوحة المصدر gpl- open source - وتسوقها تحت اسم «المخدرات الرقمية»، لافتا إلى أن كل ملف صوتي يتراوح طوله بين 30 و40 دقيقة ويمكن تحميل هذه الملفات وتشغيلها من خلال تطبيق خاص لأنظمة تشغيل «ios - android» للاستماع لهذه الملفات عن طريق أجهزة الهاتف الذكية والأجهزة اللوحية، كما يمكن الاستماع إليها عن طريق أجهزة الحاسوب العادية.
تقنية قديمة في ثياب جديدة
وأشار الناجم إلى أن هذه الملفات الصوتية - كما يقول مصمموها - تستطيع محاكاة simulate- - حالات إدراكية معينة -altered state of consciousness - مرتبطة بموجات الدماغ المعروفة باسم موجات ألفا وبيتا وثيتا ودلتا عن طريق استخدام ما يعرف بالنغمات أو الدقات السمعية الثنائية -binaural beats-، موضحا أن هينريك دوف هو من اكتشف تأثير النغمات السمعية الثنائية في العام 1839 واكتسبت هذه النغمات شهرة واسعة في نهاية القرن العشرين حيث استخدمت النغمات الثنائية في الأبحاث المتعلقة بالسمع ومراحل دورات النوم ولمعالجة القلق وتحفيز الوصول إلى مراحل معينة من مراحل الموجات الدماغية (مثل مرحلة موجات الفا وثيتا ودلتا)، كما استخدمت في الطب البديل لمساعدة المستمع لها على تحقيق الاسترخاء والتأمل meditation، وفي مجال العلاج بالأصوات وهو ما يعرف بمصطلح solfeggio frequency therapy.
ولفت الناجم إلى أن هذه النغمات الثنائية تبث بشكل يعتمد على تباين ترددات النغمات المسموعة من أذن لأخرى وعندما تسمع أصوات هذه النغمات دون سماعات أذن يشعر المستمع بأنها نغمة واحدة مع شيء من التذبذب فيها، ولكن عندما تسمع عن طريق كلتا الأذنين باستخدام سماعة أذنين headphone، فإن النغمتين ستكونان منفصلتين وسيستمع لترددات نغمة كل أذن بشكل واضح مختلف عن الأذن الأخرى، ولو استمر في الاستماع عن طريق سماعة أذن لفترة من الزمن، فإن الدماغ سيلجأ على الفور إلى التدخل لمعالجة هذا الاختلاف البسيط في ترددات موجات كل نغمة عن طريق عملية محاكاة تعرف بالتناغم synchronization حيث تتناغم موجات الدماغ مع ترددات النغمات السمعية الثنائية باستخدام عملية تعرف علميا بعملية الاستجابة بتتبع الترددات frequency following response.
وبين الناجم أنه وفقا لخبراء الطب البديل الذين يستخدمون العلاج بالنغمات الثنائية، فإنه عندما يتم الاستماع إلى نغمتين تختلفان في تردد الموجة ويكون الاختلاف في ترددهما في نطاق مستوى هيرتز معين (تقاس ترددات الموجات الصوتية بوحدة هيرتز «hz»)، يمكن أن يتحقق للمستمع نوعا من التغير في المزاج أو الطاقة، مشيرا إلى أنه وفقا لهؤلاء الخبراء أيضا، فإنه خلال جلسات التأمل meditation التي يستمع خلالها المستمع إلى النغمات السمعية الثنائية يمكن له أن يشعر باسترخاء شديد عندما يستمع إلى نغمة تبث بتردد 140hz في أذن و145hz في الأذن الأخرى.
في هذه الحالة سيحاول دماغ هذا المستمع أن يستقبل الاختلاف بين تردد النغمتين (5hz) ويناغم «يعير» موجات الدماغ على أساس هذا الاختلاف ليشعر المستمع بالاسترخاء الشديد وهو الشعور المرتبط بموجات ثيتا الدماغية. واستنادا إلى نفس الخبراء، أما إذا ما أراد المستمع أن يشعر بنشاط وزيادة في الطاقة فيمكنه خلال جلسة تأمل الاستماع إلى نغمة تبث بتردد 130hz في أذن و150 hz في الأذن الأخرى، هنا سيحاول دماغ هذا المستمع أن يستقبل الاختلاف بين تردد النغمتين (20hz) ويناغم موجات الدماغ على أساس هذا الاختلاف ليحصل المستمع على شعور بالنشاط والطاقة وهو الشعور المرتبط بموجات بيتا الدماغية.
وأوضح الناجم أن مطوري الموقع الذي يستخدم هذه التقنية ويسوقها تحت اسم المخدرات الرقمية يؤكدون أن تقنية النغمات الثنائية التي يستخدمها الموقع يمكن أن تؤثر على طريقة عمل الدماغ وهو ما يتسبب في ظهور آثار متعددة على المستمع منها أن يقوم الدماغ بإرسال إشارات إلى الجسم لإفراز مواد كيميائية معينة مثل السيروتونين والإندورفين وهي مواد تؤثر في الجسم والعقل بطريقة تشبه تأثير المخدرات الفعلية أو العقاقير المضادة للاكتئاب anti-depressants، ولكن إلى الآن لا يوجد دليل علمي يثبت هذا القول، كاشفا أن أحد المواقع الذي يروج لهذه الملفات الصوتية يضع إعلانات لمخدرات تقليدية أي أنها مجرد خطوة على طريق الإدمان للمخدرات الكيميائية والتخليقية.
غياب البحث العلمي
وبين الناجم أنه لا يوجد دليل أو تعريف علمي معتمد لهذه الظاهرة أو ورقة بحثية واحدة تؤكد أن ما يسمى بالمخدرات الرقمية تسبب الإدمان، كما لم يتم نشر اي معلومات علمية موثقة من اي سلطات رقابية في العالم عنها، داعيا إلى ضرورة أن يتدخل أهل الاختصاص ليحسم البحث العلمي مخاطر هذه الظاهرة وأضرارها العضوية والنفسية بشكل قاطع.
ولفت الناجم إلى حادثة وقعت في مدرسة في اوكلاهوما من جراء المخدرات الرقمية في عام 2011 وقد تناولها بالتعليق حد المتخصصين الذي أكد على صعوبة الجزم بكونها مخدرات نظرا لغياب البحث العلمي حول هذه الظاهرة، إلا أنه من الضروري أن تكون لدينا خطة استراتيجية استباقية لتحليل هذه الملفات ورصد تأثيراتها ودراسة مدى خطورتها وليتسنى للجهات الرقابية التدخل بالتشريعات والقوانين لمكافحتها، فضلا عن اتخاذ الإجراءات الملائمة لحماية شبابنا.
مصطلح تجاري
ومن جهته، أكد استاذ انظمة المعلومات ونائب رئيس رابطة أعضاء هيئة التدريس للكليات التطبيقية د. أحمد الحنيان أنه لا يوجد علميا ما يعرف بالمخدرات الرقمية وأنه لا يعدو كونه مصطلحا تجاريا استخدمه مروجوه لترغيب واستقطاب الشباب لاستخدامها، موضحا أن الفنيين الذين عملوا على خلق هذ الملفات الصوتية توصلوا لها عن طريق المحاولة والخطأ «trial and error» ليراقبوا تأثيرات كل ملف وفي الغالب هم مدمنو مخدرات وبالتالي عرفوا تأثير كل مخدر تخليقي على المخ وحاولوا الوصول لنتائج قريبة أو مشابهة، موضحا أن انتاج مثل هذه الملفات كان يواجه بصعوبة بالغة في الفترة بين 1839 و1970 إلا أن العملية الآن أصبحت في غاية السهولة باستخدام الكمبيوترات الحديثة وهي تقوم على تباين الترددات بين أذن وأخرى ما يؤدي إلى حالة إدراكية أخرى، إما نوم أو نصف نعاس أو نشاط وحركة وكلما زادت درجة التباين في الترددات بين الأذنين تغيرت الحالة وكان التأثير أشد.
ولفت الحنيان إلى أن الحكم على أن مثل هذه الملفات الصوتية تسبب الإدمان يحتاج إلى متخصصين لإثبات ذلك خصوصا انها لا تحتوي على مواد كيميائية، إلا أن ما يجب دراسته فعليا هو تأثير زيادة التباين في الترددات بين الأذنين وأثره على المخ واستجابته بإفراز هرمونات معينة مثلا وما مدى تأثير إفراز كميات كبيرة منها وما المخاطر المحتملة، كما أن هناك ظاهرة تدعو للريبة وهي أن الملفات الصوتية تحمل أسماء المخدرات التقليدية وهذا ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر والانتباه إلى المكيدة التي تحاك لشبابنا وأن نسعى جاهدين لإنقاذهم بسلاح التوعية وبكل الادوات المتاحة لأجهزة الدولة قبل فوات الأوان.
استهداف الشباب
من جهتها أكدت المحامية سعاد الشمالي أن ما اصطلح على تسميته بالمخدرات الرقمية يستهدف فئة الشباب والمراهقين في المقام الأول، مشددة على أن خطورة هذه الملفات الصوتية ليست في اسمها، ولكن في تأثيرها والذي يعتبر نفس تأثير المخدرات الكيميائية من حيث الاسترخاء والنشوة الزائفة كما أنها من الممكن أن تصل بمتعاطيها إلى مرحلة التشنجات وسرعة نبضات القلب ومشكلات التنفس، إلا أن ما يستدعي القلق وأخذ هذه القضية محمل الجد هو أنها تجعل من متعاطيها فريسة سهلة ومشروع مدمن للمخدرات الكيميائية في المستقبل.
وأوضحت الشمالي أن الطامة الكبرى تكمن في سهولة الحصول على هذه الملفات، حيث يتم تداولها عبر مواقع الانترنت بأسعار متفاوتة من 3 إلى 30 دولارا على حسب الجرعة، مدتها والاحساس الذي يريد الوصول إليه المتعاطي، بل ومن الممكن أن تصمم له موجات صوتية وذبذبات خاصة به، مشددة على ضرورة أن نتعامل مع هذه الملفات الصوتية على أنها نوع من المخدرات بكل حزم وشدة لنقي شبابنا من الوقوع في شرك الإدمان، موضحة أن هذه الظاهرة أخذت في الانتشار في مختلف دول العالم منذ عام 2010 حتى بلغت أعداد المدمنين على المخدرات الرقمية 200 مليون شخص في العالم الآن، موضحة أن من يروج لها هم مافيا المخدرات التخليقة لتوسيع نطاق تجارتهم عن طريق استقطاب زبائن جدد من المراهقين والشباب لتكون المخدرات الرقمية خطوة مهمة نحو إدمان المخدرات الكيميائية، موضحة أننا يجب أن نخرج من عباءة ردود الأفعال إلى الحماية والوقاية، فلا يجب أن ننتظر حتى تظهر الحالات في مجتمعنا لنتحرك بل يجب أن نبادر بأساليب الوقاية والتوعية من المخاطر من الآن.
القانون والمخدرات الرقمية
وبخصوص الوضع القانوني لمدمن المخدرات الرقمية ونظرة القانون له وكيف يمكن أن تكون محاكمته في حال ضبط متلبسا، أوضحت المحامية سعاد الشمالي أنه بسبب غياب توصيف علمي محدد يحدد ماهية المخدرات الرقمية فإنه لا يمكننا تطبيق احكام القانون رقم 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، بالإضافة إلى وجود قاعدتين اساسيتين الأولى وردت المادة 32 من الدستور والتي تنص على أنه «لا جريمة ولا عقوبة بدون نص» والثانية وردت في قانون الجزاء الكويتي ونصت على أنه «لا يجوز التوسع في تفسير النص الجزائي» طالما أننا ليس لدينا بحث علمي يثبت أنها مخدر، لافتة إلى أن النصين القانونيين هما من يحتكم إليهما قاضي الجزاء.
وأشارت الشمالي إلى تعامل القانون مع المخدرات يكون من خلال اساسين قانونين التعاطي والاتجار وكليهما يعتبران جناية في نظر قانون الجزاء الكويتي، لافتة إلى أن أدوات اثبات جريمة تعاطي المخدرات تكون إما بالإقرار أو بالتحليل المخبري يكشف وجود المخدر في جسم المتعاطي أو عبر المضبوطات التي ضبطت بحوزته.
عجز القانون عن مواجهة المخدرات الرقمية
ولفتت الشمالي إلى عجز القانون عن مواجهة المخدرات الرقمية أو محاكمة متعاطيها أو مروجها، لأن تعاطي المخدرات عادة ما يكون عن طريق دخول تلك المواد إلى الجسم إما عن طريق الفم أو الأنف أو الإبر ولكننا اليوم أمام نوع جديد من المخدرات التي تؤثر سلبا على الجسم وتعرضه لمخاطر جمة قد تصل إلى الوفاة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف سيحاكم القاضي متعاطي المخدرات الرقمية في ظل القاعدة القانونية التي تنص على أنه لا يجوز التوسع في تفسير النص الجزائي؟، داعية إلى ضرورة تعديل النصوص القانونية لتجاري التغيرات والمستجدات في مجتمعاتنا وخصوصا أن هناك عددا من النصوص أكثر أهمية من هذا الموضوع لم تعدل حتى وقتنا هذا، ولذلك فإنه وباختصار شديد وإذا وحدث أنه تم توقيف مجموعة من الشباب تتعاطي المخدرات الرقمية دون سواها من المخدرات الكيميائية، فلا يمكن لأحد أن يثبت عليهم هذا الجرم.
الانتقال من حالة إدراكية لأخرى
بدوره أكد أستاذ علم النفس بجامعة الكويت د.خضر بارون أن تأثر الإنسان بالموجات السمعية قديم جدا وقد تكون أقدم مما نتصور، فالإنسان مولف على ضربات قلبه ولذلك نجده يتأثر بالموجات الصوتية بداخله أو في محيطه الخارجي، مشيرا لعدد من الظواهر القديمة والبدائية التي كان يستمع فيها الإنسان لدقات معينة ويتفاعل معها وتخرجه من حالة ادراكية لأخرى مثل رقص المطر عند الأفارقة ودقات الزار في الدول العربية وكذلك رقصة الليوا الشعبية.
وأشار بارون إلى أن الموجات السمعية التي يتعرض لها الإنسان تحت ظروف معينة تنقله من حالة إدراكية لأخرى وتبث في نفسه حالة من الاسترخاء أو الرغبة في النعاس أو الهدوء النفسي والنشاط المفرط على حسب الجرعة التي تعرض لها وبالتالي يكون مكمن الخطورة في أنه قد يعجب بالحالة التي وصل اليها ويدمن عليها، مشددا على أننا يجب ألا نغفل الـ placebo effect- الإيحاء الذي يعزز من الحالة المرغوبة في نفس المتعاطي دون وجود مادة فعالة مؤثرة ولكن الاعراض التي يشعر بها ما هي إلا محصلة عوامل نفسية مثل الإيحاء والتوقع، ولذلك يلجأ المروجون لهذه الملفات إلى نشر معلومات مغلوطة أنها تحفز النشاط الجنسي وغيرها من الحالات والخدر والهذيان والاسترخاء التي تجد قبولا في اوساط الشباب هو محض وهم، لأن التأثير يبدو أكثر شدة أو اكثر وضوحا من خلال مدى توقع المتعاطي له، بالإضافة إلى أن النغمات الثنائية قد تقود الدماغ إلى أن يرسل رسائل للجسم لإفراز هرمونات معينة مثل الأندروفين بكميات معينة فيشعر المتعاطي بنتائج شبيهة لأثر المخدرات والمنشطات التقليدية.
التأثيرات النفسية السلبية للمخدرات الرقمية
وبخصوص التأثيرات النفسية السلبية للمخدرات الرقمية وما يجذب الشباب إليها أوضح د. خضر بارون أن هذه الملفات الصوتية تخاطب المخ وتتباين نتائج استجابته لها ما بين الاسترخاء أو النشاط المفرط أو الهياج، مشيرا إلى أن لمثل هذه النغمات تأثيرا سلبيا على الحالة النفسية والأعصاب والمزاج العام وقد تحول المتعاطي إلى شخص عدواني يميل إلى العنف داخل اسرته وخارجه وذلك حسب مدة تعرضه لمثل هذه الذبذبات وشدتها وعلى حسب ما يتوقعه منها وتزداد شدة تأثيراتها بقوة الإيحاء كما أسلفنا قبل قليل.
ولفت بارون إلى ضرورة أن تقوم الأسرة بدورها تجاه أبنائها وأن تتابع وتحمي أبناءها وتنقذهم من آفاق العزلة الإليكترونية ونمط حياة الأبواب المغلقة الذي يجعلهم فريسة سهلة لكل الظواهر السلبية والغريبة، موضحا أن عودة الحوار داخل الأسرة سيخلق سياجا من الحماية حول الأبناء قوامه الثقة المتبادلة مما سيجعل الأبناء لا يترددون في طلب الاستشارة والتوجيه قبل الإقدام على خوض غمار أي تجربة قد تكون غير محسوبة أو مدمرة.
دور وزارة الإعلام
بدوره، أكد ممثل وزارة الإعلام ورئيس فريق عمل برنامج «مساء الخير يا كويت» حمود الخالدي أن إدارة الرصد في وزارة الإعلام رصدت عددا من المعلومات الخطيرة عن موضوع المخدرات الرقمية والتي تبعث القلق ولذلك فإن الوزارة تتعامل مع هذه الظاهرة من منطلق دورها التوعوي والوقائي المكمل لكل جهات الدولة المعنية من خلال توعية الشباب بالمخاطر المحتملة وبث الصور المريعة للمدمنين عن طريق حملات توعوية، مشيرا إلى أنها ترحب بالمشاركة المجتمعية والتعاون مع مختلف المؤسسات الحكومية والأهلية في هذا الصدد.
وأشار إلى إمكانية أن تقوم وزارتا الشباب والإعلام بحملات إعلامية كبيرة تصل للشباب في أماكن تجمعهم وتكون أدواتها افلاما ومشاهد تمثيلية قصيرة ولوحات إعلانية ورسائل قصيرة لخلق حالة من الوعي بين أوساط الشباب ضد مختلف الظواهر السلبية التي يتعرض لها المجتمع، لافتا إلى نجاح الوزارة ورصيدها في حملات إعلامية مشابهة كان لها الأثر التوجيهي والإرشادي وأثمرت نتائج ممتازة، مشددا على أن وزير الإعلام لا يألو جهدا في دعم أي مشروع وطني يعود بالنفع على الكويت وأهلها، موضحا ضرورة أن تصل مثل هذه الحملات إلى طلاب المدارس لأنهم هم الشريحة الكبرى من الفئة المستهدفة.
وكشف الخالدي ان المجتمع الخليجي بصفة عامة مستهدف وخصوصا المجتمعين الكويتي والسعودي وذلك لاتساع رقعة الشباب فيهما، فضلا عن الوفرة المالية والاستخدام المتنامي للأجهزة الذكية فيهما وتقبل الشباب للصرعات الجديدة وحب الاستطلاع لتجربتها، موضحا أن خطورة المخدرات الرقمية تكمن فيما سيأتي بعدها حيث تفتح الباب لإدمان المخدرات التقليدية.
وبخصوص الدور الرقابي للوزارة وإمكانية ان تقوم بحجب المواقع التي تروج للمخدرات الرقمية، أوضح الخالدي أن الكويت بلد حر يدعم الديموقراطية وحرية التعبير ووزارة الإعلام لا تملك الحق في حجب مثل هذه المواقع ولا أي دولة في العالم تستطيع ولكننا نستطيع أن نقوم بدورنا التوعوي على أكمل وجه وخلق حالة رفض مجتمعي للظواهر السلبية بكل الأدوات المتاحة.
ولفت الخالدي إلى حل قانوني متاح يمكننا من حجب هذه المواقع عن طريق تشكيل لجنة من المتخصصين مع مزودي خدمة «الانترنت» ويتم الاتفاق فيما بينهم على حجب مثل هذه المواقع أو غيرها التي تؤثر سلبا على شبابنا، وبالتالي نكون حققنا الهدف المنشود بحجب المواقع لحماية شبابنا ورفعنا الحرج عن وزارة الإعلام.
التوصيات
٭ تشكيل فريق من المختصين للتواصل مع مزودي خدمة الانترنت للتوصل لاتفاق حول حجب المواقع التي تروج للمخدرات الرقمية.
٭ ضرورة نشر الوعي التقني من سن مبكرة في المدارس بمختلف مراحلها.
٭ إطلاق حملات إعلامية فعالة ومؤثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للوصول للشريحة العريضة من الشباب كفئة مستهدفة باستخدام التسويق الإلكتروني.
٭ الاستفادة من «المشروع الوطني للتوعية بتكنولوجيا المعلومات» التابع للجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات للتوعية من مخاطر الاستخدام السيئ للتكنولوجيا.
٭ تفعيل استخدام أدوات تحليل الشبكات الاجتماعية كأحد اساليب وقاية وحماية الشباب من الظواهر الغريبة.
٭ تضافر جهود مختلف الوزارات المعنية من إعلام وأوقاف وداخلية وتنسيق العمل فيما بينها بخصوص مواجهة المخدرات الرقمية.
٭ إعداد تشريع خاص للمخدرات الرقمية يكون جاهزا للتطبيق في حال ثبت علميا أنها تسبب الإدمان.
٭ محاربة وقت الفراغ بتفعيل البرامج والأنشطة الشبابية في النوادي ومراكز الشباب.
إمكانية منع وحجب المواقع المروجة لمثل هذا النوع من الملفات
في مجمل التعليقات على محور دور الإعلام في مكافحة الظاهرة أكد د.أحمد الحنيان أن المنع أو الحجب لبعض المواقع التي تروج لهذا النوع من الملفات على أنها مخدرات بأسماء صريحة ضرورة وحاجة ماسة وخصوصا أنها تجاهر صراحة بنيتها في تدمير شبابنا.
أما د.خضر بارون فأكد أن المنع أو الحجب ليس حلا لأننا نعيش في عالم لا يسمح بالرقابة وما سيتم منعه في الكويت سيتم التحايل عليه وتنزيله بوسائل أخرى متعارف عليها في اوساط الشباب ولذلك البناء والتوعية أهم من المنع.
من جهتها، أكدت سعاد الشمالي على ضرورة أن يتابع جهاز مكافحة الجرائم الإلكترونية مثل هذه المواقع وأن يحجب كل موقع يروج للمخدرات الرقمية أو يبيعها.
أما د. صلاح الناجم فشدد على أهمية التوعية الإعلامية التي اعتبرها محورية في محاربة الظواهر السلبية، لافتا إلى مشروع في الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات منذ 4 سنوات تحت عنوان «المشروع الوطني للتوعية بتكنولوجيا المعلومات» والذي يقوم على توعية الناس بالاستخدام الأمثل للتكنولوجيا المعلومات نشر هذه الثقافة في المجتمع عن طريق رسائل وإعلانات في أماكن تجمع الشباب في مواقع التواصل الاجتماعي، موضحا أنه على وسائل الإعلام أن تحاكي الشباب باللغة الإعلامية التي يفهمونها بعيدا عن الأساليب القديمة.
وأوضح الناجم أن أدوات تحليل الشبكات الاجتماعية بات من الضروري استخدامها لاستطلاع اتجاهات الرأي العام واهتمامات الناس وما يشغل بالهم والقضايا التي قد تشكل خطورة لنستبق الأحداث بخطوات وقائية تخرجنا من عباءة ردود الأفعال.
الرقابة الأسرية فريضة غائبة
دعا ممثل وزارة الإعلام ورئيس فريق عمل برنامج «مساء الخير يا كويت» حمود الخالدي إلى ضرورة التركيز في الحملات الإعلامية على فئة أولياء الأمور وتوعيتهم بضرورة العناية بأولادهم وحمايتهم من المخاطر المحدقة بهم، لافتا إلى أن دور الأسرة يأتي قبل دور المؤسسات ولذلك يجب على الأسرة أن تقوم بدورها في الرقابة وأن توضح للأبناء أن الرقابة لا تعني التجسس ولكنها شكل مقبول من الحماية الأسرية.
أما د.أحمد الحنيان فأكد أن التوعية الدينية لم تعد تؤثر كثيرا في نفوس الشباب نظرا لبعد الخطاب الديني التوعوي عن القضايا المعاصرة للشباب، موضحا أن الصراحة والمكاشفة مع الأبناء من خلال حوار بناء هي اهم أساليب التوعية والحماية، رافضا أن تكون الرقابة على الأبناء انتهاكا لخصوصيتهم، مشددا على أن الرقابة وسيلة ضرورية حيث يشعر الشاب او الطفل بأن تليفونه وجهاز كمبيوتره اللوحي أو اللابتوب تحت رقابة والديه ولذلك سيفكر مليا قبل أن يقوم باي فعل أو سلوك غير مقبول.
ودعا الحنيان وسائل الإعلام الى أن تفكر خارج الصندوق بوسائل غير تقليدية تحاكي نمط حياة الشباب وتكون ذات تأثير في أوساطهم من خلال أدوات مبتكرة تستفز تفكيرهم وتلفت نظرهم لمخاطر الظواهر السلبية، مشددا على أن الخطاب الإعلامي القديم والذي يعتمد على الخطابة قد ولى زمنه.
ومن جهته لفت د.صلاح الناجم إلى عدد من الأدوات التقنية التي تمكن أولياء الأمور من تحقيق الرقابة الأسرية المنشودة وتساعدهم على حماية أولادهم من خلال استخدام الرقابة الأسرية الموجودة في أنظمة ويندوز ليتحكم في المواقع التي يسمح للطفل بدخولها، فضلا عن أنه من الممكن أن يحصل على سجل كامل بالمواقع التي يدخل عليها ابنه، مشيرا إلى أنه من الممكن أن ينزل نفس التطبيق على أجهزة التليفونات الذكية، فضلا عن وسائل المراقبة والتي هي عبارة عن برامج تقوم بمراقبة المكالمات والمواقع والمحادثات ولكن يجب أن تكون بعلم الطفل أو الشاب حتى لا يكون في الموضوع شبهة انتهاك للخصوصية وتجسس.
أما د.خضر البارون فأكد على ضرورة أن يتعرف الوالدان على نفسية طفلهما واختيار الاسلوب الأمثل في التعامل معه خصوصا أن هناك بعض الأولاد يقبلون الرقابة وتجدي معهم نفعا في حين يرفضها آخرون ويتمردون عليها وبالتالي فهم يحتاجون إلى اسلوب آخر بديل، موضحا ان بناء جسور الصداقة في إطار من الود والاحترام المتبادل كأهم عناصر لغة الحوار هو من أهم سبل الحماية والوقاية، لافتا إلى ضرورة أن يشجع الآباء والأمهات السلوك الجماعي وعدم تركهم فريسة للعزلة داخل الأبواب المغلقة.
وبدورها أكدت المحامية سعاد الشمالي أن الأسرة والمدرسة هما حجرا الزاوية في محاربة المخدرات الرقمية، موضحة أننا بحاجة إلى مراجعة مناهج وزارة التربية حيث تعتبر الطامة الكبرى والسبب الرئيسي في خلق جيل غير سوي عنيف لا يقبل الآخر ويدمن على المخدرات.
إدمان بعيد عن أعين الرقابة الأسرية أو الأمنية
الملفات الصوتية الخاصة بالمخدرات الإلكترونية متوافرة عبر عدة مواقع على الانترنت بصيغ تشغيلية مختلفة تلائم بدءا من تطبيقات الهواتف الذكية المحمولة وحتى البرامج التي تناسب الويندوز والماك، المواقع توفر للمتعاطي دليل مستخدم يشرح له خطوة بخطوة الإجراءات التي يجب أن يقوم بها حتى يحقق الفاعلية المطلوبة وكشفت دراسة أجراها الموقع أن أكثر من 80% ممن جربوا المخدرات الرقمية وفق إرشادات الدليل حققوا الهدف المنشود منها.
وتتوافر المخدرات على الموقع بأسعار متفاوتة من 3 إلى 30 دولارا، أما الجرعات فهي حسب الشعور الذي يود المتعاطي الحصول عليه، ويقدم الموقع عينات مجانية يمكن الاستماع إليها وبعدها يطلب المتعاطون الجرعة الكاملة، إلا أن الغريب أن الموقع يقدم خدمة فريدة حيث انه في حال لم تنل مكتبة المخدرات المعروضة للبيع استحسان المتعاطي أو لم يجد فيها ضالته، فيمكن للموقع المساعدة بتصميم الجرعة المطلوبة على حسب درجة الشعور المرغوب فيه في مقابل 100 دولار.
كل ما يحتاجه متعاطي المخدرات الرقمية هو أن ينزل الملف الصوتي المرغوب ويتمدد على سرير في غرفة مظلمة ويضع سماعة أذن خاصة وعصابة على عينيه ومن ثم تبدأ عملية التعاطي وبمجرد أن يبدأ الاستماع للملف المطلوب.