تفضل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بافتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الـ 13 لمجلس الأمة. واستهل سموه الجلسة بالنطق السامي ايذانا ببدء دور الانعقاد الجديد. وجاء في النطق السامي:
بعون من رب العالمين وعلى هدي كتابه المبين نسأله تعالى ان يؤلف بين قلوبنا ويهدينا سبحانه وتعالى جميعا لما يحبه ويرضاه ويؤيد بعونه مساعينا ومقاصدنا لخير بلدنا ونحن على ابواب مرحلة جديدة واعدة بإذن الله مفتتحين دور الانعقاد الاول من الفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الامة.
أصدق التهاني
ويسرني في هذه المناسبة الطيبة ان اتوجه اليكم بأصدق التهاني لفوزكم بالانتخابات النيابية ونيل ثقة المواطنين بكم، كما يسرني ان اتقدم بتهنئة خاصة للمرأة الكويتية على هذه النقلة الحضارية بتبوئها وللمرة الاولى في تاريخ الكويت مقعدا مستحقا تحت قبة البرلمان، وانه لمن دواعي الغبطة والاعتزاز ان اتقدم من الشعب الكويتي الأبي الغيور بخالص التقدير على ممارسة دوره الوطني في اختيار ممثليه في مجلس الامة في اطار ديموقراطي عامر باجواء الحرية والحيدة والنزاهة التي كانت بتميزها موضع اعجاب وثناء الجميع.
حديث القلب والأب
لطالما توجهت مخاطبا الجميع بحديث القلب والأب والمسؤول عن مستقبل وطن وشعب ولطالما نبهت ونصحت ودعوت الى التمسك بوحدتنا الوطنية، بثوابتنا الراسخة، بقيمنا ومواريثنا الاصيلة، بخصوصيتنا الديموقراطية ورسالتنا في بناء القانون والمؤسسات ونحن الذين اقسمنا على حمل هذه الامانة امام الله والشعب والتاريخ.
فخر وشرف
واذا كانت ثقة الشعب بكم موضع فخر وشرف واعتزاز فهي ايضا التزام وطني ومسؤولية كبرى وامانة غالية فان الحفاظ على امن البلاد واستقرارها امانة، وصيانة وحدتنا الوطنية امانة، واحترام القانون امانة والاخلاص في العمل امانة، وتنمية اقتصادنا امانة، وعلينا جميعا ان نتعاون لحفظ هذه الامانات وان نحسن اداءها.
مرحلة دقيقة
وانه في هذه المرحلة الدقيقة لم يعد هناك متسع للمزيد من الحديث فما سبق طرحه كاف وواضح ولا حاجة لتكراره وتأكيده مرة اخرى كما لم يعد هناك وقت لغير العمل والعمل الجاد الدؤوب حيث لن يكون مجديا ولا ممكنا السماح بالمزيد من التراجع واستمرار مشاعر القلق والاحباط لدى الجميع.
واعلموا أن ما تعتبره المجتمعات الاخرى من قبيل المسائل المعتادة نجد من يتطوع بكل أسف الى تضخيمها وتحويلها الى أزمات ينهمك الجميع في فصول تداعياتها منشغلين عما يهم الوطن والمواطنين.
أمل وتفاؤل
انها دعوة بكل مشاعر الأمل والتفاؤل والثقة المستحقة الى تجاوز هذه المرحلة بكل تبعاتها وآثارها وفتح صفحة جديدة عنوانها بناء الوطن نتفرغ فيها جميعا الى العمل البناء للنهوض ببلدنا كل من موقعه والارتقاء به الى المكانة التي يستحقها ونحن بإذن الله وبعونه قادرون.
فمن هذا المكان وبأيديكم تنطلق شرارة العمل الجاد لدفع مسيرة البناء والتنمية وتحقيق الآمال والطموحات التي يعلقها اهل الكويت عليكم.
خطاب جديد
وعليه فإنني ادعوكم الى خطاب جديد في العمل السياسي والى تبني رؤية جديدة للعمل الوطني تقوم على استشراف المستقبل دون تنكر للماضي والتطلع نحو العالمية دون إغفال للمحلية والحرص على المعاصرة مع التمسك بالاصالة بما يجعلنا في مصاف الامم الممسكة بأسباب التقدم الحضاري في اطار القيم والمبادئ والثوابت التي جبل عليها ابناء الكويت جيلا بعد جيل.
إرادة التغيير
اننا بحاجة الى تفعيل ارادة التغيير.. الى اعتماد نهج تغييري ملموس في مواجهة استحقاقات وتبعات تراكمات ثقيلة أفرزتها التجارب السابقة وازاء ذلك فإن علينا ان نفرق بين السبب والنتيجة، حيث انه من خلال متابعتي لمسيرة العمل الوطني وجدت ثمة ملفات تشكل اساسا ومصدرا لما تشهده البلاد من اختلالات وأزمات أراها مجسدة بالاتي:
أولا: ملف صيانة الوحدة الوطنية وحمايتها من مظاهر الفرقة والتشتت والفتن.
ثانيا: ملف تطبيق القوانين والانتقال به من الشعار الى التطبيق الفعلي الجاد الذي يجسد العدالة والمساواة وسيادة القانون.
ثالثا: ملف العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتطوير العلاقة بينهما فيما يعالج العثرات والاختناقات التي تعرقل مسيرة العمل الوطني.
رابعا: ملف تصحيح مسار العمل الاعلامي بمختلف مؤسساته وأدواته.
أولوية خاصة
ان لهذه الملفات أولوية خاصة حيث يمثل علاجها أساسا ضروريا لمواجهة كافة التحديات التي تعترضنا وهي تحتل القدر الذي تستحق من اهتمامي باعتبارها اهم مقومات المشروع الاصلاحي التنموي الذي اراه محققا للنقلة النوعية المطلوبة في هذه المرحلة لتجاوز سلبيات المراحل السابقة الى حتمية الالتزام بنهج جديد يؤدي الى تبديد مشاعر القلق والاحباط لدى المواطنين وبث روح الامل والتفاؤل واستنهاض الهمم والعزائم لبناء الوطن وتحقيق الغايات المنشودة.. ولاشك في أن نجاح هذا المشروع مرهون بمشاركة كافة مؤسسات المجتمع وأفراده باعتباره مشروعا وطنيا جامعا تتجلى فيه روح العمل الايجابي المسؤول في دفع مسيرة التنمية نحو المزيد من الانجازات المستهدفة.
إنجاز الملفات
هذا، وقد بوشر بالخطوات والاجراءات اللازمة لضمان انجاز الملفات المذكورة وايجاد الحلول العملية المناسبة لكل منها في اطار برنامج زمني محدد تلتزم به الحكومة وسيكون موضع اهتمامي ومتابعتي.
ولا شك في أن هناك ملفات اخرى على جانب كبير من الاهمية وفي مقدمتها الملف الاقتصادي والمشروعات التنموية وملف الخدمات العامة لاسيما في مجالات الصحة والتعليم والاسكان وغير ذلك من الملفات الحيوية وعلى الحكومة التصدي لها وايجاد الحلول العملية المناسبة لككل منها وفق برنامج عمل واقعي واضح.
مزيد من الديموقراطية
ان الديموقراطية التي عهدناها أداة تعمق جوهر المواطنة والانتماء للوطن وتعلي مصلحة الوطن وتعزز الوحدة الوطنية.. تجمع ولا تفرق.. تؤلف ولا تشتت.. تبني ولا تهدم وهي تؤكد الانضباط والالتزام وتنبذ الفوضى والعبث والانفلات.. تدعو للتسامح والاعتدال وترفض التعصب والتطرف.
وهي كذلك المحاسبة المسؤولة والنقد البناء الذي ينأى عن التجريح والتشهير والشخصانية وهي التزام بالحوار الموضوعي الرصين وهي تعاون مسؤول واحترام للحدود الفاصلة بين السلطات.
نكران الذات
وان الديموقراطية تقترب من تحقيق غاياتها كلما تجسد نكران الذات وتقديم المصلحة العامة على ما عداها وكلما تكرست الممارسة الواعية للواجبات والحقوق والالتزام بأحكام القانون.
وان ايماننا ثابت بالديموقراطية وستظل بإذن الله راسخة الجذور وعلينا جميعا العمل نحو تعزيزها والحفاظ عليها.
وعلى كل واحد منا ان يساءل نفسه عما قدم لوطنه وعلينا ان نتدارس مواطن الخلل في ممارساتنا والحكيم من اتعظ بماضيه وتجارب غيره وارتقى الى تطلعات الوطن وطموحاته ومستقبل أجياله القادمة رائدنا في كل ذلك ان حق الكويت هو الاهم وهو الاولى بالأداء.
عهد برلماني جديد
اننا نعيش تفاؤلا يترقب الجميع ثمار مساراته مع بداية عهدكم البرلماني الجديد والله أسال لكم السداد في تحكيم العقل والضمير فيما تمارسون من مسؤوليات وانتم تواجهون أعباء هذه المرحلة الصعبة بأبعادها الداخلية والخارجية.
وانني ومن منطلق المسؤولية سأكون قريبا ومراقبا لأداء كل من المجلس والحكومة متابعا عمل كل منهما أملا ان يلتزم كل بدوره وفيا لقسمه.. واني على ثقة تامة بأنكم والمخلصين من ابناء هذه الارض الطيبة حريصون على صيانة امن الوطن واستقراره متمسكون بالــــدستور وبثــوابتنا الوطنيـــــة، قادرون على النـــهوض بأعــــباء هذه المسؤولية مهمـــــا كانت التضــحيات وليس ذلك بجديد على اهل الكويت فهذا نهج متأصل كرسه أسلافنا على مر الزمن.
جعلنا الله ممن تشرف بصالح الأفعال ونجانا من سبل الهلاك ضارعين الى المولى العلي القدير ان يرحم شهداءنا الأبرار وان يجمع على الحق كلمتنا ويسدد خطانا ويحفظ بلدنا من كل سوء ومكروه.
(وان ليس للإنسان إلا ما سعى وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى) صدق الله العظيم.