قول الباحثة تسنيم يوسف عبدالرحمن «من أكثر المناهج الإعلامية التي درستها وأثارت اهتمامي مقرر الصحافة الالكترونية، فقد وجدته مجالا فسيحا للتأمل والدراسة، لاسيما انه احد المجالات التي ابدعها العقل الإعلامي بعد الإعلام المطبوع والمسموع والمرئي»، بهذه الكلمات المعبرة قدمت الباحثة الواعدة طالبة الدراسات العليا لإصدارها الأول «الصحافة الإلكترونية رؤية استشرافية».
وتأتي أهمية هذا الكتاب الذي يقع في 90 صفحة من القطع المتوسط من كون الباحثة من الجيل الذي اهتم بشغف بهذا الفن الإعلامي الذي اختصر الأزمان والمسافات، بل ألغى الجغرافيا ولم تعد الحدود والسدود والمحرمات السياسية عائقا امام اقتحامه جميع دول العالم ونقل الأخبار والأحداث من وجهة نظر متبنيها دون تدخل من اجهزة الرقابة. وقد قدم للكتاب وزير الإعلام الأسبق د.أنس الرشيد كاشفا عن انه حينما اطلع على مسودة الكتاب شعر بزهو يلامس الغرور من تفوق الباحثة وتميزها حيث وصفها بالبنت النجيبة التي عرفها في قاعة قسم الإعلام بجامعة الكويت.
وأضاف في معرض تصديره للكتاب ان هذا الجهد الرائع الذي بذلته الكاتبة ذكرني بما اثير حول مستقبل الإذاعة بعد اكتشاف التلفزيون، متوقعا مستقبلا واعدا للصحافة الالكترونية غير انه لن يلغي الصحيفة المطبوعة من خارطة الإعلام وسيبقى لها جمهورها الوفي.
وقبل ان تبحر الباحثة في ميادين هذا الفن الإعلامي الحديث شرحت في توطئة خلفيات رحلتها الى القاهرة لاستكمال الدراسات العليا وما أحيط باتخاذها هذا القرار من ملابسات بعضها مرتبط بعملها الوظيفي وبيروقراطيته، وبعضها ذو صلة بكونها فتاة وكيف ستعيش وحدها في عاصمة أم الدنيا القاهرة التي لا تنام الليل، لكن في نهاية المطاف ـ كما تروي الباحثة ـ انتصر الموقف لصالح البحث العلمي وكان لوالديها وقفة رائدة في دفعها ودون تردد إلى التماس العلم والارتقاء في سلمه.
الكتاب يتألف من خمسة فصول، تناول الفصل الأول نشأة الصحافة الالكترونية وتطورها وكيف ان المواقع الالكترونية أحدثت ثورة هائلة ومذهلة في نقل الخبر والصورة في وقت قياسي ما جعلها منافسا قويا للصحف المطبوعة، الأمر الذي دفع الأخيرة الى إنشاء موقع لها على الانترنت لمواكبة الخبر ومتابعة الأحداث وتطوراتها لحظة بلحظة، وفي هذا السياق اجابت عن سؤال مهم وهو هل الصحافة الالكترونية فن بديل أم منافس لنظيرتها الورقية، مشيرة الى المميزات المتعددة للصحافة الالكترونية والتحديات التي تواجهها وضعف الصحافة الالكترونية العربية مقارنة بنظيرتها الأجنبية.
وتطرقت الباحثة تسنيم عبدالرحمن في الفصل الثاني الى نشأة المدونات وما يثار حولها من جدل وكيف انها اصبحت ملاذا للشباب العربي للتعبير عن آرائهم ومواقفهم إزاء قضايا بلدانهم، خاصة في الدول التي تضيق فيها حرية الرأي والتعبير، ودورها في تنمية الوعي، واستثمار الهواة لها في التعبير عن آرائهم.
وفي الفصل الثالث رصدت الباحثة الدراسات التي تناولت الصحافة الالكترونية ومناهجها في التناول، داعية الباحثين والأكاديميين الى دراسة المستجدات في هذا الفن الحديث تباعا، بعد ان حول العالم الى قرية كونية صغيرة، وأحدث طفرة نوعية في مجال تكنولوجيا الاتصال والحاسبات الآلية.
واشتمل الفصل الرابع على بانوراما متنوعة قدمت خلالها نماذج لبعض المواقع ومضامينها وتطور نشأتها ومنها موقع «طموح» وجريدة «حدث»، وانطباعات المهتمين حول الصحافة الالكترونية ومنافستها للمطبوعة، فضلا عن تمتع فضاء الانترنت بمساحة واسعة من الحرية مكنت مستخدمي الشبكة من التعاطي معه بنوع من الشعور بالأمن بعيدا عن أعين الرقابة وأجهزة الأمن.
واختتمت الباحثة بالفصل الخامس الذي تناولت فيه مستقبل هذا العلم الحديث فتناولت ثورة النشر الالكتروني ومستقبل الصحافة المطبوعة، والجدل الدائر في هذا الشأن والسيناريوهات المتوقعة لعالم الإعلام المطبوع في ظل تطور شبكة المعلومات والإقبال غير المسبوق على ان تكون متنفسا للجمهور الإلكتروني.