حثت الاتفاقية الدولية لتعزيز حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، على دمج الاشخاص المعاقين في الوسط المهني واعطائهم اهمية خاصة حيث أفردت لها قسما متكاملا من الاتفاقية وتركز على ضرورة ان يتعاون المعاقون في اتخاذ القرار بأنفسهم بعيدا عن التأثيرات المحيطة وقد اعتمدت مجموعة من الناشطين في مجال حقوق المعاقين في الكويت هذه الاتفاقية كمدخل رئيسي لتوفير الدمج الوظيفي للمعاقين وأعدوا لهذه المسألة دراسة تفصيلية تركز على الدمج الشامل والمتكامل وعلى مختلف المستويات ارتأت «الأنباء» نشر هذه الدراسة للفائدة التي يمكن ان تعود على اصحاب الشأن حيث نصت الاتفاقية على تمكين المعاقين من اتخاذ القرار بعيدا عن التأثيرات غير المبالغ فيها ودون خوف من الانتقام والعقاب وفيما يلي بنود هذه الاتفاقية:
الادماج: من المهم تجنب الانطباع السائد والقائل ان من الافضل ان يتم عزل الاشخاص المعاقين في تجمعات خاصة بهم، فالدمج يتعدى مجرد نشاطات العمل، فهو يتسع ليشمل المجالات الاقتصادية والاجتماعية وجميع جوانب الحياة العامة للمجتمع.
المشاورة والمشاركة: من المهم ان تتم مشاورة الاشخاص المعاقين ومنظماتهم حول السياسات والبرامج التي تخصهم، ومن الضروري اشراكهم في بناء وتنفيذ السياسات والبرامج والمشروعات المتعلقة بهم.
الدعم الدائم والمستمر: تتطلب طبيعة الاعاقة لدى بعض الاشخاص المعاقين دعما دائما في موقع العمل خلال مسيرتهم المهنية.
فقد لا تكفي زيارة التتبع الوحيدة التي يقوم بها اخصائي التشغيل، كما ان بعض الاشخاص المعاقين يرغبون في تغيير اعمالهم وعدم الاستمرار في نفس المهنة طيلة حياتهم.
وكلما تقدم الاشخاص المعاقون في العمل والنمو المهني يصبحون بحاجة لنوع ما من الدعم وفي اوقات مختلفة.
الدعم المجتمعي: لا يمكن ان يقوم هيكل بمفرده «مؤسسة التشغيل مثلا» بتقديم جميع اشكال الدعم الدائم الذي يحتاجه العديد من الاشخاص خلال حياتهم المهنية، اذ ان الدعم المطلوب مسؤولية جماعية للمؤسسات المتدخلة.
وفي هذا السياق تعمل مؤسسة التشغيل على اقامة شبكة من العلاقات وتشجيع مشاركة الآخرين، بينما يعمل المجتمع المحلي على توفير خدمات المواصلات التي تسهل وصول الاشخاص المعاقين لاعمالهم او تحفيز تشجيع خدمات الارشاد والتوعية المتخصصة لتقديم خدماتها كلما دعت الحاجة.
واجمالا فإنه يجب ان تقوم خدمات الدعم المجتمعي بتضمين حاجات الاشخاص المعاقين في نشاطاتها ومساندتهم في تحقيق اهدافها المحددة.
الخدمات النوعية: يحتاج الاشخاص المعاقون الى خدمات وليس الى شفقة او مساعدات خيرية، فهم كغيرهم من الناس يحتاجون الى خدمات نوعية تنبع من تقييمهم لاولوياتهم وحاجاتهم وليس من خلال تقييم الافراد والمؤسسات التي تقدم هذه الخدمات.
ويمكن في هذا الاطار تركيز التدخل على الفرد مثلا وذلك بوضع مشروع افرادي يستند على فهم وتحليل جميع احتياجات المستفيد في جميع المجالات من طرف فريق دعم متعدد الاختصاصات على ان تكون الاجابة على هذه الاحتياجات داخل نشاط جماعي تراعي فيه الخصوصية، المرحلة والطريقة والنسق والزمن.
توظيف التكنولوجيا الحديثة: من المهم استثمار التطورات التكنولوجية التي من شأنها ان تساهم في ازالة الحواجز والعقبات امام الاشخاص المعاقين، فهناك دور مهم للتكنولوجيا في تسهيل الوصول والتنقل والاتصال.
العمل عن بعد: او العمل لفترة محددة يتفق عليها اطراف العمل ولا يشترط التواجد في مكان محدد.
وتعتبر اهم مجالات العمل عن بعد حاليا: الصحافة والكتابة، برمجة الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، التصميم واعمال الجرافيك، الاستشارات عن بعد.
ولا شك ان الانترنت هو اوسع سوق للعمل عن بعد وقد اضاف ابعادا ومزايا كثيرة لفكرة العمل عن بعد عما كانت عليه في السابق.
ويتم الاتفاق في العمل عن بعد على العمل بعدة طرق او صور، فالبعض يشترط توقيع عقود والبعض يكتفي بمجرد العثور على الطرف الآخر والبعض يشترط الدفع عند التسليم وغيرها، لذلك لا يمكن وضع قواعد محددة للعمل عن بعد بين الاطراف المتعاملة حيث تختلف من شخص لآخر، ايضا يختلف تحديد مقابل العمل او المشروع او الفقرة، ولا يوجد له مقياس ثابت حيث يتم ايضا بالاتفاق، لكن يمكن ان يقدر سعر العمل اما باليوم او بالساعة او بالمشروع.
وتتمثل اهم مميزات العمل عن بعد في:
- إلغاء حاجز الزمان والمكان فيمكن لطرف من تونس ان يتعامل مع طرف من الكويت مثلا دون التحرك من مكانه ودون التقيد بالزمان.
- الحرية في الاختيار وعدم التقيد بطرف واحد، ففي العمل التقليدي يتقيد الموظف بشركة معينة، ويتقيد صاحب العمل بموظفين معينين.
- الاعتماد الحقيقي على الخبرة والاعمال السابقة، حيث تكون هي افضل وسيلة للاتفاق على العمل.
التشجيع على اعتماد الانماط الجديدة للتشغيل:
يقوم الاسلوب التقليدي في تشغيل الاشخاص المعاقين على التشغيل المحمي الذي يقوم هو الآخر على الابعاد والعزل، كما ان تنظيم العمل في الغالب لا يقع تحت حماية قوانين العمل المعمول بها في تلك الدولة، وقد بدأت العديد من الدول في التحول التدريجي الى نظام العمل المفتوح الذي يتيح للشخص المعاق العمل جنبا الى جنب مع العمال غير المعاقين، والذي يوفر نفس الحماية التي توفرها تشريعات العمل لجميع العاملين.
ويقوم تدعيم العمل المفتوح للاشخاص المعاقين في بعض الدول بنظام الكوتا (الحصة النسبية)، والذي يفرض على مؤسسات الانتاج تخصيص نسبة معينة من وظائفها لاشخاص معاقين، ويفرض هذا النظام غرامة مالية على المؤسسات التي لا تلتزم بهذه النسبة، وعادة ما تجمع مبالغ الغرامات في صندوق لتمويل نشاطات تدريب وتشغيل للاشخاص المعاقين.
يهدف نظام الكوتا الى تحسين فرص تشغيل الاشخاص المعاقين في مؤسسات العمل المفتوح، الا ان الكثير من المؤسسات تختار دفع الغرامة المالية على تشغيل اشخاص معاقين، وعليه فقد اتجه العديد من الدول الى تغيير نظام الكوتا بإصدار التشريعات التي تؤكد على مبادئ العدالة والمساواة وعدم التمييز، وتعزيز تطبيقها بنظام الحوافز المادية ومختلف اشكال الدعم الاخرى لمؤسسات الانتاج الملتزمة.
ويتضمن العمل المفتوح فرص التشغيل الذاتي التي يقوم فيها الاشخاص المعاقون بإدارة وتسيير مشروعاتهم الذاتية، او بالعمل في مشروع لشخص معاق يعمل على تشغيل اشخاص آخرين.
ويوفر «العمل المدعوم» امكانيات الدخول التدريجي الى العمل المفتوح، الذي يعتبر من الاساليب الجذابة لتشجيع اصحاب العمل المترددين من اجل تشغيل الاشخاص المعاقين.
كما انه يوفر لصاحب العمل خدمات مجانية للتدريب في مكان العمل اضافة الى خدمات متابعة الاشخاص المعاقين في مكان العمل والتأكد من اكتسابهم لمهارات العمل المطلوبة لاداء مهامهم الوظيفية.
يتيح العمل المدعوم فرصة دخول الاشخاص المعاقين الى العالم المفتوح بشكل تدريجي، وهو غير مكلف للدولة مقارنة بالعمل المحمي، ويتحمس له اصحاب العمل نظرا لوجود خدمات مساندة وتدريب يؤمنها مدرب طيلة الوقت للشخص المعاق الذي تم توظيفه.
كما تمثل المشاريع الاجتماعية مدخلا آخر للتشغيل المفتوح، ويهدف هذا الاسلوب الجديد نسبيا الى توفير النسب المتكافئة في عدد العاملين من الاشخاص المعاقين وغير المعاقين في نفس المشروع «50% اشخاص غير معاقين ومثلهم من المعاقين».
ويمكن ان يطبق هذا الاسلوب بشكل جيد في مشاريع الخدمات مثل اعمال خدمات المطاعم والفنادق ومراكز النداء.
وجاء في الخاتمة: ان سن القوانين واحداث المؤسسات وضبط الخطط والبرامج على اهميتها تبقى غير كافية لتحقيق غاياتها ما لم تصاحبها نقلة نوعية على المستوى الفكري والسلوكي تتطور فيها العقليات تجاه جميع الفئات، وترتقي فيها العلاقات الانسانية الى مستوى القبول بالاختلاف وخصوصيات الآخر ونبذ كل اشكال التمييز والايمان بقدرات الاشخاص المعاقين وامكانياتهم وتنميتها لتمكينهم من الاعتماد على الذات والمشاركة في كل مجالات الحياة.
كما ان النهوض بالاشخاص المعاقين وحمايتهم هو مسؤولية مشتركة يتحملها كل الاطراف في اطار عمل تشاركي متكامل تتداخل فيه الهياكل العمومية وجميع مكونات المجتمع المدني للارتقاء بهذه الفئة من طور المساعدة الى طور الادماج في جميع مجالات الحياة.
وهو ما يتطلب جهدا يوميا دؤوبا لتكثيف الحملات والبرامج التوعوية من اجل الوقاية من الاعاقة، وتطوير سبل الاحاطة والرعاية بهذه الفئة وتمكينها من الانتفاع بآليات وفرص الادماج المستحدثة وذلك بمساهمة فاعلة من مختلف المتدخلين.