- انضمام الكويت للاتفاقيات الدولية يعكس رغبة القيادة السياسية في محاربة الفساد بكل أشكاله
- إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد جاء استكمالاً للبناء القانوني الخاص بحماية المال العام
- تعاون مثمر للجهات الحكومية فيما يخص تقديم إقرارات الذمة المالية للمشمولين بالقانون
- المشرّع فرض عقوبة على كل شخص علم بواقعة فساد ولم يبلّغ عنها
- الفساد الإداري ليس بعيداً عن اختصاصات الهيئة وسرعة إنجاز المعاملات وتقديمها آلياً أحد أساليب الوقاية منه
- نسعى إلى تغيير الثقافة المجتمعية السائدة حول الفساد من التبرير إلى المكافحة
- مكافحة الفساد قضية مجتمعية يجب أن تتضافر جميع الجهود لمحاربتها والحد من آثارها السلبية
- تلقينا عدداً من البلاغات حول الفساد خلال الفترة الماضية ونتعامل معها وفق القانون
- الفساد المالي هو الأكثر مساساً بمقدرات الدولة ويؤثر سلبياً على مجالات التنمية
- أعددنا مجموعة من البرامج التوعوية حول الفساد للمؤسسات التعليمية ودور العبادة وفق إطار زمني محدد
أجرى الحوار: أسامة دياب
أكد الأمين العام للهيئة العامة لمكافحة الفساد أحمد الرميحي أن انضمام الكويت للاتفاقيات الدولية والعربية يعكس رغبة صادقة من القيادة السياسية في مواجهة الفساد ومحاربة كل أشكاله واستكمال البناء القانوني الخاص بحماية المال العام. وكشف الرميحي في حوار خاص لـ «الأنباء»، عن حرص الهيئة على إنجاز الاستراتيجية الوطنية للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد في اسرع وقت ممكن، موضحا أن العمل على إعدادها قد بدأ بالفعل، متوقعا أن ترى النور في غضون عام، لافتا إلى المساعي الجادة والجهود الحثيثة التي تقوم بها دول مجلس التعاون لإعداد اتفاقية خليجية لمكافحة الفساد، لافتا الى أن الفساد الإداري ليس بعيدا عن اختصاصات الهيئة، كما أن سرعة إنجاز المعاملات وتقديمها آليا أحد أبرز أساليب الوقاية من الفساد، مشيرا إلى أن الإبلاغ عن وقائع الفساد واجب على كل مواطن، موضحا أن المشرع فرض عقوبة على كل شخص علم بواقعة فساد ولم يبلغ عنها. وأشار الرميحي إلى أن الهيئة تولي التوعية المجتمعية بمخاطر الفساد وحتمية مكافحته أهمية قصوى، لافتا الى سعيها الدؤوب لتغيير الثقافة المجتمعية السائدة من التبرير إلى المكافحة،
وفيما يلي التفاصيل:
في البداية حدثنا عن خطورة تفشي الفساد كأحد معوقات التنمية، وما أبرز ملابسات إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد؟
٭ بداية، الفساد اصطلاحا هو سوء استخدام السلطة العامة أو المنصب لتحقيق ربح أو منفعة خاصة، وللفساد عواقب وخيمة ومخاطر كبيرة تقف كحجر عثرة في طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإصلاح في اي دولة، وعلينا أن نعترف بأن الفساد ليس مشكلة محلية مقصورة على دولة بعينها ولكنه ظاهرة عالمية تعاني منها مختلف دول العالم، ولذلك تولي هذه الدول ـ خصوصا المتقدمة منها ـ مكافحة الفساد وسبل الوقاية منه أهمية كبيرة، ويكفي ان نعلم أن مختلف دول العالم تخسر حوالي 4 تريليونات دولار سنويا بسبب تفشي الفساد من رشوة وتهرب ضريبي وذلك حسب إحصائيات البنك الدولي.
وعلى الصعيد الاجتماعي نجد أن الفساد إخلال بمبادئ العدالة والمساواة وينشر ثقافة عدم احترام القانون ما يؤثر سلبا على السلم الاجتماعي ويعرض كيان الدولة للخطر، ولما كان الإصلاح هو غاية الأمم وسبيلها للرقي والتقدم، استشعرت القيادة السياسية في الكويت الخطر ووضعت مكافحة الفساد على رأس أولوياتها، وما انضمام الكويت لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في أكتوبر 2013، وفق أحكام القانون رقم 47 لسنة 2006، والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد بموجب أحكام القانون رقم 92 لسنة 2013، إلا انعكاس حقيقي لرغبة صادقة من القيادة السياسية في مواجهة الفساد ومحاربة كافة أشكاله بكل السبل المتاحة وبالتعاون مع المنظمات الدولية والعربية في هذا الصدد.
وكان الانضمام للاتفاقيات الدولية والعربية خطوة أولى تبعتها خطوات جدية داخلية كان أبرزها صدور المرسوم بقانون رقم 24 لسنة 2012 بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمم المالية، وهذا القانون ضم بين دفتيه مجموعة من النصوص تغطي كل الجوانب المعنية بمكافحة الفساد والجوانب الخاصة بالتعاون الدولي في هذا المجال، وهنا أريد أن أؤكد أن مكافحة الفساد قضية مجتمعية يجب أن تتضافر لها الجهود لمحاربتها والحد من أثارها السلبية.
ما أبرز اختصاصات الهيئة العامة لمكافحة الفساد؟
٭ تتمثل اختصاصات الهيئة العامة لمكافحة الفساد في عدد من المحاور أبرزها وضع استراتيجية وطنية شاملة للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، الكشف عن الفساد وملاحقة مرتكبيه من خلال تلقي البلاغات والتحقيق فيها بشفافية ونزاهة وحياد ومتابعة إجراءات استرداد الأموال الناتجة عن جرائم الفساد، بالإضافة إلى الكشف عن الذمة المالية عن طريق تسلم إقرارات الذمة المالية من الخاضعين لأحكام القانون وفحصها بدقة، حماية المبلغين والتي أفرد لها القانون قسما كبيرا، إبلاغ الجهات المختصة لفسخ أي عقود مخالفة تكون الدولة طرفا فيها، دراسة التشريعات المتعلقة بالفساد وتحديثها بشكل دوري، أما المحور الأخير فيتعلق بدعم سبل الوقاية من الفساد من خلال تخطيط الحملات العلمية لتوعية وتثقيف المجتمع بمخاطر الفساد وسبل الوقاية منه وذلك بالتعاون مع مختلف وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية ودور العبادة والتنسيق بين كل هذه الأطراف من أجل الوصول إلى رؤية واضحة مشتركة لمكافحة الفساد والتوعية بمختلف مخاطره.
«المال العام أصبح له من يحميه» بعد إنشاء «مكافحة الفساد»، إلى أي مدى تتفق مع هذه العبارة؟
٭ اتفق مع هذا الطرح إلى حد كبير، ولكن أود أن أؤكد أن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد هو استكمال للبناء القانوني الخاص بحماية المال العام، فلا يمكن أن نغفل صدور قانون حماية الأموال العامة وهناك جهات مسؤولة عن تطبيقه، كما ان أن إنشاء الهيئة جاء لوضع إطار قانوني فعال لعمل جماعي مؤسسي لمكافحة الفساد وحماية المال العام.
هل هناك أي بلاغات حولتها الهيئة للنيابة العامة خلال الفترة الماضية؟
٭ من المعلوم أن الهيئة حديثة العهد حيث نشرت لائحتها التنفيذية التي تحدد آليات عملها في الجريدة الرسمية يوم 29 مارس الماضي، وبالتالي نحن نتحدث عن فترة أقل من شهر تقريبا، ولا يمكن أن نستشهد بعدد البلاغات التي قدمت في هذه الفترة كمعيار للتقييم نظرا لقصر المدة، وما أستطيع قوله إننا تلقينا عددا من البلاغات خلال الفترة الماضية والهيئة تتعامل معها في إطار اختصاصاتها التي نظمها القانون واللائحة الداخلية.
ما مدى تعاون الجهات الحكومية فيما يخص تقديم إقرارات الذمة المالية للمشمولين بالقانون؟
٭ عملنا على اقرار الذمة المالية حتى قبل صدور اللائحة التنفيذية، نظرا لما يتطلبه المشروع من أمور تنظيمية واستعدادات وتجهيزات، ولذلك تواصلنا مع الجهات الحكومية قبل صدور اللائحة التنفيذية بهدف تهيئتها للمرحلة القادمة التي شهدت ظهور اللائحة والإجابة عن استفساراتها، وللأمانة كان تعاون الجهات الحكومية بناء وإيجابيا ومثمرا وزودونا بكل البيانات المطلوبة، كما حددنا ضباط الاتصال والمنسقين بيننا وبينهم فيما يتعلق بتلقي اقرارات الذمة المالية، ولقد ظهر تفاعل الجهات الحكومية وتعاونها مع الهيئة في هذا الصدد من خلال مشاركتها في ورش العمل التي أقامتها الهيئة بخصوص توضيح إقرار الذمة المالية وآلية ومواعيد تقديمه.
متى سترى الاستراتيجية الوطنية للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد النور؟
٭ وضع الاستراتيجية الوطنية للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد جزء أصيل من اختصاصات الهيئة، وهذه الاستراتيجية شاملة لأنها ليست استراتيجية الهيئة ولكنها استراتيجية دولة ككل، وبالتالي فإن العمل عليها يحتاج الى تخطيط سليم ومشاركة فعالة من كل الأطراف المعنية سواء الحكومية أو غير الحكومية.
والهيئة بدأت بالفعل في تحديد مساراتها في هذا الجانب وتواصلت مع كبرى البيوت الاستشارية التي تتولى إعدادها، وفق مجموعة من الاشتراطات الفنية، أخذين في الاعتبار تجاربها السابقة في إعداد استراتيجيات مماثلة.
وأود أن أشير إلى أن الهيئة حريصة على إنجاز الاستراتيجية الوطنية للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد في اسرع وقت ممكن، وأتوقع أنها ستكون جاهزة في غضون عام لأنها كما أسلفت استراتيجية شاملة تحوي الكثير من التفاصيل.
ترتيب الكويت في المؤشرات الدولية للفساد كان مسار لغط خلال الفترة السابقة، إلى أي مدى سيؤثر إنشاء الهيئة إيجابا على ترتيب البلاد في هذه النواحي؟
٭ الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد حددت عددا من الالتزامات الواضحة التي ينبغي على الدول القيام بها، وهناك متابعة حثيثة لكشف مدى التزام الدول ببنود الاتفاقية من خلال اجتماعات دورية للدول الموقعة على الاتفاقية، بالإضافة إلى عناصر التـــقييم الذاتي التي تجــــريها الدول، وإنشاء الهيئات المعنية بمكافحة الفساد وتلقي البلاغات، وهذا ما أنجزناه بالفعل في الكويت، وتظل هناك جوانب اخرى تتعلق بإصدار تشريعات وقوانين تســـاهم في تحــــقيق الــنزاهة والشفافية والتــــي تعمل عليهـــا الآن ومنـــها قانون تضارب المصالح وقانون حرية تبادل المعلومات، وعليه أود أن أوضح أن الهيئة تسير وفق آلية معينة بحيث توفي الكويت بالتزاماتها الدولية التي ارتضتها.
ماذا ينقص الكويت لاستكمال منظوماتها للشفافية؟
٭ الكويت تعمل بجهود حثيثة لتتوافق مع كافة بنود ومتطلبات الاتفاقية الدولية، أكبر دليل على ذلك هو التعديلات التي جرت على قانون تعيين القياديين في الوظائف الحكومية، أما فيما يخص بالتعاقدات الحكومية والذي يعتبر مسار تخوف البعض نجد أن لدينا لجنة المناقصات وقانونا خاصا وأيضا مشروع حديث سينظم مثل هذه التعاقدات، وبالتالي فإن كل هذه الجهود ستسهم بلا شك في تحسين وضع الكويت على مؤشر مدركات الفساد.
لماذا اختصرتم مختلف أوجه الفساد في الفساد المالي فقط، وهل لديكم نظرة مستقبلية للتوسع في هذا المفهوم ليغطي كل جوانب الفساد؟
٭ الفساد المالي هو الأكثر شيوعا والأكثر مساسا بمقدرات الدولة، فضلا عن تأثيراته السلبية على مختلف جوانب التنمية بكل أشكالها، بالإضافة إلى أنه يهدر الفرص ويخل بمفهوم العدالة ويزعزع ثقة المواطنين بحكوماتهم. والفساد الإداري ليس بعيدا عن اختصاصات الهيئة، فنحن نتكلم عن آليات معينة تتناولها الهيئة لسد الثغرات التي من الممكن أن تكون مدخلا للفساد مثل طول أمد الإجراءات للحصول على خدمة معينة، وبالتالي فإن دور الهيئة التوعوي للوقاية من الفساد يعول عليه كثيرا من خلال مقترحات مثل سرعة إنجاز إجراءات الحصول على الخدمات والحرص على تقديم الخدمات المميكنة والتي تقلل من التدخل البشري في الإجراءات.
ماذا عن أبرز إجراءات حماية المبلغ عن الفساد؟
٭ بداية، المشرع لم يعتبر الإبلاغ عن الفساد حق للمواطن فقط، ولكنه أوجب ذلك عليه وفرض عقوبة على كل شخص علم بواقعة من وقائع الفساد ولم يبلغ عنها، وهذا في حد ذاته تفعيل لدور المجتمع في محاربة الفساد، والهيئة تفتح أبوابها أمام الجميع للإدلاء بما لديهم من بلاغات أو شهادات على وقائع الفساد، ولتشجيع ذلك توفر أكبر قدر من الحماية للمبلغين بحيث تبدأ الحماية من لحظة تقديم طلب البلاغ أو طلب الإدلاء بمعلومات، كما توفر الحماية الشخصية للمبلغ عن طريق إخفاء هويته والحفاظ على سريتها، توفير الحراسة الأمنية، تغيير محل الاقامة أو محل العمل مؤقتا إذا استدعى الأمر ذلك، تغيير أرقام الهواتف ومراقبتها، كما لا يجوز اتخاذ أي اجراء ضد المبلغ من جهة عمله يغير من مركزه القانوني.
الهيئة تحارب الفساد وتلاحق الفاسدين، فكيف تحمي موظفا نزيها تعرض لبلاغ كيدي؟
٭ أولا، تقديم البلاغات يكون وفق ضوابط معينة ونصوص قانونية منظمة تضع مقدم البلاغ الكيدي تحت طائلة القانون هذا من جهة، ومن جهة أخرى لدينا آلية واضحة لفحص البلاغات بصورة جدية ولا نقبل المساس بكرامات الناس والإساءة لشخوصهم وبالتالي البلاغ يجب أن يكون معززا بالمستندات التي تثبت واقعة الفساد.
هل هناك أي تعاون أو تنسيق بين «مكافحة الفساد» والهيئات والمؤسسات المماثلة خليجيا وعربيا؟
٭ التعاون مع المنظمات الدولية في مجال مكافحة الفساد جزء من اختصاصات الهيئة، وكما أوضحت سابقا أن هناك اجتماعات دورية تجمع الدول الموقعة على الاتفاقية الدولية وخلال هذه الاجتماعات يتم تبادل الآراء والاستفادة من تجارب الدول الأخرى، كما نتواصل بشكل دوري مع الدول العربية الموقعة على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، وهناك تعاون على صعيد ملاحقة الفاسدين عربيا حتى لو انتقلوا خارج الكويت. وعلى الصعيد الخليجي هناك مساع جادة وجهود حثيثة تقوم بها دول مجلس التعاون لإعداد اتفاقية خليجية لمكافحة الفساد، وهنا يتضح أن الكويت تسعى للتعاون مع كافة الأطراف دوليا وعربيا وخليجيا على صعيد مكافحة الفساد.
لماذا تولون أهمية قصوى لمحور التوعية المجتمعية بمخاطر الفساد وحتمية مكافحته؟
٭ نسعى الى تغيير الثقافة المجتمعية السائدة فيما يتعلق بالفساد، ونعمل جاهدين على تغييرها من التبرير إلى المكافحة، ولذلك نسعى للتنسيق بفاعلية مع مختلف وسائل الإعلام لتوعية المجتمع وتبصيره بمخاطر الفساد والممارسات الفاسدة وأثارها وكيفية الوقاية منها وسبل مكافحتها، كما نسعى أيضا للتواصل والتنسيق مع كل منظمات المجتمع المدني واتخاذ التدابير الكفيلة بمشاركتها في كل وسائل وأنشطة التوعية بمخاطر الفساد، كما أعددنا مجموعة من البرامج التوعوية الموجهة للمؤسسات التعليمية ودور العبادة وذلك وفق إطار زمني محدد.