- أسعار السمك المحلي تجاوزت ثلاثة أضعاف العام الماضي بوصولها إلى 16 ديناراً للكيلو الواحد
محمد راتب
لم يكن من المتوقع على الإطلاق أن ترتفع اسعار اسماك الزبيدي خلال العام الحالي الى هذا الحد، فعلى الرغم من اننا مازلنا في موسم صيده، إلا أن أسعاره بلغت 3 أضعاف العام الماضي، فالزائر لسوق السمك كان يشتري المحلي بـ 4.5 دنانير، والإيراني بأقل منه بدينار واحد، أما اليوم فقد وصل الى 16 دينارا، وبالكاد يستطيع المواطن الحصول عليه، ونتيجة لذلك نجده يذهب لشراء الايراني بضعفي سعره في ظاهرة لم يشهدها سوق السمك منذ تأسيسه.
تلك المفاجأة التي صعقت عشاق السمك والتي لم تجد حتى هذه اللحظة أجوبة مقنعة، إلى جانب تحفظ الكثيرين عن الإجابة عن الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع الجنوني لربما لخوفهم من المساءلة او لاعتبارات أخرى مجهولة، وربما كانت فاتحة خير على أنواع أخرى من السمك، فكما يقال «مصائب قوم عند قوم فوائد»، حيث ترك الكويتيون عشقهم لـ «ملك المائدة» وراحوا يسعون وراء الأنواع الأقل سعرا والتي لها طعم ومذاق طيب ورائع، وهذا ما يجعلنا نتساءل، هل أصبح السمك التركي مثل «سيباص» أو «سبيرين» هو ملك المائدة الكويتية، فهذان الصنفان هما اليوم الاكثر إقبالا من الكويتيين، فأسعارهما معتدلة ورخيصة مقارنة بالزبيدي وغيره من الأصناف، ويتوافران بكميات كبيرة، ولهما طعم طيب وجودة عالية، ويدخلان البلاد من تركيا او قبرص طازجين او مبردين في نفس يوم الصيد، ويتم عرضهما على الفور في الأسواق الكويتية.
ويعد هذا التوجه وتغير الثقافة في الحصول على السمك حدثا استثنائيا لم يكن في السابق، فالكثيرون أصبحوا يفضلون السمك التركي الطازج على المحلي، والسبب الأول والأخير ارتفاع الأسعار وعدم قدرة الجهات المعنية على توفير الاحتياجات والكميات المناسبة لإرضاء المواطنين، على الرغم من الوعود الكثيرة التي سمعناها وحصلنا عليها إلا أن الواقع مغاير تماما للحقيقة.
وللوقوف على أسباب ارتفاع الأسعار من الجهات المعنية، قال نائب المدير العام لقطاع الثروة السمكية في الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية فيصل الحساوي لـ «الأنباء» إن ارتفاع أسعار السمك شأن عالمي وليس في الكويت فقط، وهو ينعكس أيضا على سائر المواد الغذائية، وقد بات واضحا للجميع ذلك، كما أن عدد السكان في الكويت ارتفع والمساحات زادت، والضغط على البحر تزايد ما تسبب في الغلاء، متابعا بأن الأمر ليس خاصا بالكويت فحسب، فالسمك المستورد كالزبيدي زاد في جميع البلدان المنتجة مثل إيران وباكستان لكونها سمكة طبيعية ومع ذلك لم تستطع أن تحدث انخفاضا في الأسعار.
وأضاف الحساوي أن المشكلة تكمن في زيادة الطلب على السمك بشكل كبير جدا من المطاعم والفنادق، بالإضافة إلى ظاهرة الشراء العشوائي من مندوبي الفنادق والمطاعم من الجنسية الأسيوية الذين لا يهتمون لفكرة المزاد والمفاصلة في الأسعار، بل يريدون شراء البضائع التي طلبت منهم بأي سعر، مع قيام الشركات بسحب كميات كبيرة جدا استنفدت السوق وجعلت الموجودات اليومية نادرة للغاية.
وردا على سؤال حول آلية معالجة المشكلة المتفاقمة عبر اللجوء للاستزراع على سبيل المثال، قال إنه ستتم معالجة هذا الوضع خلال اجتماع مع الجهات المعنية مثل وزارة التجارة والبلدية، مشيرا إلى اننا لا نملك واجهات بحرية في الوقت الحالي للاستزراع السمكي البحري، ولكن في المستقبل سيتم التنسيق بهذا الشأن مع الجهات المعنية، فلدينا مزارع سمكية في منطقة الصبية بطول 8 كم وعرض 1 كلم على البحر، وكذلك في بوبيان، إلى جانب وجود أحواض عائمة في منطقة الخيران، وستتم هذه المشاريع بعد إنهاء العراقيل والعوائق، فزراعة الأسماك مسألة تسهم في خدمة الأمن الغذائي، والتي ستكون أسماكا محلية 100%.
أما البائع المخضرم أحمد الخواجة، فأكد أن أسعار سمك «سيباص» التركي لا تتجاوز هذه الأيام الـ 3 دنانير، إضافة إلى «سبيرين» أيضا الذي لا يتعدى الـ 2.750 دينار، وهناك إقبال كبير عليهما من عشاق الأسماك الكويتية، حيث وجدوا فيهما جميع مقومات المائدة الفاخرة من الطعم اللذيذ وانخفاض الأسعار والجودة التي لا تضاهى، والتي تغني عن أسماك الزبيدي والشعم الكويتي في الشكل والطعم، وفي جميع طرق الطهي.
وحول الطريقة الأفضل للاستفادة من المكونات الموجودة في السمك التركي، ذكر الخواجة أن أفضل طريقة هي الطهي لغنى هذين النوعين بالشحوم المفيدة الغنية بـ «أوميغا 3»، والتي أصبحت تفضل على سمك الزبيدي الإيراني المستورد، خصوصا مع خشية بعض المستهلكين من وجود مواد مؤذية للصحة فيه قياسا على الرقي، كما أدلى بذلك عدد من المستهلكين.
وفيما يتعلق بالسبب وراء هذا الارتفاع الجنوني في الاسعار، قال إن شهري أبريل ومايو هما موعد صيد الاسماك الكويتية، حيث تتوافر جميع المقومات من الجو المناسب ووجود الصيادين، وبحسب معلوماتنا وخبرتنا الواسعة فإن البحر يجب ان يكون مليئا بأسماك النقرور والشيم والزبيدي والشماهي، ولكن لا أحد يعلم سبب ندرتها، ويكتفي أصحاب البسطات والباعة بالقول: لا ندري؟ وكأن السبب مبهم، وهو في عهدة أصحاب القرار للوقوف على السبب المباشر.
وتابع الخواجة، ان سمك القبقب السعودي ايضا ارتفع سعره إلى الضعف فقد كان يباع بدينارين وأصبح الآن بـ 4.5 دنانير لندرته في السوق دون معرفة سبب لذلك، إلى جانب توجه البعض إلى سمك السالمون الأشهر عالميا حيث يتميز بطعمه الرائع ولونه البرتقالي.
ويمكن القول ان الحالة التي وصل إليها السمك المحلي في موسمه وذروة إنتاجه، دفعت العديد من الباعة في السوق إلى المطالبة باستزراع السمك المستورد، وتوفير بيئة مميزة له ما سيؤدي إلى وفرته بأسعار مخفضة جدا، ويحقق التوازن في الاسعار وتقليل الطلب على السمك المحلي، وخصوصا أن سمك «سيبرين» كان يستزرع سابقا في الكويت قبل بضع سنوات ولكن لا أحد يعلم سبب التوقف، في حين أن دولا أخرى مجاورة ومنها الإمارات بلغت مستوى عاليا في استزراعه وتوفيره للمواطنين المقيمين على أراضيها بأسعار في متناول يد الجميع.