بعث رئيس مجلس إدارة جمعية أهالي الشهداء الأسرى والمفقودين الكويتية فايز العنزي برسالة مفتوحة من أهالي شهداء الكويت الى رئيس مجلس النواب العراقي اياد السامرائي، جاء فيها: اننا وباسم اهالي الشهداء الكويتيين وغيرهم من شهداء الاحتلال العراقي الغاشم على الكويت، وعلمنا بأنكم في زيارة رسمية للكويت تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين وما شابها من تصريحات صحافية بين الطرفين خلال الفترة الماضية تعقيبا على طلب العراق اخراجه من البند السابع من الامم المتحدة والذي يبقي القضايا العالقة بين البلدين مثل «الاسرى، الديون، التعويضات، الحدود، اعادة الممتلكات الكويتية» تحت طائلة مراجعة تطبيقها من قبل العراق امام المجتمع الدولي، ونحن وبهذه المناسبة نود توجيه هذه الرسالة المفتوحة لكم من القلب الى القلب دون اي مقدمات او رتوش لا تغير من المضمون شيئا، وكيف لا تكون الرسالة من القلب وهي تأتي من القلوب التي أدماها ظلم الشقيق وقهرها غدر الجار؟! ولكنها ستظل تنظر دائما الى المستقبل بتفاؤل مشرق رغم الجراح.
وتابع: في هذا الصدد نود ذكر بعض الحقائق الثابتة بالنسبة لنا والتي من الأفضل لنا ولكم ان تكون هي اساس العلاقة المستقبلية بينكم وبين الشعب الكويتي كله أو جله، نوجزها بما يلي:
ان أهالي الشهداء الكويتيين وغيرهم من شهداء الكويت الأبرار لن ينسوا ابدا احتلال العراق بخيله ورجله لبلدهم الآمن فجر الثاني من اغسطس 1990، مهما مرت الاعوام ومضت السنين، ومهما حصل من تقارب او تحسين للعلاقات بين البلدين، ومهما أخذت الديبلوماسية من دور في هذه العلاقة، كما نعتقد يقينا انه من الواجب علينا وعلى غيرنا من الكويتيين عدم نسيان هذا الحدث الجلل لأن فيه من العبر والمواعظ والتضحيات والملاحم ما الله به عليم، بل نعتقد ايضا ان مجرد التفكير بنسيان هذا الحدث وما صاحبه من تداعيات لهو جريمة وطنية في حق هذا الوطن العزيز.
ان شعورنا الصادق بعدم نسيان الاحتلال العراقي للكويت وما صاحبه لهو شعور مبني على كثير من الدعائم الانسانية والوطنية والاجتماعية والدينية انتهاء بالسياسية، كما ان رغبتنا هذه بعدم النسيان يفترض ألا تؤثر في مسار العلاقات وتطويرها بين البلدين إن كانت هناك نية صادقة متبادلة، لأنه ليس من المطلوب من الشعب الكويتي لكي تتميز علاقته مع العراق والعراقيين ان ينسى ما اصابه من العراق في فترة من الفترات، وليس من المفترض ايضا ان يجعل العراق نسيان الشعب الكويتي لما حدث له شرطا لتحسين العلاقات مع الكويت وعودتها الى حالتها الطبيعية، ولكن المطلوب فعلا هو الإيمان المطلق من كلا الطرفين بحق الطرف الآخر بالعيش بأمان ورفاهية، متخذين من الصدق والشفافية شعارا للعلاقة المستقبلية، فالأخطاء والجرائم يمكن تناسيها ولكن لا يمكن نسيانها.
ان عدم نسياننا لما حدث لبلدنا وأهلنا من العراق لا يعني بأي حال من الأحوال عدم رغبتنا باستقرار العراق وازدهاره بل نحن على العكس من ذلك نتمنى للبلد الجار الشقيق كل التقدم والرخاء، نظرا لعلمنا الاكيد ان هناك قلة في العراق لم تؤيد احتلال الكويت ولم تكن ترغب في ان يصل الحال الى ما وصل اليه بين البلدين، وان هذه القلة تدعم استقلال ووحدة اراضي الكويت، كما انه يفترض ان تتعلم الاغلبية الباقية من اخطاء الماضي، وتعلن احترام النصوص والقرارات الدولية التي تنظم العلاقات بين البلدان وشعوبها.
ان وجهة نظر جمعية اهالي الشهداء الاسرى والمفقودين الكويتية في طلب العراق اخراجه من البند السابع كانت ومازالت واضحة وصريحة، وهي الرفض التام لهذا الطلب ما لم يتم تطبيق بنود قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالعلاقة بين الكويت والعراق، وما رفضنا لهذا الطلب الا خشية من عدم تنفيذ العراق لمطالب الكويت في هذا الشأن والتي نعتقد لو ان العراق يريد تنفيذها لقام بذلك منذ وقت مضى ولقام هو بإخراج نفسه من البند السابع دون تفضل من احد، وتؤكد الجمعية ان هذا الطلب ان تم قبوله، لا سمح الله، سيكون ذا تأثير سلبي على متابعة ملف مفقودينا في الاراضي العراقية بل سيصل الأمر الى ان يصل هذا الملف الى نقطة النسيان.
ان القضايا العالقة بين الكويت والعراق لو تمحصت فيها لوجدتها في كثير من جوانبها او جميعها تخص الشعب الكويتي وسيادته وماله العام وبناء على ذلك فإن الرأي الشعبي الكويتي من مجلس امة الى مؤسسات مجتمع مدني هو رأي يجب اعتباره جدا، ويعبر وبصدق عما يجيش بخواطر اهل الكويت وبالتالي ليس من الحصافة السياسية ان تعتقدوا ان بإمكانكم تجاوز هذه الآراء ومصادرها وان كنا نعتقد ان زيارتكم لبيت الشعب الكويتي ـ مجلس الأمة ـ تسير في الطريق الصحيح نحو توجيه الأذن العراقية لما يجب سماعه من الصوت الكويتي الحر.
نظرا لتخصصنا في مجال حقوق اسرى وشهداء الاحتلال العراقي للكويت فإننا سنتكلم هنا فقط عن البند الخاص بطلبكم اخراج قضية الأسرى والمفقودين من البند السابع، وسيكون الكلام فنيا ودقيقا نوعا ما:
يقول وزير الخارجية العراقي في رسالته لرئيس مجلس الأمن: ان ما تم التوصل اليه من التعرف على رفات 236 من اصل 605 مفقودين لم يكن ممكنا لولا تعاون العراق، ونحن نقول له انا لا نرى من جانبنا تعاونا من قبل الحكومة العراقية والارقام والمستندات تناقض ما يقوله وزير الخارجية حيث ان وتيرة الكشف عن الرفات كانت سريعة جدا خلال السنوات القليلة التالية لسقوط النظام الصدامي اذ تم التعرف على رفات 215 شهيدا من اصل العدد الحالي 236 وذلك حتى نهاية 2004، حيث تم جلب عدد كبير جدا من الرفات خلال عامي 2003-2004، وبعد استقرار الاوضاع السياسية نسبيا في العراق واجراء الانتخابات وتشكيل الحكومة العراقية، قلت وتيرة الكشف عن الرفات وبحسبة بسيطة، فإنه خلال عام 2005 تم الابلاغ عن 12 شهيدا فقط، وفي عام 2006 عن ستة شهداء فقط، اما في عام 2007 فلم يتم التعرف على اي رفات يذكر، وفي عام 2008 تم التعرف على 3 شهداء فقط، اذن في عام ونصف تم التعرف على 215 شهيدا اما في اربع سنوات ونصف لم يتم التعرف إلا على 21 شهيدا فقط، وهي الاعوام التي كانت فيها ولاتزال الحكومة العراقية قائمة.
واضاف العنزي ربما تتساءل سعادة الرئيس عن صحة ودقة ما نقول، ونحن من جانبنا نقول لكم وبكل شفافية، لقد تم التعامل مع اربعة مواقع عراقية تم جلب عدد 232 رفاتا تعود لأبنائنا الأسرى فيها وهي:
أولا: مقبرة جماعية في السماوة بعدد 88 رفاتا.
ثانيا: مقبرة جماعية في كربلاء بعدد 82 رفاتا.
ثالثا: مقبرة جماعية في العمارة بعدد 35 رفاتا.
رابعا: مقبرة جماعية في الرمادي بعدد 27 رفاتا.
علما ان هذه المقابر الجماعية لم يتم الانتهاء من جلب باقي الرفات المدفون فيها وهي بحسب ما نعلم لاتزال تحتوي على رفات بعض من رفات اسرانا الشهداء.
وختاما، فإن ما سبق ذكره يجب ان تعلموا انه ما كان ليقال لولا اننا نعلم ونتلمس معاناة الأب المجروح والأم الثكلى والزوجة المكلومة والابن المسؤول والابنة الكسيرة والأخ الكفيل والأخت الباكية، والذين في نفس ذات الوقت لا يتمنون لكم الا الخير والتقدم ولكنهم يتساءلون دائما وأبدا لماذا يختلف العراقيون بجميع اطيافهم وألوانهم دائما الا على الكويت، سؤال مشروع من حقنا ان نسألك عنه سعادة الرئيس اليوم لأنه دائما في صدور الكويتيين الذين تجتمع بهم اليوم وتزور ارضهم، ولكننا هنا نقوله لكم بالنيابة عنهم.